ابطال موراكامي لا يعانون الفقر ولا القمع ولا البطالة �
للتو انتهيت من رواية رقص رقص رقص للروائي الياباني المعروف هاروكي موراكامي، أحب روايات هذا الرجل دون أن أملك إجابة محددة عن سر المتعة التي تحملها رواياته، إنه يملك كاريزما السرد كما وصفه أحد الأصدقاء ذات مرة.
قرأت له من قبل الغابة النرويجية ورواية جنوب الحدود غرب الشمس، هناك شيء خفي ولذيذ في سرده. وأبطال موراكامي دائما لا يعانون البطالة ولا الفقر ولا يواجهون القمع ولا تشغلهم مشكلات السياسة المباشرة، لكنهم يعانون وبشكل يبدو مرضيا من ذلك الشعور القوي بعدم الحصول على السعادة، ورغم أن هؤلاء الأبطال يتناولون أفضل الأطعمة ويعملون في وظائف جيدة، ويسافرون ويتنزهون، لكنهم دائما مسكونون بالسأم والخوف من الآلة الضخمة التي تدور بهم، يشعرون بشيء من فقدان ذاتهم، هم متشككون دائما من مشاعرهم لا يعرفون ما يريدون، تبدو الحياة بالنسبة لهم وكأنما هي ليست حقيقية.
الغريب أن موراكامي بكل ثقافته الغربية الهائلة فيما يخص اطلاعه على آداب الغرب وموسيقاهم وهذا الثقافة دائما ما تبدو جلية في رواياته التي تزخر دائما بالحديث عن الموسيقى الغربية تحديدا .. إلا أن المفارقة أن أعماله تكاد تصرخ بالخوف والهلـــع ممــا تـفـعله الرأسمالية في الإنسان، في رقص رقص يبدو هذا الأمر واضحا، الشركات العالمية الكبرى تشبه تنظيما متوحشا سيأكل البشر في النهاية، الحضارة الكبرى هي وحش من نوع آخر، هذه هي خلاصة 500 صفحة هي حجم الرواية الممتعة في نظري.