Khaled.'s Reviews > ألم خفيف كريشة طائر تتنقل بهدوء من مكان لآخر
ألم خفيف كريشة طائر تتنقل بهدوء من مكان لآخر
by
by

أثناء القراءة تولد بداخلي يقين راسخ أن كل الحيوات تملك ذكرياتها الكثيرة التي تعج بالتفاصيل، يكمن بداخلها هذا السحر المميز الذي يكون الحكاية، حيواتنا كلها عبارة عن قطع أدبية متناثرة هنا و هناك، غارقة تحت تفاصيل الحياة نفسها التي تقودنا في رحلة مستمرة بين حكاية و حكاية، إندماجنا في التفاصيل يقتل إدراكنا لقطعتنا الأدبية التي تتكون بكل حركة يد أو قدم، تقضي فعلًا يبقى في الذاكرة. هذا التراب المغبر حول كتاب الذكريات يحتاج لشخص منا ينتزعه و يفتش فيه و يستخرج منه كل الطرق التي مرت بها شخوص الماضي، كل الإنتصارات و الإنكسارات التي صاحبت الرحلة. كل مفترقات الطرق التي غيرت مسارات الصفحات التالية لكتاب الذكريات. الرحلة ممتعة لأنها تكسر بداخلنا كل توقع مضمون لساعات اليوم التالي.
حياتي المتقلبة خلقت بداخلي نزوع لا إرادي للوحدة. لا أستطيع تحمل ساعات ممتدة من الجلوس الجماعي للعائلة أو الأصدقاء. أجازة نصف العام قضيت أغلبها بداخل غرفتي التي تقع في الطابق الأسفل للطابق الذي يحوي غرف الصالون و المعيشة و غرفة نوم أبي وأمي، أقضي الوقت في مطالعةالكتب أو الجلوس على الإنترنت أو الغرق في لحظات التأمل و الحلم عن الحياة التي سأختارها بعد يوم التخرج الذي لا يريد أن يأتي أبدًا. في الصفحات الأخيرة للكتاب لم أستطع البقاء في الغرفة وصعدت لأعلى. اخترت أحد الغرف الخالية و أكملت الرواية و أثناء ذلك مرت أمي أمامي وقالت: "إنتا مش هتبطل تقعد لوحدك ؟!" ثم أردفت: "إيه الخيبة دي".
وانا أفر صفحات الرواية أمامي حتى أتأكد من قراءتي لكل الصفحات، ربما هو تأكيد آخر يرسخ هذا الشعور اللطيف بالإنجاز بعد إتمام قراءة كل كتاب جديد. تستكين صفحات الكتاب عند أحد الصفحات الأولى التي يهدي فيها أستاذ علاء روايته إلى زوجته سلوى: "بيت ذكرياتك هو السبب". فجرت هذه العبارة رغبتي الدائمة في نبش ذكريات الماضي كلها و حبي الدائم للتفاصيل. والذي تحدثت فيه مع أستاذ علاء نفسه على أحد مقاهي الإسكندرية قبل قراءتي للرواية بأسبوعين فقط. لم أكن أعلم وقتها فيم تتحدث الرواية. ولكني توقعت هذا كله في إبتسامته الهادئة و تركيزه التام في الإنصات لي وكأنه يتذكر هذه الأيام التي كونت تفاصيل حياته تلك. كنت قد عزمت على قراءة الرواية التي كانت تتأخر مواعيد قراءتها بجداول قراءاتي التي لا أحب أن أكسر مسارها بسبب تغير مفاجئ في علاقة الزمن بالحدث. كنت أشعر بأن هناك حلقة ما تنقصني في مواجهة هذا الرجل الجالس أمامي. لم أكن أدري أن بيت ذكرياته هو الذي سوف يكون السبب.
أغلقت الرواية و خرجت من الغرفة و ذهبت مباشرة إلى غرفة أمي، كانت تقوم بتطبيق قطع الملابس المختلفة بعد الغسيل. حافظت على مسافة كافية بيني و بينها حتى أستطيع أن اتأملها لفترة من الوقت دون أن تلحظني. كنت أستقبل أبعاد جديدة و مختلفة في نظرتي إلى أمي، كنت أستقبل بخيالي الخاص كل مسارات حياتها الطويلة التي أوصلتها حتى هذه النقطة، أتخيل كل هذا الرضا وكل هذه التضحية تجاه كل هذه الإنحاءات المختلفة في أحداث حياتها التي يحملها الزمن. أنا الإنسان الخارج من هذه النقطة التي كونتها إحدى هذه الأحداث.
عندما شاهدتني قالت لي أن أبي عائد من الصعيد الآن بعد الوصول لحل أخير لمشكلة سيارة أخي المسروقة. أبي هذا الذي تجاوز الستين بثلاثة سنوات ولم أشاهده يومًا طوال سنوات عمري يقرر الراحة و التقاعد من صراعه المستقل في مواجهة الحياة. رغم كل المسارات الجديدة و الممهدة التي خلقها لي ولإخوتي الثلاثة لم يشعر بعد بأن الرسالة قد انتهت و أن ما زالت هناك صفحات أخرى لا بد أن تُدون في كتاب الذكريات. دقائق قليلة خلقت بعد جديد في حياتي و تصورات تدعمها خيالات جديدة لما يمكن أن أفعله في حياتي المقبلة. هبطت إلى غرفتي و حررت رسالة نصيّة جديدة لأستاذ علاء : " بيت ذكرياتك يا أستاذ علاء غيّر في حياتي كتير. " و أنهيت :" شكرًا ع الرواية. "
حياتي المتقلبة خلقت بداخلي نزوع لا إرادي للوحدة. لا أستطيع تحمل ساعات ممتدة من الجلوس الجماعي للعائلة أو الأصدقاء. أجازة نصف العام قضيت أغلبها بداخل غرفتي التي تقع في الطابق الأسفل للطابق الذي يحوي غرف الصالون و المعيشة و غرفة نوم أبي وأمي، أقضي الوقت في مطالعةالكتب أو الجلوس على الإنترنت أو الغرق في لحظات التأمل و الحلم عن الحياة التي سأختارها بعد يوم التخرج الذي لا يريد أن يأتي أبدًا. في الصفحات الأخيرة للكتاب لم أستطع البقاء في الغرفة وصعدت لأعلى. اخترت أحد الغرف الخالية و أكملت الرواية و أثناء ذلك مرت أمي أمامي وقالت: "إنتا مش هتبطل تقعد لوحدك ؟!" ثم أردفت: "إيه الخيبة دي".
وانا أفر صفحات الرواية أمامي حتى أتأكد من قراءتي لكل الصفحات، ربما هو تأكيد آخر يرسخ هذا الشعور اللطيف بالإنجاز بعد إتمام قراءة كل كتاب جديد. تستكين صفحات الكتاب عند أحد الصفحات الأولى التي يهدي فيها أستاذ علاء روايته إلى زوجته سلوى: "بيت ذكرياتك هو السبب". فجرت هذه العبارة رغبتي الدائمة في نبش ذكريات الماضي كلها و حبي الدائم للتفاصيل. والذي تحدثت فيه مع أستاذ علاء نفسه على أحد مقاهي الإسكندرية قبل قراءتي للرواية بأسبوعين فقط. لم أكن أعلم وقتها فيم تتحدث الرواية. ولكني توقعت هذا كله في إبتسامته الهادئة و تركيزه التام في الإنصات لي وكأنه يتذكر هذه الأيام التي كونت تفاصيل حياته تلك. كنت قد عزمت على قراءة الرواية التي كانت تتأخر مواعيد قراءتها بجداول قراءاتي التي لا أحب أن أكسر مسارها بسبب تغير مفاجئ في علاقة الزمن بالحدث. كنت أشعر بأن هناك حلقة ما تنقصني في مواجهة هذا الرجل الجالس أمامي. لم أكن أدري أن بيت ذكرياته هو الذي سوف يكون السبب.
أغلقت الرواية و خرجت من الغرفة و ذهبت مباشرة إلى غرفة أمي، كانت تقوم بتطبيق قطع الملابس المختلفة بعد الغسيل. حافظت على مسافة كافية بيني و بينها حتى أستطيع أن اتأملها لفترة من الوقت دون أن تلحظني. كنت أستقبل أبعاد جديدة و مختلفة في نظرتي إلى أمي، كنت أستقبل بخيالي الخاص كل مسارات حياتها الطويلة التي أوصلتها حتى هذه النقطة، أتخيل كل هذا الرضا وكل هذه التضحية تجاه كل هذه الإنحاءات المختلفة في أحداث حياتها التي يحملها الزمن. أنا الإنسان الخارج من هذه النقطة التي كونتها إحدى هذه الأحداث.
عندما شاهدتني قالت لي أن أبي عائد من الصعيد الآن بعد الوصول لحل أخير لمشكلة سيارة أخي المسروقة. أبي هذا الذي تجاوز الستين بثلاثة سنوات ولم أشاهده يومًا طوال سنوات عمري يقرر الراحة و التقاعد من صراعه المستقل في مواجهة الحياة. رغم كل المسارات الجديدة و الممهدة التي خلقها لي ولإخوتي الثلاثة لم يشعر بعد بأن الرسالة قد انتهت و أن ما زالت هناك صفحات أخرى لا بد أن تُدون في كتاب الذكريات. دقائق قليلة خلقت بعد جديد في حياتي و تصورات تدعمها خيالات جديدة لما يمكن أن أفعله في حياتي المقبلة. هبطت إلى غرفتي و حررت رسالة نصيّة جديدة لأستاذ علاء : " بيت ذكرياتك يا أستاذ علاء غيّر في حياتي كتير. " و أنهيت :" شكرًا ع الرواية. "
Sign into ŷ to see if any of your friends have read
ألم خفيف كريشة طائر تتنقل بهدوء من مكان لآخر.
Sign In »
Quotes Khaled. Liked

“حب الاخرين لنا عبارة عن نقاط متباعدة. نحن الذين –نحتا� لهذا الحب- نصل بين تلك النقاط المعزولة. ربما لا تسعفنا امكانياتنا، أو حياتنا القصيرة، لنصل بينها، ولكن علينا أن ننثر تلك النقاط في طريقنا، أو علي الأقل نبحث عنها، وسيأتي من يكتشف هذا الرابط بينها، وتنفتح أمامه تلك الخريطة التي رسمناها بدون أن ندري، لأننا أبناء لحظة واحدة. لا أعرف ما هي حقيقة الحب، و لكني أعرف بأننا يمكنا أن نحب و نحب، كلما تواضعنا في رؤية أنفسنا و رؤية الاخرين”
― ألم خفيف كريشة طائر تتنقل بهدوء من مكان لآخر
― ألم خفيف كريشة طائر تتنقل بهدوء من مكان لآخر

“لا توجد حكاية حقيقية بدون أسرار ، تفتح فجوات بداخلها ، مثل الثقوب السوداء التي تمنح كوننا غموضه”
― ألم خفيف كريشة طائر تتنقل بهدوء من مكان لآخر
― ألم خفيف كريشة طائر تتنقل بهدوء من مكان لآخر

“لقد صالح موت أمي بيني و بين أشخاص عديدين، كما صالحني موت أبي عليه.
ربما نزع الموت الحواجز التي تفصلني عن تلقي الحياة دفعة واحدة،
فموت الأم حاجز أخير ترى بعده مشاعرك حرة، كعداء لم تعد أمامه أية حواجز،
و رغم ذلك مستمر في العدو.”
― ألم خفيف كريشة طائر تتنقل بهدوء من مكان لآخر
ربما نزع الموت الحواجز التي تفصلني عن تلقي الحياة دفعة واحدة،
فموت الأم حاجز أخير ترى بعده مشاعرك حرة، كعداء لم تعد أمامه أية حواجز،
و رغم ذلك مستمر في العدو.”
― ألم خفيف كريشة طائر تتنقل بهدوء من مكان لآخر

“الجميع سيجدون من يحبونهم في النهاية، الفاشل، والأناني، والخبيث، والمتهور، والجبان، والكاذب. يقف الحب مع الجميع وبدون استثناء.”
― ألم خفيف كريشة طائر تتنقل بهدوء من مكان لآخر
― ألم خفيف كريشة طائر تتنقل بهدوء من مكان لآخر

“عندما يكون الألم أكبر من استيعابنا ، لا بد و أن يقتسمه أحد معنا، وغالبًا القريبون منا، هم من يقتسمون معنا تلك الأقدار الثقيلة. فالوشائج التي تنقل الحب بين الأشخاص القريبين، هي نفس الوشائج التي تنتقل عبرها كل المشاعر التي لا تنتمي للحب في شيء.”
― ألم خفيف كريشة طائر تتنقل بهدوء من مكان لآخر
― ألم خفيف كريشة طائر تتنقل بهدوء من مكان لآخر
Reading Progress
Comments Showing 1-8 of 8 (8 new)
date
newest »


لو ورق بكام ؟
لو بي دي إف اللينك بعد اذنك"
ورق :) ، غالية :D
هيا ب 42 اساسا بس جبتها ب 33
فيه مكتبة ورا محطة ترام صفر اللي بعد بكوس بتبيعها ب 35 :D
لعنة الله على دار الشروق
مسيرها توصل النبي دانيال وحتى ذلك الحين في كتب كتير تتقرا :)
مسيرها توصل النبي دانيال وحتى ذلك الحين في كتب كتير تتقرا :)
هي بتتكلم عن الاسكندرية , وده لوحده مشجع بصورة غبية , والراتينج حلو وأنت اتكلمت عن الكاتب من زمان , فنفسي اقراها ولكن المصاري تحكم

بتحفز الحكي والالتفات للتفاصيل، كنت بقراها بشغف.. كأني جوة فيلم.
لو ورق بكام ؟
لو بي دي إف اللينك بعد اذنك