ŷ������

#كريسماس��في��مكة
- رواية جميلة بحروف نابضة أبت أن تغادرني إلّا ومعها دموع نديّة من مُقلتَيْ.. ومهما سأكتب عنها أعتقد أنّه سيبقى في جعبتي الكثير مما قد أعجز عن نقله مرصوفاً في كلمات.. فقد دخل عقلي الباطن واستقرّ، ليعمل عمله فيه..
- شعرت لو أني دخلت عالم كتابة الروايات لربما كانت رواياتي تشبهها.. إذ رواية كهذه بحاجة لمن يعيش واقعا اجتماعيا معينا ويسبر أغوار شخوصه بدقة..
- كتب المؤلّف تنبيهاً أنّ شخوصها غير موجودين في الواقع..
ولكم تمنّيت لو كانوا موجودين..
لكنت أوّل من تواصل مع مريم..
وطبطبت على كتفي ميّادة..
وواسيت سعداً..
وسعيت بتفريج كرب حيدر..
- رواية تدخل في أعماق قارئها.. ليجد نفسه وجهاً لوجه مع ذاته.. لا بل في أدقّ تفاصيل عقله وما يدور في خلده.. وكيف يواجه أخطاءه بل ربّما هفواته فضلاً عن معضلاته الكبيرة..
تلخّص الرّواية نزاعات شتّى على مستويات كبيرة وصغيرة..
أشخاص يعيشون أمجادا عائلية ذهبت وولت ولن تعود..
النّفس البشريّة لا تتغيّر..
الأماني والأحلام وربّما يعقبهما الخذلان يتكرّران بمشاهد تكاد تكون واحدة..
نقول لماذا حصل هذا؟ لا يوجد لماذا مع قضاء الله وقدره..
حصل وفقط.. وبعدها يأتي العمل.. ويعقبه جزاء هذا الامتحان أو الاختبار..
هل سنقف فوراً لنأخذ العبرة ممّا حصل وانتهى؟!
أم أنّ الأمر سيتطلّب منّا قضاء عمر بأسره لنصل في النّهاية إلى هذا التّصالح مع النّفس ومع من حولنا وما حولنا.. ونرضى بما كتبه الله لنا.. ونرى فيه الخير رغم الشّرور التي اكتنفته..
- هل سنتقبّل ما حصل برضى، أم بتذمّر؟! نسعى لأن نكون راضين؛ خوفاً من أن يصدق علينا قول الله عزّ وجلّ: "خسر الدّنيا والآخرة، ذلك هو الخسران المبين"
- يجد الإنسان �� حقيقة- أنّ ما يجمعنا نحن البشر، رغم اختلاف أعراقنا وانتماءاتنا ومللنا أكثر ممّا يفرّقنا.. فتلك فطرة الله التي فطر النّاس عليها.. ولكنّنا نُكابر..
- حزين وصف ما حصل في العراق من خراب ودمار، وتشتّت أُسَر، وموت أحلام..
�� فما ذنب تلك الطّفلة أن تربى يتيمة بقتل أبيها وفقاً لاسمه!!
وما فعلت أمّها ليموت حبيبها في طرفة عين ولمّا تهنأ بالعيش معه وفي كنف حبّه!
�� ماتت الأمّ بجلطة دماغيّة ليتبعها والده بموت يبقى فيه على قيد الحياة.. بمرض زهايمر يصيبه يُنسيه واقعه الأليم.. ويُبقي في خزينة عقله الباطن "عمر" وآخر ما تبقى من ذكريات "عمر".
عمر.. وكم مات من أمثاله..
ميثم.. وكم فُقد وعذّب أشباهه..
ضياع.. ألم .. حزن.. تشتّت..
ولكن مع ذلك.. ذهبوا وبقيت العِبر من ما حصل لهم مع من نجا من أفراد عائلتهم..
- فهذا سعد.. رغم كلّ آلامه تصالح مع نفسه، وحاول استدراك ما كان يجب عليه عمله من قبل..
تجاوز وضعه الأسري والصحّي.. واغتنم أيّام أبيه الأخيرة.. فعاش معه أيّاما ولحظات ستبقى معه إلى أن يحين موعد رحيله.. فتكون أنساً له في وحدته..
- وتلك مريم التي جسّدت صراعاً متعدّد الجهات والجبهات.. ولكنّها في النّهاية انتصرت، وأنتظر لها مستقبلاً واعداً.. ولا أنسى أنّ ما حصل معها في تلك الرّحلة، فتّق عندها جروحاً ومواجع لم تكن على علم بها.. ولكنّها مع ذلك عاشت مشاعر جميلة كان يجب أن تذوقها وتتلمّسها..
- ميّادة البطلة.. ربّما سأرفع لها قبّعتي احتراماً.. وفي خَلَدي مقدار حزنها والخطب الجلل الذي أصابها.. فما أصعب فقدان من نُحب..
- لم أتفاعل كثيراً مع حيدر.. ولكني تأثرت بحاله في مكّة.. وتلك الأمطار التي غسلت أحزانه مع كلّ قطرة تنهمر.. وذكرني بنفسي يوم ضاقت بي الأرض بما رحبت فكان الحل أن أذرع الأرض سيرا على الأقدام وأنا أناجي الله تعالى في سري وهمساتي.. وشفيت عندما وصلت إلى أعمق نقطة عندي سبرت أغواري.. فأعادت لي اتزاني.. وأمدتني بالقوة.
- رأيت مكّة المكرّمة بجلالها المهيب.. بعيني كلّ فرد من أفراد العائلة.. وكان وصفاً رائعاً لن يفهمه ربّما إلّا من عاشه وأحسّ به..
- تزامنت قراءتي للصّفحات الأخيرة �� الأكثر تأثيراً �� مع سماعي للقيصر وهو يقول: نُفيت واستوطن الأغراب في بلدي.. ودمّروا كلّ أشيائي الحبيبات..
صحيح.. لقد دمّرت البلاد ونفي أشخاصها وماتت أجمل أمانيهم وأحلامهم.. المعنويّة منها قبل الماديّة.. وباتوا يعيشون على فتات مجد زال..
في مشهد تاريخي يعيد نفسه، وكأنّه يًجسّد رواية جديدة لما حصل أيّام دخول التتار إلى العراق وتدميرهم إيّاها..
مجد وعلوّ لا يبقيان لأحد..
"وتلك الأيام نداولها بين النّاس"
ولا يبقى إلّا الحيّ القيّوم..
فحسن ظننّا هو أملنا لرضى الله عنّا..
كتب الله أجر مصابنا في بلادنا.. وأحسن صبرنا.. وأثابنا خيراً انتظارنا تفريج كربنا..
إنّه على ذلك قدير..
ونعم بالله..

وفاء
شوّال 1442هـ
أيّار 2021م