ŷ������

"بحر مجنون، إما فقر خالص وإما حلاوة زائدة لتجزع النفس."

يكتب محمد عبد الجواد الأساطير الشعبية عن شخصيات غريبة عجيبة ومميزة بشدة ولن تقابلها في العادي وينزل الكاتب طبقات وطبقات لتتعرف عليهم..
وفي جميع حكايات الكاتب الشكل الملحمي سواء كانت الرواية أقل من 100 صفحة أو أكثر مثل أميرتنا، تريد له أن يكمل ويكمل الحكي وأنت مستمتع.
وكما الأسطورة -الشعبية-تعددت القراءات والتأويلات ولكن تظل أهم قراءة هي قراءة المتعة وهنا برع الكاتب وبشدة..
في حكي أسطوري عن قرية تقع بين الواقع والخيال عن مولد أميرة في يوم ربيعي إبريلي بعد يمكن خمسة أشهر في رحم أسماء، يوم دخل الزبادي للقرية وعزف يحيى الكومي لحنًا ملتزمًا وجميلًا عكس جده الذي كانت ألحانه تتمثل في خصر الفتيات.، أتت بجمال الغجر مجتمعين ورائحة زفر السمك القوية. مولد أسطوري لشخصية أسطورية برائحة أسطورية ولكن الرحلة ليست فقط معها بل نبدأ مع الأم أسماء غجرية الأصل بعد أن قررت الاستقرار في قرية سيدي العوام
ونعود خطوة لنتعرف على أسطورة النشأة للقرية بين سيدي العوام من ابتلعه حوت مثل ذي النون صاحب الكرامات وبين الآباء الأوائل وسرقة سلاح ومعدات اليونانيين وحكم القوة وتدخل القرية من بعد الميلاد-أميرة- لعصر جديد قوامه المبدئي الاشتراكية فلكل نصيب من السمك، مع تمسك لجابر بنصيب أكبر ولكن مع الانفتاح ودخول معلم رشدان اللول بفكرة مطعم السمك- المطعم الذي لقبته القرية سفينة نوح الجديدة- ندخل في عصر جديد. وحاكم القرية في الخلفية جابر الحرارة يسير الأمور بما يرى.
"أن وقوع الناس في بحر النعيم كفيل بتعليمهم محاسن التبطل وبحثهم عن إجاباته لأسئلة محرمة."

وتتوالى الأحداث وكما حارة النجيب تأتي قرية الجواد بالعالم أجمع من سلطة وشعب وحاكم وشيوخ متفرقين وتميز بين وبين، وأميرة بالخلفية برائحتها.
وبين الواقع والخيال الحكاية، ونحن بداخلها.

بعد ثلاث نوفيلات- قرأت منهم اثنتان- اعجباني وبشدة يأتي الكاتب في أول عمل طويل ويثبت أنه متمكن من الكتابة في النوعين عشان هو خزان حكايات الله أكبر.
ونأتي للشخصيات
شخصيات الرواية كثيرة، نخص بالذكر البعض والباقي يكتشف مع القراءة.

أسماء، الغجرية الحرة والدة أميرة إلي كل القرية نفسها منها بس لا أحد يقدر أن يقترب منها، في جمال غزال وقوة لبؤة. وترى أن مونيكا بيلوتشي هي التجسيد الثاني الوحيد لها في هذا العالم.
" ترسخت مكانة أسماء كسيدة على حياتها، وصارت ربة الحب عند سيدات القرية، أكثر من أي وقت مضى، وبدأت تبتكر وصفات قوية في إطالة أمد الحب، وتعلق حول سبب ذلك بقولها:
- حتى ترتوي كلابكم فتبتعد عني."

"قررت أسماء منذ ذلك الحين أن تكون زنوبيا أخرى، تخصي الرجال بالكلام الحاد أو بسكين الموز المعقوفة، ولا تهب نفسها إلا لعبد غافل، كما تفعل الملكات. عاشت أسماء في خيالات العظمة هذه، وتمتعت بحياتها الفردية ونموها الجمالي بطريقتها الخاصة."


جابر الحرارة، حاكم القرية ويأتي من سلسلة طويلة حكمت القرية بالقوة وفرض السيطرة من أول حرارة الكبير.
"المعلم حرارة الكبير، بصفته البحار الأكثر شرًا والذي يؤمن بأن الرب سيحرقه في جهنم خاصة من صنعه، لأنه كان يعتبر قتل البشر. مثله مثل قتل السمك، فيردد وهو ينظر إلى الغيوم المتصلة بموج البحر في مشهد سحري:
- سأحكم أنا مملكتي، ولك أن تحرقني في مملكتك."

وأكمل جابر مسيرته في لحظات قوة ولحظات ضعف ولكن عند الاختبار أثبت ذكاء ودهاء الأجداد. وتحول في نهاية الرواية لي لعبد الملك زرزور جالس على العرش يحرك كل شيء.
"وذكر له أنه رجل غامض، ذو طبيعة صامتة مثل الصحراء، ولم يأخذ من البحر سوى غدره التاريخي الشهير، ولكنه يعرف بصيصا من نور الله يتجسد في زبيبة صغيرة جدا فوق رأسه.."


وفاطمة الصالحين عرافة القرية وتعمل في فك الأعمال وتبحث عن وصايا سيدي العوام.
"تولد البنت من مني البحر فيفيض، وبعد الفقر، تكون هي سبب رضاه"


وحاتم الأحرف تاجر الزبادي الهادي الذكي.
"كان حاتم الأحرف يرى نفسه مبشرًا بالزبادي والجيلاتي ببساطة، وأنهما كفيلان بتحويل الإنسان من قرد إلى بشر عاقل ذي تفكير جيد وسليم وملتزم بالآداب العامة."

ومصطفى أحمد شعبان، المختار من الناس ليدخل جنة أسماء والد أميرة التي لا تعلم عنه شيء، صانع دمى يكسب الناس بخضوع شخصه، طفل في جسد شخص بالغ.
" كانت قد أدركت من حديثها معه، ملخص شخصية مصطفى أحمد شعبان، طفل أبدي لا يكبر، يلقي بلاءمة فساد مملكة هذا العالم على الناس ثم الأهل ثم الله."

والمعلم رشدان اللول صاحب الانفتاح وسفينة نوح الجديدة، مدخل القرية على الخريطة كمطعم من أفضل الأماكن لبيع السمك وكل وخرج من البحر.

"اسمه المعلم رشدان اللول، جاء من محافظة مجاورة وهو يحمل ثروة صغيرة، لا تكفي لإقامة كشك بقالة يتهاوى في مهب أول ريح، فصرفها على دراسة الفرص في قرى البحر التي قابلها في طريقه، حتى وقع على قرية سيدي العوام، عندما مسه قبس الشائعة الناري الذي جاب الآفاق، يؤكد أن القرية راقدة فوق بئر لا ينضب من كنوز البحر. دخل القرية في اليوم السابع من ميلاد أميرة..
فسأل حاتم الأحرف عن المتحكم في مصائر القرية، فأجاب بدون تفكير:
البحر طبعًا."


ويحيى العازف وأميرة محركي أسطورة القرية.
وغيرها من الشخصيات هذا البعض منها والباقي كثير والأكثرية شخصيات مميزة جدًا.
"أنا وأنت
وحولنا نجوم البحر
نعيد صياغة الحياة
بعد الموت الطويل
ونقتل الحقيقة بالسحر"


الوصف والسرد عظام وأكثر الرواية حكي والجمل الحوارية قليلة جدًا بس كحجم الرواية فالملل قليل جدًا يتركز في نص الرواية مع فترة الرخاء في القرية لقلة الأحداث ولكن ملل مفهوم من رتابة الوضع في القرية.
" - لأنك تستمعين إلى عندما أشكو، وأستمع إليك، هذا هو الحب."

الأسلوب
ايه بجد أسلوب الرواية عظيم كل حكاية داخلها حكاية وكل شخصية بداخلها شخصيات وأحداث كونتها وينتقل الكاتب بين كل هذا في بعض الأحيان في الفقرة الواحدة، ونبدأ في حدث وندخل في أحداث وبعد كدا الكاتب يرجعك للحدث الأساسي وتفتكر أن اه صح أحنا المفروض كنا بنتكلم في ده بأحسن طريقة ممكنة كل ده مع لغة بين الفصحى، العامية والعامية الشورعية العظيمة.

"ولكنه تجاوز نوازعه الإنسانية القلقة لصالح الفكرة التي نمت داخله، والتي تعزي فساد الأرض وضياع التاريخ بسبب المرأة وحدها، لأنها وبجمالها وغرابة تفكيرها سبب في جنون الرجال."

والرواية نفسها بحبكتها وشخصيتها والمكان تحمل الكثير من التأويلات والرمزيات بعضها واضح وبعضها يحتاج لقراءة ثانية، ولكن الأهم أن عامل المتعة والاستمتاع موجود دائمًا.

وانتهت الرحلة وبقي عودة ثانية للابن الضال.

"قصة تهبل، ولكن لا مكان للقصص في هذا العالم."