Mohamed Gamal's Reviews > الأسطورة والمعنى: دراسات في الميثولوجيا والديانات المشرقية
الأسطورة والمعنى: دراسات في الميثولوجيا والديانات المشرقية
by
by

العنوان: الأسطورة والمعنى (دراسات في الميثولوچيا والديانات المشرقيّة.
المؤلِّف: الباحث والمُفكِّر السوري فراس السوّاح.
تقييم: ٤/٥
”هذ� مجموعة من الأبحاث والدراسات في ميثولوچيا وأديان الشرق القديم، يعالج كلٌ منها موضوعًا خاصًا ولكنه وثيق الصلة بما يليه. وذلك وفق خطة مدروسة بعناية تجعل من أبحاث الكتاب سلسلة متصلة، يؤدّي كل بحث إلى الآخر ويساعد على توضيح مقدّماته، وولوج القارئ إليه بيُسْر وسهولة. فإذا عمدت إلى قراءة متصلة للكتاب، خرجت بحصيلة واحدة تُلخِّص أهداف الكتاب ومراميه، وإذا فضّلت قراءة انتقائية وعلى فترات متقطعة، خرجت بحصيلة جزئية يوصلك إليها كل على حدة. فالقارئ والحالة هذه مُخيَّر بين طريقتين، وفي كلٍ منهما خيرٌ�.
هكذا يؤسّس فراس السوّاح لمضامين قراءة كتابه في مقدّمته، ليشرُع في الإبحار بك في ضروبٍ مختلفة من التحقيقات العلميّة الشيّقة التي عوّدنا عليها في مؤلّفاته دائمًا.
يعالج فراس السوّاح عدد من القضايا المهمة جدًا في هذا الكتاب، وأهمّهم على الإطلاق قضيّة "الوثنية والتوحيد". ويناقش أيضًا قضيّة شغلتني أنا تحديدًا فترةً ليست بالقصيرة من الزمن وهي "معنى الأسطورة وهل هي نفسها الخُرافة؟" في الفصول الأولى من الكتاب. وبالمناسبة، عنوان الكتاب (الأسطورة والمعنى) مُستعار - باعتراف الكاتب نفسه - من كُتيّب للأنثروبولوچي البنيوي الشهير "كلود ليڤي شتراوس" يحمل نفس الاسم. فوجب التنويه لئلّا يلتبس أمر تشابه العنوانَيْن على القارئ أو يعتقد بسرقة المحتوى من كاتب آخر.
أما المغزى الأوْحَد من الكتاب، فهو مُكرّر بالنسبة إليّ، فقد كشف عنه فراس السوّاح من قبل في كتاب آخر له بعنوان (دين الإنسان: بحث في ماهية الدين ومنشأ الدافع الديني) ولكن بحوثاته المتفرّقة في مؤلّفه هذا - الأسطورة والمعنى - تتضمّن مسائل متباينة لم يناقشها من قبل.
مُلخَّص رؤيَة فراس السوّاح في الدين - بعد دراسته المستفيضة له - هو أنّ الدين في الحقيقة، لا يقوم على أساس وهمي على الإطلاق، وإنما هو حقيقة وجوديّة كشفت عن ذاتها للإنسان من لحظات وَعْيه الأولى قبل ١٠٠ ألف عام وتأسست هذه التجربة الدينية لديه على أرضيّة صَلْبة وحصينة بحق. وبناءً على ما تقدّم، فإن الأديان جميعها - كما يرى فراس السوّاح - تقف على أرض المساواة، حيث لا يحق لديانة أن تزعم لنفسها الأفضليّة الأخلاقيّة والمصداقيّة المُطلقة على حساب غيرها من الأديان، لأن الدين والحالة الإيمانية هذه هي نتاج التجربة الإنسانية المنيعة الواحدة، والتي هي "دين الإنسان".
نقد:
- أُعيب على فراس السوّاح (كغيري كثيرين من قُرَّائه على ŷ) تحامله على الديانة اليهوديّة بشدّة، وتشنيعه لها وعدم الاتلزام بالحيادية تجاهها أبدًا، فهي الديانة الوحيدة التي وصف نشأتها بـ "الخُرافة"..! في حين نراه - في جميع مؤلّفاته - يخشى مناقشة نصوص الديانة الإسلامية ووضعها تحت عدسة النقد وإخضاعها للمناهج العلمية الصارمة التي يلتزم بها في دراسته لباقي الأديان، وحتى عندما ينحو إليها يكون ذكره لها هامشيًّا عابرًا ومُبهم ومُقتصر تمامًا، ولا يتبنّى فيها سِوى التفاسير الصوفيّة لكبار المتصوّفة أمثال ابن عربي والجليلي.. مع العلم بأن المادة التوراتية لا تستلزم كل هذا العناء الذي بذله في أكثر من كتاب، مقارنةً بالإسلاميّات التي كانت تحتاج بالأولى إلى هذا المجهود البالغ، نَظَرًا لحجم مادتها وتاريخها الغامض وتشعُّباتها المُتفرّعة والمعقّدة.. يُذكّرني فراس السوّاح في نقده للتّوراة بالباحث المصري (د. سيد القمني) الذي كتب في هوامش مقدّمة كتابه (النبي موسى وآخر أيام تل العمارنة) بأنه لا يقصد في هذا الكتاب أن يتحدّث عن النبي موسى "القُرآنيّ" وإنما هو يتحدث عن النبي موسى "التّوراتيّ".. اتّقاءً لغضب التّيارات الإسلاميّة وسخطها عليه، وهذا ما يفعله فراس السوّاح أيضًا. كلاهما تنقصه الشجاعة أن يتكلم في الإسلاميّات، مع علمهما التام بأن الإسلام ما هو إلّا "إحياء اليهوديّة في صبغة عربيّة".
وجماع القول، الكتاب رائع فيما عدا - بعض - الفصول الأخيرة منه فقط، والتي يتجنّى فيها المؤلف على الديانة اليهوديّة.
المؤلِّف: الباحث والمُفكِّر السوري فراس السوّاح.
تقييم: ٤/٥
”هذ� مجموعة من الأبحاث والدراسات في ميثولوچيا وأديان الشرق القديم، يعالج كلٌ منها موضوعًا خاصًا ولكنه وثيق الصلة بما يليه. وذلك وفق خطة مدروسة بعناية تجعل من أبحاث الكتاب سلسلة متصلة، يؤدّي كل بحث إلى الآخر ويساعد على توضيح مقدّماته، وولوج القارئ إليه بيُسْر وسهولة. فإذا عمدت إلى قراءة متصلة للكتاب، خرجت بحصيلة واحدة تُلخِّص أهداف الكتاب ومراميه، وإذا فضّلت قراءة انتقائية وعلى فترات متقطعة، خرجت بحصيلة جزئية يوصلك إليها كل على حدة. فالقارئ والحالة هذه مُخيَّر بين طريقتين، وفي كلٍ منهما خيرٌ�.
هكذا يؤسّس فراس السوّاح لمضامين قراءة كتابه في مقدّمته، ليشرُع في الإبحار بك في ضروبٍ مختلفة من التحقيقات العلميّة الشيّقة التي عوّدنا عليها في مؤلّفاته دائمًا.
يعالج فراس السوّاح عدد من القضايا المهمة جدًا في هذا الكتاب، وأهمّهم على الإطلاق قضيّة "الوثنية والتوحيد". ويناقش أيضًا قضيّة شغلتني أنا تحديدًا فترةً ليست بالقصيرة من الزمن وهي "معنى الأسطورة وهل هي نفسها الخُرافة؟" في الفصول الأولى من الكتاب. وبالمناسبة، عنوان الكتاب (الأسطورة والمعنى) مُستعار - باعتراف الكاتب نفسه - من كُتيّب للأنثروبولوچي البنيوي الشهير "كلود ليڤي شتراوس" يحمل نفس الاسم. فوجب التنويه لئلّا يلتبس أمر تشابه العنوانَيْن على القارئ أو يعتقد بسرقة المحتوى من كاتب آخر.
أما المغزى الأوْحَد من الكتاب، فهو مُكرّر بالنسبة إليّ، فقد كشف عنه فراس السوّاح من قبل في كتاب آخر له بعنوان (دين الإنسان: بحث في ماهية الدين ومنشأ الدافع الديني) ولكن بحوثاته المتفرّقة في مؤلّفه هذا - الأسطورة والمعنى - تتضمّن مسائل متباينة لم يناقشها من قبل.
مُلخَّص رؤيَة فراس السوّاح في الدين - بعد دراسته المستفيضة له - هو أنّ الدين في الحقيقة، لا يقوم على أساس وهمي على الإطلاق، وإنما هو حقيقة وجوديّة كشفت عن ذاتها للإنسان من لحظات وَعْيه الأولى قبل ١٠٠ ألف عام وتأسست هذه التجربة الدينية لديه على أرضيّة صَلْبة وحصينة بحق. وبناءً على ما تقدّم، فإن الأديان جميعها - كما يرى فراس السوّاح - تقف على أرض المساواة، حيث لا يحق لديانة أن تزعم لنفسها الأفضليّة الأخلاقيّة والمصداقيّة المُطلقة على حساب غيرها من الأديان، لأن الدين والحالة الإيمانية هذه هي نتاج التجربة الإنسانية المنيعة الواحدة، والتي هي "دين الإنسان".
نقد:
- أُعيب على فراس السوّاح (كغيري كثيرين من قُرَّائه على ŷ) تحامله على الديانة اليهوديّة بشدّة، وتشنيعه لها وعدم الاتلزام بالحيادية تجاهها أبدًا، فهي الديانة الوحيدة التي وصف نشأتها بـ "الخُرافة"..! في حين نراه - في جميع مؤلّفاته - يخشى مناقشة نصوص الديانة الإسلامية ووضعها تحت عدسة النقد وإخضاعها للمناهج العلمية الصارمة التي يلتزم بها في دراسته لباقي الأديان، وحتى عندما ينحو إليها يكون ذكره لها هامشيًّا عابرًا ومُبهم ومُقتصر تمامًا، ولا يتبنّى فيها سِوى التفاسير الصوفيّة لكبار المتصوّفة أمثال ابن عربي والجليلي.. مع العلم بأن المادة التوراتية لا تستلزم كل هذا العناء الذي بذله في أكثر من كتاب، مقارنةً بالإسلاميّات التي كانت تحتاج بالأولى إلى هذا المجهود البالغ، نَظَرًا لحجم مادتها وتاريخها الغامض وتشعُّباتها المُتفرّعة والمعقّدة.. يُذكّرني فراس السوّاح في نقده للتّوراة بالباحث المصري (د. سيد القمني) الذي كتب في هوامش مقدّمة كتابه (النبي موسى وآخر أيام تل العمارنة) بأنه لا يقصد في هذا الكتاب أن يتحدّث عن النبي موسى "القُرآنيّ" وإنما هو يتحدث عن النبي موسى "التّوراتيّ".. اتّقاءً لغضب التّيارات الإسلاميّة وسخطها عليه، وهذا ما يفعله فراس السوّاح أيضًا. كلاهما تنقصه الشجاعة أن يتكلم في الإسلاميّات، مع علمهما التام بأن الإسلام ما هو إلّا "إحياء اليهوديّة في صبغة عربيّة".
وجماع القول، الكتاب رائع فيما عدا - بعض - الفصول الأخيرة منه فقط، والتي يتجنّى فيها المؤلف على الديانة اليهوديّة.
Sign into ŷ to see if any of your friends have read
الأسطورة والمعنى.
Sign In »