كتابة مراجعة لرواية لوليتا لا تقل صعوبة عن قراءتها ، فلوليتا تستقبلك بالأسئلة وتودعك بمثلها بينما الكتابة تبحث عن أجوبة تتعذر عليك مهما حاولت . عمل كالكتابة مراجعة لرواية لوليتا لا تقل صعوبة عن قراءتها ، فلوليتا تستقبلك بالأسئلة وتودعك بمثلها بينما الكتابة تبحث عن أجوبة تتعذر عليك مهما حاولت . عمل كالذي بين يدينا يستحضر الأسئلة التقليدية ويستنبت أسئلته الخاصة، الأدب ،غاياته وحدودة ومحظوراته كل ذلك كان حاضرا وبحدية مثيرة . منذ الصفحة الأولى شعرت بأني خصم لبطل الرواية (همبرت) وتلقائيا وجدت نفسي خصما لنابوكوف نفسه فقد وجدت صعوبة في الفصل بين الأثنين ،فالقدر الذي كان منحازا بصورة مثيرة للحنق لهمبرت ومخططاته وغرائزه إنما كان العوبة بيد نابوكوف ، القدر المفاجئ والبسيط حد السذاجة أحيانا والذي قد يظهر بصورة سيارة مسرعة ورصيف مبلل( كما ظهر بصور أخرى ) كان أحد أدوات نابوكوف والاعيبة الكثيرة التي مارسها بحرفية ومهارة فبدا كإلاه عبثي يصرف الأقدار إرضاء لنزعاته الساديةالمنحرفة ولذلك كانت معركتي معه كقارئ غير متكافئة ولا عادلة . من الصعب الفصل بين المبدع وعمله الإبداعي ولكني عجزت فعلا عن إيجاد أي رابط بين حياة نابوكوف وروايته هذه ،قد تكون هذه طبيعة الأعمال الاستثنائية التي تأتي نسيج وحدها بعيدة عن أي ارتباطات، تهيم في فضائها الخاص بدون أي جواذب أو مؤثرات عصية علي الفهم والربط والتحليل لذلك هي استثنائية لكن بالرغم من ذلك لا أعلم لماذا، كانت صورة نابوكوف المتكوم في كرسي سيارته الخلفي وقصاصات الورق تتناثر حوله وهو ينفث دخان سيجارته ( تخيلته هكذا ولا أعلم هل كان يدخن فعلا أم لا) تلك الصورة ظلت تلاحقني كصورة باهته تغطي صفحات الرواية . أعتقد بأن السؤال الأكثر حيرة هو (لماذا) مالذي جعل ناباكوف يخوض هذه المغامرة ويكتب في موضوع بهذا القدر من الحساسية مثيرا الكثير من مشاعر الازدراء والتقزز لماذا كان هذا التحدي لمشاعر القراء ( تم منع الراوية في العديد من الدول وصنفت في روسيا من ضمن الأدب الغير لائق) وإن سلمنا بأن من سمات أدب نابوكوف أنه يقف ضد تيارات الثقافة الجماعية لكن لوليتا تجاوزت ذلك الى ضفاف مجهولة ومهجورة من اراض محرمه وقلما يعود منها أحد سالما ، هل كانت مغامرة من ناباكوف الذي تمرس الترحال والهجرة ؟؟؟ربما لكن الشي المؤكد أنه عاد من رحلته تلك لذلك هانحن نقراء لوليتا بعد أعوام من نشر نسختها الأولى لكن على ماذا كان نابوكوف يعول في مغامرته تلك ورحلته للارض المحرمة وأي ريح نفخت اشرعته . دعوني امارس شيئا من التكهن ( من حقي كقارئ) أعتقد بأن نابوكوف الماكر المتقن لمهارات الغواية والسحر يملك في جعبته الكثير ليبهرنا به . اللغة وتقنيات السرد هذا الثنائي المقدس والذي على مذبحه قدم ناباكوف فتاة في الثانية عشر من عمرها على مرأى ومسمع من القراء ، اللغة وتقنيات السرد المذهلة كانت أشرعته ومجاذيفة للأرض المحرمة حملته لهناك وضمنت له العودة بينما كنا نحن ( القراء) مأخوذين بسحر الكلمات ومخطوفين بأبخرة السرد الاستثنائي المذهل فخفت حدة التقزز وتلاشت الحساسية تجاه الفكرة ( من الطريف أن نابوكوف كان يحرق مسودات رواياته فهل كان ذلك طقس سحري يرى فيه كلماته تتحول لدخان كدخان الكهنة والمشعوذين ) هل كان ذلك ما اراده نابوكوف ، لا نستطيع الجزم لكنه إن كان فقد نجح فيه نجاحا مذهلا وأثبت سلطة الكلمة وسحر اللغة وغواية الحكي والذي قد يطغى على غرائبية الفكرة بل قد يغيب الضمير ...more