Maali's Reviews > من تاريخ التعذيب في الإسلام
من تاريخ التعذيب في الإسلام
by
by

من تاريخ التعذيب في الإسلام للمفكر العراقي هادي العلوي
في القسم الأول من هذا الكتاب يروي الكاتب بعض قصص التعذيب التي وقعت في التاريخ الإسلامي � وتحديدا الأموي والعباسي � ويعرض لاحقا رأي أهل الفقه والدين منها ولعل أفضل ما في هذا الكتاب هو اعتماده على مصادر مهمة في التاريخ الإسلامي ولمؤرخين كبار منهم � الطبري / ابن كثير / البلاذري / اليعقوبي / ابن الأثير / وغيرهم � مما يعطي ثقة كبيرة فيما يورده الكاتب في هذا الكتاب
الجزء الأول من الكتاب يحكي بعض قصص التعذيب التي وقعت في فترة الحكم الأموي والعباسي وهي على النحو الأتي :
استخدم التعذيب عبر التاريخ الإسلامي لغرضين رئيسيان
أولهما التعذيب لأغراض سياسية : وفي هذا النوع من التعذيب تتولى الدولة مهمة الإشراف على عمليات التعذيب ويكون التعذيب في هذه الحالة انعكاس للصراع الطبقي في المجتمع ومحاولة الحفاظ على السلطة ..
وقد كان أول تطبيق لهذا النوع من التعذيب في التاريخ الإسلامي على يد معاوية بن أبي سفيان لعدة أسباب كان أبرزها :
1 � موقف جمهور المسلمين الذين اعتادوا على حكم الخلفاء الراشدين المنوط بتطبيق الشريعة الإسلامية والذي تجاوزه معاوية بإقامة سلطة فردية
2 � العرب الذين لم يعتادوا الخضوع لسلطة ولاسيما سلطة مستبدة
3 � معارضة أهل العراق لحكم معاوية � وهم الموالون لعلي وأولاده �
كل هذه الأسباب أدت إلى لجوء معاوية إلى استخدام العنف في فرض سلطته على المجتمع الإسلامي .. فقد ولى المغيرة بن شعبة � احد دهات العرب � على العراق ولما فشل في التخفيف من حدة المعارضة لحكم بني أمية ولى من بعده زياد ابن أبيه والذي ابتكر عدة أساليب قمعية للقضاء على أي معارضة لحكم بني أمية فقد طبق منع التجول و القتل بالتهمة وقتل البريء لإخافة المذنب
ويورد الطبري في تاريخ الملوك - 4 / 176 � أن سمرة بن جندب وكيل زياد على البصرة أعدم ثمانية ألاف من أهلها تطبيقا لمبدأ زياد في القتل ويذكر ابن الأثير في التهذيب � 2 / 85 � أن زياد أمر بقطع لسان رشيد الهجري وصلبه لأنه تكلم بالرجعة
إن مثل هذه الأساليب التي كانت منتجهة أنذك في التعذيب تدل على السرعة التي تقدمة بها الدولة الإسلامية كمؤسسة تعذيبية قمعية
وقد أنشأ الحجاج ابن يوسف الثقفي سجين الديماس والذي بلغ عدد السجناء فيه عند وفاته 10 الأف سجين من الرجال والنساء, وكان القتل السائد عند الحجاج هو القتل بالكيفية � بالتهمة � وذلك بقطع رأسه بالسيف , ثم أضاف الصلب لمن كان لهم وزن خاص في حركة المعارضة لحكم بني أمية وكان من ضحايا هذا النوع من التعذيب ميثم الثمار أحد المقربين لعلي بن أبي طالب
وفي عهد الخليفة عمر ابن عبد العزيز استراح التعذيب لفترة قصيرة ما فتئت أن عادت على يد هشام ابن عبد الملك وفي عهده كانت السمة البارزة للتعذيب هي تقطيع الأيدي والأرجل من خلاف ومن ضحايا هذا النوع من التعذيب كان غيلان بن مسلم الدمشقي بتهمة القول بالقدر وبنفس التهمة أعدم خالد القسري الجعد بن درهم وقد نفذ الإعدام فيه ذبحا � في يوم عيد الأضحى -.
وطبق شقيقه أسد حاكم خرسان طريقة قطيع الأيدي والأرج من خلاف والصلب على أتباع الحارث بن سرح الثائر على حكم الأمويين في المشرق , ويذكر الطبري أن الحرق في عهد هشام بن عبد الملك كان قد استخدم في بعض الحالات فقد استخدم كوسيلة اعدام لأحد غلاة الشيعة وهو المغيرة بن سعيد العجلي
التعذيب في العهد العباسي
واجه العباسيون بعد وصولهم إلى الحكم معارضة شديدة حيث ظهرت العديد من حركات المعارضة للحكم العباسي كالشيعة الزيدية والإسماعيلية و المعتزلة والخوارج والقرامطة وغيرهم .
الأمر الذي دفع حكام بني العباس للجوء إلى نفس الأسلوب القمعي الذي إنتهجه من قبل حكام بني أمية مع تطوير الأساليب القمعية لمراعاة التطور الذي استحدثه الثوار في ثوراتهم ضد الحكم العباسي .
ويذكر أبو الفرج الأصفهاني � روايات الطالبين ص 228 � أن أبو جعفر المنصور كان قد قتل بعض العلوين بدفنهم وهم أحياء, وقد تم تطوير شتى أنواع التعذيب المستخدمة فقد تطور قطع الأوصال فبدلا من تقطيعها دفعتا واحدة صارت تقطع إلى عدة أجزاء وقد أبلغها الرشد أربعة عشر قطعة وكان ذلك مرفقا بتطور الوسيلة المستخدمة في التعذيب حيث استخدمت المديدة الغير حادة عوضا عن السيف � الطبري تاريخ الملوك 6 / 526 � .
حيث بلغ القتل والتعذيب أشنع حالاته في العصر العباسي الأول ومرد ذلك إلى الوضع العام للمجتمع الإسلامي الذي عاش مع ظهور الإسلام مخاضات التدرج و الانتقال من حالة البداوة إلى المجتمع المدني الحضري.
أما النوع الثاني من أنواع التعذيب فهو التعذيب لأغراض أخرى � غير سياسية �
ومنها التعذيب للاعتراف : تطرق إلى ذكره أبو يوسف في كتاب الخراج وتشكى منه بمرارة مما يدل على انتشاره الواسع وكان يستهدف نزع الاعتراف من المتهم في القضايا العادية ونظرا لعدم وجود أي مساس بأمن الدولة في هذه التهم فلم تستخدم أساليب تعذيب خارقة وكان يكتفا بالضرب بالهراوة او السوط , ولعل ما خفف من ذلك أيضا اختصاص القضاة بالحكم والفصل في هذه القضايا بشكل مستقل
وهناك أيضا التعذيب للجباية : وكان يستهدف الحصول على الجزية أو الخراج من الفلاحين و أهل الذمة, وقد انتشر هذا النوع من التعذيب في عهد الصحابة حسب رواية عن هشام بن حكيم بن حزام لكن دونما تحديد ما إذا كانت قد حصلت في عهد خليفة راشدي أو أموي فقد كان حكام بني أمية أيضا صحابة.
على أي حال فقد تفاقم تعذيب الخاضعين للجزية والخراج في زمن بني أمية مع شيوع الامتناع عن الدفع نتيجة معارضة الناس للحكم الأموي ومعظم وقائع التعذيب لهذا الغر ض ترجع إلى زمن الحجاج � الأبهشي في المستطرف 1 / 110 ) ويذكر الأستاذ أحمد أمين في فجر الإسلام أن الحجاج كان قد اخذ الجزية من مسيحين دخلوا الإسلام لما صار هذا رائجا كحل للهرب من الجزية
وقد كان يتم حلق شعر من لا يدفع بغية إرغامه على الدفع وصدر في عهد عمر بن عبد العزيز نهي عن استخدام التعذيب لأي غرض كان وقد حقق ذلك بعض النجاح أنهاه فترة حكمه القصيرة ورحيله العاجل
وسائل التعذيب في الإسلام
تعددت وسائل التعذيب التي استخدمها الحكام المسلمون لفرض سلطتهم وحكمهم أو لأسباب أخرى جئنا على ذكرها فيما سبق
1 � حمل الرؤوس المقطوعة : وتدخل هذه العقوبة بباب التمثيل وقد بدأ استخدامها في عهد معاوية وكان أول من حمل رأسه في الإسلام عمرو بن الحمق أحد أتباع علي بن أبي طالب والذي قتله زياد بن أبيه
ومن الحوادث المشهورة في هذا الباب حادثة حمل رؤوس الحسين وصحبه في يوم كربلاء حيث حملة رؤوسهم على الرماح بعد قطعها من كربلاء إلى الكوفة
ولم يتكرر استخدام هذه الوسيلة من التعذيب كثيرا في عهد بني العباس إلا أنها انتشرت بكثرة في الأندلس في الفترة التي حكم فيها ملوك الطوائف وكان المعتمد بن عباد صاحب اشبيلية أكثر من لجأ لها حيث أقام في قصره حديقة لزرع الرؤوس المقطوعة
2 � الضرب والجلد : وهدف هذه العقوبة بالدرجة الأولى إهانة الشخص أكثر منه ايلامه , وقد استخدمها عمر بن الخطاب حيث كان يمشي في الأسواق وبيده الرقعة , واستبدلها عثمان بالسوط وكان ذلك من أسباب النقمة عليها
وقد استخدم السوط أيضا في جلد مالك بن أنس على يد والي المدينة لأنه أفتى بعدم جواز بيعة المنصور لأنها أخذت كرها, ولم يتم الالتزام بالتحديد الشرعي في تطبيق عقوبة الجلد وهو 100 جلدة حيث كان يتم الجلد حسب أهواء الحكام والأمراء وكان يؤدي في بعض الحالات إلى الموت كما حدث مع بشار بن بردة بعد أن هجا المهدي
3 � تقطيع الأوصال : نص الإسلام على أنواع وحالات محددة تطبق عليها هذه العقوبة كقطع يد السارق و تقطيع أيدي وأرجل قطاع الطرق , إلا أن الحكام المسلمين بعد العهد الراشدي توسعوا في هذا الباب فظهر تقطيع اللسان و صلم الأذان وجدع الأنوف , وكان المقطوع يترك حتى يموت من تلقاء نفسه فإن لم يمت قطع رأسه بالسيف , وأقدم طريقة لهذا الصنف من العذاب كان ما وقع على عبد الرحمن بن ملجم قاتل علي بن أبي طالب حيث أعدم ببتر يديه ورجليه ولسانه ثم قطع رأسه � الدينوري في الأخبار الطوال ص 217 / ابن الأثير في أسد الغابة 4 / 385 - .
4 � سلخ الجلود : وتعبر هذه العقوبة من أشد أنواع العقوبات فتكا حيث تستلزم نزعة سادية حتى تطبق , وقد وجدت بعض الحالات في التاريخ الإسلامي تم السلخ فيها , فقد سلخ المعتضد بالله أحد قادة الخوارج يدعى محمد بن عبادة كمل تسلخ الشاه - الكامل في التاريخ 7 / 151 - . ومن حالات السلخ ما روي عن حصار السلاجقة بقيادة السلطان محمد بن ملكشاه لقلعة أصفهان الإسماعيلية وكان يختبأ فيها احد قادة الخوارج عليهم يدعى احمد بن عبد الملك بن عطشان فسلخ جلده وتم حشوه بالتبن � الكامل في التاريخ 10 / 151 � والغرض من ذلك التشهير والتخويف
وكان الفاطميون قد قبضوا على الفقيه الدمشقي أبو بكر النابلسي بعد أن قال لو أن معي عشرة أسهم لرميت تسعة على المغاربة � الفاطميين � وواحدا على الروم , واعترف بقوله هذا فجلد وسلخ جلده وتم حشوه بالتبن � ابن الأثير 2 / 330 -.
4 � الإعدام حرقا : كان أبو بكر قد أحرق رجلا اتهم بممارسة اللواط يدعى الفُجاءة السلمي وهذا من الأمور التي لم يعتدها العرب في جاهليتهم وفي الإسلام. وفي حرب الردة كان أبو بكر قد أوصى بالحرق � الطبري 2 / 488 و 490 و 491 -, كما أن خالد ابن الوليد أحرق بعض المرتدين بعد أن أسرهم فذهب بعض الصحابة يشتكون ذلك إلى أبو بكر فردهم قائلا : ما كان لي أن أشهم سيفا سله الله على الكفار � البلاذري � فتوح البلدان -.
وقد استخدم الأمويين الحرق كما ذكرنا سابقا في قصة خالد القسري عندما أحرق أحد غلاة الشيعة � أبن النديم / الفهرست ص 178 - . ولاحقا طور العباسيون هذا الصنف من صنوف العذاب فلم يكتفا بالإحراق وإنما كان يتم شي من تقع عليه هذه العقوبة وهذا ما فعله المعتضد بحق محمد بن الحسن حيث ربط على خشبة وتم شيه وقطع رأسه لاحقا � الطبري 8 / 165 � ابن النديم ص 19 - .
ويذكر أبن كثر في البداية والنهاية انه وجد نصراني يشرب الخمر مع مسلمة في نهار رمضان فتم إحراق النصراني وجلد المسلمة � حوادث 687 هـ - .
وهناك العديد من الوسائل التي لا محل لذكرها هنا منها القتل بالطشت المحمى وهو ما فعله السفاح مع عبد الحميد الكاتب و التعذيب بالمقدحة حيث ورد عن النبي في سيرة ابن هشام يوم وقعة خيبر أن النبي طلب من الزبير تعذيب كنانة بن الربيع, وهناك أيضا النفخ بالنمل والتعطيش � الطبري � 5 /369 � و التبريد بعد الجلد وقد ذكر في ذلك الغزالي في إحياء علوم الدين أن عبد الملك بن مروان عذب سعد بن المسيب بهذا لرفضه تزويج ابنته لابنه , والتكسير بالعيدان الغليظة وهو ما وقع على خالد القسري بعد عزله , وقرض اللحم � المقريزي اتعاظ الحنفاء ص 221 - .
وفي القسم الثاني من الفصل الأول يعرض لنا الكتاب جملة أراء أهل الفقه في التعذيب , فمنهم من أجازه في بعض الحالات ومنهم من حرمه فحرم التعذيب دون القتل واعتبر الفقهاء ما صدر عن الخلفاء � بعد الراشدين � حرام شرعا وخالف للشريعة فهو استهدف التعذيب بالدرجة الأولى لأغراض شخصيه.
وقد وقع الفقهاء في الحيرة في بعض المواقف منها أنه القران والنبي كان قد أجاز التعذيب في بعض الحالات منها تقطيع يد السارق والأيدي والأرجل من خلاف و الرجم وفي أحاديث أخر حرمه وحرم التمثيل ويرجع بعض الفقهاء والمستشرقين هذا الأمر إلى أن بعض الثائرين على حكم الخلفاء احتاجوا إلى حجه شرعية تحرم التعذيب والقتل الذي كان يقع عليهم فكانوا يضعون الأحاديث بحرمته والتي تعارض بعض أفعال النبي الخ
أما الفصل الثاني فيضعه الكاتب للمقارنة بين أساليب التعذيب عند المسلمين وعند غيرهم من الشعوب السابقة لهم أو اللاحقة و يقر الكاتب بأن أساليب التعذيب التي أبتركها الأوروبيين كانت اشد قسوة و وطئة � وهذا يدل على مدى الوحشية التي يمكن أن يصل إلها الإنسان في بعض الأحيان سؤال في سبيل حفاظه على سلطته أو في سبيل الوصول إليها - .
ويضع فصل أخير في تبيان أثر المعتقدات الدينية في تكريس مثل هذه الأفعال الوحشية � لو ظل متسمع كاف للكلام عنها ساوردها مع تعليقي عليها -
ĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶ
* اعاب البعض على الكتاب - في بعض التعليقات - من غير وجه حق عدم ذكره للمصادر واعتماده على روايات ضعيف ولكن الكتاب على العكس من ذلك تماما فكما يظهر في الاعلى عدد الروايات التي اعمد الكتاب عليها وهذا في مجمله غيض من فيض فالكتاب في هذه الناحية ممتاز
* واعاب البعض الاخر على الكاتب انه ماركسي المذهب فقرأته للتاريخ لا يؤخذ بها ؟ ولا افهم السبب في ذلك فالكاتب لم يزد على انه جمع الروايات في كتب التاريخ الاسلامي ووضعها في هذا الكتاب شيئ ؟ فهو لم يحلل كثيرا ويفسر ؟ والاعجب من ذلك ان نجد البعض يقول لا انصحكم بقراءة هذا الكتاب ؟ وان هذا لهو بمثابة الهروب من الحقيقه ؟ والبقاء في القوقعه التي لا يسمح بالخروج منها ابدا , في نهاية الامر هذا أحد جوانب التاريخ الاسلامي والتاريخ الاسلامي مثله مثل باقي التواريخ تاريخ فيه السيء وفيه الجيد وهذا من الكتب التي تزيل تلك الهالة المقدسه - والتي صنعناها نحن بغير وجه حق - عن التاريخ الاسلامي
في القسم الأول من هذا الكتاب يروي الكاتب بعض قصص التعذيب التي وقعت في التاريخ الإسلامي � وتحديدا الأموي والعباسي � ويعرض لاحقا رأي أهل الفقه والدين منها ولعل أفضل ما في هذا الكتاب هو اعتماده على مصادر مهمة في التاريخ الإسلامي ولمؤرخين كبار منهم � الطبري / ابن كثير / البلاذري / اليعقوبي / ابن الأثير / وغيرهم � مما يعطي ثقة كبيرة فيما يورده الكاتب في هذا الكتاب
الجزء الأول من الكتاب يحكي بعض قصص التعذيب التي وقعت في فترة الحكم الأموي والعباسي وهي على النحو الأتي :
استخدم التعذيب عبر التاريخ الإسلامي لغرضين رئيسيان
أولهما التعذيب لأغراض سياسية : وفي هذا النوع من التعذيب تتولى الدولة مهمة الإشراف على عمليات التعذيب ويكون التعذيب في هذه الحالة انعكاس للصراع الطبقي في المجتمع ومحاولة الحفاظ على السلطة ..
وقد كان أول تطبيق لهذا النوع من التعذيب في التاريخ الإسلامي على يد معاوية بن أبي سفيان لعدة أسباب كان أبرزها :
1 � موقف جمهور المسلمين الذين اعتادوا على حكم الخلفاء الراشدين المنوط بتطبيق الشريعة الإسلامية والذي تجاوزه معاوية بإقامة سلطة فردية
2 � العرب الذين لم يعتادوا الخضوع لسلطة ولاسيما سلطة مستبدة
3 � معارضة أهل العراق لحكم معاوية � وهم الموالون لعلي وأولاده �
كل هذه الأسباب أدت إلى لجوء معاوية إلى استخدام العنف في فرض سلطته على المجتمع الإسلامي .. فقد ولى المغيرة بن شعبة � احد دهات العرب � على العراق ولما فشل في التخفيف من حدة المعارضة لحكم بني أمية ولى من بعده زياد ابن أبيه والذي ابتكر عدة أساليب قمعية للقضاء على أي معارضة لحكم بني أمية فقد طبق منع التجول و القتل بالتهمة وقتل البريء لإخافة المذنب
ويورد الطبري في تاريخ الملوك - 4 / 176 � أن سمرة بن جندب وكيل زياد على البصرة أعدم ثمانية ألاف من أهلها تطبيقا لمبدأ زياد في القتل ويذكر ابن الأثير في التهذيب � 2 / 85 � أن زياد أمر بقطع لسان رشيد الهجري وصلبه لأنه تكلم بالرجعة
إن مثل هذه الأساليب التي كانت منتجهة أنذك في التعذيب تدل على السرعة التي تقدمة بها الدولة الإسلامية كمؤسسة تعذيبية قمعية
وقد أنشأ الحجاج ابن يوسف الثقفي سجين الديماس والذي بلغ عدد السجناء فيه عند وفاته 10 الأف سجين من الرجال والنساء, وكان القتل السائد عند الحجاج هو القتل بالكيفية � بالتهمة � وذلك بقطع رأسه بالسيف , ثم أضاف الصلب لمن كان لهم وزن خاص في حركة المعارضة لحكم بني أمية وكان من ضحايا هذا النوع من التعذيب ميثم الثمار أحد المقربين لعلي بن أبي طالب
وفي عهد الخليفة عمر ابن عبد العزيز استراح التعذيب لفترة قصيرة ما فتئت أن عادت على يد هشام ابن عبد الملك وفي عهده كانت السمة البارزة للتعذيب هي تقطيع الأيدي والأرجل من خلاف ومن ضحايا هذا النوع من التعذيب كان غيلان بن مسلم الدمشقي بتهمة القول بالقدر وبنفس التهمة أعدم خالد القسري الجعد بن درهم وقد نفذ الإعدام فيه ذبحا � في يوم عيد الأضحى -.
وطبق شقيقه أسد حاكم خرسان طريقة قطيع الأيدي والأرج من خلاف والصلب على أتباع الحارث بن سرح الثائر على حكم الأمويين في المشرق , ويذكر الطبري أن الحرق في عهد هشام بن عبد الملك كان قد استخدم في بعض الحالات فقد استخدم كوسيلة اعدام لأحد غلاة الشيعة وهو المغيرة بن سعيد العجلي
التعذيب في العهد العباسي
واجه العباسيون بعد وصولهم إلى الحكم معارضة شديدة حيث ظهرت العديد من حركات المعارضة للحكم العباسي كالشيعة الزيدية والإسماعيلية و المعتزلة والخوارج والقرامطة وغيرهم .
الأمر الذي دفع حكام بني العباس للجوء إلى نفس الأسلوب القمعي الذي إنتهجه من قبل حكام بني أمية مع تطوير الأساليب القمعية لمراعاة التطور الذي استحدثه الثوار في ثوراتهم ضد الحكم العباسي .
ويذكر أبو الفرج الأصفهاني � روايات الطالبين ص 228 � أن أبو جعفر المنصور كان قد قتل بعض العلوين بدفنهم وهم أحياء, وقد تم تطوير شتى أنواع التعذيب المستخدمة فقد تطور قطع الأوصال فبدلا من تقطيعها دفعتا واحدة صارت تقطع إلى عدة أجزاء وقد أبلغها الرشد أربعة عشر قطعة وكان ذلك مرفقا بتطور الوسيلة المستخدمة في التعذيب حيث استخدمت المديدة الغير حادة عوضا عن السيف � الطبري تاريخ الملوك 6 / 526 � .
حيث بلغ القتل والتعذيب أشنع حالاته في العصر العباسي الأول ومرد ذلك إلى الوضع العام للمجتمع الإسلامي الذي عاش مع ظهور الإسلام مخاضات التدرج و الانتقال من حالة البداوة إلى المجتمع المدني الحضري.
أما النوع الثاني من أنواع التعذيب فهو التعذيب لأغراض أخرى � غير سياسية �
ومنها التعذيب للاعتراف : تطرق إلى ذكره أبو يوسف في كتاب الخراج وتشكى منه بمرارة مما يدل على انتشاره الواسع وكان يستهدف نزع الاعتراف من المتهم في القضايا العادية ونظرا لعدم وجود أي مساس بأمن الدولة في هذه التهم فلم تستخدم أساليب تعذيب خارقة وكان يكتفا بالضرب بالهراوة او السوط , ولعل ما خفف من ذلك أيضا اختصاص القضاة بالحكم والفصل في هذه القضايا بشكل مستقل
وهناك أيضا التعذيب للجباية : وكان يستهدف الحصول على الجزية أو الخراج من الفلاحين و أهل الذمة, وقد انتشر هذا النوع من التعذيب في عهد الصحابة حسب رواية عن هشام بن حكيم بن حزام لكن دونما تحديد ما إذا كانت قد حصلت في عهد خليفة راشدي أو أموي فقد كان حكام بني أمية أيضا صحابة.
على أي حال فقد تفاقم تعذيب الخاضعين للجزية والخراج في زمن بني أمية مع شيوع الامتناع عن الدفع نتيجة معارضة الناس للحكم الأموي ومعظم وقائع التعذيب لهذا الغر ض ترجع إلى زمن الحجاج � الأبهشي في المستطرف 1 / 110 ) ويذكر الأستاذ أحمد أمين في فجر الإسلام أن الحجاج كان قد اخذ الجزية من مسيحين دخلوا الإسلام لما صار هذا رائجا كحل للهرب من الجزية
وقد كان يتم حلق شعر من لا يدفع بغية إرغامه على الدفع وصدر في عهد عمر بن عبد العزيز نهي عن استخدام التعذيب لأي غرض كان وقد حقق ذلك بعض النجاح أنهاه فترة حكمه القصيرة ورحيله العاجل
وسائل التعذيب في الإسلام
تعددت وسائل التعذيب التي استخدمها الحكام المسلمون لفرض سلطتهم وحكمهم أو لأسباب أخرى جئنا على ذكرها فيما سبق
1 � حمل الرؤوس المقطوعة : وتدخل هذه العقوبة بباب التمثيل وقد بدأ استخدامها في عهد معاوية وكان أول من حمل رأسه في الإسلام عمرو بن الحمق أحد أتباع علي بن أبي طالب والذي قتله زياد بن أبيه
ومن الحوادث المشهورة في هذا الباب حادثة حمل رؤوس الحسين وصحبه في يوم كربلاء حيث حملة رؤوسهم على الرماح بعد قطعها من كربلاء إلى الكوفة
ولم يتكرر استخدام هذه الوسيلة من التعذيب كثيرا في عهد بني العباس إلا أنها انتشرت بكثرة في الأندلس في الفترة التي حكم فيها ملوك الطوائف وكان المعتمد بن عباد صاحب اشبيلية أكثر من لجأ لها حيث أقام في قصره حديقة لزرع الرؤوس المقطوعة
2 � الضرب والجلد : وهدف هذه العقوبة بالدرجة الأولى إهانة الشخص أكثر منه ايلامه , وقد استخدمها عمر بن الخطاب حيث كان يمشي في الأسواق وبيده الرقعة , واستبدلها عثمان بالسوط وكان ذلك من أسباب النقمة عليها
وقد استخدم السوط أيضا في جلد مالك بن أنس على يد والي المدينة لأنه أفتى بعدم جواز بيعة المنصور لأنها أخذت كرها, ولم يتم الالتزام بالتحديد الشرعي في تطبيق عقوبة الجلد وهو 100 جلدة حيث كان يتم الجلد حسب أهواء الحكام والأمراء وكان يؤدي في بعض الحالات إلى الموت كما حدث مع بشار بن بردة بعد أن هجا المهدي
3 � تقطيع الأوصال : نص الإسلام على أنواع وحالات محددة تطبق عليها هذه العقوبة كقطع يد السارق و تقطيع أيدي وأرجل قطاع الطرق , إلا أن الحكام المسلمين بعد العهد الراشدي توسعوا في هذا الباب فظهر تقطيع اللسان و صلم الأذان وجدع الأنوف , وكان المقطوع يترك حتى يموت من تلقاء نفسه فإن لم يمت قطع رأسه بالسيف , وأقدم طريقة لهذا الصنف من العذاب كان ما وقع على عبد الرحمن بن ملجم قاتل علي بن أبي طالب حيث أعدم ببتر يديه ورجليه ولسانه ثم قطع رأسه � الدينوري في الأخبار الطوال ص 217 / ابن الأثير في أسد الغابة 4 / 385 - .
4 � سلخ الجلود : وتعبر هذه العقوبة من أشد أنواع العقوبات فتكا حيث تستلزم نزعة سادية حتى تطبق , وقد وجدت بعض الحالات في التاريخ الإسلامي تم السلخ فيها , فقد سلخ المعتضد بالله أحد قادة الخوارج يدعى محمد بن عبادة كمل تسلخ الشاه - الكامل في التاريخ 7 / 151 - . ومن حالات السلخ ما روي عن حصار السلاجقة بقيادة السلطان محمد بن ملكشاه لقلعة أصفهان الإسماعيلية وكان يختبأ فيها احد قادة الخوارج عليهم يدعى احمد بن عبد الملك بن عطشان فسلخ جلده وتم حشوه بالتبن � الكامل في التاريخ 10 / 151 � والغرض من ذلك التشهير والتخويف
وكان الفاطميون قد قبضوا على الفقيه الدمشقي أبو بكر النابلسي بعد أن قال لو أن معي عشرة أسهم لرميت تسعة على المغاربة � الفاطميين � وواحدا على الروم , واعترف بقوله هذا فجلد وسلخ جلده وتم حشوه بالتبن � ابن الأثير 2 / 330 -.
4 � الإعدام حرقا : كان أبو بكر قد أحرق رجلا اتهم بممارسة اللواط يدعى الفُجاءة السلمي وهذا من الأمور التي لم يعتدها العرب في جاهليتهم وفي الإسلام. وفي حرب الردة كان أبو بكر قد أوصى بالحرق � الطبري 2 / 488 و 490 و 491 -, كما أن خالد ابن الوليد أحرق بعض المرتدين بعد أن أسرهم فذهب بعض الصحابة يشتكون ذلك إلى أبو بكر فردهم قائلا : ما كان لي أن أشهم سيفا سله الله على الكفار � البلاذري � فتوح البلدان -.
وقد استخدم الأمويين الحرق كما ذكرنا سابقا في قصة خالد القسري عندما أحرق أحد غلاة الشيعة � أبن النديم / الفهرست ص 178 - . ولاحقا طور العباسيون هذا الصنف من صنوف العذاب فلم يكتفا بالإحراق وإنما كان يتم شي من تقع عليه هذه العقوبة وهذا ما فعله المعتضد بحق محمد بن الحسن حيث ربط على خشبة وتم شيه وقطع رأسه لاحقا � الطبري 8 / 165 � ابن النديم ص 19 - .
ويذكر أبن كثر في البداية والنهاية انه وجد نصراني يشرب الخمر مع مسلمة في نهار رمضان فتم إحراق النصراني وجلد المسلمة � حوادث 687 هـ - .
وهناك العديد من الوسائل التي لا محل لذكرها هنا منها القتل بالطشت المحمى وهو ما فعله السفاح مع عبد الحميد الكاتب و التعذيب بالمقدحة حيث ورد عن النبي في سيرة ابن هشام يوم وقعة خيبر أن النبي طلب من الزبير تعذيب كنانة بن الربيع, وهناك أيضا النفخ بالنمل والتعطيش � الطبري � 5 /369 � و التبريد بعد الجلد وقد ذكر في ذلك الغزالي في إحياء علوم الدين أن عبد الملك بن مروان عذب سعد بن المسيب بهذا لرفضه تزويج ابنته لابنه , والتكسير بالعيدان الغليظة وهو ما وقع على خالد القسري بعد عزله , وقرض اللحم � المقريزي اتعاظ الحنفاء ص 221 - .
وفي القسم الثاني من الفصل الأول يعرض لنا الكتاب جملة أراء أهل الفقه في التعذيب , فمنهم من أجازه في بعض الحالات ومنهم من حرمه فحرم التعذيب دون القتل واعتبر الفقهاء ما صدر عن الخلفاء � بعد الراشدين � حرام شرعا وخالف للشريعة فهو استهدف التعذيب بالدرجة الأولى لأغراض شخصيه.
وقد وقع الفقهاء في الحيرة في بعض المواقف منها أنه القران والنبي كان قد أجاز التعذيب في بعض الحالات منها تقطيع يد السارق والأيدي والأرجل من خلاف و الرجم وفي أحاديث أخر حرمه وحرم التمثيل ويرجع بعض الفقهاء والمستشرقين هذا الأمر إلى أن بعض الثائرين على حكم الخلفاء احتاجوا إلى حجه شرعية تحرم التعذيب والقتل الذي كان يقع عليهم فكانوا يضعون الأحاديث بحرمته والتي تعارض بعض أفعال النبي الخ
أما الفصل الثاني فيضعه الكاتب للمقارنة بين أساليب التعذيب عند المسلمين وعند غيرهم من الشعوب السابقة لهم أو اللاحقة و يقر الكاتب بأن أساليب التعذيب التي أبتركها الأوروبيين كانت اشد قسوة و وطئة � وهذا يدل على مدى الوحشية التي يمكن أن يصل إلها الإنسان في بعض الأحيان سؤال في سبيل حفاظه على سلطته أو في سبيل الوصول إليها - .
ويضع فصل أخير في تبيان أثر المعتقدات الدينية في تكريس مثل هذه الأفعال الوحشية � لو ظل متسمع كاف للكلام عنها ساوردها مع تعليقي عليها -
ĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶ
* اعاب البعض على الكتاب - في بعض التعليقات - من غير وجه حق عدم ذكره للمصادر واعتماده على روايات ضعيف ولكن الكتاب على العكس من ذلك تماما فكما يظهر في الاعلى عدد الروايات التي اعمد الكتاب عليها وهذا في مجمله غيض من فيض فالكتاب في هذه الناحية ممتاز
* واعاب البعض الاخر على الكاتب انه ماركسي المذهب فقرأته للتاريخ لا يؤخذ بها ؟ ولا افهم السبب في ذلك فالكاتب لم يزد على انه جمع الروايات في كتب التاريخ الاسلامي ووضعها في هذا الكتاب شيئ ؟ فهو لم يحلل كثيرا ويفسر ؟ والاعجب من ذلك ان نجد البعض يقول لا انصحكم بقراءة هذا الكتاب ؟ وان هذا لهو بمثابة الهروب من الحقيقه ؟ والبقاء في القوقعه التي لا يسمح بالخروج منها ابدا , في نهاية الامر هذا أحد جوانب التاريخ الاسلامي والتاريخ الاسلامي مثله مثل باقي التواريخ تاريخ فيه السيء وفيه الجيد وهذا من الكتب التي تزيل تلك الهالة المقدسه - والتي صنعناها نحن بغير وجه حق - عن التاريخ الاسلامي
Sign into ŷ to see if any of your friends have read
من تاريخ التعذيب في الإسلام.
Sign In »
Reading Progress
Finished Reading
September 15, 2016
– Shelved