ŷ

Mariam's Reviews > ساحر أو مجنون

ساحر أو مجنون by أيمن العتوم
Rate this book
Clear rating

by
170542177
's review

it was amazing

لقد أنهيت هذا الكتاب لِتَوي، بعد أن سكبت عليه أنهار دموعي، وسالت عليه دماء قلبي الذي نُكِأت جراحه. ولذا، فإن جل ما سأخطه هنا تسطره العاطفة وقليلٌ منه يمليه عليّ العقل.

لقد حفظت من أشعار المتنبي مذ كنت في السابعة، وحفظت قصيدته "الحُمّى" عندما كنت في الرابعة عشرة. ولقد تركت في نفسي أثرا كبيرا، إذ كنت أترنم بأبياتها رواح جياء. وعندما رأيت العنوان في أواخر الكتاب، عرفت أن قراءتي هذه التي كانت لأجل حبي لأبي الطيب ذاته، وللكاتب ورواياته ستأخذ منحناً آخر تماما. لا أبالغ إن قلت أن آخر مائة صفحة مضت بين شهقة هنا ونحيب هناك، دمعة حَرّى تنسل دون أشعر بها حتى أراها تبلل الكتاب.

إن هذا الكتاب يحكي قصة المتنبي، ولكنه أيضا يحكي قصصاً أخرى.
إنه يحكي قصة غلام بدأ نكرةً يمشي حافيا في الصحراء، تتمزق نعاله وتتشقق قدماه ويهيم على وجهه في البوادي، يبحث عن المجد بنفس تملأها الأنفة والعزة، ليصير رجلا تعرفه العرب والعجم.
� سيعلم الجمع ممن ضمّ مجلسنا... بأنني خير من تسعى به قدم
إنه يحكي قصة الحفيد المحب الذي ملأت عليه جدته جُلّ حياته. جدة "لا تملك له سوى الكلمات". الجدة التي علمته الشعر في المهد، التي قالت له: "أخاف من بقائك أن يقتلك، وأخاف من رحيلك أن يقتلني!". ثم قتلها الرحيل ...
� وما انسدت الدنيا علي لضيقها... ولكن طرفا لا أراك به أعمى
ثم يحكي قصة الزوج المحب، الذي كان جُل همه أن يؤمن لزوجته حياة كريمة، الرجل الذي داس على كبريائه وامتدح الملوك ليضمن راحة زوجته. الزوجُ
الذي بكاها دما ورثاها ألما وخلّدها حباً فقال
� لم يكن لك أن تخرجي من بيت أهلك وقد نشأت فيه مطمئنة ناعمة فتأتي معي إلى هذه البلاد الغريبة القاتلة، فتموتي دون أن يعرف بموتك سواي...
إنه يحكي قصة الأب. الأب الذي كد وجهد ليعيش ابنه آمنا، الأب الذي رآه يكبر ويشتد عوده، الأب الذي علمه الشعر ثم رآه يقتل أمامه قبل أن يلحق به فتصعد روحه إلى السماء.
إنه يحكي قصة رجل وحيد ليس له إلا الشعر والذكريات.
عاشق هامت به الدنيا.
صديق يمزق قلبه خنجر الخيانة ويكوي فؤاده الحنين، صعدت حرارة الألم من قلبه فبكى!
إن هذا الكتاب يروي قصة الرجل الذي قال : " يريدون مني أن أظل صامتا حتى أكون عاقلا في نظرهم، لن يقبلوني إلا إذا صرت نسخة منهم، أو صورة عما يفكرون، أما وأنا أنا، ينطق لساني عن وجداني ـ فانا عدوهم اللدود."
إنه يحكي قصة رجل قُتِل وابنه في الصحراء وهو يقاتل سبعين رجلا، فحق فيه قوله وصَدق شعره حين قال
وإذا لم يكن من الموت بدٌ... فمن العار أن تموت جباناً
فما مات جباناً.

لقد بكيت المتنبي في هذا الكتاب. بكيته لغة وشعراً، وبكيته دمعاً ودماً.
بكيته حين قال:
" لقد ذهب الفتى الذي كان يجوب الفلوات يتحدى الجن، لقد مات الفتى الذي كان يأنف أن يقول قصيدة شكوى أو تعتب، فصار هو نفسه الشكوى والتعتب، لقد رحل الفتى الذي كانت الدنيا توسعه شمّاً وضمّاً، وتفتح له ذراعيها، وجاء الكهل الذي تدوسه النكبات بكل خُفٍ، وتعلوه بكل منسم!!"
ثم بكيته أخرى حين قال:
" ماتت جدتي فمات جزء مني بموتها، وماتت زوجتي فمات جزء آخر، وكذب سيف الدولة وعده بشأن خولة فمات كل شيء!"
وحين قال:"وها أنذا، الكوفة بلد، وبغداد بلد، والعراق كلها بلد، وحلب بلد، والأردنّ بلد، ومصر بلد، واللاذقية بلد، وأنطاكيّة بلد، ودمشق بلد، والرّملة بلد، وغزة بلد، و... العواصم كلها بلد... ووحده شعري هو الوطن!" بكيت حتى لم يعد باستطاعتي البكاء

إن قبر المتنبي"سيكون كقبر الإمام علي؛ حنّى عليه الغمام ولا أحد يعرف له موضعاً...!"
1 like · flag

Sign into ŷ to see if any of your friends have read ساحر أو مجنون.
Sign In »

Reading Progress

December 8, 2023 – Started Reading
December 8, 2023 – Shelved
January 7, 2024 –
page 69
12.04%
January 7, 2024 –
page 69
12.04% "الخيال في هذا الكتاب أقرب ما يكون إلى الواقع...."
April 16, 2024 – Finished Reading

No comments have been added yet.