ŷ

المنظومة الفكرية السورية تدار تحت وطأة الرقابة السياسية المشددة

حواري مع مجلة #بناة_المستقبل تديره الصحفية الرائعة حنان عقيل�
المقال يأخد ثلاث صفحات 130-131-132
لتحميل المجلة

---------------------------------------------------------------
image: -

الكتابة عن الوجع السوري لا تنضب، فمنذ قيام الثورة السورية وحتى
اللحظة الراهنة انصب العديد من الأعمال الأبية على تناول واقع
ومآسي الشعب السوري التي يعايشها يوميًا، وصار الأدب لسان حال
السوريين والمُعبر الرئيس عن آمالهم وآلامهم.. الأديبة السورية دينا
نسريني واحدة من هؤلاء الذين لم يستطيعوا أن يصموا آذانهم عن
وقع قذائف الهاون في بلادهم، وعن صراخ الأطفال السوريين الذين
يقعون تحت معاناة القذف، فكتبت روايتها الأولى «أمل » التي تناولت
فيها أثر الحرب في سوريا على المواطن العادي في مدينة حلب
لتكون الرواية صورة حية لما يحدث في سوريا في الوقت الراهن

- بداية حدثينا عن تجربتك الروائية الأولى «أمل .»

تصور الرواية وطأة العذاب اليومي في مدينة حلب الشمالية
بسوريا، من خلال إنسانة تحب الحياة وتعيش واقع المعاناة في
سوريا بشكل يومي، وبالتحديد معاناة الطبقة المتوسطة وفوق
المتوسطة،وتحضر في الرواية بقوة التفكير الجدي في الهجرة من
البلاد من عدمه.

- ألم تخشين الكتابة عن حدث لم يكتمل بعد؟

لم أنظر للموضوع من منظور سياسي، لجأت إلى توصيف الحدث
كما هو لمن يرغب في معايشة الواقع من منظر إنساني، الناس
تريد أن تعرف كيف يعيش السوريون حياتهم في ظل هذا الواقع
المؤلم، وهذا ما قصدته في روايتي «أمل » بدون إصدار أحكام
مباشرة أو إدعاء المعرفة السياسية، والآن مر ما يقرب من عام
على كتابة الرواية، وعلى الرغم من التغير في بعض الاحداث إلا
أن رأيي الإنساني في الرواية ظل ثابتًا، كما أن الرواية تحمل رسالة
فكرية موجهة لمصر وسوريا.

- لماذا؟

لأن مصر وسوريا تتشابهان في نواحي كتير خصوصا روح
الشباب وأفكارهم والنظرية الثورية و العرق الشرقي العاطفي،
فالبلدان يعايشان نفس الأفكار ونفس اليأس والتوتر وفقدان
الأمل .. ورواية «أمل » هدفها تقديم بصيص من النور، وأتمنى أن
تكون حلمًا يتحقق يومًا ما.

- الرواية تصدر عن «دار نون » وهي دار نشر مصرية وليست
سورية .. ما السبب؟

لأسباب عديدة .. أولها هي أن لدي رسالة موجهة لسوريا
ولمصر من واقع تجربتي السياسية الافتراضية في مصر و تجربتي
الإنسانية في سوريا ، والسبب الثاني أنه لن تقبل أي دار نشر
سورية أن تنشر الرواية لأنها مساهمة فعلية في الثورة السورية
و في حلم جيل كامل بأن يرى بلده أفضل لدرجة أنه يشعر
بالفخر لانتماؤه لها،فبعض من صديقاتي في سوريا يخشون
الاحتفاظ برواياتهم لأنها لن ترضي أي من الأطراف المتناحرة
هناك، والسبب الثالث هو رغبتي في عدم تأخير نشرها لكي
تصل رسالتها في الوقت المناسب.

- هل حرصتِ على قراءة الأعمال الأدبية التي تناولت الموضوع
ذاته قبل الشروع في كتابة الرواية؟

لا للأسف، بدأت في كتابة روايتي من مدة لا بأس بها، لا أظن
أن كتاب كثيرين كانوا قد كتبوا في هذا المجال، لكن الوضع
الإنساني السوري مجال خصب جدًا.

- ما هو توصيفك للوضع السياسي الحالي في سوريا؟

الوضع السياسي الراهن في سوريا حرب بين فريقين لا يهم
أي منهما إلا مصالحه الخاصة، أما الثورة فلا أجد على الساحة
في سوريا من نادى بها و أنا بشكل شخصي لا أؤمن بمن ينادي
بالثورة من الخارج .. قف معي .. عش ألمي معي ثم قل ثورة، و إن
خفت على حياتك كان جديرًا بك أن تخاف من البداية، و إن كنت
شجاعًا و تحب بلدك بحق فبلدك لها الحق بدفاعك عنها ضد كل
من ينهش اليوم في لحمها، لو كنت موجوداً .. ممثلاً للثورة ما كان
هذا ليكون حالها.

- وماذا عن الثقافة في سوريا؟

الوضع الثقافي أم الفني ؟ شتان .. الوضع الثقافي جيد جداً
فقد نشأنا منذ الصغر على اللغة العربية الفصيحة كما أن
مناهجنا التعليمية للصغار تزخر بالكثير من المعارف مما يؤسس
للغة عربية واضحة قوية في مدينتي التي تعتبر بلدًا مرفهةً
نوعاً ما، أجد الثقافة ذات مكانة بين الجميع و أحمد الله على
ذلك ، أما الفن والمنظومة الفكرية تدار كما كل شيء في بلدنا
تحت رقابة سياسية شديدة وقف شروطٍ سنّها من لا أقتنع
بموضوعيته أو اهتمامه أصلاً بالثقافة و الفن، ومع ذلك من بين
ثلوج الشتاء تنبت أجمل الأزهار، فالعبقرية السورية كما غيرها
من العبقريات العربية تنبت زهورًا فواحةً تملأ الدنيا خيراً و جمالاً
في كافة المجالات, و هي مواهب و فنون افتخر بانتمائي لوطنٍ
أنجبا.

- البعض أثار ملف «التقسيم » كشبح يُطل برأسه في
سوريا.. هل هذا السيناريو وارد تحققه من وجهة نظرك؟

بالطبع لا، سوريا للسوريين، فنحن أكثر الشعوب إيمانًا بالوحدة
العربي فبالتأكيد الانقسام السوري نكتة سخيفة طرحتها
أفواهٌ لا تهتم إلا بمصالح و أجندات لا تخص السوريين لا من قريب
و لا من بعيد.

- ما هو تقييمك للمواقف العربية إزاء الأزمة السورية؟

على عكس كثيرين لا ألوم الدول العربية، كل دولة لها مشاكلها
و لو عكف الحكام العرب على حل مشاكلهم الداخلية فقط
لأسعدني ذلك .. قد يحزن الكثيرون من منع السوريين من اللجوء
أو السفر، و أنا أول المتضريين فقد حُرمت من أن اقيم حفل توقيعٍ لروايتي رغم محاولاتي المستميتة، لكن في نفس الوقت أتفهم
تمامًا ظرف بلادٍ كمصر و الأردن و لبنان .. وإن كنت أتمنى أن يساهم
الخليج المكتنز بأمواله لمساعدة السوريين لا مدعيي الاهتمام
بالصالح السوري.

- هل تعتقدين بوجود أزمة إبداع في العالم العربي؟

كنت أعتقد ذلك من فترة و كنت قد طلقت الأدب العربي و
لجأت لالتهام الأدب الغربي، لكن بعد التعرف على بعض المواهب
الشابة في مصر عرفت أن المشكلة ليست في الإبداع إنما في
تمويل الإبداع و التسويق له؛ فالترويج و التسويق في هذه الايام
للتجاري، فأصبح الفن سلعة رخيصة و مخدرًا ممرضًا لجسم
يتآكل في حين تصطف آلاف العبقريات و المواهب بانتظار حلم
النشر.

- انتشرت مؤخرًا ظاهرة الكتب الأكثر مبيعًا.. ما تقييمك
للظاهرة؟ وهل تعتقدين أنها مقياس لجودة الأعمال الأدبية؟

من ضمن عوامل أخرى ربما أقتنع بها .. ليست العامل الوحيد
لكنها بالطبع عامل مهم، فغالبا ما يكون نقادنا شديدي
البعد عن دراسة الشرائح المجتمعية الفعلية و في أوقات كثيرة
أشعر أنهم يسبحون في فلك خاص بهم بعيد عن الواقع ما
بين كتبهم و دراساتهم، آراؤهم جميلة و مهمة ولكنها ليست
كافية، من المهم معرفة رأي القراء الفعليين، و الكتب الأكثر
مبيعا تساهم في ذلك .. فلا أحد يشتري عملاً فاشلاً .. في نفس
الوقت لا يكفي زيادة المبيع مقياسًا لجودة عمل بسبب الامراض
التي تعرض لها الذوق العام نتيجة لأزمة تمويل الفن التي سبق
و تحدثت عنها، أيضًا هناك عوامل أخرى من تسويق و متابعة..
خلاصة القول أن كلاً من النقاد و عدد المبيعات و آراء القراء و
قوائم العرض و الطلب له أهميته في الحكم على العمل.

- لماذا تحولتي من كتابة الشعر إلى كتابة الرواية؟ وهل
تعتقدين أن القادم هو زمن الرواية؟

أنا لم أتحول من الشعر إلى الرواية، في البداية تحولت من الشعر
إلى الخاطرة، للشعر أناس أكثر قدرة على اتباع القواعد مني،
أما أنا أُفضل أن أعزف موسيقاي الخاصة بأسلوبي الخاص، و كل
حرف و تشبيه في اللغة العربية أو أي لغة أخرى بالنسبة لي
مقطوعة موسيقية يجب الاهتمام بتمازجها و تناسقها، و
لكم يزعجني النشاز اللغوي عندما أراه .. المهم .. الانتقال كان
من الشعر للخاطرة و من الخاطرة للمقال و من المقال للرواية و
بالتأكيد أؤكد أن فن الخاطرة الأدبية هي أكثر أنواع الفن اهمالاً
و ظلماً حتى أن كثيرون لا يعدونها لوناً منفردا و مستقلاً بحد
ذاته في الأدب و إن كنت أراها من أجمل الألوان الأدبية و أمتعها
و أقربها لقلبي.

- ما هي الحدود التي تعتقدين بأهمية وجودها عند تناول
العمل الأدبي لقضايا الجنس؟

منذ مدة نوهت أنني اشتبكت في حوار محتد مع أحد الأصدقاء
من الأدباء الشباب المصريين على استخدامه لمفردة «أدب نظيف »
و اتهمته أن لفظة أدب نظيف تسيء لكل ما سواها، لكن ..
بعد الأحداث الأخيرة على الساحة المصرية في مجالات الخطف
و التحرش أظنه واجباً على الجميع الابتعاد قدر الإمكان عن
الإسفاف و المشاهد المثيرة بالإضافة لتجميل المخدرات و الخلق
السيء بسبب أثرها السلبي العميق على المجتمع .. و إن لم يكن
الأدباء هم قدوة للمجتمع و موجهًا له فمن يكون؟

- قلتِ أنكِ بصدد كتابة رواية جديدة بعنوان «ياسمين » ما
موضوعها؟ وهل سيكون الوضع السوري محورًا لها أم لا؟

ياسمين بعيدة عن سوريا .. قد قدمت لسوريا في رواية «أمل » كل
ما استطيع تقديمه و حان الوقت لأخوض حرباً أخرى في مجالات
أخرى، ياسمين تخوض في بعض المشاكل المجتمعية التي نتعرض
لها بصفة يومية لتؤثر في بناء شخصياتنا وأحاسيسنا لتقتل
فينا ما تقتل و تزرع ما تزرع، ياسمين حربٌ معلنةٌ على الكثير من
شرور المجتمع من وجهة نظري الشخصية، وآمل أن انتهي منها
في الوقت المناسب لتشارك في معرض الكتاب القادم لكنني لا
أستطيع التأكيد.
1 like ·   •  0 comments  •  flag
Published on August 14, 2014 10:08
No comments have been added yet.