ŷ������

..
لغتنا العربيه فضفاضه بشده ...
ليس فقط في ثراءها اللغوي ومعينها الذي لا ينضب من الكلمات والصور الجماليه ..لكن أيضا ما تعنيه كل كلمه ...دوما هناك معنى لغوي وآخر أصطلاحي ...وأحيانا معنى ضمني يفهم من السياق
وكلما أزدادت اللفظه قدما وعراقه كلما تعددت معانيها وتأثرت بما يتأثر به الانسان ...واصبحت كل كلمه تتمثل في ذهن سامعها بصورة او خيالات معينه ..
عندما أسمع لفظ (صوفي) تستدعي مخيلتي صور الموالد (التي شاهدتها في الافلام) والحضرة (في الافلام ايضا) والدراويش والمجاذيب...ثم ما تلبث الصورة ان تتعدل قليلا ببعض ابيات ابن الفارض (قلبي يحدثني بأنك متلفي) و الحلاج (عجبت منك ومني يا منية المتمني) مع أصوات موسيقى السماع الصوفي ..وتمايل المولوية في أرديتهم المميزه.
.

هذا حقا كل ما كانت تحمله مخيلتي عن الفكر الصوفي ...حتى وقت قريب
لكن تكرار المصطلحمع فقر الصورة الذهنيه حافز حقيقي للبحث وراء ما تحمله تلك الكلمه ...
وأنقسام الاراء بين مؤيد للصوفيه واجد في طريقتهم واسلوبهم الطريق الامثل للوصول لله وبين معارض يجدهم جماعه مارقه خارجه عن الدين وفي التاريخ أمثله تشهد بالشطط الفكري لبعض الصوفيين .
هذا الاختلاف أستفزني لمعرفة المزيد ...وتكوين رأي خاص بعد أنكثر تداول تلك الكلمه .

أصطدمت ببعض الكتب ومقالات الاكاديميه الجافه جدا عن الصوفيه وسبب تسميتها ونشأتها ...لكن كان ينقصها شئ ما ...ذلك الرسول الذي يحمل رساله الكاتب ...الكلمه
ربما أروع ما في هذا الكتاب هو اسلوب احمد بهجت ورقته في اختيار كلماته ...
طيلة الكتاب الكاتب يؤكد لك أنه ما ينطق عن الهوى وما كتابه الى خلاصه دراسه متأنيه لتاريخ الصوفيه ...يورد مقاطع من تلك الكتب و يشرحها ثم يبدي رأيه تاركا لك الحريه ان تتفق معه او تختلف ...ففي النهايه نحن بصدد دراسة واحده من خبايا النفوس .
في البدايه يمهد لك الكاتب السبيل موضحا ان البشر مختلفون وفي اختلافهم رحمه
فما اتقبله انا قد ترفضه انت وما قد يحدث في نفسيتي بالغ الاثر قد يمر بك مرور الكرام ...ومن الناس من إذا سُرَ بش وهش ..ومنهم من إذا سُرَ ذهبت بعقله الفرحه
أمسك بتلابيب تلك المقولة طوال قراءتك لصفحات الكتاب .
يشرح الكاتب المعنى اللغوى والاصطلاحي للصوفيه وتاريخ نشأة الكلمة ...ويشرح بعض فلسفاتها ويورد سيرة اعلامها الاوائل ...مفسرا اسباب النشأة من وجهة نظره .
كما تطرق لنفسيه الصوفي والتي ولابد مختلفه عن نفسيه باقي خلق الله ...فالناس طبائع وانواع والمياليين لتطرف والغلو أيضا انواع ..منهم الفنانيين والمتصوفيين ..فكلاهما لا تعجبه حياة الاستقرار لا يجد فيها حافز او دافع للانتاج و السمو الروحي ...ويتطرق بهجت هنا ان كل صوفي فنان او يملك من الفن صفه لكن يختلف عن غيره ان انتاجه الفني عباره عن إيجاد ذات تفنى فيها ذاته الاولى لتظهر عظمه ذات أعلى وأرفع وأسمى ..بينما الفنان يوجد ذات ليبرز فيها رفعة ذاته هو...
واستفاض أيضا بهجت في شرح الفرق بين نفسيه العالم و الصوفي ...فها هو احمد ابن حنبل عندما يشتد به التعذيب والأذى يهون على تلاميذه قائلا (أن جنتي في صدري) فهو لا يبالي بالدنيا ومافيها فوجه يمم شطر عالم أبقى ...بينما الصوفي وأن احتمل أذي فهو يحتمله في سبيل حبه وفناءه في الله لا لجنة يصيبها ولا نار يبرأ منها ..

في الكتاب أيضا أورد بهجت معنى الزهدوفلسفته في الاسلام ...كفرع من أفرع الحياء ..فالمسلم يستحي الاكل وغيره من المسلمين لا يجدوا ما يسد رمقهم ..أذن الزهد ليس في نفور ظاهري من متاع الدنيا بقدر ما هو استحياء من التمتع بطيباتها بينما يوجد في الدين اخوه محرمون من أساسياتها ..

أوضح الكاتب منهجه في البحث والتقصي والترجيح (ظهر هذا بقوة في قصة رابعة العدويه) فقد أماط اللثام عن الكثير من الحقائق موضحا كيف أستدل على صحة ظنونه.

وأخيرا تناول كرامات الاولياء بعين ناقد ذكي ...فهو لم يقر ولم ينكر لكن قال

""العبرة بمضمون الولايه لا بأسماء الاولياء,كما المهم خشية الاولياء لله ليس بما يجرييه الله على أيديهم من خوارق ""
...
�ĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶ�
كتاب يستحق القراءه والاقتناء ...يمكن ان تعاد قراءته مرارا...وأظنني سأفعل