طَيْف's Reviews > دروز بلغراد: حكاية حنا يعقوب
دروز بلغراد: حكاية حنا يعقوب
by
ليس من السهل على أي كاتب أن يجمع بين أحداث تاريخية...فيها من الصراع ما فيه...وبين البعد الإنساني لشخوص الرواية.
وقد نجح الكاتب في ذلك...موظفا شخوص الرواية الحقيقية والخيالية في بوتقة واحدة تعبر عن الحدث التاريخي وتبرز من خلاله البعد الإنساني.
ومن اختياره لعنوان الرواية يبدأ عنصر التشويق..دروز وفي بلغراد...والعنوان الفرعي حكاية حنا يعقوب الماروني...جمع كل فئات الصراع في عنوان جاذب يدخلك لجو النص وتستفز فيك روح البحث عن العلاقة بين هذه الأسماء...والحدث التاريخي الذي استقى منه الكاتب أحداث روايته.
والأصل التاريخي للأحداث يعود إلى الصراع الدرزي الماروني في لبنان
يبدأ ربيع جابر روايته بمشهد في عام 1872 ثم يعود بالزمن لبداية الحكاية...
بعد ذلك يجري سرد الرواية وإبراز حكاية حنا يعقوب وعذاباته منذ ترحيله وهو الماروني بائع البيض المسكين مع الدروز من قبل السلطات العثمانية إلى البلقان وحتى عودته إلى أهله في لبنان.
ينقلنا ببساطة من حدث إلى حدث...ومن مكان إلى مكان.. بلغة سردية ومخيلة واسعة تركز على التفاصيل...وكم يتقن ربيع رصد التفاصيل! فحديث المكان هنا أكثر من حديث دواخل شخصيات الرواية ومشاعرهم .
مما لفت انتباهي في الرواية تلك المحطة التاريخية من الدولة العثمانية، وهي تحيا أواخر عهدها.. حيث الإمبراطورية العثمانية ينهشها العفن، وجيشها الجائع مشتت في أقاصي أراضيها المترامية، فيما جيوش أعدائها تتربص بها، من الجيش النمساوي الذي يتهددها في وسط أوروبا، إلى ثورات الصرب وعصيانهم، وصولا إلى تحالفات الإنجليز ومؤامراتهم مع أو ضد العثمانيين.
(لالا شاهين باشا نقل فقراء الأتراك معه من الأناضول...وأسكنهم أرض الصرب والمجر..كي يحرثوها ويزرعوها حبوبا...والآن نحن نرد أحفاد أحفادهم إلى الوطن الذي خرجوا منه).
اللغة سهلة..لم تخلو من بعض الصور والتشبيهات ...على قلتها...
(جمع أعضاءه المتناثرة ونهض مهزوز القلب...
حنا يعقوب ابتهج مصغيا إلى النبرة الدافئة، كأنه بلغ بيروت!سمع الحكي العربي وشعر بالصقيع يخرج من سلسلة ظهره . السنابل ماجت من أجله.زغردت الحساسين كي يسمعها)
ربيع بالتأكيد يملك القدرة على الأجمل...لكنه أغرقنا بالتفاصيل وبالجمل القصيرة المتتابعة..التي تفصل بينها نقاطا...بعيدا عن علامات الترقيم الأخرى.,ولم تسلم من بعض التعبيرات العامية مثل ( وجهه يضحك لك كأن النور يضوي منه،في هذه الجهة حد بيت أبي بئر الماء)
استطاع ربيع خلق جو حميمي بين شخوص الرواية ليوحي بتوحد الوجع الإنساني على اختلاف الطوائف والديانات
(حنا يعقوب أوشك أن يبكي وهو يصغي إلى الأصوات المحطمة، في هذه الساعة الغريبة كان واحدا منهم ، كأنه حقا يدعى سليمان غفار عز الدين، مع أنه حنا يعقوب بائع البيض)
أحببت تفاصيل موكب الحجيج ... ربما لأنها أعادت لي بعض ثقة بمن هم المسلمون...الذين ملأوا الأرض عدلا ورحمة ورأفة
بعد تلك التفاصيل المؤلمة التي صورت كيفية تعامل الأتراك مع السجناء
وأحببت وصفه لتلك البلاد التي تشرف علي نهر الدانوب... الجداول والظلال وعناقيد الكروم وأغصان الزيتون وبساتين الكرز وأشجار التفاح وحقول الحنطة
نقلنا ربيع...ما بين بيروت وبلغراد وأدرنة وكوسوفو والدانوب وصوفيا وحلب بسلاسة مدهشة...
ولما
شهق حنا يعقوب وملأ رئتيه بالهواء...شهقت معه من أعماقي
حنا يعقوب المسيحي، ذهب درزيا، وعاد حاجا مسلما. ذهب في رحلة عذاب؛ لا يرى غير الألم والقبح، وعاد مسرورا لا يرى غير الجمال
أخيرا...شكرا لصالون الجمعة...القراءة معكم وبقربكم متعة!
by

ليس من السهل على أي كاتب أن يجمع بين أحداث تاريخية...فيها من الصراع ما فيه...وبين البعد الإنساني لشخوص الرواية.
وقد نجح الكاتب في ذلك...موظفا شخوص الرواية الحقيقية والخيالية في بوتقة واحدة تعبر عن الحدث التاريخي وتبرز من خلاله البعد الإنساني.
ومن اختياره لعنوان الرواية يبدأ عنصر التشويق..دروز وفي بلغراد...والعنوان الفرعي حكاية حنا يعقوب الماروني...جمع كل فئات الصراع في عنوان جاذب يدخلك لجو النص وتستفز فيك روح البحث عن العلاقة بين هذه الأسماء...والحدث التاريخي الذي استقى منه الكاتب أحداث روايته.
والأصل التاريخي للأحداث يعود إلى الصراع الدرزي الماروني في لبنان
يبدأ ربيع جابر روايته بمشهد في عام 1872 ثم يعود بالزمن لبداية الحكاية...
بعد ذلك يجري سرد الرواية وإبراز حكاية حنا يعقوب وعذاباته منذ ترحيله وهو الماروني بائع البيض المسكين مع الدروز من قبل السلطات العثمانية إلى البلقان وحتى عودته إلى أهله في لبنان.
ينقلنا ببساطة من حدث إلى حدث...ومن مكان إلى مكان.. بلغة سردية ومخيلة واسعة تركز على التفاصيل...وكم يتقن ربيع رصد التفاصيل! فحديث المكان هنا أكثر من حديث دواخل شخصيات الرواية ومشاعرهم .
مما لفت انتباهي في الرواية تلك المحطة التاريخية من الدولة العثمانية، وهي تحيا أواخر عهدها.. حيث الإمبراطورية العثمانية ينهشها العفن، وجيشها الجائع مشتت في أقاصي أراضيها المترامية، فيما جيوش أعدائها تتربص بها، من الجيش النمساوي الذي يتهددها في وسط أوروبا، إلى ثورات الصرب وعصيانهم، وصولا إلى تحالفات الإنجليز ومؤامراتهم مع أو ضد العثمانيين.
(لالا شاهين باشا نقل فقراء الأتراك معه من الأناضول...وأسكنهم أرض الصرب والمجر..كي يحرثوها ويزرعوها حبوبا...والآن نحن نرد أحفاد أحفادهم إلى الوطن الذي خرجوا منه).
اللغة سهلة..لم تخلو من بعض الصور والتشبيهات ...على قلتها...
(جمع أعضاءه المتناثرة ونهض مهزوز القلب...
حنا يعقوب ابتهج مصغيا إلى النبرة الدافئة، كأنه بلغ بيروت!سمع الحكي العربي وشعر بالصقيع يخرج من سلسلة ظهره . السنابل ماجت من أجله.زغردت الحساسين كي يسمعها)
ربيع بالتأكيد يملك القدرة على الأجمل...لكنه أغرقنا بالتفاصيل وبالجمل القصيرة المتتابعة..التي تفصل بينها نقاطا...بعيدا عن علامات الترقيم الأخرى.,ولم تسلم من بعض التعبيرات العامية مثل ( وجهه يضحك لك كأن النور يضوي منه،في هذه الجهة حد بيت أبي بئر الماء)
استطاع ربيع خلق جو حميمي بين شخوص الرواية ليوحي بتوحد الوجع الإنساني على اختلاف الطوائف والديانات
(حنا يعقوب أوشك أن يبكي وهو يصغي إلى الأصوات المحطمة، في هذه الساعة الغريبة كان واحدا منهم ، كأنه حقا يدعى سليمان غفار عز الدين، مع أنه حنا يعقوب بائع البيض)
أحببت تفاصيل موكب الحجيج ... ربما لأنها أعادت لي بعض ثقة بمن هم المسلمون...الذين ملأوا الأرض عدلا ورحمة ورأفة
بعد تلك التفاصيل المؤلمة التي صورت كيفية تعامل الأتراك مع السجناء
وأحببت وصفه لتلك البلاد التي تشرف علي نهر الدانوب... الجداول والظلال وعناقيد الكروم وأغصان الزيتون وبساتين الكرز وأشجار التفاح وحقول الحنطة
نقلنا ربيع...ما بين بيروت وبلغراد وأدرنة وكوسوفو والدانوب وصوفيا وحلب بسلاسة مدهشة...
ولما
شهق حنا يعقوب وملأ رئتيه بالهواء...شهقت معه من أعماقي
حنا يعقوب المسيحي، ذهب درزيا، وعاد حاجا مسلما. ذهب في رحلة عذاب؛ لا يرى غير الألم والقبح، وعاد مسرورا لا يرى غير الجمال
أخيرا...شكرا لصالون الجمعة...القراءة معكم وبقربكم متعة!
Sign into ŷ to see if any of your friends have read
دروز بلغراد.
Sign In »
Reading Progress
June 12, 2012
–
Started Reading
June 12, 2012
– Shelved
June 13, 2012
–
19.67%
"اختلف السجن والسجان...والعذاب واحد...والجلاد يكرر نفسه
لماذا يصر السجانون بعد أن قيدوا حريّة السجين...أن ينتزعوا منه ما تبقى من كرامته وحياته؟؟؟
يولد الإنسان إنسانا...فكيف يتحول إلى آلة تعذيب بهذه البشاعة؟؟"
page
47
لماذا يصر السجانون بعد أن قيدوا حريّة السجين...أن ينتزعوا منه ما تبقى من كرامته وحياته؟؟؟
يولد الإنسان إنسانا...فكيف يتحول إلى آلة تعذيب بهذه البشاعة؟؟"
June 13, 2012
–
70.29%
"حنا يعقوب أوشك أن يبكي وهو يصغي إلى الأصوات المحطمة، في هذه الساعة الغريبة كان واحدا منهم ، كأنه حقا يدعى سليمان غفار عز الدين، مع أنه حنا يعقوب بائع البيض"
page
168
June 14, 2012
–
96.23%
"حنا يعقوب ابتهج مصغيا إلى النبرة الدافئة، كأنه بلغ" بيروت!سمع الحكي العربي وشعر بالصقيع يخرج من سلسلة ظهره . السنابل ماجت من أجله.زغردت الحساسين كي يسمعها."
"جمع أعضاءه المتناثرة ونهض مهزوز القلب"
ربيع جابر يملك القدرة على الأجمل...لكنه أغرقنا بالتفاصيل وبالجمل القصيرة المتتابعة"
page
230
"جمع أعضاءه المتناثرة ونهض مهزوز القلب"
ربيع جابر يملك القدرة على الأجمل...لكنه أغرقنا بالتفاصيل وبالجمل القصيرة المتتابعة"
June 14, 2012
–
98.33%
"حنا المسيحي...غادر درزيا...وعاد في موكب حج للمسلمين...بعد رحلة عذاب مضنية...لم تسلبه القدرة على الإحساس بالجمال حوله لما عاد لوطنه
"شهق وملأ رئتيه بالهواء"
وشهقت معه من أعماقي
انتهيت بحمد الله
شكرا لذائقة من اختار الرواية"
page
235
"شهق وملأ رئتيه بالهواء"
وشهقت معه من أعماقي
انتهيت بحمد الله
شكرا لذائقة من اختار الرواية"
June 14, 2012
–
Finished Reading
Comments Showing 1-1 of 1 (1 new)
date
newest »

message 1:
by
kewan
(new)
-
rated it 4 stars
Sep 13, 2016 04:23PM

reply
|
flag