ŷ������

ماذا خرجت من تلك التجارب الثلاث مع غيوم ميسو؟

أنه رسول الفرص الثانية
يحمل دوما بين طيات رواياته السينمائية جانب ايجابي، دعوة للنهوض الحقيقي بعد أي سقوط
قد يكون الفشل، الفقدان، الخيانة، ظروف نشأتنا أو حتي النجاح المبالغ فيه سببا في سقوطنا وأن نضّل طريقنا
وهنا، 'نداء الملاك' جمع بين روحين محطمين تماما
جمع بينهما الهاتف الذكي..وبعض كعكات أوريو والحليب المخفوق بالفراولة


حسنا، فلتجلب القليل منهما، أو بعض حلوي المعكرون الشهي إن أمكن، وتعال ندردش قليلا عن مادلين وجوناثان

وهل أجمل أيامنا عدت بتخطينا الثلاثين؟
هل عثراتنا السابقة سنحمل آثارها للأبد؟
أم يجب أن نؤمن بالفرص الثانية والبدايات الأجمل؟

فلنر مع هذا المزيج من الشخصيات المثيرة الأخري، والمأكولات شهية، والمدن المبهرة وبعض الأفلام السينمائية المثيرة
وغيوم ميسو

ولنقسم الريفيو لثلاث فصول كما الكتاب نفسه

** الفصل الأول **
مادلين وجوناثان

بعد الثلاثين نشعر دائما أن أحلي ايامنا عدت وولت مع الشباب والانطلاق
انكساراتنا، ما فقدناه، إي شيء ما فشلنا في تحقيقه من قبل سواء حب ،زواج، عمل، شهرة سيترك ندبا في نفوسنا
وإذا ما استكملنا سنرضي بما هو أقل منا..لأن الأجمل قد ولي

هكذا كانت مادلين... تركت عملها السابق في لندن الذي برغم شغفها به جعلها تشعر بإحباط من القسوة وانعدام الانسانية في العالم ، وتركت البيئة القاسية التي تربت بها هناك بعد محاولة يائسة لترك الحياة ككل.. وصارت ذات محل ورود" فائق للطبيعة" بفرنسا
وقعت في حب تقليدي وستتزوج زواج تقليدي


و جوناثان في مقتبل عقده الرابع، هوت امبراطوريته التي بناها بجهده وابتكاراته وشغفه في الطبخ بعد أن استسلمت للتقليدية والتنميط والشركات الرأسمالية الجشعة... ليصير محطما، ليترك بذخ نيويورك ومانهاتان ليصير صاحب مطعم بسيط تقليدي للحانة أقرب بسان فرانسيسكو، مطلقا بعد اكتشاف خيانة زوجته ليقابل ابنه في الاعياد والاجازات فحسب
حياة مطلق عادية..رتيبة بلا أي شغف..رغم استمرار توقه لهوايته القديمة


(5 نجوم)
من بداية القصة وحتي نهايتها تشعر ان الشخصيات لها روح وحياة وشغف رهيب وانكسارات
ربما شغفي بروايات ميسو يأتي من أن أغلب شخصياته أقرب مني، اقرب لسني بعكس اغلب الروايات الحديثة

جوناثان ومادلين شخصيتان مختلفان تماما، وسرد الأحداث يأتي بطريقة فصل لها وفصل له
فصل بجمال باريس وعالم بائعي الزهور والأزمة الإقتصادية الأوروبية وأجواء شتاء فرنسا

وفصل بألوان أحياء سان فرانسيسكو البسيطة الملونة المبنية من بعد زلزال 1906
وعالم الطبخ وشهرة المطاعم والطهاة ومرفأ الصيد وأسواقها الجذابة

وبرغم كل الصدف التي حدثت فإن الشخصيتان ظلا في إطارهما المرسوم من البداية
(view spoiler)[
بعض العثرات حدثت، لا انكر انني لم اكن 100% مقتنعا بوقوعهما في الحب تماما ولكن تظل بعض المواقف بالنهاية تثبت ان المصاعب وكل ما حدث قادر أن يقيم روابط قوية بينهما، واعجبني عقلانية مادلين جدا في ترددها قبول ذلك
(hide spoiler)]
فجوناثان ظل شغوفا ومندفعا حتي النهاية... ومادلين ظلت ثابتة وعقلانية وتحسب كل شيء جيدا
ثنائي جميل وممتاز بحق

~~~~~~~~~~~~~~~~

** الفصل الثاني **
الهاتف الذكي

من 2007 وظهور "أبل أي فون" وحدث طفرة حقيقية في الهواتف الذكية ذات الشاشة الكبيرة والتي استغنت عن لوحة المفاتيح التقليدية وأعتمدت علي اللمس...ليصير الأمر في 2010/2011 وقت كتابة وصدور تلك الرواية هي الهواتف المستخدمة بين أغلبية مستخدمي الهواتف
صارت لنا كل شئ
صورنا، ذكرياتنا، رسائلنا وأدق أسرارنا
أقرب من أي شخص لنا تقريبا للاسف
جعلنا وحيدين شيئا ما، جعلنا وحيدين كثيرا

تخيل الأن هاتفك مفتوحا أمام شخص أخر كل أسرارك أمامه...في يده
هكذا يتجمع مادلين وجوناثان بالصدفة..يقع كل هاتف في يد الأخر بالخطأ
يقع كل شخص منهما في يد الأخر، بصوره، بذكرياته، برسائله وأدق أسراره

(5 نجوم)
هي أجمل صدفة وأجمل فكرة لربط بين شخصيتين من عالمين مختلفين تماما ، بين سان فرانسيسكو وبين باريس
بين عالم الورود والزهور وبين عالم الطهي والمأكولات في تلك اللحظة الوحيدة التي تصادف وجودهما في نيويورك حيث تبدأ قصتنا
وتنت��ي

رابطة الهاتف الذكي جعلت كلاهما يكتشف الكثير عن الآخر، واعجبني جدا قصة ميسو بالنهاية عن كيف ان الفكرة مرتبطة بنفس الموقف حقيقي حدث له
وبينما نتابع مع مادلين وجوناثان الظروف التي تبقيهما علي اتصال لحين انتهاء فترة الأعياد والعواصف الثلجية ليعيدا تليفوناتهما بشركات الشحن نتابع أيضا ماضيهما واسرارهما بين إنجلترا و مانهاتان وحتى جزر الباهاما
في إطار غريب من الروابط التي لم تكن لتكتشف لولا الصدفة
الصدفة التي ستجعل طوال الأحداث تنتظر أول لقاء بينهما ليكون صدفة اظرف واجمل

"هي: أين أنت؟
هو: هيه! هو! ألم يعلموك قط أن تلقي التحية؟
هي: صباح الخير. أين أنت؟
هو: وأين انت؟
هي: أنا أمام مطعمك، تخيل!؟
هو: حقا؟
هي: أنا في سان فرانسيسكو. قل لي أين تسكن وسوف آتي إليك
هو: ولكنني لست في بيتي بالضبط
هي: ومعني ذلك...؟
هو: أنا في باريس، أمام متجرك"

إنها الصدف...السعيد منها والقاسي....والفضول
الفضول الذي قتل القط...ولكن نداء الملاك كان أقوي

~~~~~~~~~~~~~~~~

** الفصل الثالث **
نداء الملاك

يكتشف جوناثان بالصدفة ما يربط بينه وبين مادلين .. ملاك .. أليس، فتاة أخري لم تمنحها الحياة فرصة ثانية نشأت في بيئة قاسية لأم مدمنة لا تعرف من أبيها الشرعي

ولكنها مختلفة رقيقة تعشق الأغاني الكلاسيكية والاوبرا والموسيقي الراقية وكعكات الأوريو بالشيكولاته مع مخفوق الحليب بالفراولة
إنها ليست البيئة التي نشأت بها هي ما تحددك، ليس بالضرورة حقيقة والديك
انت من يحدد هويتك

هي الصدفة...التي ستغير حياتهما
كما غيرتها من قبل
أليس في أحدي محطات مادلين قامت بتغيير حياتها
وفي أحدي محطات جوناثان قامت بتغيير حياته
في أماكن مختلفة..مراحل مختلفة

(4 نجوم ونصف)
أحببت أليس جدا ونداء الملاك كان رابطا قويا بحق ليجعلك تتقبل كيف ستتطور الأمور بين مادلين وجوناثان
فقط الكثير من الصدف... وبعض حلوي المعكرون الشهية

الغموض والأثارة كانوا في أعلي معدلاتهما في الثلث الأخير من الرواية
يبدو فقط أن الأكشن ليس لون ميسو المفضل فهناك بعض الثغرات التي حدثت، وبعض الصدف التي كانت اكثر مما ينبغي وازهاق روح بلا معني
بل ان هناك مشهد اغراء مقحم ومطول، اتمني -حيث انها رواية احدث من روايتي فتاة من ورق ولأنني أحبك- ألا يكون هذا خطة جديدة في كتابات المؤلف
ولكن تظل تلك الصدف التي ربطت بين الشخصيتين..والمصاعب هي التي تجعل الروابط اقوي أحيانا

(غيوم ميسو)
صدفة استبدل هاتفه مع شابة بالمطار، وجاءت له فكرة الرواية بالصدفة
صدفة اصيب في حادث كاد يسلبه حياته.. ولكنه عاش
صدفة كان معدما.مغتربا يبيع الايس كريم
القدر يمدنا بالصدف
الله يمنحنا دائما الفرص الثانية
علنا نتعلم من أخطاءنا...علنا نبدأ بداية أفضل
ومن خلال رواياته دائما ما يقدم محاولات دفعات إيجابية دائما للتغيير، للنهوض والتغلب علي المصاعب، على الألم والفقدان

لهذا أحب رواياته، وأسلوبه في جعل روايته طبيعية وإنسانية ومعاصرة جدا
رحلاته لأجمل المدن بشكل تفصيلي كأنك تعيشه


قد تكون نداء الملاك شبيهة بتلك الافلام التي تبدأ كوميديا رومانسية ثم تتحول للاكشن كافلام كثيرة مثل
French Connection لميج رايان / I Love Trouble لجوليا روبرتس، والذي حوله هنيدي لجاءنا البيان التالي
ربما اتذكر ايضا كارثة تيمور وشفيقة المصري، بالطبع الاقحام هنا كان مقبولا بشكل اكبر، لكنه يظل مهما كان مقحما بعض الشئ

~~~~~~~~~~~~~~~~

** الخاتمة **
لست وحدك

لا تستسلم للوحدة، هناك من سيساعد علي أن يكملك..من يعطيك يدا للنهوض مرة أخري بعد المصاعب
من قد يغير حياتك
قد يكون صديقا ، قد يكون حبيبا وشريك حياة
(شخصية صديق وأخ زوجة جوناثان السابقة كان ظريفا بحق)
(كذلك شخصية صديق مادلين داني زعيم المافيا والذي بيئته كانت سبب في سوء مستقبله)

(وجيم الشرطي زميل مادلين والذي لم ينسها برغم مرور الوقت)

الصديق سيقف بجوارك، قد يمنحك فرصة ثانية وقد تمنحه الحياة فرصة ثانية ليكون بجوارك..أو لا
فلا تقف مكانك...الحياة تمضي

ومهما يكن لا تستسلم لليأس ولاالجمود ولا النمطية والملل
لا تدع شيئا يوقفك عن الأستمرار

أعجبني جدا كيف أن الوحدة ستقتل روحك..لكن الحب سينقذك..إن كان حقيقيا فعلينا أن نمنحه فرصة
اتبع حدسك وشغفك
ان الله يساعد أولئك الذين يساعدون أنفسهم
لا تقل فات الوقت
هناك دائما فرص ثانية

وكما يقتبس ميسو روائع الأدب في جمل تليق بكل فصل من فصوله
ويحرص دائما علي نسب الدرر لأصحابها الأصليون سواء بالهامش سواء بين سطور الرواية نفسها
فكما في الرواية، كما اغنية محمد منير

السكة ماشية والعمر ماشي.
ولسه أجمل يوم ماجاشي

محمد العربي
مع نداء الملاك بين باريس، سان فرانسيسكو ومانهاتان
من 20 سبتمبر 2016
الي 23 سبتمبر 2016