Salma's Reviews > ثلاث حكايات وملاحظة تأملية
ثلاث حكايات وملاحظة تأملية
by
by

ما هو العمق؟
في كتاب فن الإغواء لروبرت غرين و الذي ما زلت عالقة في قراءته منذ شهور هناك فصل كامل لكيف تصير مغويا و تصل لأغراضك عبر بث الروحانية، و كيف تغلف هراءك بتلك اللمسة "العميقة" بحيث تجعلك جذابا و مغويا... لذلك معظم الأحيان فإن ما يلمع في طريقك هو طرف حاوية النفايات تحت الشمس... و ليس ذهبا...0
باتريك زوسكيند في مجموعته القصصية هذه قد كتب ثلاث حكايات قصيرة و ملاحظة تأملية تشاغب على معنى العمق و ذلك الكلام الكبير و الفخم زيادة عن اللزوم و يلي غالبا ما بتعرف شو بدو، لدى كثير مما تجتره وسائل الإعلام و تيارات الثقافة السائدة...0
القصة الأولى "بحثا عن العمق": من أجمل القصص القصيرة التي قرأتها... و كأن زوسكيند يبصق على هراء النقاد الثقافي... الرسامة التي انتقد أعمالها أحد النقاد بأنها أعمال جميلة و لكنها خالية من العمق، ابتدأت رحلة بحث لامجدية عن ذاك العمق الذي يبدو أن الجميع يعرف ما هو إلاها... هذا ما يحصل حين تصدق بسذاجة تلك الحذلقات الثقافية، بدل أن تتعلم كيف تمارسها على الآخرين أنت أيضا...0
القصة الثانية "الصراع": عن لاعب شطرنج متمرس... و كيف تـُفسَد البساطة و الوضوح في العقل المحشو بالمؤامرات و التكتيكات، و يحول الوهم اللاشيء إلى شيء مهول...0
القصة الثالثة "وصية المعلم موسارد": محاولة لكشف سر الكون، من خلال صائغ في القرن السابع عشر، و اكتشافه للحجر الصدفي الذي يغطي الكوكب... لا بأس بالقصة، الفكرة لطيفة و لكن النهاية عادية...0
أما الملاحظة التأملية "فقدان الذاكرة الأدبية": فهي متعة خالصة... هذا ما ينبغي أن تكون عليه الكتابة... حين يسألك أحد ما هو الكتاب الذي أثر بك و هزك من الأعماق... حسنا هذا سؤال صعب... تكاد تقول لمن يسألك و ما أدراني؟ فأنا كل مرة شخص مختلف، و بالكاد أتذكر كيف كنتُ قبل شهور... و لكن هل تستطيع أن تجيب كهذا الجواب... ينبغي أن تعد جوابا طويلا و مثقفا و مليئا بالمشاعر الجياشة عن ذاك الكتاب الذي أثر بك من الأعماق، و الذي لم تعد تذكر ما فيه أو ما الذي أعجبك فيه حتى... لطالما استغربت كتابة المشاعر و الحنين في الذكريات... هناك أناس تبقى على شعور واحد، تبث مشاعرها و لوعتها و لا أدري كيف... هل هم حقا كذلك أو يمثلون أنهم كذلك... الله أعلم... على كل للأمانة اكتشفت أن الرعب من المشاعر التي لا تنسى بسهولة و يمكن كتابته و كأنه يحدث لتوه... ربما لأن الكوابيس تعززه و تذكرك به دائما، و ربما لأنه عالم مرعب لا يفتأ يذكرك بنفسه... بينما المشاعر الأخرى سريعة التلاشي بمجرد استهلاكها، مثل الكحول يتلاشى في الهواء بمجرد استخدامه... بأية حال هذا ليس موضوعنا... موضوعنا عن السؤال الصعب عن الكتاب الذي هزك من العمق و أثر على مسيرتك... زوسكيند بأسلوبه العفوي الظريف أجاب بملاحظته التأملية هذه معترفا بذاك النسيان الذي يطرأ على القارئ و يأتي على كل ما قرأه من مجلدات...0
لا أحد يكتب مثل زوسكيند... العمق و العفوية و الامتعاض المحبب... 0
و لكن أحقا لا أحد يكتب مثله؟
من قال لا أحد يكتب مثله... لا أدري... فأنا التي كتبت هذه الجملة هنا و أنا اعترض عليها... لأني على ما أذكر أن أجمل _حسنا أعترف إن استخدامي لصيغة التفضيل في أي جملة ليس صحيح تماما ففي كل مرة أستخدمها في شيء أسأل نفسي عن مدى مصداقيتي فيها، و دماغي يلح علي أنه ربما علي توضيح أنها لا تعني نفسها حقيقة بالشكل المطلق، لأني في كل سياق جديد أعاود استخدامها و أنسى ما قلته سابقا و كأني أستخدمها لأول مرة... أتساءل حقا إن كان هناك شيء يمكن أن تنطبق عليه هذه الصيغة التفضيلية بشكلها المطلق و الدائم، كأن يكون الأجمل على الدوام أو الأبغض على الإطلاق أو الأفضل في كل ما حصل أو الألذ من بين كل اللذائذ_، على كل كنت أقول إن أجمل كلمة قيلت فيما أكتب و قررت تصديقها لأنها أعجبتني أني أكتب بطريقة تذكر بزوسكيند و كيليطو... 0
و لكن هل تشبيهي هذا هو أمر جميل فعلا أو أنه مسبب آخر لرفع الضغط؟ لماذا دائما الآخرون يسبقونا و نـُشبّه بهم، لماذا لا أحد يشبهنا نحن الذين لا أدري من... هذا أمر لا يعجبني... هذه الأرض ليس فيها موطئ للقدم إلا و قد عبر عليه أحد قبلا، و ليس في القاموس كلمة إلا و قد نُطقت مسبقا أو كتبت في مكان ما... و كل فكرة تطرأ عليك قد لاكها دماغ قبل دماغك... و كل قبضة هواء تستنشقها كان قد زفرها صدر آخر... حتى تقاسيم وجهك حملها أحد عاش قبلك حتى بليت عليه... يا للملل! هذه ضريبة أننا أناس "آخر زمن"... 0
لذلك رجاء إن شاهد أحد زوسكيند أو كيليطو أن يسلم عليهما و يرفع ضغطهما و يقول لهما أنهما يكتبان مثل سلمى أيضا... لماذا فقط ضغطي الذي ينبغي أن يرتفع دائما و أكتشف أني أشبه الآخرين...0
طيب ربما يعني يمكن التخفيف من حدة الجملة السابقة لأني لست شريرة كثيرا، فقط قليلا، و أقول كلنا نكتب مثل بعضنا البعض... زوسكيند و كيليطو و السلماوية...0
تشرين الأول 2014
----
الكلام السابق
توقيت خاطئ لقراءة زوسكيند... في العادة أحب أسلوب زوسكيند كثيرا و أجده يعبر عني و كأني أنا من يكتب... و الكتاب صغير الحجم جدا و يقرأ في ساعة واحدة
و لكن يبدو أني حاليا لست أنا، و بالتالي لا أشعر بمشاكسته و ظرافته و عمقه، مع أني أراها رأي العين
لذلك سأتوقف و أؤجله حتى تعود أنا
و من غير اللائق جدا و كثيرا و من المعيب كثيرا و جدا أن يقرأ المرء لزوسكيند و أناه غائبة و كأنه يقرأ من خلف الزجاج
في كتاب فن الإغواء لروبرت غرين و الذي ما زلت عالقة في قراءته منذ شهور هناك فصل كامل لكيف تصير مغويا و تصل لأغراضك عبر بث الروحانية، و كيف تغلف هراءك بتلك اللمسة "العميقة" بحيث تجعلك جذابا و مغويا... لذلك معظم الأحيان فإن ما يلمع في طريقك هو طرف حاوية النفايات تحت الشمس... و ليس ذهبا...0
باتريك زوسكيند في مجموعته القصصية هذه قد كتب ثلاث حكايات قصيرة و ملاحظة تأملية تشاغب على معنى العمق و ذلك الكلام الكبير و الفخم زيادة عن اللزوم و يلي غالبا ما بتعرف شو بدو، لدى كثير مما تجتره وسائل الإعلام و تيارات الثقافة السائدة...0
القصة الأولى "بحثا عن العمق": من أجمل القصص القصيرة التي قرأتها... و كأن زوسكيند يبصق على هراء النقاد الثقافي... الرسامة التي انتقد أعمالها أحد النقاد بأنها أعمال جميلة و لكنها خالية من العمق، ابتدأت رحلة بحث لامجدية عن ذاك العمق الذي يبدو أن الجميع يعرف ما هو إلاها... هذا ما يحصل حين تصدق بسذاجة تلك الحذلقات الثقافية، بدل أن تتعلم كيف تمارسها على الآخرين أنت أيضا...0
القصة الثانية "الصراع": عن لاعب شطرنج متمرس... و كيف تـُفسَد البساطة و الوضوح في العقل المحشو بالمؤامرات و التكتيكات، و يحول الوهم اللاشيء إلى شيء مهول...0
القصة الثالثة "وصية المعلم موسارد": محاولة لكشف سر الكون، من خلال صائغ في القرن السابع عشر، و اكتشافه للحجر الصدفي الذي يغطي الكوكب... لا بأس بالقصة، الفكرة لطيفة و لكن النهاية عادية...0
أما الملاحظة التأملية "فقدان الذاكرة الأدبية": فهي متعة خالصة... هذا ما ينبغي أن تكون عليه الكتابة... حين يسألك أحد ما هو الكتاب الذي أثر بك و هزك من الأعماق... حسنا هذا سؤال صعب... تكاد تقول لمن يسألك و ما أدراني؟ فأنا كل مرة شخص مختلف، و بالكاد أتذكر كيف كنتُ قبل شهور... و لكن هل تستطيع أن تجيب كهذا الجواب... ينبغي أن تعد جوابا طويلا و مثقفا و مليئا بالمشاعر الجياشة عن ذاك الكتاب الذي أثر بك من الأعماق، و الذي لم تعد تذكر ما فيه أو ما الذي أعجبك فيه حتى... لطالما استغربت كتابة المشاعر و الحنين في الذكريات... هناك أناس تبقى على شعور واحد، تبث مشاعرها و لوعتها و لا أدري كيف... هل هم حقا كذلك أو يمثلون أنهم كذلك... الله أعلم... على كل للأمانة اكتشفت أن الرعب من المشاعر التي لا تنسى بسهولة و يمكن كتابته و كأنه يحدث لتوه... ربما لأن الكوابيس تعززه و تذكرك به دائما، و ربما لأنه عالم مرعب لا يفتأ يذكرك بنفسه... بينما المشاعر الأخرى سريعة التلاشي بمجرد استهلاكها، مثل الكحول يتلاشى في الهواء بمجرد استخدامه... بأية حال هذا ليس موضوعنا... موضوعنا عن السؤال الصعب عن الكتاب الذي هزك من العمق و أثر على مسيرتك... زوسكيند بأسلوبه العفوي الظريف أجاب بملاحظته التأملية هذه معترفا بذاك النسيان الذي يطرأ على القارئ و يأتي على كل ما قرأه من مجلدات...0
لا أحد يكتب مثل زوسكيند... العمق و العفوية و الامتعاض المحبب... 0
و لكن أحقا لا أحد يكتب مثله؟
من قال لا أحد يكتب مثله... لا أدري... فأنا التي كتبت هذه الجملة هنا و أنا اعترض عليها... لأني على ما أذكر أن أجمل _حسنا أعترف إن استخدامي لصيغة التفضيل في أي جملة ليس صحيح تماما ففي كل مرة أستخدمها في شيء أسأل نفسي عن مدى مصداقيتي فيها، و دماغي يلح علي أنه ربما علي توضيح أنها لا تعني نفسها حقيقة بالشكل المطلق، لأني في كل سياق جديد أعاود استخدامها و أنسى ما قلته سابقا و كأني أستخدمها لأول مرة... أتساءل حقا إن كان هناك شيء يمكن أن تنطبق عليه هذه الصيغة التفضيلية بشكلها المطلق و الدائم، كأن يكون الأجمل على الدوام أو الأبغض على الإطلاق أو الأفضل في كل ما حصل أو الألذ من بين كل اللذائذ_، على كل كنت أقول إن أجمل كلمة قيلت فيما أكتب و قررت تصديقها لأنها أعجبتني أني أكتب بطريقة تذكر بزوسكيند و كيليطو... 0
و لكن هل تشبيهي هذا هو أمر جميل فعلا أو أنه مسبب آخر لرفع الضغط؟ لماذا دائما الآخرون يسبقونا و نـُشبّه بهم، لماذا لا أحد يشبهنا نحن الذين لا أدري من... هذا أمر لا يعجبني... هذه الأرض ليس فيها موطئ للقدم إلا و قد عبر عليه أحد قبلا، و ليس في القاموس كلمة إلا و قد نُطقت مسبقا أو كتبت في مكان ما... و كل فكرة تطرأ عليك قد لاكها دماغ قبل دماغك... و كل قبضة هواء تستنشقها كان قد زفرها صدر آخر... حتى تقاسيم وجهك حملها أحد عاش قبلك حتى بليت عليه... يا للملل! هذه ضريبة أننا أناس "آخر زمن"... 0
لذلك رجاء إن شاهد أحد زوسكيند أو كيليطو أن يسلم عليهما و يرفع ضغطهما و يقول لهما أنهما يكتبان مثل سلمى أيضا... لماذا فقط ضغطي الذي ينبغي أن يرتفع دائما و أكتشف أني أشبه الآخرين...0
طيب ربما يعني يمكن التخفيف من حدة الجملة السابقة لأني لست شريرة كثيرا، فقط قليلا، و أقول كلنا نكتب مثل بعضنا البعض... زوسكيند و كيليطو و السلماوية...0
تشرين الأول 2014
----
الكلام السابق
توقيت خاطئ لقراءة زوسكيند... في العادة أحب أسلوب زوسكيند كثيرا و أجده يعبر عني و كأني أنا من يكتب... و الكتاب صغير الحجم جدا و يقرأ في ساعة واحدة
و لكن يبدو أني حاليا لست أنا، و بالتالي لا أشعر بمشاكسته و ظرافته و عمقه، مع أني أراها رأي العين
لذلك سأتوقف و أؤجله حتى تعود أنا
و من غير اللائق جدا و كثيرا و من المعيب كثيرا و جدا أن يقرأ المرء لزوسكيند و أناه غائبة و كأنه يقرأ من خلف الزجاج
Sign into ŷ to see if any of your friends have read
ثلاث حكايات وملاحظة تأملية.
Sign In »
Reading Progress
December 5, 2011
– Shelved
March 3, 2012
–
Started Reading
Finished Reading
Comments Showing 1-11 of 11 (11 new)
date
newest »

message 1:
by
Eman
(new)
-
rated it 4 stars
Dec 05, 2011 10:43AM

reply
|
flag

وهذه العبارة بحد ذاتها عميقة عميقة
فقدان الذاكرة الأدبية كانت من اروع ما قرأت فعلاً
خاصة لمن يؤرقه ويفكر دائماً بذاكرته القرائية

على كل من زمان توقفت عن التفكير بتذكر ما أقرأ
و ما عدت أكترث للموضوع
طالما أن ما أقرؤه يؤثر على دماغي بطريقة ما و يبني شيئا ما فيه
