ŷ������

«وعندما بدأت الأرض الجزائرية تغيب في الافق، وجدت نفسي أقول وأنا متكئ على حافة الباخرة:

- يا أرضاً عقوقاً .. تُطعمين الأجنبي وتتركين أبناءك للجوع، إنني لن أعود إليك إن لم تصبحي حرة!

بينما بدأ ظلام الليل يسدل ستاره رويدًا رويدًا على بحر هائج تتراكم أمواجه بعضها فوق بعض».

تلك كانت أخر كلمات مالك بن نبي في مُذكراته الرائعة ذات الأسلوب الأدبي الشائق واللغة العربيّة العذبة. هذه المذكرات الفريدة حوت سردًا تاريخيًا مهمًا؛ أولًا عن حياة مالك الشخصية وأحداث سيرته (خاصةً علاقته المؤثرة بوالدته) وتصوّراته عن الاستعمار والحركات الجزائرية والعربية المناضلة، كما أبان لنا ماهيّة أفكاره وكيف تشكّلت ومن أي نبع نهلت، وأبرز طبائع شخصيته وكيف أثّرت فيه؛ كالثبات على المبدأ والجرأة في الحق وقوة الشكيمة والتأثر الشديد بالمحن التي حلت بأمته.
وثانيًا؛ المذكرات تحوي سردًا مهمًا عن لحظات تاريخية حساسة من حياة الجزائر والجزائرين في الداخل والخارج إبان الاستعمار، فنشاهد تحولات الجزائر الاجتماعية والاقتصادية والفكرية والسياسية بعد الاستعمار، ونرى صورًا من كفاح الجزائرين ومعاناتهم ونضال الأسماك الصغار المفترسة ضد شبكة الصيد الكبيرة كما يقول مالك بن نبي.
من أجمل ما قرأت من السير.