ŷ

الفلسفة المادية وتفكيك الإنسان Quotes

Rate this book
Clear rating
الفلسفة المادية وتفكيك الإنسان الفلسفة المادية وتفكيك الإنسان by عبد الوهاب المسيري
1,050 ratings, 4.22 average rating, 184 reviews
الفلسفة المادية وتفكيك الإنسان Quotes Showing 1-29 of 29
“خلق العالم بالصدفة هو مجرد افتراض و تخمين وليس حقيقة علمية . و من الاعتراضات المعروفة علي هذا الرأي أن تكون كائن كالانسان من تلك الذرات مصادفة أكثر بعداً من احتمال قرد يخبط علي آلة كاتبة فيخرج لنا قصيدة رائعة”
عبد الوهاب المسيري, الفلسفة المادية وتفكيك الإنسان
“العالم الغربي علي أتم استعداد للتصالح مع حكومات شموليه قاتلة ترفع لواء الشريعة الإسلامية علانية و لكنها تتبني (بشكل واع أو غير واع) رؤية للإنسان باعتباره كائنًا اقتصاديًا جسمانيًا وتنظر للعالم باعتباره غابة دارونية مادية.”
عبد الوهاب المسيري, الفلسفة المادية وتفكيك الإنسان
“مع غياب أية مقدرة على إدراك الكل المتجاوز وأية أسس تاريخية ورؤى مستقبلية، أي مع غياب أية أرضية معرفية ثابتة، يمكن أن تستند إليها معايير عامة، يسقط العقل الأداتي تماماً في النسبية المعرفية والأخلاقية والجمالية إذ تصبح كل الأمور متساوية، ومن ثم تظهر حالة من اللامعيارية الكاملة. ومع هذا، يمكن القول بأن النموذج الكامن والمهيمن على الإنسان يصبح، مع تساوي الأمور، هو: الطبيعة/المادة ـ السلعة ـ الشيء في ذاته ـ علاقات التبادل المجردة.&ܴ;
عبد الوهاب المسيري, الفلسفة المادية وتفكيك الإنسان
“وهو ما يعني في واقع الأمر أنه لا توجد إنسانية مشتركة وإنما توجد حالة الطبيعة -المادة، وهي حالة صراع مادية هوبزية بين الجماعات البشرية المتنافرة المتناحرة، ولا مجال لأن يتفاهم إنسان مع آخر انطلاقا من إنسانية مشتركة، وكأن كل البشر مكونون من يهود وأغيار،
فعضو الأقلية من شعب الله المختار وبقية البشر هم الأغيار المتربصون به،
ومن هنا التركيز على الاغتصاب في أدبيات التمركز حول الأنشی وعلى المذابح التي دبرت ضد اليهود في الأدبيات الصهيونية.
وإذا كانت عنصرية التسوية تنكر وجود أي جوهر إنساني متميز مستخدمة ديباجات التسامح، فإن تحويل كل البشر إلى أقليات هو إنكار لوجود أي جوهر إنساني متميز من خلال استخدام ديباجات الفرادة والتأيقن، ولكن المحصلة النهائية واحدة.
ومع هذا، يجب التنبه إلى أن النمط الأكثر شيوعا في عنصرية التسوية هو استخدام ديباجات التسامح والسيولة، وليس ديباجات الفرادة والحقوق المطلقة.”
عبد الوهاب المسيري, الفلسفة المادية وتفكيك الإنسان
“المادية تفشل في تفسير إصرار الإنسان على أن يجد معنى في الكون ومركزًا له، وحينما لا يجد معنى له فإنه لا يستمر في الإنتاج المادي مثل الحيوان الأعجم، وإنما يتفسخ ويصبح عدميًا ويتعاطى المخدرات وينتحر ويرتكب الجرائم دون سبب مادي واضح. وقضية المعنى تزداد حدة مع تزايد إشباع الجانب المادي في الإنسان، فكأن إنسانية الإنسان لصيقة بشيء آخر غير مادي.”
عبد الوهاب المسيرى, ‫الفلسف� المادية وتفكيك الإنسان�
&ܴ;ص66-67
والسؤال الذي لابد أن نطرحه هو: هل يمكن تأسيس علوم إنسانية دون معرفة الانسان؟ هذا ما حدث بالفعل في العلوم الإنسانية الغربية اذ اختفت الإشارات الى الطبيعة البشرية تماما فيها، ولا يمكن الحوار الا من خلال المؤشرات الكمية والجداول والقرائن المادية المباشرة.
وحينما ترسم هذه العلوم صورة الانسان، فانه يكون انسانا طبيعيا وظيفيا ذا بعد واحد � آليا يتحرك في اطار الدوافع والمثيرات. ويقسم الى الذات والذات العليا والهو، ويدفعه الإيروس والثاناتوس (فرويد) او النماذج الاصلية (يونج). وكما يقول علي عزت بيجوفيتش، فلقد تم طرد النفس من علم النفس.....
أما في علم الاجتماع، فقد أعلن دوركهايم ان الظواهر الاجتماعية مستقلة عن الأفراد، وتتمتع بسلطة قاهرة تفرض نفسها على الافراد عن طريق الاكراه، وان الضمير الفردي صدى للضمير الجمعي. فعندما يتكلم ضميرنا فمعنى ذلك أن المجتمع هو الذي يتكلم فينا....
أما الانثروبولوجيا (علم الانسان!) فهو يؤكد ان الانسان ليس له طبيعة وانما له تاريخ. وان كانت له خاصيات عند الولادة، فهي مجرد استعدادات شفافة لا تصمد امام مؤشرات المحيط القادر على تشكيل الانسان كيفما شاء. ففي الانسان لا توجد دوافع نفسية ثابتة � اللهم الا دافع الجنس والاكل، اما دافع المعرفة والعاطفة والتملك وغيرها فهي في نظر بعض الدراسات الانثروبولوجية متغيرة تظهر وتختفي بحسب عوامل البيئة.
كما سعت النظريات التاريخية (المادية) الى بيان ان الانسان كائن تشكل عبر التاريخ وعبر علاقاته مع الطبيعة ومع الاخرين وأنه قبل ذلك لم يكن انسانا، وليس في طبيعة الانسان خاصيات أولية مشتركة بين الناس لأنه ليس للإنسان طبيعة.”
عبد الوهاب المسيري, الفلسفة المادية وتفكيك الإنسان
“الإسلام كرؤية للكون يرفض هذه الرؤية المادية البروميثية الفاوستية، فهو يدعو للتوازن بين الإنسان والكون، وينمي في الإنسان إحساسه بذاته الإنسانية وبمنظوماته الأخلاقية التي تخلق مسافة بينه وبين الطبيعة والمادة وتزوده برؤية تمكنه من رفض هذه الاستهلاكية التافهة الشرسة.
ولا تزال الشعوب الفقيرة في عالم الإسلام تجاهد هذا النظام العالمي الجديد والقديم.

ماهو سر عداء هذا النظام للإسلام، فلو أن الإسلام يدور حول بعض الشعائر ويركز جل اهتمامه على ختان الإناث (كما يدعي البعض) لقاء النظام العالمي الجديد بتشجيعه وتمويله.

والعالم العربي على أتم استعداد للتصالح و التعاون مع حكومات شمولية قاتلة ترفع لواء الشريعة الإسلامية علانية ولكنها تتبنی بشکل واع أو غير واع، رؤية للإنسان باعتباره كائنا اقتصاديا جسمانيا
وللعالم باعتباره غابة داروينية مادية.
ولكن النظام العالمي الجديد يعلم تمام العلم أن ثمة رؤية إسلامية إنسانية شاملة، أساسها الإيمان بالعدل، وأن هناك خطابا اسلامية جديدة مركبا إلى أقصى حد يؤكد ضرورة المساواة بين الرجل والمراة
وين أعضاء الأغلبية والأقلية، ويطرح رؤية مركبة للعدل الاجتماعي وللعلاقات الدولية، ويجند جماهيره ضد الاستهلاكية اللعينة.”
عبد الوهاب المسيري, الفلسفة المادية وتفكيك الإنسان
“ويتسم هذا الإنسان بأن دوافعه واحتياجاته واستجاباته طبيعية مادية، ومثل هذه الدوافع والاستجابات الطبيعية تببعده عن عالم الإنسان وتدخله في عالم الأشياء الطبيعية وتجعل منه إنسانا ذا بعد واحد لا يمكنه تجاوز واقعه المادي، بل ولا يحلم بهذا
ومن هنا الإصرار على الدفاع عن
حقوق الشعوب المضطهدة والشواذ جنسيا
والتمركز حول الأنثى
وحقوق الحيوانات
والحق المطلق لأي فرد في أن يفعل ما شاد.
فالدفاع ليس عن الإنسان وإنما هو في واقع الأمر هجوم على أي معيارية إنسانية وعلى مركزية الإنسان في الكون، وهي عملية تسوية الإنسان بالكائنات الطبيعية
ورده إلى القاسم المشترك الأصغر الطبيعي المادي، وهي النقطة التي تظهر فيها السمات المشتركة بين الإنسان والحيوان!!.”
عبد الوهاب المسيري, الفلسفة المادية وتفكيك الإنسان
“وانطلاقا من ثنائية الأنا و الأخير العنصرية الصلبة، كان النظام الإمبريالي يحاول استعياد الشعوب الأخرى فيحاول أن يوقف عمليات التحديث في أي مكان في العالم .ويقنع كل الثورات ليضمن
تدفُق العمالة والمواد الخام الرخيصة وليضمن وجود مجال حيوي يشكل امتدادا إستراتيجيا واقتصاديا له ، حتى يظل العالم الغربي، منتجا ومستهلكا،
أما العالم الثالث فيظل متخلفا بدائيا، ومستهلكا عاجزا لبعض يضائع أورية وأفكارها. وفي إطار هذا ولدت عنصرية التفاوت وأفكار الشعب العضوي وعبء الرجل الأبيض والمجال الحيوي وهي أفكار تُسبغ القداسة على الإنسان الغربي وعلى تاريخ وحضارته و تنزع القداسة عن الإنسان غير الأبيض وعن تاريخه بل وتغيبهما، إذ يختفي هذا الإنسان كإنسان وينتهي تاريخه ، فهو مجرد تاريخ متخلف وانحراف عن النقطة التي يتجه نحوها التاريخ العالمي. وكانت هذه الحلول النهائية يدعمها مدفع غربي واضح يدك كل من يقف في طريقه دكا، كما فعل في فلسطين والجزائر
ویتنام&ܴ;
عبد الوهاب المسيري, الفلسفة المادية وتفكيك الإنسان
“وهنا، يبدأ الصراع الحاد الخاص بالقيمة في المجتمعات العلمانية، فإذا كان ثمة إيمان بالقيم المطلقة، فمن ذا الذي يقرر هذه القيم؟ الإجابة الحديثة عن هذا
السؤال،
في إطار المرجعية المادية الكامنة، هو: الأغلبية العددية، ويقال أيضا العلم الطبيعي الذي يسوي بين الإنسان و الطبيعة، فلا يوجد أي حقيقة مفارقة لواقعنا الأرضي وصيرورتنا الزمنية، أي إن المتجاوز المفارق، القيم المطلقة مثل الكرامة والعزة، تسقط في الصيرورة، الأغلبية العددية والعلم الطبيعي. وهنا، تظهر الإشكاليات المختلفة. فماذا يحدث لو قررت الأغلبية الاستغناء تمام عن مفهوم الطبيعة البشرية الجوهرية المتميزة عن الطبيعة المفارق لها وبدأت تحکم على البشر من منظور حلولي كموني واحدي طبيعي مادي کمي؟
ماذا لو قررت الأغلبية، متسلحة بالرؤية العلمية المادية الطبيعية، ضرورة إبادة المرضى الذين لا يرجى شفاؤهم؟ أليس من حق أعضاء أي مجتمع يدور في إطار الحلولية الكمونية أن يقرروا أي قرار طبيعي مادي دون العودة إلى أي مرجعية إنسانية مفارقة؟ أليس من حقهم استئصال جزء من الجسد يراه صاحب هذا الجسد ضارا، بما في ذلك أعضاء الأقليات غير المرغوب فيهم؟
أليس هذا أمر طبيعيا ماديا لا يمكن الوقوف ضده إلا بالعودة إلى مرجعية متجاورة ومنظومة قيمية مطلقة تؤكد القيمة المطلقة للإنسان؟”
عبد الوهاب المسيري, الفلسفة المادية وتفكيك الإنسان
“فبعد مائة عام من التجارب العلمية، اكتشف الإنسان انه كلما اكتشف و سسيطر علي شئ ما ظهرت له آلاف الأشياء الجديدة التي لا يعرفها ولايمكنه السيطرة عليها، من ذلك تجربتنا مع الذرة ، هذا الشئ الذي يتحرك دون قانون والذس يصعب رصده، وكلما رصدناه اكتشفنا عناصر جديدة فيه تحيرنا، ثم حطمناه لنؤسس الفردوس الأرضي، وانتهي بنا الأمر إالي أنه قد يدمرنا وكرتنا الأرضية تماما، وها نحن نمسك بكرة اللهب، أي العادم النووي و الأسلحة النووية التي يمكنها تدمير العالم عشرات المرات، وكأننا برميثيوس أبله سرق النار من الآلهة ولا يعرف ماذا يفعل بها بعد ذلك.”
عبد الوهاب المسيري, الفلسفة المادية وتفكيك الإنسان
“ولنلاحظ أن ما تساقط هنا ليست خصوصية قومية بعينها وإنما مفهوم الخصوصية نفسه، وليس تاريخاً بعينه وإنما فكرة التاريخ نفسها، وليس هوية بعينها و إنما كل الهويات، وليس منظومة قيمية بعينها وإنما فكرة القيمة نفسها وليس نوعاً بشرياً بعينه وإنما فكرة الإنسان المطلق نفسها، الإنسان ككيان مركب لا يمكن رده إلى ما هو ادنى منه. لقد اختفت المرجعية، أية مرجعية وظهر عالم لا خصوصيات فيه ولا مركز له. هذا العالم الذي لا مركز له، يسير فيه بشر لا مركز لهم ولا هدف، لا يمكنهم التواصل أو الانماء لوطن أو أسرة، كل فرد جزيرة منعزلة أو قصة صغيرة، فيظهر إنسان استهلاكي أخادي البعد يحدد اهدافه كل يوم، ويُغيّر قيمه بعد إشعار فصير يأتيه من الإعلانات و الإعلام، إنسان عالم الاستهلاكية العالمية الذي ينتج بكفاءة ويستهلك بكفاءة ويُعظّم لذته بكفاءة حسب ما يأتيه من إشاررات وأنماط! هذا هو الحل النهائي في عصر التسوية الذي حل محل الحل النهاي لعصر التفاوت، فبدلاً من الإبادة من الخارج، يظهر التفكيك من الداخل.”
عبد الوهاب المسيري, الفلسفة المادية وتفكيك الإنسان
“وهي شخصية نسبية هزيلة مهتزة لا تثق في ذاتها ولا رؤيتها ولا هويتها ولا منظوماتها ولذا يتحدد تَوجُّهها حسب ما يصدر لها من أوامر تأتي لها من علٍ، ويتحدد ولاؤها استنادًا إلى المصلحة المادية المتغيرة التي يتم تعريفها مدنيًّا وقوميًّا وعلميًّا وموضوعيًّا، من خلال الجهات المسئولة واللجان المتخصصة والسوبرمن، ومن ثَمَّ يمكنها أن تطيع الأوامر البرانية وتنفذ التعليمات بدقة متناهية. وهي شخصية ذات عقل أداتي لا تفكر في الغايات وإنما في الوسائل والإجراءات وحسب، وفي أحسن السبل لإنجاز ما أوكل لها من مهام دون تساؤل عن مضمونها الأخلاقي أو هدفها الإنساني.”
عبد الوهاب المسيري, ‫الفلسف� المادية وتفكيك الإنسان�
“والفكر الصهيوني، مثله مثل الفكر النازي، هو ترجمة للرؤية الداروينية، فالصهاينة قاموا بغزو فلسطين باسم حقوقهم اليهودية المطلقة التي تَجُبُ حقوق الآخرين، كما أنهم جاءوا إلى فلسطين ممثلين للحضارة الأوربية ويحملون عبء الرجل الأبيض. وهم، نظرًا لقوتهم العسكرية، يملكون مقدرة أعلى على البقاء. أي أنهم جاءوا من الغرب مسلحين بمدفعية أيديولوجية وعسكرية داروينية علمانية ثقيلة، وقاموا بتسوية الأمور من خلال الموقع الدارويني النيتشوي فذبحوا الفلسطينيين وهدموا قراهم واستولوا على أراضيهم، وهي أمور شرعية تمامًا من منظور دارويني علماني، بل وواجبة.”
عبد الوهاب المسيري, ‫الفلسف� المادية وتفكيك الإنسان�
“العقل في اللغة الحَجْر والنهي، وقد سُمِّي بذلك تشبيهًا بعقل الناقة، لأنه يمنع صاحبه من العدول عن سواء السبيل، كما يمنع العقال الناقة من الشرود.”
عبد الوهاب المسيرى, ‫الفلسف� المادية وتفكيك الإنسان�
“وقد ظهرت عنصرية التسوية هذه في فرنسا بشكل واضح إبان الهيجان ضد المسلمين، فقد اتضح لهذا المجتمع العلماني أن أعضاءه غير قادرين على تقبل المسلمين کمسلمين، وأنه على أتم استعداد لأن يتقبلهم بعد أن يتم ترشيدهم وعلمنتهم فيصبحوا فرنسيين، أي أشخاصا طبيعيين
ومادة لا طعم
ولا لون
ولا رائحة لها،
ومن هنا حديثهم عن الإسلام الفرنسي، أي الإسلام الذي لا
يتعارض مع القيم الطبيعية المادية .”
عبد الوهاب المسيري, الفلسفة المادية وتفكيك الإنسان
“و أرى أن انتشار الإباحية في العالم الغربی ليست مجرد
مشكلة أخلاقية، وإنما هي ايضا قضية معرفية, فالإباحية هي جزء من هذا الهجوم على الطبيعة البشرية وعلى قداسة . الإنسان، فالرؤية العلمانية الامبريالة طّبعت الإنسان، أي إنه كائنا طبيعياوحسب ، و نظرت إليه باعتباره مادة صرفة والإباحية هي تعبير عن الاتجاه نفسه فتجريد جسد الإنسان من ملابسه هو نوع من نزع القداسة عنه حتى يتحول الإنسان، خليفة الله في الأرض في الرؤي الدينية، ومركز الكون في الرؤى الإنسانية، إلى مجرد لحم يوظف ويستغل بحيث يصبح مصدرا للذة من هذا المنظور، يمكن أن نرى الإبادة النازية لليهود وغيرهم على أنها شكل من أشكال الإباحية أو الإمبريالية الكاملة، فهي حولت البشر إلى صفوف وتلال لحم توظف وينتفع بها، ولذا فنحن نرى أن ثمة تشابها بين اللحظة النازية واللحظة التايلاندية في الحضارة العلمانية، فكلاهما اسقط القداسة عن الإنسان ورآه مادة استعمالية، توظف في أعمال السخرة في المانيا وفي البغاء في تايلاند. بل نذهب أبعد من هذا، ونقول: إن الفارق بين بيوت المسنين في الدولة الديمقراطية وأفران الغاز في الدولة النازية ليس جوهريا، كما قد يبدو لأول وهلة، فكلاهما مكان يودع فيه المسنون باعتبارهم غير منتجين، وبينما يتم التخلص منهم عن طريق التبريد في الدول الديمقراطية، فإنه
!! يتم التخلص منهم عن طريق التسخين في الدول الشمولية”
عبد الوهاب المسيري, الفلسفة المادية وتفكيك الإنسان
“وحينما سئل هافل عن الأسباب التي أدت إلى هذا الوضع أجاب قائلا هذا الوضع له علاقة ما بأننا نعيش في أول حضارة ملحدة في التاريخ البشري. فلم يعد الناس يحترمون ما يدعى القيم الميتافيزيقية العليا، والتي تمثل شيئا أعلى مرتبة منهم مفعمة بالأسرار.
وأنا لا أتحدث هنا بالضرورة عن إله شخصي، إذ إنني أشير إلى أي شيء مطلق ومتجاوز.
هذه الاعتبارات الأساسية كانت تمثل دعامة للناس، وأفقأ لهم، ولكنها فقدت الآن.
وتكمن المفارقة، أننا بفقداننا إياها نفقد قبضتنا على المدنية، التي أصبحت تسير بلا أي تحكم من جانبنا. فحينما أعلنت الإنسانية أنها حاكم العالم الأعلى، في هذه اللحظة نفسها، بدأ العالم يفقد بعده الإنساني).”
عبد الوهاب المسيري, الفلسفة المادية وتفكيك الإنسان
“وهو ما نسميه الأحادية الوظيفية أي حينما يُردُ الإنسان في كليته إلى الوظيفة، ويجسد المبدأ، ونصبح كلنا مثل أعضاء الجماعة الوظيفية، حيث يعرف الإنسان في ضوء الوظيفة والدور، لا في ضوء إنسانيته الكلية المتعينة،
وهو ما كان يعنيه مارکس حينما تحدث عن تهويد المجتمع، أي جعل الإنسان مفرغة تماما من خصوصيته وتعينه مستوعبا تماما في الوظيفة العامة
المجردة.&ܴ;
عبد الوهاب المسيري, الفلسفة المادية وتفكيك الإنسان
“إن مشروع الدولة القومية المطلقة الترشيدي التحديثي مشروع متكامل ولذا كان لابد أن تصطدم بالدين، إذ لايمكن أن يتعايش داخل المجتمع مطلقان فهذا تحد للأحادية، ولذا لابد أن ينكمش أحد المطلقين ويُهمش أو يُلغی، خصوصا أن الدين يدور حول مطلق متجاوز غير طبيعي وغير مادي وغير رشيد بالمعنى المادي، ومن ثم فهو يتحدى المرجعية المادية � ومن هنا يتم تهميش الدين ليصبح شأنا خاصا،
ولتظل الدولة هي المطلق الأوحد ومصدر القيمة، وحتى يدين المواطن لها وحدها بالولاء ويتلقى منها الأوامر لتحقيق
مصلحتها العليا.”
عبد الوهاب المسيري, الفلسفة المادية وتفكيك الإنسان
“وبالمثل، لا تعتبر اللحظة الصهيونية انحرافا عن الفكر العلماني الشامل
/الإمبريالي، بل تمثل تبلورا حادا له. فانطلاقا من الطبيعة المادة باعتبارها المرجعية النهائية المادية ومن إرادة القوة وأخلاق الغاب، باعتبارها المرجعية الأخلاقية المادية، نظرت الصهيونية إلى فلسطين باعتبارها أرض بلا شعب، أي إنها استبعدت العنصر الإنساني منها، وحولت كل شيء إلى مادة: فأصبحت فلسطين أرضا تستغل، وأصبح الفلسطينيون أنفسهم مادة بشرية تنقل وتباد وتستغل، وأصبح اليهود أيضا مادة بشرية يتم تخليص أوربة منها عن طريق نقلها
ولحظة تبلور النموذج العلماني هي عادة - كما أسلفنا - لحظة .ترانسفير، حيث يصبح كل شيء قابلا للاستعمال والنقل.”
عبد الوهاب المسيري, الفلسفة المادية وتفكيك الإنسان
“ويظهر أن الفكر العلماني الشامل ليس فكرا تفكيكيا بطبيعته وحسب وانما هو فکر تقويضي كذلك. وفكر إبادي.”
عبد الوهاب المسيري, الفلسفة المادية وتفكيك الإنسان
“وقد تصاعدت معدلات الهيمنه حتى بدأت قطاعات كبيرة من الناس في العــالم بأسره، خصوصا أعضاء النخب السياسية والاقتصادية، يستوطنون الرؤية العلمانية الإمبريالية )الترشيد من الداخل( وتزايد استبطانهم لها على مر الأيام. وكما حاولت الدولة القومية القضاء على الجيوب الإثنية والدينية في الداخل، وعلى كل المطلقات الإنسانية والأخلاقية غير المادية، وعلی کل الخصوصيات، تحاول الإمبريالية القيام بهذا الدور على مستوى العالم.”
عبد الوهاب المسيري, الفلسفة المادية وتفكيك الإنسان
“وبسبب هذا الترادف أو التوحد أو الترابط أو التلازم بين الرؤية المعرفية العلمانية والرؤية المعرفية الإمبريالية، فإننا نشير إليهما باعتبارهما الرؤية المعرفية العلمانية الإمبريالية. ولعل الاختلاف بين العلمانية والإمبريالية هو اختلاف في مجال التطبيق وليس في الرؤية ذاتها، فالرؤية المعرفية العلمانية الإمبريالية تعبر عن نفسها من خلال عمليتين تاريخيتين متزامنتين متعاقبتين متشابهتين، وهما عمليتان متكاملتان لا يمكن أن نراهما كسبب ونتيجة )إلا لفترة مبدئية وجيزة فالأسباب نتائج والنتائج أسباب. هاتان الظاهرتان هما الدولة القومية المطلقة والتشكيل الاستعماري الإمبريالي الغربي. فقد تبدت الرؤية المعرفية الإمبريالية
على هيئة الدولة المطلقة في الداخل الأوربي وعلى هيئة التشكيل الاستعماري الغربي في الخارج العالمي.
وبرغم اختلاف المجال والآليات، ظلت الأهداف النهائية واحدة - ترشيد البشر وتسخيرهم وفرض الواحدية المادية على العالم
وتحويله إلى مادة متجانسة متوسلة.”
عبد الوهاب المسيري, الفلسفة المادية وتفكيك الإنسان
“تبدَّت هذه المنظومة الداروينية بشكل واضح في الرؤية المعرفية العلمانية الإمبريالية، من إنكار لقيمة أي شيء أو أية مرجعية متجاوزة إلى تأكيد ضرورة التنافس والصراع والإصرار على حرية السوق وآلياته وعدم تدخل الدولة بحيث يهلك الضعفاء ولا يبقى سوى الأقوياء.
والإمبريالية هي تدويل لرؤية الداروينية حيث أصبح العالم كله سوقا، مسرحا لنشاط الإنسان الأبيض المتفوق الذي أباح لنفسه قتل الآخر ضمانا لبقائه وتأكيدا لقوته.
وقد ساهمت الداروينية أيضا في تزويد النظريات العرقية الغربية والتجارب الخاصة بتحسين الأجناس والنسل والقتل الرحيم على أساس علمي”
عبد الوهاب المسيري, الفلسفة المادية وتفكيك الإنسان
“العقل المادي عقل عنصري غير قادر على إدراك الكليات (إلا الطبيعة/ المادة)، ولذا فهو يسقط مفهوم الإنسانية المشتركة، فهو مفهوم مرکب لا يمكن قياسه. وبدلا من ذلك، يتأرجح العقل بين قطبين متنافرين: عنصرية التفاوت، وعنصرية التسوية. فالعقل المادي قادر على رصد الاختلافات الجوهرية بين الناس، فيؤكد التفاوت بينهم، أو على النقيض من هذا هو قادر على أن يرصد البشر باعتبارهم كيانات بيولوجية وحسب، ومن ثم لا توجد
أي اختلافات كيفية بين كل الأفراد وبين الإنسان والحيوان، فالإنسان شأنه شأن الحيوان، بمجموعة من الوظائف البيولوجية والكيميائية، وعدد من الغرائز والتفاعلات الحتمية، ولذا فإن العقل المادي لا يسوي بين كل البشر وحسب
وإنما يسوي بين كل البشر والحيوانات”
عبد الوهاب المسيري, الفلسفة المادية وتفكيك الإنسان
“الظاهرة الإنسانية مُكوَّنة من عدد غير محدود تقريبًا من العناصر التي تتميَّز بقدرٍ عالٍ من التركيب ويستحيل تفتيتها لأن العناصر مترابطة بشكل غير مفهوم لنا. وحينما يُفصَل الجزء عن الكل، فإن الكل يتغيَّر تمامًا ويفقد الجزء معناه. والظاهرة الإنسانية توجد داخل شبكة من علاقات متشابكة متداخلة بعضها غير ظاهر ولا يمكن ملاحظته.”
عبد الوهاب المسيرى, ‫الفلسف� المادية وتفكيك الإنسان�
“ونحن نضع في مقابل الإنسان الطبيعي الإنسان الإنسان، وهو إنسان غير طبيعي/مادي يحوي داخله عناصر (ربانية) متجاوزة لقوانين الحركة (التي تسري على الإنسان والحيوان) ومتجاوزة للنظام الطبيعي/المادي. هذه العناصر هي التي تُشَكِّل جوهر الإنسان والسمة الأساسية لإنسانيته وتفصله عن بقية الكائنات وتميِّزه بوصفه إنسانًا.”
عبد الوهاب المسيرى, ‫الفلسف� المادية وتفكيك الإنسان�
&ܴ;ص67
ان العلوم التي تدعي انها إنسانية وتدور في نطاق المرجعية المادية الكامنة تنطلق من الايمان بأنه لا توجد عناصر إنسانية عالمية او طبيعة بشرية ثابتة أو مستقرة خاصة، فما يوجد هو ممارسات وعقائد لا ينتظمها إطار...
فكل شيء في ذلك الانسان حادث، بل عرضي وطارئ، ومن ثم محتمل الوقوع والزوال..
وهذا يعني في وقع الامر انه لا توجد معيارية إنسانية، أي لا توجد سوى معيارية موضوعية شيئية. إن ما يحدث هو الغاء ثنائية الانسان/الطبيعة، أي ثنائية الجنس البشري/الأشياء، ليسود عالم الكم والأرقام والنماذج الاختزالية البسيطة التي قد تعطي من يستخدمها راحة كبيرة ومقدرة على الإنجاز، ولكنها تفكك الانسان تماما ثم تقتله.

ص68
ولكن هناك النموذج الاخر الذي يرى الانسان ظاهرة متفردة متجاوزة (ربانية) لا يمكن مساواته او تسويته بالكائنات الطبيعية. ولا شك أن الانسان يحوي كثيرا من العناصر الطبيعية، وهي عناصر لابد انها تخضع بشكل ما -وفي بعض جوانبها- الى التجريب الطبيعي وتدخل شبكة السببية الصلبة. لكن الانسان يظل يملك ما يتحدى التجريب وما لا يمكن معرفته ولا يمكن استيعابه داخل هذه الشبكة، اذ ان أي محاولة من هذا النوع لابد أن تبوء بالفشل.
ولذا، فان أكثر النماذج التفسيرية كفاءة -حسب هذا التصور- هي النماذج المنفتحة الفضفاضة التي تعترف بثنائية الانسان والطبيعة، وبأن القيم البشرية والقيم الأخلاقية والغائية النابعة من مركزية هذا الانسان هي المرجعية النهائية لدراسة ظاهرة الانسان، وان هناك ما يمكن معرفته وادخاله في الشبكة السببية الصلبة والمطلقة، وذلك مع تأكيدها بأن هناك أيضا ما لا يمكن معرفته او اصطياده � ومن ثم فان الوصول الى تفسيرات كاملة وحلول نهائية امر مستحيل...
ومن هنا ظهرت مدرسة الهرمنيوطيقا والتأويل التي تنظر الى الانسان باعتباره ظاهرة مركبة تستعصي على التفسير من خلال النماذج الطبيعية المادية.

ص69
ومن ثم فن استراتيجية أنسنة العلوم بالنسبة الى هؤلاء تتكون من: استرجاع مفهوم الطبيعة البشرية ككيان مركب لا يمكن ان يرد للنظام الطبيعي، ولا يسوى مع الأشياء الطبيعية � أي استرجاع الثنائية التقليدية. وان تم استرجاع مفهوم الطبيعة البشرية، فانه سيتم معه استرجاع القيم الإنسانية والأخلاقية كقيم أساسية في عمليات البحث العلمي في مجال الطبيعة والانسان.”
عبد الوهاب المسيري, الفلسفة المادية وتفكيك الإنسان