تحولت عينا أبي إلى عيني ّ طفل، تنظران نحوي بسكون وضعف وحيرة،يفتح فمه كلما اقتربت الملعقة،الزبادي المخلوط ببعض العسل، ملعقتان صغيرة ثم يقول بصوت واهن”خلا� كافي�
أتذكرني وقد أضعته في شارع المدّعى، كنت وقتها في السادسة ،أقف بجانبه أمام أحد المحلات، انشغلت بالنظر إلى دكان صغير يبيع تحفا وألعابا ثم اكتشفت أنني فقدته.
امتلأت بالرعب وتسمرت في مكاني وأخذت أتلفت بهلع وأنا أغالب دموعا توشك على الانهيار،تحولت اللحظات دهرا وأنا أدور في مكاني وعندما سمعته ينادي اندفعت نحوه كمن وجد الحياة.
ينسى أنه في غرفة التنويم وينادي أمي ويسألني أين الأطفال، أخبره أننا في المستشفى فيتلفت في الغرفة، لاشي سوى المحاليل وشاشة تصدر طنينا لا يسمعه،يغمض عيناه فأسال أي أحلام تزره الآن.
أنظر من النافذة الزجاجية، الناس بلا أصواتهم، وأطفال يلعبون حول نافورة صغيرة وطبيبة شابة تحمل قهوتها..في الشارع البعيد سيارات مسرعة ولوحات إعلانية بلا معالم .
صدره يعلو وينخفض والمحلول ينزل نقطة نقطة ..
أتذكره عائدا في المساء يصعد الدرج حاملا تعبه وغبار الحياة وخبزا ساخنا وحلوى.
أهمس له ..أنا حزين..وأخبره أن الطفل الضائع في شارع المدعى لم يجد أباه، تلفت يمينا وشمالا ..يمينا وشمالا ..وأجهش بالبكاء.
Published on February 16, 2013 21:37