Anas's Reviews > اختلاف الإسلاميين
اختلاف الإسلاميين
by
by

كتاب: اختلاف الإسلاميين
لمؤلفه: أحمد سالم
.
=====
قراءتي لهذا الكتاب كانت مجرَّد (إطلالةٍ) سريعةٍ استثنائيةٍ على ما يُسمى (الكتب الفكرية) التي قرَّرتُ هجرها طوعاً، وقد أعادتني صفحاته إلى أيام الجموح والحماسة والبحوث المتلهِّفة الساعية لاستجلاء وجه الحق وسط تلك الفوضى العارمة، فوضى الشيوخ والتنظيمات والتوجهات والتصريحات والاتهامات والردود ومقاطع اليوتوب وغير ذلك مما شغل البال واستولى على الاهتمام خلال السنوات الأخيرة.
وهو كتابٌ قدَّمه كاتبه على أنه محاولةٌ لفهم (اختلاف الإسلاميين) فهماً صحيحاً مبنياً على الحياد، على اعتبار أن ذلك (الفهم) هو أول خطوةٍ ضروريةٍ في سبيل الإصلاح المنشود الذي ينبغي أن يبدأ من قلوب المختلِفين لينتهي إلى مظاهر الحياة العامة المتفَق على إرادة (أسلمتها) من طرف كل الشخصيات والجهات التي تناولها الكتاب.
الفكرة هذه هي في حدِّ ذاتها (طفوليةٌ جداً)، ولا تختلف في شيءٍ عن حماسة الشباب الصغار في (إصلاح الكون) كلِّه بواسطة خطبٍ رنَّانةٍ وكلماتٍ حارةٍ حول المثاليات والمبادئ السامية، ثم ليكتشفوا بعد سنواتٍ أن الأمر أكبر بكثيرٍ من أحلامهم الساذجة، وأن الواقع أعنف وأشدُّ من أن يصلحه كتابٌ واحدٌ أو حتى مكتبةٌ كاملةٌ من المجلدات المثالية.
وأما هذا الكتاب فقد بناه صاحبه على عملية (استعلاء) متوهَّمةٍ على جميع الشخصيات والتيارات الإسلامية الناشطة في الساحة، فكأن المؤلف قد رفع نفسه إلى برجٍ عاجيٍّ وجعل ينظر إلى الجميع من علُ، فهو إذاً يشرح لنا ما أسماه (خريطة الإسلاميين) في مصر! معتمداً في ذلك على مفاهيم وألفاظ وتسمياتٍ بعضها من عنده وبعضها لا يخلو من تحيُّزٍ واضحٍ لجهةٍ على أخرى.
وإذا كان معلوماً أن (الخريطة) أيَّ خريطةٍ لا يُنظر إليها إلا من (فوق)، فإنه تحصيل حاصلٍ إذاً أن الكاتب قد جعل نفسه في ذلك (الفوق) الذي ينظر منه إلى (خريطة الإسلاميين)، بل لقد نصَّب نفسه واضعاً لتلك الخريطة نفسها وراسماً لها، فكأنه يطلب من القراء أن ينظروا إلى الساحة الإسلامية من منظاره هو وحسب رؤيته وفهمه وتقسيمه لـ (خريطته) التي قدَّها من تصوُّراته وأوهامه!
فهي إذاً نرجسيةٌ عظيمةٌ ظاهرة، لا نجد إزاءها مفراً من تشبيه الكاتب حدث السن بـ (القط يحكي انتفاخاً صولة الأسد)، والحق أن الكاتب غير مؤهلٍ لا بحكم السن ولا بحكم التكوين العلمي لكي يبيح لنفسه هذا الاستعلاء المغرور والتكبُّر الصارخ، وأما (خريطته) فهي غير ملزمةٍ لأحد من المسلمين، ونقضها من أساسها أيسر من أن يُتكلَّف بيانه.
ولو أردتُ التعليق على الكتاب من وجهتيْ نظر (الشكل والمضمون)، فإني أقول:
- من حيث الشكل:
يوهمك الكتاب بضخامة حجمه أنه بحثٌ علميٌّ ثقيلٌ مبنيٌّ على أسُس، حتى إذا ما قرأتَه وجدتَ جلَّه عبارةً عن (قص ونسخ) من بطون الكتب والمقالات، وتفريغاتٍ لمقاطع اليوتوب! فالكتاب معظمه هو مجرد (نقول) مطوَّلة جعلت منه جسماً بديناً مترهِّلاً ينوء بشحوم الحشو الممل، وأما قلم الكاتب فنادراً ما نجده إلا في فواتح الفقرات وخواتمها، ولو أننا حذفنا النقول وأبقينا فقط على إنتاج الكاتب لما بقي من الكتاب إلا صفحاتٌ معدودات! ولبدا أمامنا بحجمه الحقيقيِّ مجرد جلدٍ على عظمٍ لإنسان لا لحم فيه ولا شحم!
هذا إلى أن النقول نفسها وطريقة سوْق الكاتب لها تعطي القارئ انطباعاً أنه جالسٌ في واحدٍ من مجالس الغيبة والنميمة والقيل والقال، فلا فائدة هنالك ترجى إلا الهذر والثرثرة ونشر الغسيل غسيل الجميع، وهذا في الواقع عائدٌ لتلك (الحيلة النفسية) التي يوهم بها الكاتب نفسه وغيره أنه خِلوٌ من التحيُّز مستوصٍ بالحياد والإنصاف، لكن هيهات هيهات...
- من حيث المضمون:
اخترع الكاتب من عند نفسه (خريطة) أسماها (خريطة الإسلاميين)، وسوَّى معالمها بناءً على مفاهيم واصطلاحات وتقسيمات لشتى الظواهر الإسلامية في النموذج المصري، ولعل (السلفية) كانت أوسع تلك التقسيمات إذ ضمَّ تحتها طوائف من التيارات يصل بعضها إلى التنافر التام والمعاداة العنيفة، بل واخترع من كيسه مفهوماً جديداً سماه (السلفية النسقية)!
ورغم ادعاء الكاتب التزامه الحياد في رؤيته لخريطته المزعومة، إلا أن رؤيته في الواقع شديدة التحيز بشكلٍ واضحٍ جداً، وما تقسيمه للسلفية أو السلفيات إلا نسخةٌ طبق الأصل عن التقسيم الإخواني لها، فهو ينظر إلى مفهوم (السلفية) من وجهة نظرٍ إخوانيةٍ صريحةٍ شديدة الوضوح، وأما انتقاؤه للتسميات فكان أيضاً من التحيُّز بحيث لم يراع موقف التيار المسمَّى من التسمية المخلوعة عليه، فقد اعتمد - مثلاً - تسمية (السلفية الجهادية)، فكأن ذلك إقرارٌ منه بـ (جهادية) ذلك التيار! ثم اعتمد لتيارٍ آخر اسم (السلفية العلمية)، وأعظِم بالعلم من انتماء! ثم نجد عنده (السلفية الحركية) ولا أدري ما موقف المنتسبين لهذا التيار من نسبتهم إلى (الحركية)! ثم نجد (السلفية المدخلية) وقد نسب التيار لشخص عالمٍ واحد، ومعروفٌ رفض أتباع هذه المدرسة وصفهم بـ (المدخلية)! وأيضاً هناك (السلفية السرورية) التي يرفض أتباعها بدورهم وصفهم بـ (السرورية)!
ثم إن الكاتب جعل جميع هؤلاء تحت مظلةٍ واحدةٍ هي (السلفية)، فـ (الداعشي) عنده و(المدخلي) سلفيان معاً! وهي قسمةٌ لن يوافقه عليها جميع من نسبهم إليها، كيف وهم جميعاً يُخرجون بعضهم بعضاً من مسمى (السلفية) التي يحتكرها كلٌّ لنفسه؟! فكيف يأمل الكاتب إذاً أن يسلِّم له أحدٌ بقسمته الخاصة هذه؟! وكيف يظن أنه بها يساهم في رأب الصدع في حين أنه لا يزيد الأوضاع إلا تمادياً واحتقاناً؟!
بل ما هي في الواقع إلا قسمةٌ (إخوانية) واضحة، وما من شكٍّ في أن الكاتب ينظر إلى مفهوم (السلفية) من منظار إخوانيٍّ لا ريب فيه، وكل تقسيماته لمن أسماهم (السلفيين) كانت بلسانٍ إخوانيٍّ فصيح.
ثم إن الإخوان أنفسهم لم يسلموا من نشر غسيلهم من طرف الكاتب، وحزب النور أيضاً، وكذلك من سماهم (الدعاة الجدد) والمؤسسة الدينية الرسمية... وينبغي أن ننتبه هنا إلى أن الكاتب لن يجني من كتابه هذا إلا تكثير أعدائه من جميع التيارات، إذ لا تيار منهم سيوافقه على ما قال عنه فيه، بل سيهاجمه السلفي والإخواني وحزب النور والقاعدي والداعشي والسروري والمدخلي والأزهري والحركي جميعاً، وذلك بسبب طبيعة الكتاب (المستفزَّة) للجميع بلا استثناء.
ولو أن الكاتب تعرض بالفعل لهجماتٍ شرسةٍ أجمعت عليها كل تلك التيارات لغمرته نشوةٌ عظيمةٌ ولأسكره تلذُّذٌ لا مثيل له، ولصاح قائلاً وهو يعزف على وتر المظلومية: "أرأيتم كيف هاجموني جميعاً على اختلاف مشاربهم؟! إن هذا هو الدليل الدامغ على أني مفكرٌ حرٌّ مستقلٌّ غير متحيِّز، وعلى أني قدمتُ عملاً فكرياً عظيماً غير مسبوق!"
إن كتاباً كهذا ما هو إلا محاولةٌ صبيانيةٌ مشاغبةٌ لاستفزاز الجميع، ويخطئ كل الخطأ من يظن أن أثراً سيكون له في توحيد الصف الإسلامي وإصلاح الأحوال الفكرية للأمة، بل كل ما سيحققه الكتاب هو إضافة رصيد ضخم جديد لحساب نرجسية الكاتب وتلذُّذه الشخصي وانتشائه الذاتي بدور المستعلي القادر على النظر إلى الجميع من فوق، من برجه العاجي الذي يتوهَّم أنه تبوأ مكاناً علياً في سدَّته...
وفي الختام أقول: ينبغي أن يكون هذا الكتاب وأمثاله مادةً تصلح لإجراء دراسةٍ نفسيةٍ واجتماعيةٍ على ظاهرة (مشايخ الآسك والفيسبوك) التي انتشرت بشكلٍ سرطانيٍّ في الآونة الأخيرة، وأبطالها صبيانٌ عابثون نصَّبوا أنفسهم (شيوخاً وعلماء)، ويتَّصفون جميعاً بدرجةٍ مهولةٍ من النرجسية وتعظيم الذات واحتقار الغير، فلا ينبغي إذاً أن يُنظر إلى كتاب (اختلاف الإسلاميين) أو (سمادير أحمد سالم) إلا على ضوء هذه الظاهرة الجديدة، ولا شيء آخر.
16/04/2017
لمؤلفه: أحمد سالم
.
=====
قراءتي لهذا الكتاب كانت مجرَّد (إطلالةٍ) سريعةٍ استثنائيةٍ على ما يُسمى (الكتب الفكرية) التي قرَّرتُ هجرها طوعاً، وقد أعادتني صفحاته إلى أيام الجموح والحماسة والبحوث المتلهِّفة الساعية لاستجلاء وجه الحق وسط تلك الفوضى العارمة، فوضى الشيوخ والتنظيمات والتوجهات والتصريحات والاتهامات والردود ومقاطع اليوتوب وغير ذلك مما شغل البال واستولى على الاهتمام خلال السنوات الأخيرة.
وهو كتابٌ قدَّمه كاتبه على أنه محاولةٌ لفهم (اختلاف الإسلاميين) فهماً صحيحاً مبنياً على الحياد، على اعتبار أن ذلك (الفهم) هو أول خطوةٍ ضروريةٍ في سبيل الإصلاح المنشود الذي ينبغي أن يبدأ من قلوب المختلِفين لينتهي إلى مظاهر الحياة العامة المتفَق على إرادة (أسلمتها) من طرف كل الشخصيات والجهات التي تناولها الكتاب.
الفكرة هذه هي في حدِّ ذاتها (طفوليةٌ جداً)، ولا تختلف في شيءٍ عن حماسة الشباب الصغار في (إصلاح الكون) كلِّه بواسطة خطبٍ رنَّانةٍ وكلماتٍ حارةٍ حول المثاليات والمبادئ السامية، ثم ليكتشفوا بعد سنواتٍ أن الأمر أكبر بكثيرٍ من أحلامهم الساذجة، وأن الواقع أعنف وأشدُّ من أن يصلحه كتابٌ واحدٌ أو حتى مكتبةٌ كاملةٌ من المجلدات المثالية.
وأما هذا الكتاب فقد بناه صاحبه على عملية (استعلاء) متوهَّمةٍ على جميع الشخصيات والتيارات الإسلامية الناشطة في الساحة، فكأن المؤلف قد رفع نفسه إلى برجٍ عاجيٍّ وجعل ينظر إلى الجميع من علُ، فهو إذاً يشرح لنا ما أسماه (خريطة الإسلاميين) في مصر! معتمداً في ذلك على مفاهيم وألفاظ وتسمياتٍ بعضها من عنده وبعضها لا يخلو من تحيُّزٍ واضحٍ لجهةٍ على أخرى.
وإذا كان معلوماً أن (الخريطة) أيَّ خريطةٍ لا يُنظر إليها إلا من (فوق)، فإنه تحصيل حاصلٍ إذاً أن الكاتب قد جعل نفسه في ذلك (الفوق) الذي ينظر منه إلى (خريطة الإسلاميين)، بل لقد نصَّب نفسه واضعاً لتلك الخريطة نفسها وراسماً لها، فكأنه يطلب من القراء أن ينظروا إلى الساحة الإسلامية من منظاره هو وحسب رؤيته وفهمه وتقسيمه لـ (خريطته) التي قدَّها من تصوُّراته وأوهامه!
فهي إذاً نرجسيةٌ عظيمةٌ ظاهرة، لا نجد إزاءها مفراً من تشبيه الكاتب حدث السن بـ (القط يحكي انتفاخاً صولة الأسد)، والحق أن الكاتب غير مؤهلٍ لا بحكم السن ولا بحكم التكوين العلمي لكي يبيح لنفسه هذا الاستعلاء المغرور والتكبُّر الصارخ، وأما (خريطته) فهي غير ملزمةٍ لأحد من المسلمين، ونقضها من أساسها أيسر من أن يُتكلَّف بيانه.
ولو أردتُ التعليق على الكتاب من وجهتيْ نظر (الشكل والمضمون)، فإني أقول:
- من حيث الشكل:
يوهمك الكتاب بضخامة حجمه أنه بحثٌ علميٌّ ثقيلٌ مبنيٌّ على أسُس، حتى إذا ما قرأتَه وجدتَ جلَّه عبارةً عن (قص ونسخ) من بطون الكتب والمقالات، وتفريغاتٍ لمقاطع اليوتوب! فالكتاب معظمه هو مجرد (نقول) مطوَّلة جعلت منه جسماً بديناً مترهِّلاً ينوء بشحوم الحشو الممل، وأما قلم الكاتب فنادراً ما نجده إلا في فواتح الفقرات وخواتمها، ولو أننا حذفنا النقول وأبقينا فقط على إنتاج الكاتب لما بقي من الكتاب إلا صفحاتٌ معدودات! ولبدا أمامنا بحجمه الحقيقيِّ مجرد جلدٍ على عظمٍ لإنسان لا لحم فيه ولا شحم!
هذا إلى أن النقول نفسها وطريقة سوْق الكاتب لها تعطي القارئ انطباعاً أنه جالسٌ في واحدٍ من مجالس الغيبة والنميمة والقيل والقال، فلا فائدة هنالك ترجى إلا الهذر والثرثرة ونشر الغسيل غسيل الجميع، وهذا في الواقع عائدٌ لتلك (الحيلة النفسية) التي يوهم بها الكاتب نفسه وغيره أنه خِلوٌ من التحيُّز مستوصٍ بالحياد والإنصاف، لكن هيهات هيهات...
- من حيث المضمون:
اخترع الكاتب من عند نفسه (خريطة) أسماها (خريطة الإسلاميين)، وسوَّى معالمها بناءً على مفاهيم واصطلاحات وتقسيمات لشتى الظواهر الإسلامية في النموذج المصري، ولعل (السلفية) كانت أوسع تلك التقسيمات إذ ضمَّ تحتها طوائف من التيارات يصل بعضها إلى التنافر التام والمعاداة العنيفة، بل واخترع من كيسه مفهوماً جديداً سماه (السلفية النسقية)!
ورغم ادعاء الكاتب التزامه الحياد في رؤيته لخريطته المزعومة، إلا أن رؤيته في الواقع شديدة التحيز بشكلٍ واضحٍ جداً، وما تقسيمه للسلفية أو السلفيات إلا نسخةٌ طبق الأصل عن التقسيم الإخواني لها، فهو ينظر إلى مفهوم (السلفية) من وجهة نظرٍ إخوانيةٍ صريحةٍ شديدة الوضوح، وأما انتقاؤه للتسميات فكان أيضاً من التحيُّز بحيث لم يراع موقف التيار المسمَّى من التسمية المخلوعة عليه، فقد اعتمد - مثلاً - تسمية (السلفية الجهادية)، فكأن ذلك إقرارٌ منه بـ (جهادية) ذلك التيار! ثم اعتمد لتيارٍ آخر اسم (السلفية العلمية)، وأعظِم بالعلم من انتماء! ثم نجد عنده (السلفية الحركية) ولا أدري ما موقف المنتسبين لهذا التيار من نسبتهم إلى (الحركية)! ثم نجد (السلفية المدخلية) وقد نسب التيار لشخص عالمٍ واحد، ومعروفٌ رفض أتباع هذه المدرسة وصفهم بـ (المدخلية)! وأيضاً هناك (السلفية السرورية) التي يرفض أتباعها بدورهم وصفهم بـ (السرورية)!
ثم إن الكاتب جعل جميع هؤلاء تحت مظلةٍ واحدةٍ هي (السلفية)، فـ (الداعشي) عنده و(المدخلي) سلفيان معاً! وهي قسمةٌ لن يوافقه عليها جميع من نسبهم إليها، كيف وهم جميعاً يُخرجون بعضهم بعضاً من مسمى (السلفية) التي يحتكرها كلٌّ لنفسه؟! فكيف يأمل الكاتب إذاً أن يسلِّم له أحدٌ بقسمته الخاصة هذه؟! وكيف يظن أنه بها يساهم في رأب الصدع في حين أنه لا يزيد الأوضاع إلا تمادياً واحتقاناً؟!
بل ما هي في الواقع إلا قسمةٌ (إخوانية) واضحة، وما من شكٍّ في أن الكاتب ينظر إلى مفهوم (السلفية) من منظار إخوانيٍّ لا ريب فيه، وكل تقسيماته لمن أسماهم (السلفيين) كانت بلسانٍ إخوانيٍّ فصيح.
ثم إن الإخوان أنفسهم لم يسلموا من نشر غسيلهم من طرف الكاتب، وحزب النور أيضاً، وكذلك من سماهم (الدعاة الجدد) والمؤسسة الدينية الرسمية... وينبغي أن ننتبه هنا إلى أن الكاتب لن يجني من كتابه هذا إلا تكثير أعدائه من جميع التيارات، إذ لا تيار منهم سيوافقه على ما قال عنه فيه، بل سيهاجمه السلفي والإخواني وحزب النور والقاعدي والداعشي والسروري والمدخلي والأزهري والحركي جميعاً، وذلك بسبب طبيعة الكتاب (المستفزَّة) للجميع بلا استثناء.
ولو أن الكاتب تعرض بالفعل لهجماتٍ شرسةٍ أجمعت عليها كل تلك التيارات لغمرته نشوةٌ عظيمةٌ ولأسكره تلذُّذٌ لا مثيل له، ولصاح قائلاً وهو يعزف على وتر المظلومية: "أرأيتم كيف هاجموني جميعاً على اختلاف مشاربهم؟! إن هذا هو الدليل الدامغ على أني مفكرٌ حرٌّ مستقلٌّ غير متحيِّز، وعلى أني قدمتُ عملاً فكرياً عظيماً غير مسبوق!"
إن كتاباً كهذا ما هو إلا محاولةٌ صبيانيةٌ مشاغبةٌ لاستفزاز الجميع، ويخطئ كل الخطأ من يظن أن أثراً سيكون له في توحيد الصف الإسلامي وإصلاح الأحوال الفكرية للأمة، بل كل ما سيحققه الكتاب هو إضافة رصيد ضخم جديد لحساب نرجسية الكاتب وتلذُّذه الشخصي وانتشائه الذاتي بدور المستعلي القادر على النظر إلى الجميع من فوق، من برجه العاجي الذي يتوهَّم أنه تبوأ مكاناً علياً في سدَّته...
وفي الختام أقول: ينبغي أن يكون هذا الكتاب وأمثاله مادةً تصلح لإجراء دراسةٍ نفسيةٍ واجتماعيةٍ على ظاهرة (مشايخ الآسك والفيسبوك) التي انتشرت بشكلٍ سرطانيٍّ في الآونة الأخيرة، وأبطالها صبيانٌ عابثون نصَّبوا أنفسهم (شيوخاً وعلماء)، ويتَّصفون جميعاً بدرجةٍ مهولةٍ من النرجسية وتعظيم الذات واحتقار الغير، فلا ينبغي إذاً أن يُنظر إلى كتاب (اختلاف الإسلاميين) أو (سمادير أحمد سالم) إلا على ضوء هذه الظاهرة الجديدة، ولا شيء آخر.
16/04/2017
Sign into ŷ to see if any of your friends have read
اختلاف الإسلاميين.
Sign In »
-المعذرة الرد سوقي وطفولي للأسف ويدفعك للمن على كاتبه بإخباره بذلك
-المعذرة مجددا الأوصاف بآخر فقرة تناسبك أكثر ممن وصفت