Eman's Reviews > فُسحة للجنون
فُسحة للجنون
by
هل للحرب منطق؟ و هل يمكن للجنون أن يكون أكثر منطقية من الحرب؟ يبدو أنه كذلك على الأقل بالنسبة لعامر أو حكمت أو حكوّ.. لا يهم أي اسم نطلقه على بقية الإنسان هذا ..الذي بقي شاهداً على الحرب وعلى الدمار ووحده بقي مخلصاً للأرض حين غادرها الجميع ..
تبدأ الرواية من قرية حدودية يغادرها سكانها هرباً من ويلات الحرب التي اندلعت بينها وبين دولة مجاورة..يغادر الجميع ويبقى حكو المجنون لأنه لا يخون الملح ولا يخاف شيئًا وما الذي يمكن أن يحدث له أسوأ مما حدث ؟!!
يحرس حكمت خراب القرية كما يحرس نهرها وأشجارها وحميرها وكلابها يطعم من يجده حياً ويدفن من يموت ..يأكل ما يجد وما يجود به العسكر عليه يشاكسونه و يلجمهم أحياناً بجنونه الحكيم..
يتعرف عليه صديق قديم و تبدأ الحكاية تعود للبداية ونعرف من خلالها حكمت حين كان رساماً وعاشقاً ومثقفاً يقف على عتبات المستقبل الواعد.. ولكن التعذيب والسجن كانا له بالمرصاد حتى انطفأت جذوة الحياة والكرامة والإنسانية بداخله.. لمجرد الشك .. يكفي أن يكون مشكوكاً بأمرك لأي سبب لتدفع حياتك الثمن..وهكذا كان.
يصير حكو قائد ثلة من المجانين والمشردين يرعاهم حتى آخر رمق ..يعيشون كيفما اتفق في جحيم القرية الذي هو أرحم بكثير من أرضٍ بيد العقلاء يملؤونها تدميراً وقتلاً. أطلال قرية يعيشون فيها بسلام و رحمة وتآلف كما ينبغي للبشر أن يعيشوا ، و يزهدون في أرض يحكمها العقلاء الملطخة أيديهم بالدم والرصاص.
حكو شخصية لا تنسى شعرت أني اشيعه بدموعي وأنا اقرأ كيف اجتاز هذه المسافة القاسية من الحياة إلى الموت وحيداً إلا من ذاكرة مهترئة .
هذه رواية من الروايات النادرة التي تكون فيها كل العناصر بديعة وبنفس المستوى من القوة والجمال.. اللغة شاعرية حساسة وتصويرية بديعة .. الشخصيات عميقة ومعقدة خاصة شخصية البطل الذي تنتهي الرواية ونحن لاندري فعلاً هل اختار أن يمثل دور المجنون لينجو أم أن الجنون اتلف عقله وروحه يعطينا الكاتب الحرية للميل للتفسير الذي نشاء فالمؤشرات تدل حيناً على أنه مجنون حتماً وحين على أنه محض روح أعطبها الزمن .
التنقلات الزمنية في الرواية كانت من أجمل خصائصها وكأن الكاتب يقيس احتمال القارئ وصبره بأن هذا القدر من الماضي يكفي الآن فينقله لفسحة أخرى نطل بها على واقع أليم ثم تعود بعض الومضات من الماضي بين وعي واللاوعي بين الذكرى والحاضر ..
by

هل للحرب منطق؟ و هل يمكن للجنون أن يكون أكثر منطقية من الحرب؟ يبدو أنه كذلك على الأقل بالنسبة لعامر أو حكمت أو حكوّ.. لا يهم أي اسم نطلقه على بقية الإنسان هذا ..الذي بقي شاهداً على الحرب وعلى الدمار ووحده بقي مخلصاً للأرض حين غادرها الجميع ..
تبدأ الرواية من قرية حدودية يغادرها سكانها هرباً من ويلات الحرب التي اندلعت بينها وبين دولة مجاورة..يغادر الجميع ويبقى حكو المجنون لأنه لا يخون الملح ولا يخاف شيئًا وما الذي يمكن أن يحدث له أسوأ مما حدث ؟!!
يحرس حكمت خراب القرية كما يحرس نهرها وأشجارها وحميرها وكلابها يطعم من يجده حياً ويدفن من يموت ..يأكل ما يجد وما يجود به العسكر عليه يشاكسونه و يلجمهم أحياناً بجنونه الحكيم..
يتعرف عليه صديق قديم و تبدأ الحكاية تعود للبداية ونعرف من خلالها حكمت حين كان رساماً وعاشقاً ومثقفاً يقف على عتبات المستقبل الواعد.. ولكن التعذيب والسجن كانا له بالمرصاد حتى انطفأت جذوة الحياة والكرامة والإنسانية بداخله.. لمجرد الشك .. يكفي أن يكون مشكوكاً بأمرك لأي سبب لتدفع حياتك الثمن..وهكذا كان.
يصير حكو قائد ثلة من المجانين والمشردين يرعاهم حتى آخر رمق ..يعيشون كيفما اتفق في جحيم القرية الذي هو أرحم بكثير من أرضٍ بيد العقلاء يملؤونها تدميراً وقتلاً. أطلال قرية يعيشون فيها بسلام و رحمة وتآلف كما ينبغي للبشر أن يعيشوا ، و يزهدون في أرض يحكمها العقلاء الملطخة أيديهم بالدم والرصاص.
حكو شخصية لا تنسى شعرت أني اشيعه بدموعي وأنا اقرأ كيف اجتاز هذه المسافة القاسية من الحياة إلى الموت وحيداً إلا من ذاكرة مهترئة .
هذه رواية من الروايات النادرة التي تكون فيها كل العناصر بديعة وبنفس المستوى من القوة والجمال.. اللغة شاعرية حساسة وتصويرية بديعة .. الشخصيات عميقة ومعقدة خاصة شخصية البطل الذي تنتهي الرواية ونحن لاندري فعلاً هل اختار أن يمثل دور المجنون لينجو أم أن الجنون اتلف عقله وروحه يعطينا الكاتب الحرية للميل للتفسير الذي نشاء فالمؤشرات تدل حيناً على أنه مجنون حتماً وحين على أنه محض روح أعطبها الزمن .
التنقلات الزمنية في الرواية كانت من أجمل خصائصها وكأن الكاتب يقيس احتمال القارئ وصبره بأن هذا القدر من الماضي يكفي الآن فينقله لفسحة أخرى نطل بها على واقع أليم ثم تعود بعض الومضات من الماضي بين وعي واللاوعي بين الذكرى والحاضر ..
Sign into ŷ to see if any of your friends have read
فُسحة للجنون.
Sign In »