ŷ������

اخرج في موعد مع فتاة تحبّ القراءة.. أو اخرج في موعد مع كتاب يتحدث عن القراءة .. هذا هو العنوان المناسب في رأيي. وبالطبع قد فعلت ما نصح به العنوان.. وخرجت في موعد مع هذا الكتاب أو لنقل هو أقرب للرحلة منه إلى الموعد، رحلة غير متناسقة.. رحلة بين مقالات متناثرة غير مرتبطة بمواضيعها ولكنّها تتّحد في شيء واحد فقط.. القراءة والكتابة .

بالمناسبة.. صراحة لقد أعجبتني :D .

بداية الموعد.. بداية الرحلة :

في البدايات دائما.. وكالبدايات عموما تحدّثنا عن الحبّ .. عندما يحبّ من يكتب عن الحبّ كجون بول سارتر مثلا " إنّني أشعر بمتعة لم تتعرفي عليها، متعة الإنتقال المفاجىء من الصداقة إلى الحبّ، من القوّة إلى الضعف إلى الحنان " . أو عندما يتحدث من يكتب فيمسّ الأرواح كليو تولستوي مثلا " قد أحببت جمالك منذ زمن، ولكنّي بدأت للتو بحبّ الخالد والأزلي فيك قلبك وروحك ... " ثم تحدثنا عن أشخاص لم نكن نعتقد أنّ الحبّ موجود في قواميسهم، كنابليون مثلا " أن تعيش خلال جوزفين يعني أن تعيش خلال حقول إيليزيان الواسعة ... "

ثمّ تمّ الإنتقال المفاجىء - على حد تعبير سارتر - من الحديث عن الحبّ إلى الحديث عن ما هو الحب ؟ وطبعا هذا سؤال وجواب في نفس الوقت .
تناقشنا حول تعريفات مختلفة.. وخرجنا بنتيجة واحدة.. أنّ كل هذه التعريفات صائبة ولكنّها غير صحيحة .. أي إنّ تعريف الحبّ أمر نسبي يختلف وبالتالي فالحبّ نفسه أمر نسبي مختلف .
فمن لاعن الحبّ بوكوفسكي " الحب كلب من الجحيم " إلى العبقريّ دوستويفسكي " ماهو الجحيم ؟ معاناة ألاّ أكون قادرا على الحب . " مرورا بيرتراند راسل " الحذر في الحبّ أكبر خطر يهدد السعادة الحقيقية

و في عز الكلام .. سكت الكلام :

بعد الكلام عن الحب .. لم نحب أن نتكلّم عن موضوع آخر غيره، سوى موضوع الكتب.. أحبّ من يحب الكتب ومن يتكلم عن الكتب ومن لا يتكلم إلاّ مما طبخته الكتب داخله.. ببساطة.. هويس الكتب.
تحدثنا .. وتحدثنا، كتّاب ومقالات، قصص وروايات، شخوص ونهايات، أحداث وانفعالات .. ببساطة سرقنا الحديث عن الحديث .. فنشرنا أفكارنا وما ادّخرته عقولنا .. فجاء العرض مشوشا ولذيذا في نفس الوقت، غير منسجم في ترتيبه ولكنّه منسجم في حلاوته.
من راي برادبيري، جورج أوريول، فرانس كافكا- أوه تبا لا أستطيع قراءته في الصباح- إلى غابرييل غارسيا مركيز، مرورا بالموجود بوجوديته العاشق لقلم و شخص سيمون دو بوفوار .. إنّه سارتر .. تداخلت المواضيع .. بين إحراق الكتب في رائعة برادبيري فهرنهايت 451 إلى كتب تتمنى إحراقها ولكن لن تفعل ذلك لأنّها هي من أحرقتك و طبعا مسخ كافكا خير مثال .

الرحلة متواصلة .. و الموعد كذلك :D .. :

" لو كنت أعرف، لبدأت الكتابة هكذا منذ زمن "
هكذا صرخ غابرييل غارسيا ماركيز عندما ضرب على جمجمته - جملة كسرت له الجي و فتحت له الدي كما يقول أش دبور- بعد قراءته الجملة الإفتتاحية لرواية المسخ .. " بينما استقيظ غريغور سامسا ذلك الصباح من كوابيسه، وجد نفسه وقد تحول في سريره إلى حشرة عملاقة .. " فأصبح بعد هذه الضربة واحدا من أشهر الكتاب في العالم .

الموعد متواصل .. و الرحلة كذلك :D .. :

و من الحديث عن الكتب إلى الحديث عن مكان اجتماع الكتب .. إنّها المكتبة .. أو بالأحرى بلاد العجائب .. حيث كل الشخوص خيالية فاترك ذاتك وادخل ..
المكتبة، الكاتب والكتاب .. مواضيع لا تنتهي ولا نريد منها أن تنتهي .

أجمل ما في المواعيد هو النهاية .. ولكن أسوأ شيء هو النهاية :

لتفهم هذه المعادلة عليك أن تقرأ لكامو وسارتر في نفس الوقت .. يعني أن تحبّ الموجودات وتكرهها في نفس الوقت، أي الشيء المهم الذي يجمع هو شيء مهم للتفريق، بمعنى آخر أن تحب الأشياء بقدر كرهك لها ..

اللقاء .. الوداع .. و لكن ! :

اخرج في موعد مع كتاب يتحدث عن القراءة .. اخرج في موعد مع كتاب يحببك أكثر فأكثر في القراءة .. لأنّك سترى أمامك عوالم كثيرة، كتّاب بمختلف اتجاهاتهم، قصص وروايات تتراقص أمامك، جمل وعبارات تتقافز من حولك، شخوص خيالية بقدر ما هي حقيقية تنظر إليك وتدعوك لإكتشافها فتكتشف نفسك بها وفيها .. اخرج في موعد لتقرأ .. وما أجمل أن نقرأ .. اخرج لتقرأ .. أو اقرأ فقط .. هكذا فقط .