ŷ

محمد حمدان's Reviews > أنتيخريستوس

أنتيخريستوس by أحمد خالد مصطفى
Rate this book
Clear rating

by
13060827
's review

it was ok

أنتيخريستوس � أحمد خالد مصطفى

أحمد خالد مصطفى هو كاتب وصيدلي مصري شاب من مواليد 1984 وهو ضمن مجموعة الكتاب الشباب الذين خرجوا من بين أعضاء مجموعة عصير الكتب.. وهي مجموعة ضخمة العدد على موقع التواصل الإجتماعي الشهير "فيسبوك" وهذه المجموعة هي حالة مثيرة للإهتمام.. نظراً لكونها تحوي عدداً ضخماً جداً من الاعضاء المهتمين بالقراءة ولأنها تحولت فيما بعد إلى دار نشر. وقد كان مؤسسو المجموعة قد نظموا الكثير من معارض الكتب قبل أن يبدؤوا بالفعل في طباعة ونشر وترويج الكتب للكتاب الشباب الذين هم من بين أعضاء المجموعة. سأعود إلى نقطة الكتاب الشباب الذين بدؤوا من مواقع التواصل الإجتماعي فيما بعد.

هذا العمل هو الأشهر دون شك للكاتب الشاب وقد صدر عام 2015 وقد حاز وقتها على جائزة عصير الكتب في الرواية وصدرت إلكترونياً قبل أن يتم طباعتها ونشرها ورقياً. وللكاتب مجموعة قصصية صدرت قبل روايته هذه بعام واحد واسمها "مطعم اللحوم البشرية" وصدر له أيضاً بعد هذه الرواية بعام كتاب في تحليل ومصادر هذه الرواية. وقد صدر له مؤخراً رواية جديدة بعنوان "أرض السافلين".

من الواضح جداً أن كاتبنا الشاب يحب اتجاه روايات الرعب. وهو، في ذات الوقت، كاتب ذكي، نجح في استخدام مزيج جيد من الإثارة وما هو مثير للجدل. في قالب روائي. لكن، هل هو حقاً أسلوب روائي ؟ سأعود إلى ذلك.

تبدأ الرواية بالعبارة التالية: "جميع الشخصيات المذكورة في هذه الرواية في شخصيات حقيقية.. بإنسها وجنها وشياطينها.. وأغلب الأحداث المحكية مبنية على أحداث ووقائع حقيقية مثبتة." هي عبارة تحمل قدراً كبيراً من المبالغة، أليس كذلك ؟ ولقد عمل الكاتب الشاب كثيراً في توظيف "الإيحاء" في عمله هذا. وكثيرين من القراء قد استفزتهم هذه العبارة إما سلباً أو إيجاباً.. بل إن كثيراً منهم، وتحت وطأة الإيحاء، قد نسي أن الكاتب قد استخدم كلمة "أغلب" الأحداث لا كلها في عبارته هذه. وهو بذلك يحفظ لنفسه هامشاً من الخيال بما يمكنه أن يفعل بالطبع تحت النوع الأدبي المسمى بالرواية. قد تحدثت كثيراً في السابق عن استخدام شخصيات تاريخية حقيقية في السرد الروائي وعدم الإلتزام بحقيقة ما تكتبه كتب التاريخ وتقديم صورة أو رؤية يريدها الكاتب ضمن السياق الروائي. وقد أعلنت سابقاً عن أنني أكره ذلك.. ثم عدلتُ عن كرهي ذاك.. وغدوتُ أكثر تقبلاً له. لذا، نعم، يحق للكاتب الشاب أن يفعل بشخصيات التاريخ ما يشاء ضمن إطار أو بنية روائية ما.. وهنا، نرجع مرة أخرى إلى السؤال المهم: هل كانت هناك رواية ما حقاً هنا ؟

بداية الرواية كانت برأيي سيئة للغاية. فنجد الشخصية الرئيسية "بوبي فرانك" يحدث القاريء على أنه على وشك إفشاء سر خطير.. وأنه سيموت بعد لحظات وأن القاريء ربما سيموت كذلك. ومن البديهي أن يتساءل القاريء: من هو بوبي فرانك هذا بحق الجحيم !

بوبي فرانكس "وليس فرانك" هو شاب بعمر الـ 18 عاماً كان ضحية لجريمة ارتكبها يهوديان في العشرينات من القرن الماضي. وكانت وقائع الجريمة تشير إلى أنه لا يوجد دافع حقيقي لهذه الجريمة عدا أن القاتلين أرادا تجربة الجريمة الكاملة. فقاما باختطاف ضحية عشوائية ثم قتلها. وقاما بالتمويه بأن طلبا فدية من أهل الشاب الغني بعد أن قاما بالفعل بقتله. تمت إدانة القاتلين وسجنهما وقد تم إغتيال أحد القاتلين أثناء سجنه ويقال بأن أحد السجناء الآخرين قد قام بقتله. لقد استغل الكاتب الشاب هذه الجريمة ذات الدوافع الغامضة وجعل من الضحية ساحراً عظيماً يوشك على فضح أعظم مؤامرة عرفتها "كل العوالم". لكن، ثمة مشكلة مهمة في مثل هذه الحبكة. فالضحية لا يتجاوز الـ 18 عاماً. فكيف وصل إلى أحد أعلى رتب الماسونية رغم صغر عمره هذا ؟ كما أنه قد قتل في عشرينيات القرن الماضي. فكيف إذن، يسرد للقاريء أحداثاً تاريخية حدثت بعد وفاته بعشرات السنين ؟ هل يطلع الجن والشياطين على الغيب فيعرفون ما لم يحدث بعد ؟

ما هي الحبكة هنا بالضبط ؟ أن بوبي فرانكس، ولسبب ما، قرر أن يشاركنا هذا السر الخطير ثم يتمكن منه القتلة وحسب ؟ عفواً، لكن.. أين هي الحبكة في ذلك ؟ كان من الممكن أن توضع هذه الحكايا في سياق أفضل كثيراً من هذا.. لكن المشكلة الأساسية هي أن الكاتب قد جمع كل ما يمكن أن يثير الريبة في تأويل حدث تاريخي بشكل معين، سواء كان ذلك التاريخ مكتوباً أو غير مكتوب، وقام بإيجاد رابط مشترك بينها جميعها، في مثل هذه الحكاية. وهنا، واجهته الكثير من المشاكل:

لقد غطت الرواية أحداثاً كثيرة في التاريخ، يستحيل تغطيتها كلها كما يجب وإعطاؤها حقها ضمن عدد صفحات الكتاب "312" صفحة. والكثير من الأحداث كان مليئاً بالثغرات التاريخية. فكيف مثلاً تسرب روسيا اتفاقية سايكس بيكو إلى الصحف وهي كانت بمصادقتها بل وكانت روسيا حليفة لبريطانيا وفرنسا ؟ قد يكون هناك سند تاريخي لهذا الإدعاء، لكن هذا السند وإن كان حقيقياً فإنه لا يكفي كي يضفي عامل الإقناع على الخبر ككل ! فكما تحدثت كثيراً فيما سبق: لا يكفي أن تخبرني أن الحكاية واقعية كي أقتنع ! لا بد أن تأتي الحكاية في سياق مقنع بما فيه الكفاية حتى وإن كانت حدثاً تاريخياً. كما أن الحرب العالمية الأولى لم تكن ضد ألمانيا وحدها ! وأي قاريء مهتم في التاريخ يعلم حتماً أن ألمانيا لم يكن لها شأن في البداية.. وأن السبب الحقيقي هو إغتيال ولي عهد إمبراطورية النمسا على يد طالب صربي في سراييفو. فأعلنت النمسا الحرب على صربيا ثم أعلنت روسيا حليفة صربيا الحرب على النمسا فأعلنت ألمانيا حليفة النمسا الحرب على روسيا.. وبالتالي، أعلنت فرنسا الحرب على ألمانيا لأنها حليفة لروسيا، ولأن ألمانيا اجتاحت بلجيكا في طريقها لاحتلال فرنسا.. قامت بريطانيا بإعلان الحرب على ألمانيا وذلك لخرقها حياد بلجيكا.. كما أن الولايات المتحدة اشتركت في الحرب فيما بعد إلى جانب الحلفاء وبعد أن انسحبت روسيا من الحرب بسبب انشغالها في ثورة 1917. مما سبق، نرى أن الكاتب، ورغم المجهود الذي لا يمكنني أن أنكره في البحث في التاريخ، إلا أنه قدم الكثير من السقطات التاريخية الواضحة !

بالإضافة إلى ما سبق، فإن الأحداث لم تقتصر كما أشرت سابقاً، إلى التاريخ المكتوب، فهناك الكثير من الأحداث المروية فقط ضمن ما يمكننا تسميته الميراث الديني وحتى "الأساطير" تم توظيفها مع غيرها لخدمة هدف واحد؛ الكشف عن مؤامرة الماسونية وبالتالي الوصول إلى أنتيخريستوس في نهاية المطاف.

نظراً لكونه لا يوجد ترابط زمني بين الأحداث المذكورة فقد اضطر الكاتب لعرض كل حادث على حدا، بل واستخدم أحياناً راوياً مختلفاً في كل حكاية. لقد جعل هذا من الرواية أشبه ما تكون بجزر ملقاة في بحر من الغموض، وهذا له إيجابية التشويق بالطبع. لكنه، يحتاج إلى مجهود مضاعف حتماً في عامل الإقناع. وفي الحقيقة، وضمن السياق الموجود بالفعل بالرواية، لم يكن عامل الإقناع جيداً بما فيه الكفاية. فعلى سبيل المثال، في أحد الحكايا اختار الكاتب أن يجعل من المرأة المقطوعة الرأس "إنانا" راوية، هذه الرأس والتي كانت قبل قليل ضحية لهازارد والذي -ولسبب ما- كان يتحرش جنسياً بالرأس المقطوع ! قامت من فورها بعد أن انتهى هازاد من التحرش وبعد أن أعادها للحياة بسرد الحكاية في هذا الفصل بكل خنوع ورضا. هذا المشهد بالطبع لا يحتاج إلى تبرير أو تفسير لسلوك الضحية والتي تطيع أوامر قاتلها بعد موتها. لماذا ؟ لأن هازاد ساحر بالطبع.. أليس ذلك واضحاً ؟ في الحقيقة، لم يبدُ هذا المشهد مرعباً، بل بدا مشهداً مغرقاً في السذاجة وكأنه مشهد من فيلم رعب قليل الميزانية !

حسناً، أنت تريد أن تخبرني سراً خطيراً بهذه الأهمية. وهناك من يتربص بك يريد قتلك، لكنك، رغم كل ما سبق، تقوم بكل أناة بسرد كل ذلك كما أنه يهمك ألا أشعر بالملل والثرثرة الزائدة ؟ بل إنك تملك الوقت لأن تستخدم لعبة في شرح ما تريد قوله ؟ هل يفترض بهذا أن يكون مقنعاً حقاً ؟

بالطبع، يحق للكاتب أن يجعل الشيطان راوياً، ويسرد لنا أحداثاً عجائبية، فمن قال بأن الرواية يجب أن تخلو من كل ذلك ؟ الرواية هي توظيف جيد للخيال في أمر ما.. ومن يحاول أن يحصر الرواية فيما يقبله عقله من المعقول فقط، فهو قد ضيّق واسعاً وبشكل لا يمكن لنا القبول به أبداً.
أما عن اللغة، فأنا أحترم حقاً أن يختار الكاتب تقديم روايته لنا بالعربية الفصيحة. رغم كل الأخطاء الموجودة فيها، إلا أنني أحترم هذه البادرة وسط كل ذلك السرد العامي السائد في الرواية المصرية الشبابية هذه الأيام. إلا أن هناك ملاحظة، لا يمكنني السكوت عنها فيما يخص الأسلوب:

حسناً، الكاتب شاب وهذه أول رواية له، فمن البديهي أن تكون هناك سقطات تنم عن قلة الخبرة، فها هو يبالغ بشدة بذكر الشياطين بأفعالهم "الشيطانية". فهم يضحكون ضحكات شيطانية، ويتخذون أشكالاً شيطانية، وأفعالهم، بالطبع، شيطانية جدا ! لقد بدت كثرة استخدام كلمة "شيطانية" مبلغاً مستفزاً للغاية. وكذلك الأمر مع كلمة "أنثوية" فتلك الطفلة في بداية الرواية ذات الأعوام التسع، تملك نظرة "أنثوية" رهيبة. هذا وهي طفلة، فما بالك بالأنثى التي أصبحت عليها حين كبرت ؟ وما أكثر تلك النظرات "الأنثوية" على امتداد الرواية. مرة أخرى، كانت مستفزة للغاية.

من المعلوم أن الكاتب قد ألحق كتاباً تحليلياً لهذه الرواية في السنة التالية، وهذا يذكرني بالمقدمة التي أضافها ويليام فوكنر إلى روايته الشهيرة "الصخب والعنف" بعد سنين من نشرها لأول مرة وذلك لأنه رأى بأن روايته تحتاج إلى شرح. وهنا حقاً لدي مشكلة. هل أنا مضطر حقاً لقراءة شرحك سيدي الكاتب ؟ ماذا لو لم أقرأه ؟ لماذا تكتب شيئاً يحتاج إلى شرح من الأساس إذا كنت سترى أنه يحتاج إلى شرح فتشرحه بكتاب لاحق ؟ ولهذا السبب: إن تقييم كتاب ما.. لا شأن له بشرح الكاتب. شرح الكاتب لربما يفيد في النقد، وسيكون لذلك عودة حين أقرأ هذا الكتاب باذنه تعالى.

نعود الآن إلى كتاب الفيسبوك، فالكاتب مصطفى ليس الأول من نوعه، ولربما نذكر أثير النشمي التي كانت تنشر بالفعل مقاطع من "أحببتك أكثر مما ينبغي" على الفيسبوك قبل أن يشجعها الإقبال الجماهيري على إكمالها ونشرها في نهاية المطاف.. وكلنا نذكر كذلك النجاح المنقطع النظير الذي حققته تلك الرواية. لقد نجحت بالفعل مواقع التواصل الإجتماعي في نشر القراءة، وفك إحتكار الثقافة على فئة معينة، ولكنها في ذات الوقت قد جعلت المعروض من الكتب عدداً مهولاً، فالكل يريد أن يحقق حلماً أزلياً في أن يصبح مشهوراً، ولربما تكون الكتابة هي الطريقة المثالية.. ولقد نجح البعض في ذلك فعلاً. كما هو الحال هنا. هل هذا بالأمر الجيد ؟ لا أدري حقاً، لربما تكشف لنا الإصدارات القادمة ذلك. لكنني أؤمن في واقع الحال بأمر مهم، قد يكون النجاح السريع أحياناً وبالاً على صاحبه، لأنه يجعله على قناعة من أنه يحسن صنعاً.. وبالتالي، لا يتطور.

رغم أنني قد أتمكن من الحديث مطولاً في نقاش كل حكاية على حدا، إلا أنني سأكتفي بهذا القدر.

كخلاصة، لا يمكنني أن أنفي الجهد العظيم المبذول في البحث وتجميع وخلق مثل هذه الحكايا، لكن، وفي ذات الوقت، أرى أنه كان من الممكن جداً توظيفها في سياق روائي أمتن وأكثر إقناعاً وأكثر إتساقاً بل وتشويقاً. فهل يمكننا مثلاً مقارنة هذه الرواية بروايات دان براون ؟ وعلى الرغم من أنها تسير في فلك ذات المواضيع "الماسونية" وما إلى ذلك.. إلا أنها تفتقد إلى حبكة مقنعة.. وقد أفسد هذا كل شيء للأسف. أتمنى حقاً أن أقرأ للكاتب عملاً قادماً وقد تفادى تلك السقطات التي رأيناها هنا. إن ذلك كان ليبدو جميلاً بحق.
41 likes · flag

Sign into ŷ to see if any of your friends have read أنتيخريستوس.
Sign In »

Reading Progress

January 24, 2017 – Started Reading
January 24, 2017 – Shelved
January 24, 2017 – Shelved as: to-read
January 24, 2017 –
page 15
4.64%
January 24, 2017 –
page 49
15.17%
January 26, 2017 –
page 67
20.74%
January 27, 2017 –
page 91
28.17%
January 27, 2017 –
page 115
35.6%
January 29, 2017 –
page 151
46.75%
January 29, 2017 –
page 179
55.42%
January 29, 2017 –
page 207
64.09%
January 29, 2017 –
page 224
69.35%
January 31, 2017 –
page 279
86.38%
January 31, 2017 – Finished Reading

Comments Showing 1-4 of 4 (4 new)

dateDown arrow    newest »

غفْرَان تعليق رائع يا دكتور وتحليل صائب كنت أنتظره بشغف من وقت ما بدأت قراءة الرواية


محمد حمدان Ghofran wrote: "تعليق رائع يا دكتور وتحليل صائب كنت أنتظره بشغف من وقت ما بدأت قراءة الرواية"

من دواعي سروري أن ينال إعجابك.. أنرتني عزيزتي..


message 3: by Oumaima (new)

Oumaima Elkhattabi مراجعة رائعة


محمد حمدان Oumaima wrote: "مراجعة رائعة "

سعيد أنها أعجبتك عزيزتي..


back to top