Hadil Zawahreh's Reviews > تزممارت: الزنزانة رقم 10
تزممارت: الزنزانة رقم 10
by
by

ينهي أحمد المرزوقي المسجون خمسة عشرة عاماً ظلما زيادةً على خمس سنواتٍ حوكم بها بسبب صدفة قدرية جعلته ينضم لمدرسة أهرمومو العسكرية وجهله بالخطة العسكرية الانقلابية التي أراد أن يقوم بها قائد هذه المدرسة وقتذاك , في مقابر معتمة من الإسمنت البارد القذر البعيد كل البعد عن أي مكان يمتلك أدنى مقومات الحياة البشرية أو الحيوانية بظروف جوية ونفسية وغذائية وصحية وإنسانية لا تصلح للعيش أبدا, بجملته فهل سنفلح ذات يوم في تغيير هذا الوطن !
هذا التفاؤل سيء يا سي أحمد, سيء ومؤذي جدّاً (: !
****
"وقد حدث ذات ليلة أن سمعنا لغالو يتوجع بصوت مسموع على غير عادته . فلمّا سألناه أجابنا بأن الأكياس الصغيرة التي دأب الأصدقاء الثلاثة على دسّها تحت كتفيه وحوضه من أجل عزل جنبه عن فراشه الوسخ , زلقت من مكانها ليجد نفسه ملقى على ظهره, بينما تأرجحت رجلاه المشلولتان في الهواء مؤذنة بسقوط وشيك من فوق الدكّة التي كانت على علو تسعين سنتيمتر تقريبا . انقبضت قلوبنا هلعا لهذا الحدث الأليم الذي لم نكن نملك حياله شيئا. فتعالت أصواتنا تشجع الرجل وتحثه على معالجة الأمر بيده اليمنى التي نجت من الشلل. ولكنّ لغالو طلب منّا بإصرار صمتا شاملا ثم خاطبنا بصوت راجف حزين :
'إخواني الأعزاء,إني ساقط ما في ذلك أدنى شك, لم يبقَ لي إذن من العيش سوى هنيهة وجيزة , فدعوني أقضيها معكم حتى أودعكم جميعا وداعا أخيرا .. أودّ..
ولم يستطع إكمال جملته .. سمعنا وقع جسمه وهي يهوي بعنف محدثا صوتا أخرس..فران بعد ذلك صمت كصمتِ القبور.
****
تتناول الرواية فصلا أسودا مقيتا آخر من المسرحيّة العربيةالتي بدأت منذ الأزل وما زالت في القمع والظلم والاستبداد والتخلّف والتعسّف والقهر والقرف اللامتناهي.
يتحدث فيها الكاتب (صاحب القصة) عن أحوالهم في سجن تزمامارت في المغرب بعد اتّهامهم بمسؤولية أحداث انقلاب الصخيرات على الملك حسن الثاني 1971 , المخطّطة من قبل بعض الجنرالات وبالأخص محمد اعبابو والجنرال محمد المدبوح , حيث كان الضباط
المشاركين يعتقدون أنهم سيقومون بمناورة جاهلين بحقيقة انها كانت انقلابا أدى إلى مجازر دموية حدثت على نفس البلاط الملكي لقصر الملك.
حوكم بعدها أكثر من ألف ومئتين من المشاة والطيّارين والميكانيكيين وكل من كان موجودا في ذاك اليوم ,وتم تنفيذ حكم الإعدام بحق عشرة ضباط من بينهم أربعة جنرالات ليلة عيد الأضحى وسجن عدد كبير منهم,,
وانتقل إلى جحيم تزمامارت وقضى فيه 18 عاما كل من حوكم بثلاث سنوات أو أكثر .
يبدأ بعدها الكاتب بوصف أهوال هذا المكان وقصة كل منهم وكيف قضوا 18 عاما
هناك منسيّين متروكين قابعين في الدرك الأسفل من الجحيم.
قام الحرّاس بتفريقنا على البنايتين بكيفية اعتباطية ثم فتشونا بعد ذلك في الدهليزين تفتيشا دقيقا وأخذوا منا كل ما نملك بما في ذلك مصاحف القرآن.. ولما احتجّ الملازم الأسير محمد منصت على تجريده من نظاراته وقد كان ضعيف البصر , أجابه أحدهم مهتكّما : "لم تعد لك بهما حاجة بعد اليوم"
______
كل زنزانة كانت عبارة عن علبة ضيقة من الإسمنت المسلّح طولها ثلاثة أمتار وعرضها مترين ونصف , أما علوها فيقرب من أربعة أمتار. تسبح ليل نهار في ظلام مطبق, اللهم إلا من خيط نور رماديّ باهت , كان يتسلل في عز النهار من ثقب في السقف فينعكس على أرضية الزنزانة على شكل دائرة صغيرة شاحبة لا تكاد ترى فيها أصابع اليدين إلا بصعوبة شديدة!
______
في الجهة المقابلة للباب , قبعت على امتداد عرض الزنزانة دكة عارية من الإسمنت, علوها وعرضها متر , كانت لنا بمثابة سرير. ولكن أيّ سرير؟ صقيعي في الشتاء وحامٍ في الصيف , قضينا عليه 6550 ليلة.
______
أصيب السجعي بحمّى المستنقعات وأخذ يذوب على مهل في غياب أدنى رحمة أو مساعدة. وكان في هذيانه المتواصل يناجي نفسه بصوت مسموع ويهتف باسم أمه "مي عايشة" هتافا يفتت الأكباد من فرط حرقته. ولما بُحّ الصوت من كثرة النداء , لاذ بصمتٍ عميق.
_____
***
صدقا لا أدري لماذا أعطي هذه المأساة تقييما عاليا , ما المتعة بهذه الوحشية؟ لماذا تفاعلت معها بكل حواسي وأعضائي وكنت أقرأ دون اهتمام للوقت ولكومة المواد التي لا بدّ أن أحفظها؟ لا أدري.
مأخذي الوحيد هو العشوائية في الرواية وتناول الأحداث من كل الجهات والتواريخ دون ترتيب أو تنظيم محدّد , كان هذا مُشتتا للتركيز لكثرة الأحداث والأسماء.
بعد الانتهاء منها كرهت الجنس البشري أكثر هو وجبروته السخيف ووحشيته وحيونته وألمه وضعفه واعتياده على التعذيب واعتيادي على الروايات أو المشاهد من هذه الأنواع إذا ما قرأتها/شاهدتها اكثر من مرة..كرهت أحمد المرزوقي وأصدقاءه والملك الحسن الثاني والجيش والشعب والمترجم والناشر وصاحب دار النشر, وكرهت الضوء والشمس والعتمة والنوم والراحة والأرق والتعب والمتعة والفرح والحزن وهذا الكوكب المسخوط ..!
الرواية ملحمة سوداوية فظيعة.
أنت على الأرض لا يوجد علاج لذلك
هذا التفاؤل سيء يا سي أحمد, سيء ومؤذي جدّاً (: !
****
"وقد حدث ذات ليلة أن سمعنا لغالو يتوجع بصوت مسموع على غير عادته . فلمّا سألناه أجابنا بأن الأكياس الصغيرة التي دأب الأصدقاء الثلاثة على دسّها تحت كتفيه وحوضه من أجل عزل جنبه عن فراشه الوسخ , زلقت من مكانها ليجد نفسه ملقى على ظهره, بينما تأرجحت رجلاه المشلولتان في الهواء مؤذنة بسقوط وشيك من فوق الدكّة التي كانت على علو تسعين سنتيمتر تقريبا . انقبضت قلوبنا هلعا لهذا الحدث الأليم الذي لم نكن نملك حياله شيئا. فتعالت أصواتنا تشجع الرجل وتحثه على معالجة الأمر بيده اليمنى التي نجت من الشلل. ولكنّ لغالو طلب منّا بإصرار صمتا شاملا ثم خاطبنا بصوت راجف حزين :
'إخواني الأعزاء,إني ساقط ما في ذلك أدنى شك, لم يبقَ لي إذن من العيش سوى هنيهة وجيزة , فدعوني أقضيها معكم حتى أودعكم جميعا وداعا أخيرا .. أودّ..
ولم يستطع إكمال جملته .. سمعنا وقع جسمه وهي يهوي بعنف محدثا صوتا أخرس..فران بعد ذلك صمت كصمتِ القبور.
****
تتناول الرواية فصلا أسودا مقيتا آخر من المسرحيّة العربيةالتي بدأت منذ الأزل وما زالت في القمع والظلم والاستبداد والتخلّف والتعسّف والقهر والقرف اللامتناهي.
يتحدث فيها الكاتب (صاحب القصة) عن أحوالهم في سجن تزمامارت في المغرب بعد اتّهامهم بمسؤولية أحداث انقلاب الصخيرات على الملك حسن الثاني 1971 , المخطّطة من قبل بعض الجنرالات وبالأخص محمد اعبابو والجنرال محمد المدبوح , حيث كان الضباط
المشاركين يعتقدون أنهم سيقومون بمناورة جاهلين بحقيقة انها كانت انقلابا أدى إلى مجازر دموية حدثت على نفس البلاط الملكي لقصر الملك.
حوكم بعدها أكثر من ألف ومئتين من المشاة والطيّارين والميكانيكيين وكل من كان موجودا في ذاك اليوم ,وتم تنفيذ حكم الإعدام بحق عشرة ضباط من بينهم أربعة جنرالات ليلة عيد الأضحى وسجن عدد كبير منهم,,
وانتقل إلى جحيم تزمامارت وقضى فيه 18 عاما كل من حوكم بثلاث سنوات أو أكثر .
يبدأ بعدها الكاتب بوصف أهوال هذا المكان وقصة كل منهم وكيف قضوا 18 عاما
هناك منسيّين متروكين قابعين في الدرك الأسفل من الجحيم.
قام الحرّاس بتفريقنا على البنايتين بكيفية اعتباطية ثم فتشونا بعد ذلك في الدهليزين تفتيشا دقيقا وأخذوا منا كل ما نملك بما في ذلك مصاحف القرآن.. ولما احتجّ الملازم الأسير محمد منصت على تجريده من نظاراته وقد كان ضعيف البصر , أجابه أحدهم مهتكّما : "لم تعد لك بهما حاجة بعد اليوم"
______
كل زنزانة كانت عبارة عن علبة ضيقة من الإسمنت المسلّح طولها ثلاثة أمتار وعرضها مترين ونصف , أما علوها فيقرب من أربعة أمتار. تسبح ليل نهار في ظلام مطبق, اللهم إلا من خيط نور رماديّ باهت , كان يتسلل في عز النهار من ثقب في السقف فينعكس على أرضية الزنزانة على شكل دائرة صغيرة شاحبة لا تكاد ترى فيها أصابع اليدين إلا بصعوبة شديدة!
______
في الجهة المقابلة للباب , قبعت على امتداد عرض الزنزانة دكة عارية من الإسمنت, علوها وعرضها متر , كانت لنا بمثابة سرير. ولكن أيّ سرير؟ صقيعي في الشتاء وحامٍ في الصيف , قضينا عليه 6550 ليلة.
______
أصيب السجعي بحمّى المستنقعات وأخذ يذوب على مهل في غياب أدنى رحمة أو مساعدة. وكان في هذيانه المتواصل يناجي نفسه بصوت مسموع ويهتف باسم أمه "مي عايشة" هتافا يفتت الأكباد من فرط حرقته. ولما بُحّ الصوت من كثرة النداء , لاذ بصمتٍ عميق.
_____
***
صدقا لا أدري لماذا أعطي هذه المأساة تقييما عاليا , ما المتعة بهذه الوحشية؟ لماذا تفاعلت معها بكل حواسي وأعضائي وكنت أقرأ دون اهتمام للوقت ولكومة المواد التي لا بدّ أن أحفظها؟ لا أدري.
مأخذي الوحيد هو العشوائية في الرواية وتناول الأحداث من كل الجهات والتواريخ دون ترتيب أو تنظيم محدّد , كان هذا مُشتتا للتركيز لكثرة الأحداث والأسماء.
بعد الانتهاء منها كرهت الجنس البشري أكثر هو وجبروته السخيف ووحشيته وحيونته وألمه وضعفه واعتياده على التعذيب واعتيادي على الروايات أو المشاهد من هذه الأنواع إذا ما قرأتها/شاهدتها اكثر من مرة..كرهت أحمد المرزوقي وأصدقاءه والملك الحسن الثاني والجيش والشعب والمترجم والناشر وصاحب دار النشر, وكرهت الضوء والشمس والعتمة والنوم والراحة والأرق والتعب والمتعة والفرح والحزن وهذا الكوكب المسخوط ..!
الرواية ملحمة سوداوية فظيعة.
أنت على الأرض لا يوجد علاج لذلك
Sign into ŷ to see if any of your friends have read
تزممارت.
Sign In »
Reading Progress
October 11, 2012
– Shelved
January 3, 2015
–
Started Reading
January 6, 2015
–
30.3%
""وقد توصلنا بفضل تجربتنا الكبيرة في مجال الروائح الكريهة أن � أخبث و� أنتن من رائحة اﻹنسا� حين يرد إلى الحالة البهيمية.""
page
100
January 10, 2015
–
Finished Reading
Comments Showing 1-4 of 4 (4 new)
date
newest »

message 1:
by
Shereen
(new)
-
rated it 4 stars
Apr 28, 2013 08:37AM

reply
|
flag

الجملة كفيلة بإني أهرول لقراءتها ؛ هذا النوع الذي أحب بخاصة في اسبوع انقاذ السستم

صدقا الرواية رهيبة، حاولي تأجليها لحتى نخلص ، لأنه مش رح تقدري تتركيها :D