ŷ

Helmi Chikaoui's Reviews > تاريخ ويوتوبيا

تاريخ ويوتوبيا by Emil M. Cioran
Rate this book
Clear rating

by
44283509
's review

it was amazing

نحن لا نصبح متسامحين إلا بقدر ما نفقد حيويتنا، بقدر ما يطيب لنا الوقوع في الطفولة، بقدر ما يبلغ بنا الإعياء حدّ العجز عن تعذيب غيرنا بالحبّ أو بالكراهية.
*
لابد للعالم من هذيان جديد كي لا يتحجر. تلك هي البداهة الوحيدة التي نخرج بها من تحليل الحاضر
*
المعرفة تقود الحبّ إلى الإفلاس كلما ازدادت معرفتنا بأخص أسرارنا ازداد كرهنا لأشباهنا تحديدا لأنهم يشبهوننا. نفقد أوهامنا في أنفسنا فنفقد أوهامنا في الآخرين. وما أن نكتشف فسادنا عن طريق الاستبطان حتى نحس بشرعية تعميمه على سائر الفانين الفاسدين أصلاً. نحن لا نخطئ حين ننسب إليهم كلّ الرذائل . الغريب أن أغلبهم يبدو عاجزا عن كشف رذائله أو متمنعًا عن رصدها لديه أو لدى الآخرين ليس أسهل من إتيان الشرّ فالكل قادر عليه وعلى العكس من ذلك فإنّ المجاهرة بإتيانه والاعتراف بحقيقته المحتومة إنجاز استثنائي. يستطيع أي عابر سبيل أن ينافس الشيطان من الناحية التطبيقية أما من الناحية النظرية فالأمر مختلف تمامًا. ارتكاب الفظاعات وتصوّر الفظاعة فعلان لا يُختزل أحدهما في الآخر. ليس من نقطة مشتركة بين الكلبيّة المعيشة والكلبيّة التجريدية . لنحترز من أولئك الذين ينخرطون في فلسفة مُطَمْئِنة، يؤمنون بالخير وينصبون له تمثالاً والحال أنّهم ما كانوا لينجحوا في ذلك لو تفحصوا أنفسهم بصدق واستكشفوا أعماقهم ومستنقعات وجمهم. قد يتيح الفضول أو سوء الحظ لقلة والحق يُقال، أن يغوصوا في قرارة كيانهم وأن يقفوا على حقيقة البشر. عندئذ يكفون عن حبّه لأنهم يكفّون عن حبّ أنفسهم، على الرغم من أنهم، وتلك عقوبتهم، يظلون مشدودين إلى أناهم أكثر من ذي قبل .
*
إن من شأن الضغينة المتماسكة المتيقظة أن تمثل لوحدها بنية الفرد أمّا ضعف الشخصيّة فهو غالبًا ما ينشأ عن ذاكرة ضعيفة. إن عدم نسيان الإهانة سرّ من أسرار النجاح، وهو فنّ يمتلكه أصحاب القناعات القوية دون استثناء، لأنّ كلّ قناعة تتكوّن أساسًا من البغض، ثمّ في درجة ثانية من الحب. أما التردّد فهو على العكس، نصيب ذاك العاجز تحديدا عن أن يحبّ أو أن يكره، فإذا هو لا يستطيع اختيار شيء، ولا حتى تجاذباته . إذا أراد أن يفرض نفسه وأن يهزّ خموله وأن يلعب دورًا، فعليه يخترع لنفسه أعداء وأن يتمسك بهم عليه أن يوقظ وحشيّته النائمة أو أن يسترجع ذكرى إهانات تعجّل إهمالها. نحتاج إلى قدر أدنى من الوضاعة كي نخطو خطوة واحدة إلى الأمام، وربّما نبقى كي على قيد الحياة على كلّ منّا أن لا يُهمل ثروته من الدناءة إذا كان حريصًا على الاستمرار في الكينونة». الضغينة تحافظ علينا. وإذا عرفنا أيضًا كيف نتعهدها وكيف نعتني بها فإننا نتجنّب بواسطتها أن نكون ذوي شخصيّة واهنة وحضور باهت.
*
علينا الاحتراز من المرضى، فهم يملكون شخصيات قوية، ويتقنون استغلال وشحذ ضغينتهم
*
إنّ القدرة على التخلّي هي المقياس الوحيد للارتقاء الروحي. حين نغادر الأشياء وليس حين تغادرنا، نرتقي إلى العري الباطني تلك المنطقة القصوى حيث نفقد كلّ خيط بالعالم وبأنفسنا، حيث النصر يعني الاعتزال والتنحي بسكينة ودون حسرة وخاصة دون مالنخوليا. وذلك لأنّ المالنخوليا مهما كانت محتشمة وهوائية في مظاهرها فهي تظلّ على صلة بالبغضاء . إنّها حلم يقظة مُشبع بالمرارة، غيرة متخفّية في زي سقام، ضغينة بخارية . كلّما ظللنا خاضعين لها لم نتخلّ عن شيء، بل تورّطنا أكثر في «الأنا» دون أن نتخلص من الآخرين، الذين نفكر فيهم بقدر عدم خلاصنا من الذات.
*
كلّما أسهبنا في الكلام على جراحنا بدت لنا هذه الجراح ملتحمة بشرطنا الإنساني كبشر لا خلاص لهم. وأقصى ما يمكن أن نطمح إليه من تجرّد هو أن نحافظ على أنفسنا في موقع على مسافة واحدة من الانتقام والعفو في المركز من شراسة وأريحية رخوتین فارغتين بنفس الدرجة، لأنهما منذورتان إلى أن تُبطل إحداهما مفعول الأخرى. لكننا لن نفلح أبدًا في سلب الشيخ العجوز، حتى لو ذهبنا بكرهنا لأنفسنا حد التخلّي نهائيا عن احتلال أي موقع في سُلّم الكائنات .
*
المعرفة تقود الحبّ إلى الإفلاس كلما ازدادت معرفتنا بأخص أسرارنا ازداد كرهنا لأشباهنا تحديدا لأنهم يشبهوننا. نفقد أوهامنا في أنفسنا فنفقد أوهامنا في الآخرين. وما أن نكتشف فسادنا عن طريق الاستبطان حتى نحس بشرعية تعميمه على سائر الفانين الفاسدين أصلاً. نحن لا نخطئ حين ننسب إليهم كلّ الرذائل . الغريب أن أغلبهم يبدو عاجزا عن كشف رذائله أو متمنعًا عن رصدها لديه أو لدى الآخرين ليس أسهل من إتيان الشرّ فالكل قادر عليه وعلى العكس من ذلك فإنّ المجاهرة بإتيانه والاعتراف بحقيقته المحتومة إنجاز استثنائي. يستطيع أي عابر سبيل أن ينافس الشيطان من الناحية التطبيقية أما من الناحية النظرية فالأمر مختلف تمامًا. ارتكاب الفظاعات وتصوّر الفظاعة فعلان لا يُختزل أحدهما في الآخر. ليس من نقطة مشتركة بين الكلبيّة المعيشة والكلبيّة التجريدية . لنحترز من أولئك الذين ينخرطون في فلسفة مُطَمْئِنة، يؤمنون بالخير وينصبون له تمثالاً والحال أنّهم ما كانوا لينجحوا في ذلك لو تفحصوا أنفسهم بصدق واستكشفوا أعماقهم ومستنقعات وجمهم. قد يتيح الفضول أو سوء الحظ لقلة والحق يُقال، أن يغوصوا في قرارة كيانهم وأن يقفوا على حقيقة البشر. عندئذ يكفون عن حبّه لأنهم يكفّون عن حبّ أنفسهم، على الرغم من أنهم، وتلك عقوبتهم، يظلون مشدودين إلى أناهم أكثر من ذي قبل.




2 likes · flag

Sign into ŷ to see if any of your friends have read تاريخ ويوتوبيا.
Sign In »

Reading Progress

December, 2023 – Started Reading
December, 2023 – Finished Reading
February 1, 2024 – Shelved

No comments have been added yet.