ŷ helps you follow your favorite authors. Be the first to learn about new releases!
Start by following حرية سليمان.
Showing 1-5 of 5
“مع إشراقة الصبح، كنت ممددة الساقين معلقة العينين بشماعة جانبية، دقت الساعة العاشرة.. قفزت من الفراش، هرعت إلى المطبخ، فتحت الثلاجة، شربت زجاجة المياه الباردة كلها، عدت إلى الغرفة مهزومة.. كنت حزينة، فالمسافة بين ضجري وعينيَّ المتورمتين كأنها محطة قطار مسكونة بالعفاريت.. لهذا حين طالعت صورتك بالعدد الأسبوعي، لم أقصها كالعادة ولم أقبِّلها أيضًا، فقط فتحت صفحة مموهة كعلاقتنا الجدلية وجلست لأكتب.”
― أسود دانتيل
― أسود دانتيل
“أعطيته الشهر الماضي صابونة بعطر الفل ودلو ماء، خفت الرائحة المنبعثة منه أكثر من هيأته، لم يصدمني جسده المتسخ كما فعل بروز عظامه، تخيلت اللحظة الحاسمة التي يخترق أحدها جلده المشدود لتنفذ إلى الخارج، فيعيدها بيسر ومن دون عناء، تحلقت بمداره غيمة من الذباب.. تهبط لتمتص قيح جروحه، ابتكرت زحاما لفعل الالتحام فيه دور كبير، أبعدها بكف تبلدت أنسجته ونبتت به زوائد جلدية جافة أشبه بالحراشف، ارتفعت لتظلل رأسه ولتعبث بالأفكار. عادت لتتكثف من جديد، أبعدها بغضب ثم عاد لا يهتم بغير الملح الذي انهمر فجأة، توحد معه، تخلل جلده المتآكل، انشق عنه ثم عاد يتسرب إليه، تشبعت به الخرقة التي لم تستر جسده لتشكل حائط صد رمادي مائل للاصفرار، انطبعت الصورة بذاتي فبدوت صغيرا جدا بالنسبة له، التصق بقذارته لأتشتت بهزال أفكاري.”
―
―
“فاتحني برغبة بحفل توقيع لعمله الأخير «هرطقات»، بعدها قال سيرتب لمفاجأة. لم أكن أفكر إلا في شيءٍ واحدٍ، إعلان زواجنا، تشبثت بساعده كطفلة، وتوسدت صدره، وعقلي يموج بكثير من الأسئلة، وللموقف الذي يشبه الدوران بمتاهة، أغلقت عينيَّ.. لم أعد أتذكر شيئًا غير نهاياتنا المفتوحة دوما على احتمالات الضجر، ووعوده المفرطة بالإقلاع عن التدخين، ووعودي في المقابل بالتوقف عن التفكير، ووميض الصور الأخرى المتلاحقة غير المنطقية حينها، طلاء شفاهي الأقل تشبثا بالأشياء، بكرة مناديل جديدة برائحة القرفة، تنانيري المحبوكة، قصة شعري المودرن، زر الريموت العالق منذ الأمس، مصباح الغرفة المحترق، حساء الدجاج المقزز بنكهة الهليون. أشياء غريبة واهية. كان ألطفها سن حذائي المدبب وكيف أنه يسمح لي بنقل خطواتي بحذر، مصعدنا المتاهة، خطوة الرقص الخامسة قبل الالتفاف، والسقوط بين ذراعيه، مقدمة حذائه، قبلة الخنصر الأخيرة ولعقه أصابعي، صار يعبر بين خيال وخيال، وفكرة وفكرة، وكالعادة كان مبحرًا في الغمام.. قال بمكر رجولي:
- هتكتبيني، تأملاتك توحي بكده، عارف أعراض المخاض على الورق، مش متفاجئ على فكرة، بس خايف تتألمي.”
― أسود دانتيل
- هتكتبيني، تأملاتك توحي بكده، عارف أعراض المخاض على الورق، مش متفاجئ على فكرة، بس خايف تتألمي.”
― أسود دانتيل
“كنت ترقبها يوميا بينما تبتاع زهرة حمراء لتهديها إليه، اعتقدتها آتية إليك واعتدت هذا النوع من الانتظار ، طلبَت من البائع ورقة لتسطر بعض كلمات حب ليست لك، وبالزاوية وضعت حرفيهما وقلبا أحمر، مع تشابه حرفيكما لم يعد الفارق إلا ملامح كئيبة سكنت وجهك المتعطش شوقا لزهرة حمراء لن تصلك أبدا.. ويدا مبسوطة تنتظر بلهفة غير مبررة. راقبته بعدها يبتاع زهرة صفراء ويعقدها بشريط مرقط، أخبَرك عن الارتباط الوثيق بين زهرته الصفراء وغيرته المجنونة وخلافهما الدائم ومحاولتك المصطنعة للصلح بينهما، يالك من كاذب.. والأغرب مازلت تنتظرها .”
―
―
“في الصباح، كان علينا أن نقطع القاهرة إلى قلب المدينة القديمة، تلتهمنا العشوائيات بشوارعها الكئيبة الضيقة، القلعة على امتداد البصر، تقترب مقابر البساتين حيث يرقدا، المسافة طويلة مغبرة، عجزت عن التقاط انفاسي، حاولت مرارا أن أفتح ممراً آمناً للعبور لكنها تمردت، فشلت كل أحاديثه في إذابة الجمود، قبضت على المقود وعيناي مثبتتان بالطريق، كل شيء يتحرك سريعا للأمام وبنفس السرعة نتحرك للخلف، وكأننا نقطع المسافة ركضا بالمكان، صمت يصرخ في الانحاء برغم الضجيج واختلاط الروائح وتسرب دخان العادم من فتحته الضيقة ،ضج في الفراغ ، خلتنا نعطل، لكنها توقفت بعد أن اكتملت المسافة، ثلاثة مصابيح مازالت لم تطفأ، ومع ذلك مررت وميضاً مرتعشاً غير مضيء، نبتات صبار ضخمة على كل ممر، لم تشغل الشخوص حيزا في نافذة الرؤية، كانت لوحة باردة من جمادات وكائنات شبه محنطة، مازالت الكتل الحجرية بشواخصها النافرة تحمل رموزا للموت الصامت، المشهد ثقيل كلوحة سيريالية بالغة التعقيد وبالوقت ذاته كان بسيطاً كسحق طابور طويل من النمل .”
―
―