ŷ������

لأول مرة يستغرق مني كتابة مراجعة هذا الوقت كله. اتأخر عادة في إحدى حالتين: أن يكون الكتاب جميلًا جدًا أو أن يكون تافه جدًا. تنتمي هذه الرواية إلى النوع الأول. قررت أخيرًا أن أشرع في كتابة المراجعة وأدون ما يجول في الخاطر دون المزيد من التأجيل.



لأول مرة ألتقي بالروائي محمد حسن علوان، تحاشيته كثيراً في (سقف الكفاية) لكنه باغتني في (موت صغير). جاءني على شكل إهداء بديع لذلك وافقت أن أعطيه فرصة. كانت حقًا فرصة سعيدة. يمتلك علوان قلمًا محترفًا لا يُسهب ولا يوجز، يسيطر على مجريات الأحداث وسياق الرواية فلم يفلت منه الزمام البتة. أعجبتني لغته غير المتكلفة ووصفه للأماكن والعواطف خصوصًا. مزجت الرواية التاريخ بالسيرة الذاتية فخرجت بقصة جميلة تتبع فيها حياة الشخصية الرئيسية مع مراحل مختلفة من التاريخ الإسلامي مثل حُكم الطوائف في الأندلس واجتياح بغداد واستعادة القدس ثم سقوطها...إلخ. أضف إلى ذلك الرحلات المستمرة ما بين الأندلس والمغرب ومصر والشام. رواية ممتعة ولا شك.


هي المرة الأولى التي أقابل فيها ابن عربي. وجدته شخصية مثيرة للاهتمام. أفكاره وأسفاره ومغامراته صنعت حياة شيقة تحسده عليها. شخصيته المتعددة الجوانب كانت ملموسة بصورة حسّية في النص: طموحه، أخطاؤه، ندمه، ضعفه أمام المغريات أو التهديدات، بحثه عن الله، لا شك أنك ستتفق معه كثيرًا وستختلف معه أيضاً، غير أنك لن تنكر بأن ابن عربي –ف�� النص على الأقل- إنسان حقيقي لا بطلًا ملحميًا و لا أسطورة دينية. لن تقرأ عن الصبي الذي حفظ القرآن وهو في السابعة وتتلمذ على يد الشيخ الفلاني حتى شب عن الطوق وما إلى ذلك بل ستقرأ عن الشاب الذي عشق وعاقر الخمر وأدمن الفلسفة وقرأ في سائر العلوم. بالرغم من أن حياة ابن عربي ثرية للغاية، إلا أنني وجدت الكتاب طال نوعاً ما عن الحد المفترض. لا أقول مللت ولكن أفترض بأن بعض الفصول كان بالإمكان الاستغناء عنه. هي سيرة ذاتية على كل حال ومن حق الكتاب أن يسلط الضوء على كافة فصول حياة شخصيته بشكل متساوٍ دون حرج.


هي أول مرة أقرأ فيها رواية تطرح الرؤية الصوفي كفكرة رئيسية. هذا بعد أن فشلت (قواعد العشق الأربعون) بإيقاعي في شباكها وإن بدوت الوحيد الذي لم يقرأها في الكون وتعودت أن تتمعر وجوه القراء عندما يكتشفون أنني لم أنل هذا الشرف وأسقط من نظرهم كلص سرق في موسم الحج. تتكرر في الرواية مصطلحات صوفية مثل الأوتاد، الكشف والخلوة في سياق القصة دون إفراد صفحات للخوض فيها. هو جانب إيجابي بحيث أن البعض قد يجد غضاضة إذا رأى أن النص يفصّل مذهبًا أو (إيديولوجية) لصفحات وصفحات، إلا أنني وجدت أن الكتاب مُقصر فيها. فالمصطلحات أعلاه ظلت عندي ضبابية وانتهيت من القصة ولم أجد إجابة لبعض الأسئلة التي لن أذكرها هنا حتى لا أفسد بعض الأحداث. بالنسبة لي أتوقع أن أقرأ الكثير من معتقدات الشخص عندما أقرأ سيرته –حت�� وإن كانت روائية أو سينمائية. هنا وهناك بعض الحوارات البسيطة التي تكشف آراء ابن عربي لكن الكتاب انتهى وليس لدي فكرة واضحة –مثلً��- عن أهم نظرياته التي أضافها إلى علوم المتصوفة.


لأول مرة أجد صعوبة في كتابة خاتمة لمراجعة. هل هناك مشكلة في ترك المراجعة بدون خاتمة؟ لا أعتقد ذلك.