ŷ

Hsn Adl's Reviews > في أثر عنايات الزيات

في أثر عنايات الزيات by إيمان مرسال
Rate this book
Clear rating

by
5515165
's review

it was amazing
Read 2 times

- اعتقد من حق الواحد، مع كتاب "في أثر عنايات الزيات" يتكلم ويلقي بتصوراته وتفسيراته ورأيه، أكتر من أي كتاب تاني، كون الكتاب وكاتبته، اللطيفة للغاية، إيمان مرسال، عماده هو تقفي أثر كاتبة رحلت عن عالمنا في سنة 67، وكل اللي تركته أو استطاعت مرسال الحصول عليه، لا يزيد عن رواية مختلف على جودتها، وشخبطات توحي بالشروع في رواية أخرى، ونوته عدد صفحاتها لا يزيد عن عدد أصابع اليد الواحدة تقريبا

- عندي كام ملاحظة مبدئية وهامشية، كون دي أول حاجة أقراها لإيمان، وهو إن كتابة الأكاديميين، بدأت اقتنع إن ليها هيبة، وبتفرض سلطة، وبتفرض تأني، وتفكير مرتين قبل اعتناق تصور ما عن الكتابة وكاتبها، أو عن ليه مثلا اختارت الكاتبة تقصي أثر كاتبة راحلة لا نسمع عنها من قريب أو بعيد زي عنايات، وما تركته لا يصنع "حدوته" كافية.. أو ليه بجمال كتابتها تلك، وجمال إشراكها لذاتها في بطولة الكتاب، مخليتش الكتاب سيرة ذاتية، أو تأملات، وتشغل حكاية عنايات فصل أو جزء منه.. فاعتقد، مهما حاول الإنسان يخفي ده، جزء من وعيه، أو لا وعيه، بيقوله "دي دكتورة وأكيد فاهمة هي بتعمل إيه"، وده الحقيقة بيكون مهم في مرحلة ما: أن الواحد يقتنع إن اللي بيقرأ له جدير بالقراءة، لحد الكتابة والحكاية نفسها، ما تجذبه.. وده بالمناسبة ظاهر أثره في جهد جهيد قامت بيه إيمان في البحث والتدقيق عن أقل وأبسط معلومات مرتبطة ببطلة الحكاية

- كتاب "في أثر عنايات الزيات" نشراه الكتب خان ضمن سلسلة "بلا ضفاف"، ودي سلسلة المفروض بتضم الكتابات اللي صعب تصنيفها: كتابة أدبية لكنها ليست قصة ولا مسرح ولا رواية ولا شعر.. والحقيقة برغم حكي مرسال عن نفسها بجمال لا يقل عن حكيها عن عنايات، فصعب اعتباره كتاب سيرة.. وبردو رغم إنها حاولت تؤثر في القارئ بمعلومة إن دي الشاكلة اللي كانت بتتكتب بيها كتب التراجم العربية قديما: هوامش وتعليقات وحكايات ربما خاصة وشروحات على جانب الحديث عن الشخصية نفسها، لكن بردو صعب تعتبر ما تناوله الكتاب لا سيرة معلوماتية مختصرة لعنايات ولا استفاضة وتلقائية من مرسال في إلقاء ما يجول في رأسها، وهي بتلخلصنا سيرة عنايات.. هي عمل أدبي منظم ومتعوب ومبذول فيه جهد ليس بالقليل

- فيعني، أقرب قالب شعُرت إنه يحتوي تلك الكتابة وأنا بقرا، هو التحقيق الصحفي.. التحقيق اللي بتبقى سعيد فيه بمعرفة إزاي الكاتب وصل للمعلومة يمكن أكتر من المعلومة نفسها، وازاي تواصل مع المصادر تباعا، ورتب كلامهم قدامه، وما استنتجه تبعا لذلك، ثم ما أضافه لاستنتاجه بمسار أخر قرر أن يتخده في لحظة فارقة.. ألخ. واعتقد عشان كده، لو كنت قريت الكتاب كحلقات منشورة في موقع، كنت هتقبل ده وهبقى منتظر حلقاته بشوق.. واعتقد أقرب كتابة شبيهة قريتها كانت كتابة طلال فيصل لسرور بطريقة عجبتني، ثم لبليغ بطريقة شايفه بالغ فيها باستحضار ذاته في الرواية

- أخيرا، إن ما تضمنه دفتي هذا الكتاب، هو كتابة نسوية.. تجربة مختلفة بقى، إيمان في الكتاب مش بتحتفي بلطيفة الزيات ولا برواد الكتابة الأدبية عموما، وعندها مشاكل مع الكتابة السهلة/الساذجة، عن تجميع ورص أسماء كاتبات الستينات في كتاب أو دراسة، ورمي كلام مجعلص متمركز حوالين إزاي رواية "الباب المفتوح" كان نقلة في تعبيره عن الكتابات النسائية.. تمام، لكن بردو، وعزة وجلالة ربنا، دي كتابة نسوية، بتاخد الست (عنايات وإيمان) لحتة أعلى في التأمل في تفاصيل حياتهم، والتفكير فيهم بشكل مختلف، والتعامل مع أي حاجة بيعملوها بذوق وتوقعات تفوق المعتاد

- مش بس كتابة نسوية، لكن كتابة نسوية مرتبطة بطبقات عليا.. وجزء كبير من جمال حكايات وتأملات إيمان أعتقد جاي من التلصص على تصرفات وتعاملات وطرق نساء هذه الطبقة في الكلام والتعبير عن ذواتهم، سواء زمان بتتبع أثر عنايات، أو وقتنا الحالي بالشخصيات اللي قابلتهم إيمان عشان تعرف توصل لحكايات عنايات

- أعتقد من أجمل الحاجات في رواية مرسال الأخيرة، إنك بعد كل فصل بيكون عندك على الأقل واجب بحثي، سعيد وأنت بتعمله:

١- مرة عن الجيش اللي بعته الخديوي إسماعيل لاستعمار الحبشة فاتقتل أغلبه (أكتر من 3200 مجند وضابط)
٢- ومرة عن نادية لطفي اللي خدت اسم شهرتها "نادية لطفي" (اسمها الحقيقي بولا محمد) من دور حملت فيه فاتن حمامة هذا الاسم في فيلم "لا أنام عشان والدها كان رافض تستخدم اسم الأسرة
٣- عن رواية "العجوز الذي يقرأ الروايات الغرامية" لويس سبولفيدا اللي إيمان شايفاها أجمل من مائة عام من العزلة"
٤- عن تصور فوكو عن الأرشيف.. عن المدرسة الألمانية في باب اللوق
٥- عن صابون شاهين النابلسي
٦- عن مشروع الألف كتاب، ومحاولة نظام عبد الناصر فرض الرابط العجيب بين الاشتراكية والإسلام، فاتنشرت كتب بعناوين شديدة الكوميدية زي: "اشتراكية الإسلام" مصطفى السباعي. "أم الاشتراكية خديجة بنت خويلد" إبراهيم زكي الساعي. "الإسلام دين واشتراكية" أحمد فراج. "الفلسفة الاشتراكية الديمقراطية التعاونية" أحمد عز الدين.
٧- عن الشاعرة المصرية القديمة الجريئة نسبيا جليلة رضا
٨- عن حركة حدتو الشيوعية المصرية وكفاحها المسلح ضد الانجليز، وغيره من نشاطات اتكلم عنها صنع الله إبراهيم في مواضع أخرى
٩- شركة مصر للألبان، اللي تم انشائها تحقيقا لدعوة عبد الناصر "كوب لبن لكل طفل"
١٠- عن ميدان هيئة المساحة في الدقي، وإزاي دي هيئة تمثل "تول" مهم جدا للباحثين
١١- عن ظلم وجبروت قانون بيت الطاعة غير المستند على أي أساس ديني أو فقهي أو حتى عرف، قبل ما تدخل جيهان السادات وتلغيه
١٢- عن الباحث الألماني الجبار لودفيج كايمر
١٣- عن حلوان اللي كانت من أشهر منتجعات العالم لمرضى السل والربو بهوائها الجاف من 100 سنة، فجيه عبد الناصر وعمل مصانع أسمنت جمبها، فبقت من أكتر مناطق القاهرة تلوثا
١٤- عن جماعة ومدرسة شارل برومي، وخريجيها
١٥- عن مستشفى بهمن أول مستشفى نفسية خاصة في مصر، وطرق علاج المرضى وقتها.. وأن أكتر من 30% من حالات الجنون عند الرجال وقتها كان بيتشاف أن سببها الحشيش، وعند النساء سببه الجنس
١٦- عن لطيفة الزيات قائدة حركة العمال والطلبة سنة 46، واللي لما تركت المجال العام اتجوزت من عدو إيديولوجي، لأنها - وفق كلامه - شافته أول رجل يوقظ الأنثى فيها
١٧- عن محمود أمين العالم، اليساري اللي اتحبس 5 سنين بعد تأسيسه الحزب الشيوعي المصري سنة 55، وتاني يوم ما خرج اتصل بيه حد من مكتب سامي شرف، عشان يعرض عليه يتولى الأمور الثقافية في التنظيم الطليعي، ويبقى ليه مبنى في مجلس قيادة الثورة، فيوافق ويتولى الأمر
١٨- عن أرشيف ماسبيرو في الفترة من 98-2000 اللي مش موجود عشان مكنش فيه فلوس يجيبوا بيها شرايط جديدة، فكانوا بيمسحوا اللي صوروه، ويسجعلوا على الشريط تاني
١٩- عن خسة أنيس منصور في تغيير الحقائق، وتفاصيل الحكايات، عشان تخدم بس أنه يبقى أكتر حد بيكتب مقالات وبيطبع في جيله
٢٠- عن عائشة التيمورية، الست كانت تدعو لتعليم المرأة من سنة 1887، لكن هاجمت قاسم أمين لأنه متفرنج

- "أنا لا أصدق الأفراد غير المزاجيين" ده جزء من كلام إيمان مرسال عن نفسها، وجزء من الشعور العام اللي بيوصلك عن إيمان من الكتاب.. إن معندهاش خطة ممسوكة، أو تكنيك كتابة محدد، أو حتى أسباب واضحة لتتبع أثر عنايات.. وده، اعتقد، وبما أني انبسطت بالكتاب، كان بيعمق فكرة أنك بتقرا خواطر، وبتتلصص وبتراقب الكاتبة مش مجرد بتقرأ لها.

- "إننا دائما عندما نريد أن نترجم العواطف إلى كلمات فإننا نسلبها الكثير من أعماقها"، دي كانت من الجُمل اللي قدمت مواساة مرضية، لكتير من الحوارات والكلام اللي بنقراه على لسان شخصيات قابلتهم مرسال خلال عملها على الكتب، وشعرنا طول الكتاب، يا إما إنهم جامدين كشخصيات، يا إيمان معرفتش تطلع منهم مشاعر، يا طبيعة الحياة والأمور كون حادثة انتحار عنايات مر عليها حوالي نص قرن، أو لأنهم، زي ما هتقول مرسال بعد كده: "تأويل أرشيف عنايات الشخصي في ذاكرة المقربين منها، لم يتم وفقا لنظام صارم، بل وفقا لحاجة من أحبوها للتعايش مع الألم. أرادوا طوال خمسين سنة التصالح مع الشعور بالذنب تجاه أخت أو صديقة تخلصت من حياتها بالانتحار. ما قالوه لي كان سردا لما تم تأليفه في الذاكرة بعد أن تم هذا التصالح".. وطبعا محتمل لسنهم الكبير، وأن في سن زي ده بتمر على الواحد حوادث بشعة كثيرة، قد لا يكون الانتحار اسوأها

- "مع كل حالة انتحار، يعيش 6 أشخاص على الأقل التروما أو صدق قبول وفهم ما حدث".. زينب كانت حاضرة معايا بشدة وأنا بقرا كتاب مرسال، لكن أعتقد أن تأثير زينب كان متخطي 6 أشخاص بكتير.. لكن يظل الانتحار صدمة صعب الواحد يعبر عن فجاعة ما يشعر بيه لما حد قريب منه يقبل على خطوة زي دي.. واعتقد إيمان تأملت بهشاشة زينا، وككاتبة مرت بموجة إكتئاب، الأسباب اللي ممكن تكون خلت عنايات تقبل على خطوة زي دي: "قد تفكرن في عبث أن تذهب امرأة في الخامسة والعشرين من عمرها. عندها ابن لا تتصور الحياة بدونه، وأب حنون ومتنور، وعمل تحبه، ورواية ثانية تكتبها، لصالون حلاقة، ثم تنتحر. أنا أيضا فكرت في هذا كثيرا، وسألت أختها وبولا ومسيار ولم يجيبني أحد"

- حبيت جدا، من تأملات إيمان، تأملاتها في الوسط الثقافي، وفي أصدقائها اللي معرفتناش عليهم، وهي يتحكي أن "من أسباب انهيار الصداقات، هو ذلك القناع الذي تحمي به البرجوازية المصرية بعض أفرادها، يظل الفرد قلقا وهشا، وربما حميما حتى يشعر بتهديد ما، ساعتها يختار دون وعي أن يستعرض طبقته أو جدته التركية".. أو وهي بتتكلم عن أزمة مثقفين تشبه ما تعرضنا لها بعد ثورة يناير "يتحول الكاتب الذي لا يستطيع التواصل مع الآخرين، لبطل تراجيدي، يتضخم في عزلته إحساسه الوهمي بالظلم أو العظمة أو بانعدام معنى وجوده. ينتهي به الأمر في منصب ثقافي، أو يصبح متصوفا، أو حقودا، أو عصاميا متعاليا، مشغول بصورته كعصامي نزيه، أو مؤيد لسلطة من القتلة"


وطبعا عجبني تنصل إيمان من أي دور أو موقع قد يسبب لها اللوم "بنات العائلات يقلقهن البقاء في نفس الحيز مع الجريئات، والثوريات يتململن من المستهترات والمتقاعسات واليائسات، أما النسويات المتطرفات فهن يكرهن الجميع"، فهي مش منظرة مقدسة لرواية ودور لطيفة الزيات كما أغلب الكتاب حينما يتحدثوا عن هذا العصر وتلك الفترة، ولا نسوية متعصبة، ولا ثورية تنتظر أن ترشدها عنايات للطريق.. وحسيت ده منطقي بالنسبة للي أرسته من أول الكتاب، عن أننا هنلعب لعبة لطيفة، نسبر فيها أغوار شخصية توفت دون ضجة، بعدم صنع ضجة ونحن نبحث، وفي المقابل لا أريد ضجة أو "أفورة" في إجابة سؤال "لماذا كتبت هذا الكتاب أو تتبعت أثر تلك الكاتبة".
13 likes · flag

Sign into ŷ to see if any of your friends have read في أثر عنايات الزيات.
Sign In »

Reading Progress

Finished Reading
Finished Reading
December 25, 2019 – Shelved

Comments Showing 1-3 of 3 (3 new)

dateDown arrow    newest »

Molly nasser اتحمست اقرأ الكتاب أكتر.


message 2: by Abdallah (new) - added it

Abdallah Mahmoud تحليل مستفيض ويجذب من لم يقرأ الكتاب لقراءته... شكراً على الريفيو


message 3: by Aya (new) - rated it 5 stars

Aya Rezk عظيم. الكتاب أسرني!


back to top