ŷ������

هل تدري ما تفعله في نفسك حين تملك كل المهارات التي يجب عليك امتلاكها، وتتاح لك الفرصة التي تنتظرها أو ينتظرها غيرك لكنك في النهاية تُضيع كل ذلك دون فائدة؟ هذا ما فعلته "جوخه الحارثي" كاتبة هذه الرواية، رواية كان لها أن تكون أحد الأعمال الرائعة التي لن يمكننا تجاوزها بسهولة لكن الكاتبة فضلت أن تكون القصة مبتورة دون استغلال حقيقي لتلك المهارة المُبهرة في السرد، دون أن تكون هُناك الأساس الوحيد الذي تقوم عليه الرواية؛ الحبكة.


أنا يُمكنني تفهم وجود رواية دون نهاية، أو بنهاية مفتوحة، أو حتى عدة نهايات، بل يمكنني حتى تحمل نهاية سخيفة ساذجة واضحة ومتوقعة، يُمكنني تحمّل كل تلك الأشياء لكن لا يُمكنني تحمّل رواية دون حبكة، دون صراعات، دون أحداث ونزاعات، الرواية كانت تملك القصة الجذابة والمناسبة، الشخصيات مرسومة جيدًا وبدقة بشكل جعلني أتحمس أكثر لرؤية تطورها، اللغة قوية دون الكثير من الفذلكة، البيئة التي رُسمت فيها الأحداث مختلفة ومثيرة للقارئ العربي، كانت الرواية تملك كافة الأشياء التي تجعلها قادرة على الاستمرار في السرد دون توقف، دون أن يشعر القارئ بالممل.

كان يمكن إضافة الكثير من الأحداث والقضايا والأفكار النفسية والعقد الاجتماعية، كان يمكن لها أن تسرد بناءًا على تلك الشخصيات الكثيرة والمثيرة ما يقرب من 600 صفحة من الأحداث دون أن يشعر القارئ أنه في حاجة إلى التوقف عن القراءة حتى لالتقاط أنفاسه، لكن عوضًا عن ذلك قررت الكاتبة أن تكون البيئة المختارة جيدًا، والشخصيات المرسومة بدقة، والأحداث التي أخذت تمهد لها ويتوقع القارئ أنه ربما هناك شيئًا ما سيحدث، قررت أن تضرب بكب هذا عرض الحائط وتجعلها مجموعة حكايات تُحكي فقط لأجل الحكيّ ولا شيئ آخر، كنت اقرأ الأحداث وأعجب بها وبالشخصيات والقصة واللغة لكنني انتظر تقدم الأحداث وتطورها بشغف، حتى شعرت أن المائتي صفحة أي حجم الرواية بأكملها هو مجرد تمهيد للقصة الحقيقة التي على وشك الحدوث!

كان سقف توقعاتي عاليًا عندما قررت شراء تلك الرواية والشروع فورًا في قرائتها، أحبطتني إلى الحد الذي جعلتني أشعر بالسوء والغضب من نفسي لحماسها المفرط ذاك، وأحبطتني إلى الحد الذي سيجعلني أعود لعدم الثقة في تلك الأعمال التي تحصد الجوائز، وتلك الأعمال التي يقدمها الأدب العربي.

لم أكتب منذ مدة طويلة مراجعة تمتلئ بكل هذا الاحباط والغضب، سأمنحها نجمتين لأجل بعض الحسنات الصغيرة بها، وهذا كل شيء.

تمّت.