ŷ������

في عام 2012 اعتقل تركي الحمد بسبب تغريدات قال فيها: لقد جاء الزمن الذي نحتاج فيه إلى من يصحح عقيدة محمد بن عبدالله... خدعونا فقالوا شرع الله... إنها نازية جديدة تطل بوجهها على عالم العرب اسمها الإسلاموية . إذا كانت هذه التغريدات تستفزك فأنت بحاجة لتقرأ كتاب السياسة بين الحلال والحرام لتفهم الرجل جيدًا.
.
يقدم الحمد في هذا الكتاب نقدًا مسهبًا لفكر جماعات الإسلام السياسي، التي يصطلح عليها بالإسلاموية وهو نقد لا ينفك عن نقده لـ العقل العربي و الدولة العربية عمومًا.

يرى الحمد أن هذه الجماعات قدمت قراءة ضيقة ومشوهة للإسلام وحوَّلته لمجرد أيديولوجيا لتحقيق مآربها في الوصول إلى السلطة، وحتى حينما تصل للسلطة فإن قراءتها الضيقة تصطدم بالواقع، فتفشل في تحقيق وعود العدالة ودولة الرفاه، ثم لا تلبث أن تتحول إلى دولة شمولية يحلم فيها الناس بالعودة إلى النظام البائد على علاته.
.
في هذه القراءة يتم تغييب غايات الشريعة ومقاصدها عبر عزل النص المقدس عن الواقع. والحال أن غايات الشريعة في المعاملات، كما تدل تجربة النبي وخلفائه، هي (جلب المصلحة، ودَرْء المفسدة)، وهما من الأمور النسبية والمتغيرة في الزمان والمكان، لذا فإن أهمية النص المقدس  تتجلى في كونه إطارًا مرجعيًّا تستلهم الأحكام ورحه وغايته. ويؤصِّل الحمد رؤيته تلك بالتطبيق على "عهد الخلفاء الراشدين"، باعتباره حقبة مرجعية لدى المسلمين، حيث اجتهد منفردًا كل خليفة في ممارسته للحكم، ولكن دون التفريط في غايات الشريعة ومقاصدها.

وتأسيسًا على تلك الرؤية يواصل الحمد نقده المفتوح للإسلاموية، وهو نقد مسهب ومكرور ويفتقر إلى نسق مترابط. فالإسلاموية علاوة على قراءتها المبتسرة تمارس احتكارًا معرفيًّا لتفسير وفهم الإسلام ، ومن ثم تفرض قدسية لتفسيرها باعتباره امتدادًا للنص المقدس. ومن حيث تنشأ العقلية الإحتكارية لفهم الإسلام تولِّد الإسلاموية سلوكها العنفي تجاه الآخر المختلف.

ويبدو أن #القدسية تحتل مركزية هامة في الفكر الإسلاموي، ليس على مستوى التفسير فحسب، بل فيما تنتجه من نستولوجيا حادة (الحنين للماضي) لعهد النبوة و الخلافة الراشدة، ومحاولة فرضه عنوة في غير زمانه، ليخلف وراءه ما يخلف.

لا يقدم الحمد جديدًا على مستوى الأفكار بقدر ما يثير ملاحظات فكرية وسياسية لقضايا لم يحسم المجتمع التعامل معها رغم العديد من تجاربه القاسية.

قد تتفق أو تختلف مع أفكار الحمد، ولكنك لن تنكر أنه عقل حر وجريء في "بيئة حرجة"، وهو ما يدعوك لقراءة نتاجه بين الفينة والأخرى.