“دروس واستنباطات من قصة آدم
وبعد فلا بد من عودة إلى مطالع القصة . قصة البشرية الأولى .
لقد قال الله تعالى للملائكة: (إني جاعل في الأرض خليفة).. وإذن فآدم مخلوق لهذه الأرض منذ اللحظة الأولى . ففيم إذن كانت تلك الشجرة المحرمة ?
وفيم إذن كان بلاء آدم ?
وفيم إذن كان الهبوط إلى الأرض , وهو مخلوق لهذه الأرض منذ اللحظة الأولى ?
لعلني ألمح أن هذه التجربة كانت تربية لهذا الخليفة وإعداداً .
كانت إيقاظا للقوى المذخورة في كيانه .
كانت تدريباً له على:
تلقي الغواية ,
وتذوق العاقبة ,
وتجرع الندامة ,
ومعرفة العدو ,
والالتجاء بعد ذلك إلى الملاذ الأمين .
إن قصة الشجرة المحرمة ,
ووسوسة الشيطان باللذة ,
ونسيان العد بالمعصية ,
والصحوة من بعد السكرة ,
والندم وطلب المغفرة ..
إنها هي هي تجربة البشرية المتجددة المكرورة !
لقد اقتضت رحمة الله بهذا المخلوق أن يهبط إلى مقر خلافته , مزوداً بهذه التجربة التي سيتعرض لمثلها طويلاً ,
استعداداً للمعركة الدائبة ..
وموعظةً وتحذيراً ..”
―
سيد قطب,
في ظلال القرآن