Seejaal's Reviews > قطار الأطفال
قطار الأطفال
by
by

أضف مقالةً جديدةً
حفظ المسودة
نشر
موسيقى قطار الاطفال و دموعها
تحتوي هذه الصورة على سمة alt فارغة؛ اسم الملف هو d982d8b7d8a7d8b1-d8a7d984d8a7d8b7d981d8a7d984.jpg
أول ما شرعت في الكتابة عن هذه الرواية تدفقت صور أحداثها في مرح إلى ذاكرتي رغم المآسي.. فرأيت أميريغو وأمه أنطوانيتا وجارتهم زاندرليونا وصديق شقاوته واغترابه الاول توماسينو.. و استيقظ في مسامعي صوت الطفل العذب الحائر الحزين لراوي الحكاية في طفولته.. و صوت الرجل البالغ المكتظ بالخوف والخذلان والحزن الغريب لذات الراوي.. وخاصة حينما تجلت كبرى مخاوفه وعاد إلى مسقط رأسه ولبى ما آمن بأنه دعوة أمه الأخيرة.. فتتناول المكرونه الجنوية.. لكنه هذه المرة أكلها وحيدا لا يؤنسه سوى الصمت والأشياء.. كراسي القش.. بلاطات الأرض المثمنة الأضلاع.. الطاولة ذات اللون البني العتيق .. المفرش المشغول باليد.. الراديو هدية عيد لميلاد.. ثوب النوم المزهر المعلق.. مفرش السرير الذي حبكته الجدة فيبلومينا بالخرز.. والخزي..
وانتابني شعور بأن الكتاب أكبر من أن أراجعه في بضعة سطور.. واحترت من أين ابدأ.. أمن ذكر بناء النص المحكم الذي لا يمكن لقارئه إلا أن يخضع لسحر تماسكه واتقان سردة... أم ابدأ بالبساطة ذات العمق التي تجذبك من السطر الأول في الرواية حتى النقطة الأخيرة منها.. فعلى سبيل المثال.. حين كان أميريغو طفلا عبر ثلاثة أرباع فصول الرواية لم اشعر بأن الكاتبة جرت أمريغو من عالم الطفولة وألقته في عالم البالغين لتبث فكرة أو تبني مشهد.. لم يطغى صوت الكاتبة على سطور الرواية على الرغم من واقع الشخصية الرئيسية (أميريغو) القاسي و ثقل الألم الذي لازمها طوال أغلب زمن السرد..
أم لعلي أبدأ بنقل باقة من الاقتباسات التي طاف عليها نظري و صفق لها قلبي وكادت تهرق ماء عيني.. أم أسطر فقرات طوال أشفع فيها للسيدة أنطوانيتا قسوتها وهي التي كانت تستجيب لبكاء أميريغو خوفا بالصفع وتصفه بالعشب الضار وترسله ليلتقط الملابس البالية من المنازل و القمائم وهو لم يتجاوز الثامنة من عمره بعد.. وهي التي فقدت والديها في الحرب ولم تجد سوى أو لويجي أميريو - الملقب ب كابا إيفيرو - سندا لها.. او مؤنسا.. أو لعله كان متنفسا..
أم ابدأ بالثناء على عائلة التشيده وزوجه روز وابنائهم.. تلك العائلة التي أحبت أميريغو كما هو.. حتى بعد أن سرق السلامي وأكله و تناهشه الخوف و تأنيب الضمير.. تلك العائلة التي سمحت له بأن يكون على حقيقته.. طفل.. أن يلعب ويذهب إلى المدرسة ...يمارس هواية.. يتعلم العزف على الكمان الذي بات يستمع إلى صوته خلسة حتى انقذته كارولينا التي لا تعرفه من يد حارس المسرح الكبير حين ظن أن أميريغو لص ينوي سرقة الآلات الموسيقية و بيعها للجنود الامريكان..
أم اتحدث عن الخيبات التي توالت على أميريغو حين آن أوان عودة الأطفال بالقطار إلى ذويهم جنوبا.. فلقد عاد أميريغو إلى ذات الأم التي تلقبه بالعشبة الضارة، بل إنها لم تأبه لقصص الحياة الجديدة التي عاد أميريغو محملا بها.. ولا بالطعام الطازج اللذيذ المرسل معه.. بل و منعت عنه حتى رسائلهم وهداياهم.. روز وديرنا و التشيده والأولاد.. لثلاثة أشهر، ولم تعتقه انطوانيتا من أذاها حتى جاءت قاصمة ظهر بعير صبر أميريغو حين اختفى كمانه الصغير هدية ابيه الجديد التشيده.. المحفور عليه اسمه.. فالكمان لا يجلب الطعام ولا الحذاء الجديد.. فترك أميريغو كل شيء خلفه وقفل إلى الشمال.. هاربا.. بذات القطار..
أم اقف طويلا عند فصول عودته التي لم تكون لولا ذلك الهاتف الذي حمل إليه ذلك الخبر.. ذلك الخطر الداهم الذي يطارده كلعنة.. لم يستطع البكاء لوقوعها أميريغو.. كم أثقله..فعقب أن أعدت أنطوانيتا المعكرونة الجنوية ليوم الغد وأوت إلى فراشها ليلا رحلت بسلام.. تلك كانت اللعنة التي ستعيده الى الجنوب.. إلى الBasso إلى الذكريات و المخاوف والمفاجآت والأجوبة.. كانت تلك العودة هي الزمن الوحيد الذي تحدث فيه أميريغو إلى أمه أنطوانيتا .. دون ان توبخه أو تصفعه أو تحطم شيء ما في داخله.. كان يحدثها في سره مستحضرا كلماتها وعاداتها.. وصوتها العتيق، من أول خطوة خطاها إلى بيتهم القديم حتى اللحظة التي وضع فيها الوردة على قبرها رفضا إشعال الشموع.. فأمه أنطوانيتا لم تكون تحب الرقاد والضوء مشتعل..
وهناك المزيد مما يجوس في ذهني وفؤادي من هذه الرواية لكن.. لعل أكثر ما يمكن أن نلخص من خلاله هذا المعركة الوجدانية التي دارت بين أميريغو وذاته ونفسه وأمه هي هذه العبارة على لسان أميريغو وهو يسير في شوارع مدينة القديمة مكتنز بالتساؤلات متحدثا لأمه في سره حين قال لها : ..أشك في أن كل ذلك كان مجرد خلاف ناجم عن قصور في الفهم بيني و بينك. حب مصنوع من سوء تفاهم.
وآخر البوح.. نقف.. ونرفع القبعات.. ونصفق طويلا لفيولا أردونيه مؤلفة الرواية..
حفظ المسودة
نشر
موسيقى قطار الاطفال و دموعها
تحتوي هذه الصورة على سمة alt فارغة؛ اسم الملف هو d982d8b7d8a7d8b1-d8a7d984d8a7d8b7d981d8a7d984.jpg
أول ما شرعت في الكتابة عن هذه الرواية تدفقت صور أحداثها في مرح إلى ذاكرتي رغم المآسي.. فرأيت أميريغو وأمه أنطوانيتا وجارتهم زاندرليونا وصديق شقاوته واغترابه الاول توماسينو.. و استيقظ في مسامعي صوت الطفل العذب الحائر الحزين لراوي الحكاية في طفولته.. و صوت الرجل البالغ المكتظ بالخوف والخذلان والحزن الغريب لذات الراوي.. وخاصة حينما تجلت كبرى مخاوفه وعاد إلى مسقط رأسه ولبى ما آمن بأنه دعوة أمه الأخيرة.. فتتناول المكرونه الجنوية.. لكنه هذه المرة أكلها وحيدا لا يؤنسه سوى الصمت والأشياء.. كراسي القش.. بلاطات الأرض المثمنة الأضلاع.. الطاولة ذات اللون البني العتيق .. المفرش المشغول باليد.. الراديو هدية عيد لميلاد.. ثوب النوم المزهر المعلق.. مفرش السرير الذي حبكته الجدة فيبلومينا بالخرز.. والخزي..
وانتابني شعور بأن الكتاب أكبر من أن أراجعه في بضعة سطور.. واحترت من أين ابدأ.. أمن ذكر بناء النص المحكم الذي لا يمكن لقارئه إلا أن يخضع لسحر تماسكه واتقان سردة... أم ابدأ بالبساطة ذات العمق التي تجذبك من السطر الأول في الرواية حتى النقطة الأخيرة منها.. فعلى سبيل المثال.. حين كان أميريغو طفلا عبر ثلاثة أرباع فصول الرواية لم اشعر بأن الكاتبة جرت أمريغو من عالم الطفولة وألقته في عالم البالغين لتبث فكرة أو تبني مشهد.. لم يطغى صوت الكاتبة على سطور الرواية على الرغم من واقع الشخصية الرئيسية (أميريغو) القاسي و ثقل الألم الذي لازمها طوال أغلب زمن السرد..
أم لعلي أبدأ بنقل باقة من الاقتباسات التي طاف عليها نظري و صفق لها قلبي وكادت تهرق ماء عيني.. أم أسطر فقرات طوال أشفع فيها للسيدة أنطوانيتا قسوتها وهي التي كانت تستجيب لبكاء أميريغو خوفا بالصفع وتصفه بالعشب الضار وترسله ليلتقط الملابس البالية من المنازل و القمائم وهو لم يتجاوز الثامنة من عمره بعد.. وهي التي فقدت والديها في الحرب ولم تجد سوى أو لويجي أميريو - الملقب ب كابا إيفيرو - سندا لها.. او مؤنسا.. أو لعله كان متنفسا..
أم ابدأ بالثناء على عائلة التشيده وزوجه روز وابنائهم.. تلك العائلة التي أحبت أميريغو كما هو.. حتى بعد أن سرق السلامي وأكله و تناهشه الخوف و تأنيب الضمير.. تلك العائلة التي سمحت له بأن يكون على حقيقته.. طفل.. أن يلعب ويذهب إلى المدرسة ...يمارس هواية.. يتعلم العزف على الكمان الذي بات يستمع إلى صوته خلسة حتى انقذته كارولينا التي لا تعرفه من يد حارس المسرح الكبير حين ظن أن أميريغو لص ينوي سرقة الآلات الموسيقية و بيعها للجنود الامريكان..
أم اتحدث عن الخيبات التي توالت على أميريغو حين آن أوان عودة الأطفال بالقطار إلى ذويهم جنوبا.. فلقد عاد أميريغو إلى ذات الأم التي تلقبه بالعشبة الضارة، بل إنها لم تأبه لقصص الحياة الجديدة التي عاد أميريغو محملا بها.. ولا بالطعام الطازج اللذيذ المرسل معه.. بل و منعت عنه حتى رسائلهم وهداياهم.. روز وديرنا و التشيده والأولاد.. لثلاثة أشهر، ولم تعتقه انطوانيتا من أذاها حتى جاءت قاصمة ظهر بعير صبر أميريغو حين اختفى كمانه الصغير هدية ابيه الجديد التشيده.. المحفور عليه اسمه.. فالكمان لا يجلب الطعام ولا الحذاء الجديد.. فترك أميريغو كل شيء خلفه وقفل إلى الشمال.. هاربا.. بذات القطار..
أم اقف طويلا عند فصول عودته التي لم تكون لولا ذلك الهاتف الذي حمل إليه ذلك الخبر.. ذلك الخطر الداهم الذي يطارده كلعنة.. لم يستطع البكاء لوقوعها أميريغو.. كم أثقله..فعقب أن أعدت أنطوانيتا المعكرونة الجنوية ليوم الغد وأوت إلى فراشها ليلا رحلت بسلام.. تلك كانت اللعنة التي ستعيده الى الجنوب.. إلى الBasso إلى الذكريات و المخاوف والمفاجآت والأجوبة.. كانت تلك العودة هي الزمن الوحيد الذي تحدث فيه أميريغو إلى أمه أنطوانيتا .. دون ان توبخه أو تصفعه أو تحطم شيء ما في داخله.. كان يحدثها في سره مستحضرا كلماتها وعاداتها.. وصوتها العتيق، من أول خطوة خطاها إلى بيتهم القديم حتى اللحظة التي وضع فيها الوردة على قبرها رفضا إشعال الشموع.. فأمه أنطوانيتا لم تكون تحب الرقاد والضوء مشتعل..
وهناك المزيد مما يجوس في ذهني وفؤادي من هذه الرواية لكن.. لعل أكثر ما يمكن أن نلخص من خلاله هذا المعركة الوجدانية التي دارت بين أميريغو وذاته ونفسه وأمه هي هذه العبارة على لسان أميريغو وهو يسير في شوارع مدينة القديمة مكتنز بالتساؤلات متحدثا لأمه في سره حين قال لها : ..أشك في أن كل ذلك كان مجرد خلاف ناجم عن قصور في الفهم بيني و بينك. حب مصنوع من سوء تفاهم.
وآخر البوح.. نقف.. ونرفع القبعات.. ونصفق طويلا لفيولا أردونيه مؤلفة الرواية..
Sign into ŷ to see if any of your friends have read
قطار الأطفال.
Sign In »
Reading Progress
July 25, 2024
–
Started Reading
August 10, 2024
–
Finished Reading
August 26, 2024
– Shelved
August 26, 2024
– Shelved as:
أنا
August 27, 2024
– Shelved as:
نادي-الكتاب-سجال