سمر طلبة's Reviews > لمصر لا لعبد الناصر
لمصر لا لعبد الناصر
by
by

هل من المفيد قراءة التاريخ؟ هل من المجدي قراءة التاريخ في زمن يشعر المرء فيه بالعجز التام عن الفعل وعن الإفادة العملية من دروس التاريخ؟ شغلني السؤال لعدة أيام، ثم طرحته على صديقة عزيزة فقالت ببساطة: نعم. قراءة التاريخ مفيدة لأن التاريخ الآن يتم تزييفه، والحق يختلط بالباطل في أيامنا هذه على نحو غير مسبوق. ينبغي إذن أن نعرف وأن نفهم وأن نقرر بأنفسنا، حتى ولو كانت أيدينا مغلولة مكبلة يشلها الظرف التاريخي ذاته.
جمال عبد الناصر من الشخصيات المثيرة للجدل، وكل الشخصيات التاريخية مثيرة للجدل إذا ما أردنا الدقة، إلا إن لعبد الناصر وضعًا خاصًّا، فالسنوات من 2011 حتى وقتنا الحالي شهدت نوعا من التبلور للتوجهات السياسية في مصر، أو تسليط الضوء على أصحاب هذه التوجهات، ومع بروز هؤلاء برزت تناقضات مثيرة للدهشة بشأن التجربة الناصرية، فبينما رفع المصريون الأكبر سنا صورة عبد الناصر في أغلب تظاهراتهم، معتبرين حلمه الذي لم يتحقق تجسيدا لمطالبهم، اجتمع أغلب أبناء التيارات الدينية مع شباب الاشتراكيين والليبراليين أو كادوا على رفض التجربة ووصمها بكل عار ونقيصة، ولم يعد الأمر مقتصرا مثلا على النقد الموضوعي لعيوب التجربة ومساوئها (كالتعذيب ومصادرة الحريات مثلا)، بل وصلت المسألة إلى حد اعتبار عبد الناصر رمزا للفشل، فحرب السويس مثلا فشل ذريع لمصر، وتأميم قناة السويس فشل، وبناء السد العالي فشل، وأشياء أخرى كثيرة لا يمكن أن يقبلها منصف، ولأن التسطيح والضحالة سمة العصر فقد اتخذت هذه الحملة من "الكوميكس" وسيلةً لها. يكفي أن تضع صورة عبد الناصر وهو يحيي الجنود ثم تكتب جملة قصيرة عن فشل شخصي لتصبح الصورة معادلا موضوعيا للفكرة، ويضحك الضاحكون وينتهي الأمر، دون أن يفكر أغلبهم في أن يسأل نفسه: هل فشل عبد الناصر بالفعل؟ هل يجب أن أكتفي بما قاله لي الآخرون عنه، بدلا من القراءة والمقارنة وتحكيم العقل والمنطق؟ هل الآية الكريمة "ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا" وُجِدت تعبيرا عن موقف بعينه ثم فقدت صلاحيتها أم إنها حكمة إلهية تصدق في كل زمانٍ ومكان؟
كتاب "لمصر لا لعبد الناصر" محاولة شجاعة من محمد حسنين هيكل لإنصاف قائد آمن به، وما كان أسهل أن ينضم هيكل للحملة الساداتية على تاريخ عبد الناصر وتِركته فينال الرغائب، وما كان أسهل أن يصمت ويدع الجميع يتكلمون، لكنه آثر أن يدلي بشهادته، وهي ليست شهادة عاطفية انفعالية، بل شهادة مدعومة بأرقام ليس مصدرها أجهزة الدولة المصرية، بل أجهزة وكيانات دولية لم تكن ذات يوم من مؤيدي عبد الناصر. وقد كتبه هيكل عام 1976، أي قبل اتفاقات كامب ديفيد بعامين، لكن الكتاب لم يخل من تحذير من تغير موقف السلطات المصرية من إسرائيل، ومن أشياء أخرى كثيرة وقعت للأسف فأوقعت مصر التي لم تنهض من عثرتها منذ ذلك الحين. الكتاب يقع في أحد عشر فصلا يسميها هيكل "أحاديث"، يتناول في كل منها- بأسلوبه السلس المشوقة- تهمة مما وُجِّهَ إلى عبد الناصر وعصره، وهي تهم بعضها صادق صحيح لا يمكن تبريره، كتهمة التعذيب مثلا، وبعضها صادق صحيح يمكن تبريره بشكل أو بآخر، كموقف عبد الناصر من القضاء، وبعضها كاذب كل الكذب، كتهمة الفساد المالي مثلا وإشعال الصراع الطبقي والفتن في العالم العربي مثلا. وهيكل كما سبق أن قلت يرد على كل تهمة ردا موضوعيا منطقيا كعادته، ولا يجد غضاضة في الاعتراف بالأخطاء، فالهدف وضع التجربة في سياقها التاريخي، بحيث يمكن الإفادة منها إذا كان الهدف هو تحقيق النهضة لمصر، لا إخراس مصر وتحويلها إلى حارس لإسرائيل- دولة بلا مصانع ولا مزارع، بل مدينة ملاهي استهلاكية كبيرة.
الكتاب كبير نوعا ولا يمكن تلخيص كل ما جاء فيه في مراجعة نقدية واحدة، وأنصح بقراءته بوجه عام، وفيما يلي أحاول تلخيص أهم النقاط التي أوردها هيكل فيه:
1. جمال عبد الناصر كان متعففا متقفشا في أسلوب حياته الشخصية، وهو مسئول عن سلوك أولاده حتى لحظة وفاته وحسب.
2. السادات لم يكن مغمض العينين مكبل اليدين أثناء الحقبة الناصرية، بل كان شريكا في القرارات أو على الأقل لم يسجل التاريخ اعتراضه عليها في أثناء صدورها، فكيف ولماذا تغير الموقف بعد وفاة عبد الناصر؟ وكيف يتبرأ السادات من ثورة يوليو بقيامه بثورة التصحيح المزعومة؟
3. السادات كان من المتحمسين لحرب اليمن (التي عارضها هيكل)، لكن رغم مساوئ اشتراكنا في تلك الحرب فقد أسهمت في تغيير وجه الجزيرة العربية، وتحويل القبليات هناك إلى دول بالمفهوم الحديث.
4. الإجراءات التي اتخذت ضد القضاة كان أساسها وسببها الشك في نزاهة أحكام بعض القضاة في قضايا تحديد الملكية، وقد التقى عبد الناصر أحد القضاة المتجردين لأخذ رأيه في هذه المسألة، وبناءً على رأيه كان عبد الناصر سيتخذ إجراءات تصحيحية لولا قيام ثورة الفاتح من سبتمبر في ليبيا عام 1969 وانشغاله بمجرياتها.
5. أزمة حرية الصحافة كان أساسها وقف صدور جريدة المصري، إلا إن سبب إيقاف الجريدة كان تعاون صاحبها محمود أبو الفتح مع النظام العراقي بقيادة نوري السعيد، والأهم من ذلك أن محكمة الشعب كانت قد أدانت أبو الفتح بتهمة محاولة رشوة موظف والدعاية ضد النظام الحاكم خارج البلاد، وكان أنور السادات من بين أعضاء محكمة الشعب التي أصدرت قرار سحب ترخيص جريدة المصري من رجل الأعمال محمود أبو الفتح.
6. أعداد المعتقلين كانت كبيرة بالفعل، وبالفعل كان هناك تعذيب، لكن المسألة تم تهويلها أيام السادات، ومع ذلك لم يعترض السادات أو غيره من رجاله أثناء العهد الناصري على الاعتقال أو التعذيب، بينما كتب هيكل مقالا أغضب عبد الناصر وأدى إلى استقالة شمس بدران من مهمة التحقيق مع المعتقلين، والمقال عنوانه "زوار الفجر" وقد تحدث فيه عن معتقلي الإخوان. الأهم هنا أن عبد الناصر كان في هذا الصدد محكوما بظروف معينة، إذ كان همه الرئيسي هو الحرص على عدم اختراق الجبهة الداخلية، مما أدى إلى إقالة بعض المسئولين الذين سربوا- بحسن نية أو بسوء نية- معلومات إلى مسئولين بريطانيين (كما في حالة سفير مصر في الهند حسين عزيز، ونائب محافظ البنك المركزي أحمد أبو العلا). يتحدث هيكل هنا أيضا عن مقتل شهدي عطية، وأن إجراءات قد اتخذت ضد من ارتكبوا الجريمة التي لم يعلم بها عبد الناصر سوى بعد وقوعها (وإن كنت بشكل شخصي أرى أن تلك الإجراءات لم تكن كافية، فالأمر لم يتجاوز التحقيقات وإحالة مأمور السجن إلى المعاش). يلفت هيكل أيضا إلى أن عبد الناصر رفض إيقاف نشر قصة "بنك القلق" لتوفيق الحكيم رغم أنها تضمنت نقدا لاذعا للنظام الناصري، كما سمح لهيكل بنشر قصة د. عبد المنعم الشرقاوي عما حدث معه من تجاوزات أثناء اعتقاله، وقال له: "انشر حتى يعرف هؤلاء جميعا أنه ليست هناك حماية لأحد فوق القانون".
7. لم يشعل عبد الناصر نيران الصراع الطبقي، فالنيران كانت متأججة مستعرة الأوار سلفًا، الأمر الذي أدى إلى قيام ثورة يوليو. ويضرب هيكل الأمثلة بأغنياء الحرب الذين أثروا من ارتفاع أسعار القطن بسبب حرب كوريا وغيرها، وبسيطرة الأجانب على القطاع المالي بمصر، وبالاغتيالات السياسية الكثيرة التي وقعت قبل ثورة يوليو بسبب حالة الغليان التي وصلت إليها البلاد في ذلك الوقت (مثل اغتيال أحمد الخازندار وحسن البنا وأمين عثمان وأحمد ماهر وغيرهم)، ودور أحمد عبود باشا رجل الأعمال الإقطاعي الشهير في إغلاق ملفات التحقيق في قضايا الفساد (إذ منح الملك فاروق مليون دولارا مقابل إقالة نجيب الهلالي وتعيين حسين سري رئيسا للوزراء)والأمثلة كثيرة جدا في هذا الصدد بوجه عام، فما فعله عبد الناصر كان محاولة لتضييق الفجوة الموجودة أساسا بين الفقراء والأغنياء.
8. لم يقم عبد الناصر بتوزيع الفقر كما يزعمون، بل اهتم بتنفيذ المشروعات التنموية، فبدأ بمشروعات كان من المقرر تنفيذها في ظل النظام السابق، على اعتبار أنها مدروسة بالفعل، مما يوفر الوقت، فأنشأ مصنع سماد أسوان وكهربة أسوان ومصنع الحديد والصلب على سبيل المثال لا الحصر، ثم أنشأ الوحدات المجمعة للصحة والتعليم وإعادة التدريب والإرشاد الزراعي في الريف، علاوة على المستشفيات المركزية، ثم جاء السد العالي تتويجا لهذا كله. ويستعين هيكل بالأرقام في هذا الفصل فيقول إنه رغم كل الضغوط التي تعرضت لها مصر في الفترة ما بين 1957 و1967 كان معدل التنمية 6.2% سنويا، ارتفع بين 1960 و 1965 إلى 6.6% (والمصدر تقرير البنك الدولي رقم 870- أ عن مصر، واشنطن 5 يناير عام 1976). وظل الاقتصاد متماسكا رغم هزيمة 1967 ورغم تكلفة إعادة بناء القوات المسلحة واستكمال بناء السد العالي ومجمع الحديد والصلب، في ما وصفه هيكل بأنه "شبه معجزة" إذ "بقيت الحياة محتملة للسواد الأعظم من الجماهير" كما يقول هيكل في صفحة 108.
9. في سنة 1970 كان إجمالي ديون مصر أربعة آلاف مليون أغلبها للاتحاد السوفييتي (دين مدني وعسكري) على أقساط ممتدة بفائدة 2.5%، أما الدين قصير الأجل فكان قروضا بتسهيلات مصرفية ولموردين في حدود 180 يوما بفوائد عالية من 10% إلى 14%، لكن الدين الرئيسي الخارجي كان ربع مثيله الإسرائيلي (مع أخذ اختلاف عدد السكان في الحالتين في الاعتبار) ونصف الدين الخارجي التركي، والمهم أن معظم هذا الدين كان لإنجاز مشروعات. أما الدين قصير الأجل فيقارنه هيكل بدين مصر قصير الأجل في عام 1975 فيقول إن الأخير قد وصل إلى 1004 مليون جنيه، بزيادة عشر مرات خلال خمس سنوات فقط. ويقارن هيكل الاستهلاك العام في العصر الناصري به في زمن السادات فتأتي النتيجة أيضا لصالح الأول، كما يقارن المدخرات الوطنية المتاحة من الداخل للتنمية في العهدين وتأتي النتيجة أيضا لصالح أيام عبد الناصر.
10. يتحدث هيكل عما يثيره البعض من أن عبد الناصر قد أثار الفتن والقلاقل في العالم العربي وأهدر ثرواتنا وطاقاتنا في مغامرات خارجية، فيقول إن مصر قد استطاعت أن تمارس تأثيرا نتيجة لتمسكها بالتزامها القومي، ويقول نصًّا: "والبرهان العملي على ذلك هو الأرقام، فمصر "المغامرة" استطاعت أن تنمي بمعدل زيادة قدره 6.7% سنويا في الفترة ما بين 1955 إلى 1965، طبقا لوثائق البنك الدولي، وأما مصر "غير المغامرة" الطيبة المؤدبة المطيعة، فإن الادخار القومي � أساس التنمية- فيها سنة 1975 كان 1.2% بالناقص، طبقا لأرقام التخطيط المصري!" ( ص125). ثم إن وفاة عبد الناصر لم تخمد القلاقل والفتن ولم تؤدِ لتحسن العلاقات بين مصر وجيرانها العرب، بل ظلت العلاقات متوترة بين مصر من جهة وفلسطين وسوريا والأردن من جهة أخرى، وبين سوريا والعراق، وليبيا والمغرب، وغيرها.
11. لعل أصعب فصول الكتاب وأقساها هو الفصل التاسع الذي يتناول فيه النكسة، إذ يبدو كل شيء وكأننا نُدفَع دفعا لمواجهة إسرائيل برعاية ومباركة الولايات المتحدة، التي كان وزير خارجيتها يقول لعبد الناصر شيئا بينما وكالة المخابرات المركزية تفعل أشياء أخرى مناقضة للتوجه الأمريكي الظاهري، مع اعتراف هيكل بأن قرار إغلاق خليج العقبة قرار جانبه الصواب، ومع تأكيده أن عبد الناصر لم يسع لتلك المواجهة أبدا وكانت رؤيته للصراع العربي الإسرائيل تتلخص في قصة "السنطة وشعرة ذيل الحصان" وهي استراتيجية صعيدية للتعامل مع "السنطة" التي تصيب الجلد فيعمد الرجل في الصعيد إلى لف شعرة من ذيل حصان حولها حتى يحبس الدم عنها فتسقط من تلقاء نفسها، والسنطة هي إسرائيل في رأي عبد الناصر، ومقاطعتها تؤدي لضمورها وسقوطها من تلقاء نفسها.
12. لم يستفز عبد الناصر الولايات المتحدة ولم يسع إلى معاداتها، لكن مبدأ الخلاف كان إصرار الولايات المتحدة على إرغامنا على قبول إسرائيل وتطبيع العلاقات معها، من خلال خلق حلف غربي أرادت ضم مصر إليه، وهو الأمر الذي رفضه عبد الناصر كي تكون لنا إرادة حرة ولأنه لا مبرر لمعاداة الاتحاد السوفييتي بهذا الشكل. على الجانب الآخر كانت مساعدات الاتحاد السوفييتي لنا منظمة ومقننة وقد وقف عبد الناصر في وجه كل محاولة سوفييتية لإلغاء الإرادة المصرية أو التحكم في مقدرات الأمور، ويذكر أن قرار التخلص من الخبراء السوفييت قد اتخذه عبد الناصر وخوروشوف مسبقا، أي إن السادات لم يكن سوى منفذ لقرار سبق اتخاذه بالفعل.
13. هناك حملة منظمة ممنهجة لتصوير هزيمة 1967 باعتبارها الشر الأعظم الذي يجب على أساسه إدانة عبد الناصر وعصره ورجمهما ثم دفنهما، والهدف واضح وهو تبرير سياسات السادات المخالفة تماما للسياسات الناصرية، والواقع يقول إن الهزائم طبيعية في تاريخ الشعوب، فاليابان وألمانيا هزمتا، وفرنسا هزمت، وغيرها، لكننا الدولة الوحيدة التي عمدت القيادة الجديدة فيها إلى اتخاذ الهزيمة مسوغا للتخلي عن المبادئ التي لا يختلف عليها اثنان!
اختتم هذه المراجعة التي طالت باقتباس من الكتاب، يورده هيكل على لسان الرئيس الجزائري هواري بو مدين، إذ قال لهيكل: "ما الذي تفعلونه بجمال عبد الناصر في مصر الآن؟ وأي شيء بقي ليحفز أي إنسان عربي ليعطي عمره لأمته؟ لقد اختلفنا واتفقنا معه كثيرا، ولكننا لا نختلف ولا يختلف معنا أحد في أنه كان أبرز عربي ظهر على الساحة في هذا العصر. وإذا كانوا يفعلون به ما نراه اليوم، فماذا يفعلون بغيره ممن لم يعطوا عطاءه ولم يكن لهم مثل دوره، وإن حاولوا بكل ما في وسعهم أن يجاهدوا ويناضلوا؟"
وللأسف فإن الواقع العملي قد قدم إجابة مؤلمة على أسئلة بو مدين، فعلى سبيل المثال يحمل جيل الشباب تقديرا واحتراما كبيرا لأنور السادات باعتباره بطل الحرب والسلام إلخ بالرغم من التطبيع مع إسرائيل والانفتاح وتقزيم مصر بمنعها عن لعب دورها العربي والإفريقي ، بينما يرفض هؤلاء عبد الناصر رفضا تاما لا يخلو في أحيان كثيرة من حقد، بل إن ثمة توجها كوميديا إلى تمجيد أيام الملكية باعتبارها العصر الذهبي لمصر، والمضحك أن كثيرا ممن يتبنون هذا الاتجاه من أبناء البسطاء (كأغلبنا) الذين ما كانوا ليتلقوا أي قدر من التعليم لو أن الملكية قد استمرت كما يأملون.
أخيرا أقول: رحم الله هيكل، فهو المثل الأعلى للصحفي الراقي المثقف الملم بحقائق التاريخ والجغرافيا والسياسة، وقلما استطاع غيره أن يقدم للقارئ مثل الرؤية الشاملة التي يقدمها، والتي لا يمكن تحققها إلا من خلال اطلاع موضوعي وشخصية منفتحة عقلانية، ورحم الله عبد الناصر، رغم كل عيوبه البشرية.. فليتغمده الله بواسع رحمته، لأن مصر في أيامه كان لها وجه جاد، وعقل واعٍ، ويد عاملة منتجة بناءة، وكان عدوها واضحا لعينيها كل الوضوح، دون مواربة أو مناطق وسطى رمادية، ولم يكن ذلك العدو بالتأكيد أي أخ عربي، بل إسرائيل التي يرتمي العرب في أحضانها بأمر الولايات المتحدة اليوم، الواحد تلو الآخر، والبقية تأتي.
جمال عبد الناصر من الشخصيات المثيرة للجدل، وكل الشخصيات التاريخية مثيرة للجدل إذا ما أردنا الدقة، إلا إن لعبد الناصر وضعًا خاصًّا، فالسنوات من 2011 حتى وقتنا الحالي شهدت نوعا من التبلور للتوجهات السياسية في مصر، أو تسليط الضوء على أصحاب هذه التوجهات، ومع بروز هؤلاء برزت تناقضات مثيرة للدهشة بشأن التجربة الناصرية، فبينما رفع المصريون الأكبر سنا صورة عبد الناصر في أغلب تظاهراتهم، معتبرين حلمه الذي لم يتحقق تجسيدا لمطالبهم، اجتمع أغلب أبناء التيارات الدينية مع شباب الاشتراكيين والليبراليين أو كادوا على رفض التجربة ووصمها بكل عار ونقيصة، ولم يعد الأمر مقتصرا مثلا على النقد الموضوعي لعيوب التجربة ومساوئها (كالتعذيب ومصادرة الحريات مثلا)، بل وصلت المسألة إلى حد اعتبار عبد الناصر رمزا للفشل، فحرب السويس مثلا فشل ذريع لمصر، وتأميم قناة السويس فشل، وبناء السد العالي فشل، وأشياء أخرى كثيرة لا يمكن أن يقبلها منصف، ولأن التسطيح والضحالة سمة العصر فقد اتخذت هذه الحملة من "الكوميكس" وسيلةً لها. يكفي أن تضع صورة عبد الناصر وهو يحيي الجنود ثم تكتب جملة قصيرة عن فشل شخصي لتصبح الصورة معادلا موضوعيا للفكرة، ويضحك الضاحكون وينتهي الأمر، دون أن يفكر أغلبهم في أن يسأل نفسه: هل فشل عبد الناصر بالفعل؟ هل يجب أن أكتفي بما قاله لي الآخرون عنه، بدلا من القراءة والمقارنة وتحكيم العقل والمنطق؟ هل الآية الكريمة "ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا" وُجِدت تعبيرا عن موقف بعينه ثم فقدت صلاحيتها أم إنها حكمة إلهية تصدق في كل زمانٍ ومكان؟
كتاب "لمصر لا لعبد الناصر" محاولة شجاعة من محمد حسنين هيكل لإنصاف قائد آمن به، وما كان أسهل أن ينضم هيكل للحملة الساداتية على تاريخ عبد الناصر وتِركته فينال الرغائب، وما كان أسهل أن يصمت ويدع الجميع يتكلمون، لكنه آثر أن يدلي بشهادته، وهي ليست شهادة عاطفية انفعالية، بل شهادة مدعومة بأرقام ليس مصدرها أجهزة الدولة المصرية، بل أجهزة وكيانات دولية لم تكن ذات يوم من مؤيدي عبد الناصر. وقد كتبه هيكل عام 1976، أي قبل اتفاقات كامب ديفيد بعامين، لكن الكتاب لم يخل من تحذير من تغير موقف السلطات المصرية من إسرائيل، ومن أشياء أخرى كثيرة وقعت للأسف فأوقعت مصر التي لم تنهض من عثرتها منذ ذلك الحين. الكتاب يقع في أحد عشر فصلا يسميها هيكل "أحاديث"، يتناول في كل منها- بأسلوبه السلس المشوقة- تهمة مما وُجِّهَ إلى عبد الناصر وعصره، وهي تهم بعضها صادق صحيح لا يمكن تبريره، كتهمة التعذيب مثلا، وبعضها صادق صحيح يمكن تبريره بشكل أو بآخر، كموقف عبد الناصر من القضاء، وبعضها كاذب كل الكذب، كتهمة الفساد المالي مثلا وإشعال الصراع الطبقي والفتن في العالم العربي مثلا. وهيكل كما سبق أن قلت يرد على كل تهمة ردا موضوعيا منطقيا كعادته، ولا يجد غضاضة في الاعتراف بالأخطاء، فالهدف وضع التجربة في سياقها التاريخي، بحيث يمكن الإفادة منها إذا كان الهدف هو تحقيق النهضة لمصر، لا إخراس مصر وتحويلها إلى حارس لإسرائيل- دولة بلا مصانع ولا مزارع، بل مدينة ملاهي استهلاكية كبيرة.
الكتاب كبير نوعا ولا يمكن تلخيص كل ما جاء فيه في مراجعة نقدية واحدة، وأنصح بقراءته بوجه عام، وفيما يلي أحاول تلخيص أهم النقاط التي أوردها هيكل فيه:
1. جمال عبد الناصر كان متعففا متقفشا في أسلوب حياته الشخصية، وهو مسئول عن سلوك أولاده حتى لحظة وفاته وحسب.
2. السادات لم يكن مغمض العينين مكبل اليدين أثناء الحقبة الناصرية، بل كان شريكا في القرارات أو على الأقل لم يسجل التاريخ اعتراضه عليها في أثناء صدورها، فكيف ولماذا تغير الموقف بعد وفاة عبد الناصر؟ وكيف يتبرأ السادات من ثورة يوليو بقيامه بثورة التصحيح المزعومة؟
3. السادات كان من المتحمسين لحرب اليمن (التي عارضها هيكل)، لكن رغم مساوئ اشتراكنا في تلك الحرب فقد أسهمت في تغيير وجه الجزيرة العربية، وتحويل القبليات هناك إلى دول بالمفهوم الحديث.
4. الإجراءات التي اتخذت ضد القضاة كان أساسها وسببها الشك في نزاهة أحكام بعض القضاة في قضايا تحديد الملكية، وقد التقى عبد الناصر أحد القضاة المتجردين لأخذ رأيه في هذه المسألة، وبناءً على رأيه كان عبد الناصر سيتخذ إجراءات تصحيحية لولا قيام ثورة الفاتح من سبتمبر في ليبيا عام 1969 وانشغاله بمجرياتها.
5. أزمة حرية الصحافة كان أساسها وقف صدور جريدة المصري، إلا إن سبب إيقاف الجريدة كان تعاون صاحبها محمود أبو الفتح مع النظام العراقي بقيادة نوري السعيد، والأهم من ذلك أن محكمة الشعب كانت قد أدانت أبو الفتح بتهمة محاولة رشوة موظف والدعاية ضد النظام الحاكم خارج البلاد، وكان أنور السادات من بين أعضاء محكمة الشعب التي أصدرت قرار سحب ترخيص جريدة المصري من رجل الأعمال محمود أبو الفتح.
6. أعداد المعتقلين كانت كبيرة بالفعل، وبالفعل كان هناك تعذيب، لكن المسألة تم تهويلها أيام السادات، ومع ذلك لم يعترض السادات أو غيره من رجاله أثناء العهد الناصري على الاعتقال أو التعذيب، بينما كتب هيكل مقالا أغضب عبد الناصر وأدى إلى استقالة شمس بدران من مهمة التحقيق مع المعتقلين، والمقال عنوانه "زوار الفجر" وقد تحدث فيه عن معتقلي الإخوان. الأهم هنا أن عبد الناصر كان في هذا الصدد محكوما بظروف معينة، إذ كان همه الرئيسي هو الحرص على عدم اختراق الجبهة الداخلية، مما أدى إلى إقالة بعض المسئولين الذين سربوا- بحسن نية أو بسوء نية- معلومات إلى مسئولين بريطانيين (كما في حالة سفير مصر في الهند حسين عزيز، ونائب محافظ البنك المركزي أحمد أبو العلا). يتحدث هيكل هنا أيضا عن مقتل شهدي عطية، وأن إجراءات قد اتخذت ضد من ارتكبوا الجريمة التي لم يعلم بها عبد الناصر سوى بعد وقوعها (وإن كنت بشكل شخصي أرى أن تلك الإجراءات لم تكن كافية، فالأمر لم يتجاوز التحقيقات وإحالة مأمور السجن إلى المعاش). يلفت هيكل أيضا إلى أن عبد الناصر رفض إيقاف نشر قصة "بنك القلق" لتوفيق الحكيم رغم أنها تضمنت نقدا لاذعا للنظام الناصري، كما سمح لهيكل بنشر قصة د. عبد المنعم الشرقاوي عما حدث معه من تجاوزات أثناء اعتقاله، وقال له: "انشر حتى يعرف هؤلاء جميعا أنه ليست هناك حماية لأحد فوق القانون".
7. لم يشعل عبد الناصر نيران الصراع الطبقي، فالنيران كانت متأججة مستعرة الأوار سلفًا، الأمر الذي أدى إلى قيام ثورة يوليو. ويضرب هيكل الأمثلة بأغنياء الحرب الذين أثروا من ارتفاع أسعار القطن بسبب حرب كوريا وغيرها، وبسيطرة الأجانب على القطاع المالي بمصر، وبالاغتيالات السياسية الكثيرة التي وقعت قبل ثورة يوليو بسبب حالة الغليان التي وصلت إليها البلاد في ذلك الوقت (مثل اغتيال أحمد الخازندار وحسن البنا وأمين عثمان وأحمد ماهر وغيرهم)، ودور أحمد عبود باشا رجل الأعمال الإقطاعي الشهير في إغلاق ملفات التحقيق في قضايا الفساد (إذ منح الملك فاروق مليون دولارا مقابل إقالة نجيب الهلالي وتعيين حسين سري رئيسا للوزراء)والأمثلة كثيرة جدا في هذا الصدد بوجه عام، فما فعله عبد الناصر كان محاولة لتضييق الفجوة الموجودة أساسا بين الفقراء والأغنياء.
8. لم يقم عبد الناصر بتوزيع الفقر كما يزعمون، بل اهتم بتنفيذ المشروعات التنموية، فبدأ بمشروعات كان من المقرر تنفيذها في ظل النظام السابق، على اعتبار أنها مدروسة بالفعل، مما يوفر الوقت، فأنشأ مصنع سماد أسوان وكهربة أسوان ومصنع الحديد والصلب على سبيل المثال لا الحصر، ثم أنشأ الوحدات المجمعة للصحة والتعليم وإعادة التدريب والإرشاد الزراعي في الريف، علاوة على المستشفيات المركزية، ثم جاء السد العالي تتويجا لهذا كله. ويستعين هيكل بالأرقام في هذا الفصل فيقول إنه رغم كل الضغوط التي تعرضت لها مصر في الفترة ما بين 1957 و1967 كان معدل التنمية 6.2% سنويا، ارتفع بين 1960 و 1965 إلى 6.6% (والمصدر تقرير البنك الدولي رقم 870- أ عن مصر، واشنطن 5 يناير عام 1976). وظل الاقتصاد متماسكا رغم هزيمة 1967 ورغم تكلفة إعادة بناء القوات المسلحة واستكمال بناء السد العالي ومجمع الحديد والصلب، في ما وصفه هيكل بأنه "شبه معجزة" إذ "بقيت الحياة محتملة للسواد الأعظم من الجماهير" كما يقول هيكل في صفحة 108.
9. في سنة 1970 كان إجمالي ديون مصر أربعة آلاف مليون أغلبها للاتحاد السوفييتي (دين مدني وعسكري) على أقساط ممتدة بفائدة 2.5%، أما الدين قصير الأجل فكان قروضا بتسهيلات مصرفية ولموردين في حدود 180 يوما بفوائد عالية من 10% إلى 14%، لكن الدين الرئيسي الخارجي كان ربع مثيله الإسرائيلي (مع أخذ اختلاف عدد السكان في الحالتين في الاعتبار) ونصف الدين الخارجي التركي، والمهم أن معظم هذا الدين كان لإنجاز مشروعات. أما الدين قصير الأجل فيقارنه هيكل بدين مصر قصير الأجل في عام 1975 فيقول إن الأخير قد وصل إلى 1004 مليون جنيه، بزيادة عشر مرات خلال خمس سنوات فقط. ويقارن هيكل الاستهلاك العام في العصر الناصري به في زمن السادات فتأتي النتيجة أيضا لصالح الأول، كما يقارن المدخرات الوطنية المتاحة من الداخل للتنمية في العهدين وتأتي النتيجة أيضا لصالح أيام عبد الناصر.
10. يتحدث هيكل عما يثيره البعض من أن عبد الناصر قد أثار الفتن والقلاقل في العالم العربي وأهدر ثرواتنا وطاقاتنا في مغامرات خارجية، فيقول إن مصر قد استطاعت أن تمارس تأثيرا نتيجة لتمسكها بالتزامها القومي، ويقول نصًّا: "والبرهان العملي على ذلك هو الأرقام، فمصر "المغامرة" استطاعت أن تنمي بمعدل زيادة قدره 6.7% سنويا في الفترة ما بين 1955 إلى 1965، طبقا لوثائق البنك الدولي، وأما مصر "غير المغامرة" الطيبة المؤدبة المطيعة، فإن الادخار القومي � أساس التنمية- فيها سنة 1975 كان 1.2% بالناقص، طبقا لأرقام التخطيط المصري!" ( ص125). ثم إن وفاة عبد الناصر لم تخمد القلاقل والفتن ولم تؤدِ لتحسن العلاقات بين مصر وجيرانها العرب، بل ظلت العلاقات متوترة بين مصر من جهة وفلسطين وسوريا والأردن من جهة أخرى، وبين سوريا والعراق، وليبيا والمغرب، وغيرها.
11. لعل أصعب فصول الكتاب وأقساها هو الفصل التاسع الذي يتناول فيه النكسة، إذ يبدو كل شيء وكأننا نُدفَع دفعا لمواجهة إسرائيل برعاية ومباركة الولايات المتحدة، التي كان وزير خارجيتها يقول لعبد الناصر شيئا بينما وكالة المخابرات المركزية تفعل أشياء أخرى مناقضة للتوجه الأمريكي الظاهري، مع اعتراف هيكل بأن قرار إغلاق خليج العقبة قرار جانبه الصواب، ومع تأكيده أن عبد الناصر لم يسع لتلك المواجهة أبدا وكانت رؤيته للصراع العربي الإسرائيل تتلخص في قصة "السنطة وشعرة ذيل الحصان" وهي استراتيجية صعيدية للتعامل مع "السنطة" التي تصيب الجلد فيعمد الرجل في الصعيد إلى لف شعرة من ذيل حصان حولها حتى يحبس الدم عنها فتسقط من تلقاء نفسها، والسنطة هي إسرائيل في رأي عبد الناصر، ومقاطعتها تؤدي لضمورها وسقوطها من تلقاء نفسها.
12. لم يستفز عبد الناصر الولايات المتحدة ولم يسع إلى معاداتها، لكن مبدأ الخلاف كان إصرار الولايات المتحدة على إرغامنا على قبول إسرائيل وتطبيع العلاقات معها، من خلال خلق حلف غربي أرادت ضم مصر إليه، وهو الأمر الذي رفضه عبد الناصر كي تكون لنا إرادة حرة ولأنه لا مبرر لمعاداة الاتحاد السوفييتي بهذا الشكل. على الجانب الآخر كانت مساعدات الاتحاد السوفييتي لنا منظمة ومقننة وقد وقف عبد الناصر في وجه كل محاولة سوفييتية لإلغاء الإرادة المصرية أو التحكم في مقدرات الأمور، ويذكر أن قرار التخلص من الخبراء السوفييت قد اتخذه عبد الناصر وخوروشوف مسبقا، أي إن السادات لم يكن سوى منفذ لقرار سبق اتخاذه بالفعل.
13. هناك حملة منظمة ممنهجة لتصوير هزيمة 1967 باعتبارها الشر الأعظم الذي يجب على أساسه إدانة عبد الناصر وعصره ورجمهما ثم دفنهما، والهدف واضح وهو تبرير سياسات السادات المخالفة تماما للسياسات الناصرية، والواقع يقول إن الهزائم طبيعية في تاريخ الشعوب، فاليابان وألمانيا هزمتا، وفرنسا هزمت، وغيرها، لكننا الدولة الوحيدة التي عمدت القيادة الجديدة فيها إلى اتخاذ الهزيمة مسوغا للتخلي عن المبادئ التي لا يختلف عليها اثنان!
اختتم هذه المراجعة التي طالت باقتباس من الكتاب، يورده هيكل على لسان الرئيس الجزائري هواري بو مدين، إذ قال لهيكل: "ما الذي تفعلونه بجمال عبد الناصر في مصر الآن؟ وأي شيء بقي ليحفز أي إنسان عربي ليعطي عمره لأمته؟ لقد اختلفنا واتفقنا معه كثيرا، ولكننا لا نختلف ولا يختلف معنا أحد في أنه كان أبرز عربي ظهر على الساحة في هذا العصر. وإذا كانوا يفعلون به ما نراه اليوم، فماذا يفعلون بغيره ممن لم يعطوا عطاءه ولم يكن لهم مثل دوره، وإن حاولوا بكل ما في وسعهم أن يجاهدوا ويناضلوا؟"
وللأسف فإن الواقع العملي قد قدم إجابة مؤلمة على أسئلة بو مدين، فعلى سبيل المثال يحمل جيل الشباب تقديرا واحتراما كبيرا لأنور السادات باعتباره بطل الحرب والسلام إلخ بالرغم من التطبيع مع إسرائيل والانفتاح وتقزيم مصر بمنعها عن لعب دورها العربي والإفريقي ، بينما يرفض هؤلاء عبد الناصر رفضا تاما لا يخلو في أحيان كثيرة من حقد، بل إن ثمة توجها كوميديا إلى تمجيد أيام الملكية باعتبارها العصر الذهبي لمصر، والمضحك أن كثيرا ممن يتبنون هذا الاتجاه من أبناء البسطاء (كأغلبنا) الذين ما كانوا ليتلقوا أي قدر من التعليم لو أن الملكية قد استمرت كما يأملون.
أخيرا أقول: رحم الله هيكل، فهو المثل الأعلى للصحفي الراقي المثقف الملم بحقائق التاريخ والجغرافيا والسياسة، وقلما استطاع غيره أن يقدم للقارئ مثل الرؤية الشاملة التي يقدمها، والتي لا يمكن تحققها إلا من خلال اطلاع موضوعي وشخصية منفتحة عقلانية، ورحم الله عبد الناصر، رغم كل عيوبه البشرية.. فليتغمده الله بواسع رحمته، لأن مصر في أيامه كان لها وجه جاد، وعقل واعٍ، ويد عاملة منتجة بناءة، وكان عدوها واضحا لعينيها كل الوضوح، دون مواربة أو مناطق وسطى رمادية، ولم يكن ذلك العدو بالتأكيد أي أخ عربي، بل إسرائيل التي يرتمي العرب في أحضانها بأمر الولايات المتحدة اليوم، الواحد تلو الآخر، والبقية تأتي.
Sign into ŷ to see if any of your friends have read
لمصر لا لعبد الناصر.
Sign In »
Reading Progress
November 9, 2020
–
Started Reading
November 9, 2020
– Shelved
January 16, 2021
–
Started Reading
( Edition)
January 16, 2021
– Shelved
( Edition)
January 16, 2021
–
Finished Reading
( Edition)
January 21, 2021
–
Finished Reading