Abrar Hani's Reviews > فرس
فرس
by
by

انه فرس الدقيقة الأولى ..
" معظم من يتصدون للتاريخ يؤرخون القرون والعقود والسنين ، أنا معني بالدقائق ، وبالدقيقة الأولى بالذات " .
كم بدت تلك الدقيقة طويلة وهي تسرق الحياة من كل شيء ..
لم يخطر لي مرة أن افكر ماذا لو كنتُ شجرةً او جدار او سجادة ، كيف سأنظر للحياة وماذا ستفعل بيَّ الحرب ، ربما لأننا دائماً نفكر في خساراتنا البشرية فلا يهم ما ستفقده مقابل أن تحتفظ بروحك .
ولكن الانسان اكثر من مجرد جسد ، انه خليط من كل شيء ، كلما نلمسه وننظر اليه يحتفظ بشيء منا ونحن بدورنا نسرق شيئاً منه ونمتزج معاً ونخلق ذكرياتنا الخاصة ونترك أثرنا عليه ، وبعد أن نفقده ربما سنقول للوهلة الأولى لم يكن سوى حجر ، او قطعة قماش يمكنك دائماً أن تستبدلها بأفضل منها ولكن هل حقاً هي كذلك ، هل حقاً هي قابلة للاستبدال؟
هل يمكننا استبدال الذكريات ، التاريخ ، الحضارة ، هل يمكننا أن نجد بديلاً عما فقدناه ، هل هنالك امل أن نستبدل عراق ما بعد الحرب بعراقٍ جديد؟!!
اتساءل ماذا لو فرسنا حياتنا كما فعل سنان بتلك الدقيقة ، فكم سيكون مجموع خسارتنا ..
أنا لم اشعر مرة بخسارة الحرب كما شعرت وأنا اقرأ هذه الرواية ، بدا لي وكأن لكل شيء صوت ، كل المخلوقات والجمادات تمتلك منطقها الخاص ولا اعتقد أنني سأعود لنظرتي السابقة فلا الحجر مجرد حجر ولا الجدار مجرد جدار ، ولا هذه الرواية مجرد رواية .
كل شيء في تلك الدقيقة الأولى كان يصرخ ويستنجد ، لم تكن فقط ارواحنا الي تحاول الصمود بوجه هذه الحرب ، كل ذرة في هذا الوطن كانت تحاول أن تحتفظ بحياتها وتخشى مصيرها .
كل ما سرقته الحرب جرَّ معه الكثير من الحب والذكريات ، والكثير جداً من الحياة .
" للخراب ايضاً لوح محفوظ ، في مكان ما ، في العالم السفلي ، كتب عليه اسم كل ما ومن سيموت ويندثر . أراني اطير كل ليلة وأقرأ ما هو مكتوب وأعود لأدونه في فرسي ."
من المؤكد انه لن يكفينا فرس واحد ولا الف فرس ، لا شيء يكفي لندون ما خسرناه في حربنا الأخيرة.
كل ما نستجرعه اليوم من مرارة وحزن هو نتيجة تلك الدقيقة الأولى ، وكل ما فقدناه غادرنا مصحوباً بالكثير منا ، من ارواحنا واحلامنا و منطقنا.
تلك الدقيقة سرقت منا الماضي والمستقبل ولن نعود أبداً إلى ما قبل تلك الدقيقة الأولى ، سنظل دائما ندفع ثمن تلك اللحظة التي قلبت حياتنا رأساً على عقب دون أن تتمخض لنا بولادةٍ جديدة .
" الذاكرة تفعل هذا : تجعل الاشياء تبدو صغيرة ، تضغطها (فتبدو مثل) الأرض للبحار."
كل شيء بات صغيراً ، نحن ايضاً صرنا نصغر تضغطنا الذاكرة كل يوم ، وربما سنجد يوماً ما اننا اوشكنا على الاختفاء واقتربنا جداً من النسيان .
الزمن ثقب أسود. حفرة تقع فيها الأشياء وتختفي. حتى بداية كل هذا الوجود، بحسب إحدى النظريات، كانت انفجاراً، وليس الوجود إلا شظايا وأشلاء. وها نحن نعيش تبعاته وآثاره. وأنا سأنتشل هذه الدقيقة من الثقب الأسود. لكن لماذا؟ هناك من يكتب ليغير الحاضر، أو المستقبل. أما أنا، فأحلم بتغيير الماضي. وهذا منطقي ومنطق فرسي."
لا فرس لفرس ولا يمكنني ابداً أن أدون كل ما تقدمه هذه الرواية ..
هي مختلفة ، مبتكرة ، وانيقة جداً ولا شك أنني سأقدمها في يومٍ ما لأطفالي كوصف عميق لدقيقة مؤلمة احمد الله أنهم لم يعيشوها واتمنى أن لا يعيشوها ابداً .
بالتأكيد لن اتطرق للغة الرواية وطريقة السرد فكل من قرأ لسنان يعلم كيف هو يتقن هذين العنصرين بكل احترافية ويتفنن بتطعيم مشاهد الرواية باللهجة العراقية بشكل يجعلك تحب هذه اللهجة وتتعلق بها اكثر .
ولكن لا بد من الإشارة إلى إن فكرة استقطاع دقيقة من الزمن و سردها على لسان الاشياء والبشر كانت رائعة جداً وقد قدمها سنان بأفضل صورة .
وفي النهاية نحن كما يقول سنان :
" نحن مخطوطات ومسودات كتب . ولكن ، لكي نكتمل ونُقرأ يجب أن نموت ، عندها فقط سوف نُعرف . فالاشياء تعرف بتمامها . التمام هو الاكتمال . وكذا الاشخاص".
وهذه مسودتي لفرس ، لكنها لن تكتمل إلا عندما يحين وقت قراءتها مرة أخرى لأنني دائماً اعتقد أن افضل الأدب هو ما يمكنك قراءتهُ مرةً أخرى .
#امش:
في ص 84 يقلب سنان اوراق شجرة الرمان ويذكر أنه قرأ مقالة في جريدة نيويورك عن رجل يعمل في غسل الجثث .
وهنا اتساءل هل حقاً هكذا ولدت شجرة الرمان؟ ام إن ما ذكره هو مجرد اشارة لها فقط؟!
#للذكرى :
- كانت مصادفة غريبة أن أختتم هذه الرواية بتاريخ 9 - 4 - 2016 .
- شكر خاص للصديقة "فاطمة" لأهداءها لي هذه الرواية .
◀ لا تكمل الريفيو إذا لم تكن ترغب في حرق قصة الرواية :
نمير عراقي مغترب يعيش في الولايات المتحدة ويعمل كمترجم وثم استاذ جامعي تصله مخطوطة من ودود (بائع كتب في شارع المتنبي) هي فرس للدقيقة الأولى لحرب عام 2003 .
تظل الرواية تمشي في طريقين مرة فرس ودود ومرة حياة نمير .
وتنتهي بنهايات متعددة تتلخص برسالة من ودود يشرح فيها رغبته باحراق فرسه ، لكنه يموت في تفجير في شارع المتنبي .
" معظم من يتصدون للتاريخ يؤرخون القرون والعقود والسنين ، أنا معني بالدقائق ، وبالدقيقة الأولى بالذات " .
كم بدت تلك الدقيقة طويلة وهي تسرق الحياة من كل شيء ..
لم يخطر لي مرة أن افكر ماذا لو كنتُ شجرةً او جدار او سجادة ، كيف سأنظر للحياة وماذا ستفعل بيَّ الحرب ، ربما لأننا دائماً نفكر في خساراتنا البشرية فلا يهم ما ستفقده مقابل أن تحتفظ بروحك .
ولكن الانسان اكثر من مجرد جسد ، انه خليط من كل شيء ، كلما نلمسه وننظر اليه يحتفظ بشيء منا ونحن بدورنا نسرق شيئاً منه ونمتزج معاً ونخلق ذكرياتنا الخاصة ونترك أثرنا عليه ، وبعد أن نفقده ربما سنقول للوهلة الأولى لم يكن سوى حجر ، او قطعة قماش يمكنك دائماً أن تستبدلها بأفضل منها ولكن هل حقاً هي كذلك ، هل حقاً هي قابلة للاستبدال؟
هل يمكننا استبدال الذكريات ، التاريخ ، الحضارة ، هل يمكننا أن نجد بديلاً عما فقدناه ، هل هنالك امل أن نستبدل عراق ما بعد الحرب بعراقٍ جديد؟!!
اتساءل ماذا لو فرسنا حياتنا كما فعل سنان بتلك الدقيقة ، فكم سيكون مجموع خسارتنا ..
أنا لم اشعر مرة بخسارة الحرب كما شعرت وأنا اقرأ هذه الرواية ، بدا لي وكأن لكل شيء صوت ، كل المخلوقات والجمادات تمتلك منطقها الخاص ولا اعتقد أنني سأعود لنظرتي السابقة فلا الحجر مجرد حجر ولا الجدار مجرد جدار ، ولا هذه الرواية مجرد رواية .
كل شيء في تلك الدقيقة الأولى كان يصرخ ويستنجد ، لم تكن فقط ارواحنا الي تحاول الصمود بوجه هذه الحرب ، كل ذرة في هذا الوطن كانت تحاول أن تحتفظ بحياتها وتخشى مصيرها .
كل ما سرقته الحرب جرَّ معه الكثير من الحب والذكريات ، والكثير جداً من الحياة .
" للخراب ايضاً لوح محفوظ ، في مكان ما ، في العالم السفلي ، كتب عليه اسم كل ما ومن سيموت ويندثر . أراني اطير كل ليلة وأقرأ ما هو مكتوب وأعود لأدونه في فرسي ."
من المؤكد انه لن يكفينا فرس واحد ولا الف فرس ، لا شيء يكفي لندون ما خسرناه في حربنا الأخيرة.
كل ما نستجرعه اليوم من مرارة وحزن هو نتيجة تلك الدقيقة الأولى ، وكل ما فقدناه غادرنا مصحوباً بالكثير منا ، من ارواحنا واحلامنا و منطقنا.
تلك الدقيقة سرقت منا الماضي والمستقبل ولن نعود أبداً إلى ما قبل تلك الدقيقة الأولى ، سنظل دائما ندفع ثمن تلك اللحظة التي قلبت حياتنا رأساً على عقب دون أن تتمخض لنا بولادةٍ جديدة .
" الذاكرة تفعل هذا : تجعل الاشياء تبدو صغيرة ، تضغطها (فتبدو مثل) الأرض للبحار."
كل شيء بات صغيراً ، نحن ايضاً صرنا نصغر تضغطنا الذاكرة كل يوم ، وربما سنجد يوماً ما اننا اوشكنا على الاختفاء واقتربنا جداً من النسيان .
الزمن ثقب أسود. حفرة تقع فيها الأشياء وتختفي. حتى بداية كل هذا الوجود، بحسب إحدى النظريات، كانت انفجاراً، وليس الوجود إلا شظايا وأشلاء. وها نحن نعيش تبعاته وآثاره. وأنا سأنتشل هذه الدقيقة من الثقب الأسود. لكن لماذا؟ هناك من يكتب ليغير الحاضر، أو المستقبل. أما أنا، فأحلم بتغيير الماضي. وهذا منطقي ومنطق فرسي."
لا فرس لفرس ولا يمكنني ابداً أن أدون كل ما تقدمه هذه الرواية ..
هي مختلفة ، مبتكرة ، وانيقة جداً ولا شك أنني سأقدمها في يومٍ ما لأطفالي كوصف عميق لدقيقة مؤلمة احمد الله أنهم لم يعيشوها واتمنى أن لا يعيشوها ابداً .
بالتأكيد لن اتطرق للغة الرواية وطريقة السرد فكل من قرأ لسنان يعلم كيف هو يتقن هذين العنصرين بكل احترافية ويتفنن بتطعيم مشاهد الرواية باللهجة العراقية بشكل يجعلك تحب هذه اللهجة وتتعلق بها اكثر .
ولكن لا بد من الإشارة إلى إن فكرة استقطاع دقيقة من الزمن و سردها على لسان الاشياء والبشر كانت رائعة جداً وقد قدمها سنان بأفضل صورة .
وفي النهاية نحن كما يقول سنان :
" نحن مخطوطات ومسودات كتب . ولكن ، لكي نكتمل ونُقرأ يجب أن نموت ، عندها فقط سوف نُعرف . فالاشياء تعرف بتمامها . التمام هو الاكتمال . وكذا الاشخاص".
وهذه مسودتي لفرس ، لكنها لن تكتمل إلا عندما يحين وقت قراءتها مرة أخرى لأنني دائماً اعتقد أن افضل الأدب هو ما يمكنك قراءتهُ مرةً أخرى .
#امش:
في ص 84 يقلب سنان اوراق شجرة الرمان ويذكر أنه قرأ مقالة في جريدة نيويورك عن رجل يعمل في غسل الجثث .
وهنا اتساءل هل حقاً هكذا ولدت شجرة الرمان؟ ام إن ما ذكره هو مجرد اشارة لها فقط؟!
#للذكرى :
- كانت مصادفة غريبة أن أختتم هذه الرواية بتاريخ 9 - 4 - 2016 .
- شكر خاص للصديقة "فاطمة" لأهداءها لي هذه الرواية .
◀ لا تكمل الريفيو إذا لم تكن ترغب في حرق قصة الرواية :
نمير عراقي مغترب يعيش في الولايات المتحدة ويعمل كمترجم وثم استاذ جامعي تصله مخطوطة من ودود (بائع كتب في شارع المتنبي) هي فرس للدقيقة الأولى لحرب عام 2003 .
تظل الرواية تمشي في طريقين مرة فرس ودود ومرة حياة نمير .
وتنتهي بنهايات متعددة تتلخص برسالة من ودود يشرح فيها رغبته باحراق فرسه ، لكنه يموت في تفجير في شارع المتنبي .
Sign into ŷ to see if any of your friends have read
فرس.
Sign In »
Quotes Abrar Liked
Reading Progress
December 30, 2015
– Shelved
December 30, 2015
– Shelved as:
to-read
April 4, 2016
–
Started Reading
April 5, 2016
–
3.86%
"غالباً ما افشل في تعاملي مع البشر وافضل الكتب، لأنها لا تجرح ولا تخون ."
page
11
April 6, 2016
–
34.39%
"للخراب ايضاً لوح محفوظ ، في مكان ما في العالم السفلي ، كتب عليه اسم كل ما ومن سيموت ويندثر ."
page
98
April 9, 2016
–
Finished Reading
April 10, 2016
– Shelved as:
favorites
Comments Showing 1-12 of 12 (12 new)
date
newest »


شكراً لك ، سنان روائي مميز جداً

حبيبتي مثل ما ازعجج دائما شنو نصيحتج للكتاب القادم حتى اقراه لان الكتب الي ترشحيها ممتازه جدا وتترك اثر قوي بداخلي ☺️
اعتذر عن اي ازعاج حبيبتي

حبيبتي مثل ما ازعجج دائما شنو نصيحتج للكتاب القادم حتى..."
شكراً لجين الحمد لله ان عجبتج
سنان رائع جداً
تحبين تقرين هم عراقي لو انصحج بشي مختلف
اذا عراقي جربي حدائق الرئيس لمحسن الرملي كلش حلوة
واذا تردين تغيير جربي اقري لخالد حسيني كاتب افغاني عنده 3 روايات ، احلاهن الف شمس مشرقة وعداء الطائرة الورقية
ان شاء الله يعجبوج
واعتذر ع الرد المتأخر :)
دتقريه ورقي ؟"
اهلاً زينب
نعم ورقي :)