Tahani's Reviews > دام
دام
by
by

بدأت قراءة هذه الرواية في صباح غائم. كانت رائحة المطر تعطر المكان وبدا هطوله وشيكًا. هدوء ذلك الصباح كان مشابهًا للهدوء الذي بدأت به القصة. كل الوجوه مستبشرة بقدوم المطر، يمدون أيديهم إلى السماء، يصافحون قطراته الأولى ومع اشتداد هطوله بات الجميع يردد: اللهم صيّبًا نافعًا.
تبددت الغيوم وأصبح الجو صحوًا وجففت الشمس بذيلها الأصفر كل الأرصفة والطرقات التي عبرتها وأرسلنا مع السحاب المنقشع أمنيات إلى السماء بأن تزورنا غدًا وتمطر من جديد. ولكن ذلك هو نقيض ما حدث في الرواية. فلقد عقب ذلك الرشّ هطل ووابل وتحول سرور سكان المدينة إلى وجوم. السيول التي جرفت الناس والسيارات وكل ما اعترض طريقها ستجرف القارئ أيضًا وتزجّ به في كل ما سيحدث لاحقًا. سيجد نفسه في النهاية مبللاً، خائر القوى، جاحظ العينين وفاغر الفاه، نازف القلب، يتحسس ما بقي من إنسانيته التي عطِنت بعد تركها طويلا في ذلك المجتمع الآسن الذي تفسّخ وانهزم أمام جحافل السماء التي انقضّت عليه بلا رحمة وابتلعت في طريقها كل شيء.
ينتمي هذا العمل إلى أدب المدينة الفاسدة (ديستوبيا) ويكشف عن تأثر الكاتب بالوضع السياسي الراهن في المنطقة حيث الصراعات والعداءات التي تنشأ من اختلافات عديدة تمسّ بشكل أو بآخر قناعات الطرف المقابل فينزع كل طرف إلى إثبات صحة ما يرمي إليه وإسباغ ذلك النزاع صبغة دينية تلعب على وتر مشاعر الأفراد المنتمين إليه والملتفين حوله. فإذا هم جماعات سهلة القياد، شديدة التعصب، يقبضون على الفكرة الضالة ويتمسكون بها ويذودون عنها ويجدون في كل ما يقومون به من حماقات شرفًا وشجاعة ونبلاً.
إلى جانب ذلك سنجد بأن هناك من رفض الخوض في تلك المعمعة واستغل الفوضى العارمة وغياب القانون ليحقق مآرب أخرى تدفعه إليها نقائصه البشرية ونزواته المريضة فيتصيّد دون رحمة ضحاياه العالقين في تلك المتاهة ويمارس كل ما من شأنه إشباع غرائزه وميله اللاأخلاقي إلى ما يندى إليه الجبين من أفعال بشعة وممارسات محرمة كان القانون قبل ذاك يحول بينه وبين القيام بها. أما الآن ومع انهيار كل شيء فما الذي قد يمنعه!
الكارثة تجلب أخرى، والنوائب تتوالى. سقوط المطر المستمر بلا توقف أدّى إلى سقوط الإنسان أيضًا. في قالب أدبي جميل ومتماسك، مرعب وساخر، خياليّ أبعد ما يكون عن الواقع، وواقعيّ أقرب جدًا إلى الخيال، أثار فهد الفهد الكثير من القضايا الإنسانية في سرد ممتع وأحداث شيّقة. وكعمل روائي أول للكاتب أجدها مميزة جدًا وتبشّر بالكثير.
تبددت الغيوم وأصبح الجو صحوًا وجففت الشمس بذيلها الأصفر كل الأرصفة والطرقات التي عبرتها وأرسلنا مع السحاب المنقشع أمنيات إلى السماء بأن تزورنا غدًا وتمطر من جديد. ولكن ذلك هو نقيض ما حدث في الرواية. فلقد عقب ذلك الرشّ هطل ووابل وتحول سرور سكان المدينة إلى وجوم. السيول التي جرفت الناس والسيارات وكل ما اعترض طريقها ستجرف القارئ أيضًا وتزجّ به في كل ما سيحدث لاحقًا. سيجد نفسه في النهاية مبللاً، خائر القوى، جاحظ العينين وفاغر الفاه، نازف القلب، يتحسس ما بقي من إنسانيته التي عطِنت بعد تركها طويلا في ذلك المجتمع الآسن الذي تفسّخ وانهزم أمام جحافل السماء التي انقضّت عليه بلا رحمة وابتلعت في طريقها كل شيء.
ينتمي هذا العمل إلى أدب المدينة الفاسدة (ديستوبيا) ويكشف عن تأثر الكاتب بالوضع السياسي الراهن في المنطقة حيث الصراعات والعداءات التي تنشأ من اختلافات عديدة تمسّ بشكل أو بآخر قناعات الطرف المقابل فينزع كل طرف إلى إثبات صحة ما يرمي إليه وإسباغ ذلك النزاع صبغة دينية تلعب على وتر مشاعر الأفراد المنتمين إليه والملتفين حوله. فإذا هم جماعات سهلة القياد، شديدة التعصب، يقبضون على الفكرة الضالة ويتمسكون بها ويذودون عنها ويجدون في كل ما يقومون به من حماقات شرفًا وشجاعة ونبلاً.
إلى جانب ذلك سنجد بأن هناك من رفض الخوض في تلك المعمعة واستغل الفوضى العارمة وغياب القانون ليحقق مآرب أخرى تدفعه إليها نقائصه البشرية ونزواته المريضة فيتصيّد دون رحمة ضحاياه العالقين في تلك المتاهة ويمارس كل ما من شأنه إشباع غرائزه وميله اللاأخلاقي إلى ما يندى إليه الجبين من أفعال بشعة وممارسات محرمة كان القانون قبل ذاك يحول بينه وبين القيام بها. أما الآن ومع انهيار كل شيء فما الذي قد يمنعه!
الكارثة تجلب أخرى، والنوائب تتوالى. سقوط المطر المستمر بلا توقف أدّى إلى سقوط الإنسان أيضًا. في قالب أدبي جميل ومتماسك، مرعب وساخر، خياليّ أبعد ما يكون عن الواقع، وواقعيّ أقرب جدًا إلى الخيال، أثار فهد الفهد الكثير من القضايا الإنسانية في سرد ممتع وأحداث شيّقة. وكعمل روائي أول للكاتب أجدها مميزة جدًا وتبشّر بالكثير.
Sign into ŷ to see if any of your friends have read
دام.
Sign In »