د.سيد (نصر برشومي)'s Reviews > أفراح القبة
أفراح القبة
by
by

في عامه السبعين يكتب نجيب محفوظ
أفراح القبة
في مطلع الثمانينيات وقت الكتابة
عن الإنسانية الغارقة في مستنقعها كان صاحب الرؤية الإنسانية التي تتأمل قصة العالم
يكتب قبل الحصول على الجائزة العالمية
عن مسرح الحياة كانت تيمة الرواية
عن تحية لحظات الحياة
التي تعيشها الشخصيات
ثم تحكي عنها بعد نهايتها كانت الدراما
تحية رمز الحياة
وهكذاالمرأة عند محفوظ
وهكذا كل حرف في إبداعه
عن أفراح زواج ملكي لم يدم ولم تدم الملكية كانت إحالة العنوان
القبة
التي عاش تحتها
عالية وعريضة وحافلة بالأخبار والأسرار
القبة التي تحيط بنا كثيرة الأبواب والنوافذ والأسوار
القبة بحجم الكون مضاءة بالنجوم والقناديل والثريات والشموع والمصابيح والأحلام والدموع
القبة بحجم قلب وحيد
يستعيد في وحدته الشريط
عرض كل يوم
الأحداث التي تنام بعد أن ينفض المولد
الناس التي عاشت تحلم بعالم لم يتحقق لها
الكاتب الذي يراقبهم
يحاول نجيب ان يكتب قصة القصة
ماوراء العرض
الميتادراما
العالم الذي نراه بخطاباته المنمقة، يضعه محفوظ في غسالة الصحون
أوشكت الأضواء على الانطفاء أيها الأديب
الموهبة الكبيرة تجادل نفسها
بين انهمار التدفق
ودقات النحت
لتسكن الدلالات قلب الحروف والكلمات والفراغات
دلالات يستهلكها المقال
وفي الآفاق دلالات تنتظر القال
وفي دهاليز الوعي منفى لما لا يقال
في المساحة السوداء تكثر الأحلام
تتكاثر الأشباح
كئيبة هي الأجواء
كنا في حاجة لبصيص من الأضواء لنحتمل رباعيته القاسية
رباعية يرويها طارق وكرم وحليمة وعباس
يحكي كل منهم من منظوره حكاية المسرحية التي كتبها عباس عنهم
فإذا هم على المسرح يشاهدون أنفسهم
يشاهدون ما فعلوه أو ما تمنوه
يا لها من لحظة مرعبة
ان يروا سرائرهم بلا أغلفة
تقول رضا
لم أعهدك تبالغ في الكآبة يا برشومي
الرجل ينثر بعض النجوم تحت سماء القبة
الرواية لا تخلو من أمل
عباس نجح
عباس كتب قصة القصة في مسرحية أفراح القبة
العرض نجح ومنح طارق البطولة
لقد وجد نفسه
لقد تفتحت أعينهم على بعض حقيقتهم
عباس لم ينتحر
المؤلف مازال يتنفس ويحلم، المسرحية انكشفت أمام الممثلين، صناديقهم السوداء انفتحت
صدقوا الحقيقة والواقع والوهم والحلم والخيال والصور المتحركة من رغبة ذات تحقق نفسها بينهم
إنهم في غفلة وقلة حيلة وعطش لتصدبق أمنياتهم العمياء
يكفي عباس أنه جعلهم يرون ما رآه وهو طفل تختزن حواسه كلامهم وأفعالهم وصورهم
حذار من ذاك الطفل الذي يسير بجانبك هو الذي سيكتب تاريخك
يكفي محفوظ أنه يعالج علاقة الفن بالحياة، ويبحث في أعماق الناس عن الزيف والصدق في تصوراتهم.
أقول لرضا
كان سوداويا، لم يخلص لاتجاه، روح المأساة، نهاية الملهاة، مرجعية اللامعقول، نسق البوليفينية الرباعي المحدد قصرا دون سبب دلالي، أجواء الرؤيا والجحبم، التمسك بأهداب الواقعية مع حل النسيج المحلي بالانزلاق في تجريد ينقل التجربة لأي فضاء ثقافي آخر
تقول رضا قرأت الرواية لكن المسلسل ترك أثرا في نفسي فوجدتني أكتب شعرا في شخصية عباس تحديدا
في مسرح الدنيا يطوف وحيدا
يقظ الفؤاد وإن راوه شريدا
في نفسه انطبعت ملامح بيته
بجلاء يكشف ما خفوه بعيدا
أزح الستار وخذ شخوصك منهمو
عباس أهلا هل كتبت جديدا
الحرف يسطر والسطور ستائر
وخيال ظلك ما يزال مديدا
تنزع قناعا أم قناعك يرتدي
حين اتخذك لدوره ترديدا
ستكون رمزا للمؤلف هاهنا
سيكون شخصك للنجيب مريدا
مل الملقن من حصار خياله
فروى حكايا ملت التقييدا
رسمت مرايا لم تضل وجوههم
خلف الستار ترى الوجوه عبيدا
تمنيت ألا تتوقف رضا
ورأيت عباس وحده، طفلا في الدهالبز والكواليس، شابا في الكمبوشة، مكبوتا في الدار التي حولها أبوه إلي ماخور يبكي المثل المهدرة
رأيت عباس يبحث عن أم أخرى في تحية، رأيت عباس يكتب آلاف الصفحات، تحتشد في رأسه الوقائع والمتخيلات، ثم يختصرها في أفراح القبة لكي يزيحه محفوظ ويكتب اسمه على غلاف روايته
رأيت عباس يتحدث في ندوة عن الرواية بوصفها دراما العصر، وعن شخصياته الأربع التي لا يعرف أصحابها، ويقول إن تفسيرها يخص القراء ولا يخصه، وأن المسلسل رؤية المخرج وليس رؤيته
سمعت السيناريست يقول لا تضعوا اسمي على المسلسل عباس كرم يونس هو المؤلف
رأيت عباس يتركهم ويمضي
رأيت سرحان الهلالي ينظر إليه بحياد
رأيت طارق رمضان ينظر إليه في ضجر
رأيت حليمة الكبش تنظر إليه بمحبة
رأيت كرم يونس ينظر إليه بفخر فقد حقق الملقن أمله الضائع وأصبح مؤلفا
سمعتهم يتحدثون عن الطريق والمشوار
وانعكاس الحياة في الأوراق والأدوار
واتسع المسرح بهم ليضم المقلة التي يبيع فيها كرم وحليمة تسالي الساهرين
والسيارات التي تنتظر العائدين
والمصابيح التي تسامر صمت الليل
ونهاية المسلسل حين ظهر الممثلون لتحية الجمهور دون ستار
الجمهور الذي رأى نفسه في العرض دون حائط أرسطي ودون إيهام بريشتي
الجمهور الذي منه تحية وعباس وطارق وكرم وحليمة وسرحان
الجمهور الذي يعيش تحت القبة
الذي يكتب حياته بخطواته الثابتة والحائرة
فيتابعها طفل نهم الحواس
متوقد الطاقة
انتقل من الجمالية لحي العجوزة على النيل
طفل كان في السبعين
ينتظر صوتا مسرحيا يعلن فوزه بالجائزة العالمية
سينضم إليهم تحت القبة
وتخصه الفرقة الموسيقية بنغمة خاصة
فيها اوركسترا أهل الأدب
وفيها سولات منفردة متدفقة بالشجن والمودة
وسيكون ملقنا يحاكيه المقلدون
وسيلتقط صوته مخلصون للكلمة والمعنى
وستذهب إلى صفحات خمائل سرده أقلام تتاجر بالبحث والنقد
ومشاعر هادرة في نفوس وثابة
ويظل العرض دراما عاكسة لصورنا السجينة في فيلم قديم
معلق في غرفة الطباعة المظلمة
أفراح القبة
في مطلع الثمانينيات وقت الكتابة
عن الإنسانية الغارقة في مستنقعها كان صاحب الرؤية الإنسانية التي تتأمل قصة العالم
يكتب قبل الحصول على الجائزة العالمية
عن مسرح الحياة كانت تيمة الرواية
عن تحية لحظات الحياة
التي تعيشها الشخصيات
ثم تحكي عنها بعد نهايتها كانت الدراما
تحية رمز الحياة
وهكذاالمرأة عند محفوظ
وهكذا كل حرف في إبداعه
عن أفراح زواج ملكي لم يدم ولم تدم الملكية كانت إحالة العنوان
القبة
التي عاش تحتها
عالية وعريضة وحافلة بالأخبار والأسرار
القبة التي تحيط بنا كثيرة الأبواب والنوافذ والأسوار
القبة بحجم الكون مضاءة بالنجوم والقناديل والثريات والشموع والمصابيح والأحلام والدموع
القبة بحجم قلب وحيد
يستعيد في وحدته الشريط
عرض كل يوم
الأحداث التي تنام بعد أن ينفض المولد
الناس التي عاشت تحلم بعالم لم يتحقق لها
الكاتب الذي يراقبهم
يحاول نجيب ان يكتب قصة القصة
ماوراء العرض
الميتادراما
العالم الذي نراه بخطاباته المنمقة، يضعه محفوظ في غسالة الصحون
أوشكت الأضواء على الانطفاء أيها الأديب
الموهبة الكبيرة تجادل نفسها
بين انهمار التدفق
ودقات النحت
لتسكن الدلالات قلب الحروف والكلمات والفراغات
دلالات يستهلكها المقال
وفي الآفاق دلالات تنتظر القال
وفي دهاليز الوعي منفى لما لا يقال
في المساحة السوداء تكثر الأحلام
تتكاثر الأشباح
كئيبة هي الأجواء
كنا في حاجة لبصيص من الأضواء لنحتمل رباعيته القاسية
رباعية يرويها طارق وكرم وحليمة وعباس
يحكي كل منهم من منظوره حكاية المسرحية التي كتبها عباس عنهم
فإذا هم على المسرح يشاهدون أنفسهم
يشاهدون ما فعلوه أو ما تمنوه
يا لها من لحظة مرعبة
ان يروا سرائرهم بلا أغلفة
تقول رضا
لم أعهدك تبالغ في الكآبة يا برشومي
الرجل ينثر بعض النجوم تحت سماء القبة
الرواية لا تخلو من أمل
عباس نجح
عباس كتب قصة القصة في مسرحية أفراح القبة
العرض نجح ومنح طارق البطولة
لقد وجد نفسه
لقد تفتحت أعينهم على بعض حقيقتهم
عباس لم ينتحر
المؤلف مازال يتنفس ويحلم، المسرحية انكشفت أمام الممثلين، صناديقهم السوداء انفتحت
صدقوا الحقيقة والواقع والوهم والحلم والخيال والصور المتحركة من رغبة ذات تحقق نفسها بينهم
إنهم في غفلة وقلة حيلة وعطش لتصدبق أمنياتهم العمياء
يكفي عباس أنه جعلهم يرون ما رآه وهو طفل تختزن حواسه كلامهم وأفعالهم وصورهم
حذار من ذاك الطفل الذي يسير بجانبك هو الذي سيكتب تاريخك
يكفي محفوظ أنه يعالج علاقة الفن بالحياة، ويبحث في أعماق الناس عن الزيف والصدق في تصوراتهم.
أقول لرضا
كان سوداويا، لم يخلص لاتجاه، روح المأساة، نهاية الملهاة، مرجعية اللامعقول، نسق البوليفينية الرباعي المحدد قصرا دون سبب دلالي، أجواء الرؤيا والجحبم، التمسك بأهداب الواقعية مع حل النسيج المحلي بالانزلاق في تجريد ينقل التجربة لأي فضاء ثقافي آخر
تقول رضا قرأت الرواية لكن المسلسل ترك أثرا في نفسي فوجدتني أكتب شعرا في شخصية عباس تحديدا
في مسرح الدنيا يطوف وحيدا
يقظ الفؤاد وإن راوه شريدا
في نفسه انطبعت ملامح بيته
بجلاء يكشف ما خفوه بعيدا
أزح الستار وخذ شخوصك منهمو
عباس أهلا هل كتبت جديدا
الحرف يسطر والسطور ستائر
وخيال ظلك ما يزال مديدا
تنزع قناعا أم قناعك يرتدي
حين اتخذك لدوره ترديدا
ستكون رمزا للمؤلف هاهنا
سيكون شخصك للنجيب مريدا
مل الملقن من حصار خياله
فروى حكايا ملت التقييدا
رسمت مرايا لم تضل وجوههم
خلف الستار ترى الوجوه عبيدا
تمنيت ألا تتوقف رضا
ورأيت عباس وحده، طفلا في الدهالبز والكواليس، شابا في الكمبوشة، مكبوتا في الدار التي حولها أبوه إلي ماخور يبكي المثل المهدرة
رأيت عباس يبحث عن أم أخرى في تحية، رأيت عباس يكتب آلاف الصفحات، تحتشد في رأسه الوقائع والمتخيلات، ثم يختصرها في أفراح القبة لكي يزيحه محفوظ ويكتب اسمه على غلاف روايته
رأيت عباس يتحدث في ندوة عن الرواية بوصفها دراما العصر، وعن شخصياته الأربع التي لا يعرف أصحابها، ويقول إن تفسيرها يخص القراء ولا يخصه، وأن المسلسل رؤية المخرج وليس رؤيته
سمعت السيناريست يقول لا تضعوا اسمي على المسلسل عباس كرم يونس هو المؤلف
رأيت عباس يتركهم ويمضي
رأيت سرحان الهلالي ينظر إليه بحياد
رأيت طارق رمضان ينظر إليه في ضجر
رأيت حليمة الكبش تنظر إليه بمحبة
رأيت كرم يونس ينظر إليه بفخر فقد حقق الملقن أمله الضائع وأصبح مؤلفا
سمعتهم يتحدثون عن الطريق والمشوار
وانعكاس الحياة في الأوراق والأدوار
واتسع المسرح بهم ليضم المقلة التي يبيع فيها كرم وحليمة تسالي الساهرين
والسيارات التي تنتظر العائدين
والمصابيح التي تسامر صمت الليل
ونهاية المسلسل حين ظهر الممثلون لتحية الجمهور دون ستار
الجمهور الذي رأى نفسه في العرض دون حائط أرسطي ودون إيهام بريشتي
الجمهور الذي منه تحية وعباس وطارق وكرم وحليمة وسرحان
الجمهور الذي يعيش تحت القبة
الذي يكتب حياته بخطواته الثابتة والحائرة
فيتابعها طفل نهم الحواس
متوقد الطاقة
انتقل من الجمالية لحي العجوزة على النيل
طفل كان في السبعين
ينتظر صوتا مسرحيا يعلن فوزه بالجائزة العالمية
سينضم إليهم تحت القبة
وتخصه الفرقة الموسيقية بنغمة خاصة
فيها اوركسترا أهل الأدب
وفيها سولات منفردة متدفقة بالشجن والمودة
وسيكون ملقنا يحاكيه المقلدون
وسيلتقط صوته مخلصون للكلمة والمعنى
وستذهب إلى صفحات خمائل سرده أقلام تتاجر بالبحث والنقد
ومشاعر هادرة في نفوس وثابة
ويظل العرض دراما عاكسة لصورنا السجينة في فيلم قديم
معلق في غرفة الطباعة المظلمة
Sign into ŷ to see if any of your friends have read
أفراح القبة.
Sign In »
Reading Progress
June 17, 2019
–
Started Reading
June 18, 2019
–
Finished Reading
July 1, 2019
– Shelved
Comments Showing 1-12 of 12 (12 new)
date
newest »


شكرا أستاذ نصر شكرا جزيلا

في غاية الامتنان لذوقك وكرم تعبيرك أستاذ عثمان
كم تختزل و تحلل هذه جملة كثير من اوضاع وومواقف و شعوب حتى.
جعلتني اتذكر موقف احد شخصيات تونسية سياسية.
و تمنيت الا تتوقف يا رضا. شعر جميل.
دمت متميزا و متفردا استاذ نصر