فد الفد's Reviews > الأسطورة
الأسطورة
by
by

الأسطورة
قرأت للدكتور غازي أول ما قرأت في الثانوية، وهذا يعني في أحسن الأحوال منذ ما يزيد على العشر سنوات، يومها كانت كتبه ممنوعة في السعودية، فلذا حصلت على روايته (العصفورية) من أحد أقربائي، والذي كان ذو يدين طويلتين تصلان إلى ما وراء الحدود.
تلك التجربة الأولى مع غازي جعلتني ببساطة أسير له، أبهرتني موسوعيته، طرافته، حسه النقدي العالي، صار الحصول على كتبه حلم، وأجمل ما في أحلام الكتب أنها سهلة التحقيق، فلذا قرأت لغازي كثيرا ً، قرأت شقة الحرية، ومضيت في طريقي لاقرأ حياته في الإدارة، وسبعة ومن بعدها رواياته الصغيرة والتي كانت خيبة كبيرة بالنسبة لي، لأني قرأت غازي المستفيض أولا ً في العصفورية وشقة الحرية وسبعة وحياة في الإدارة، فلذا لم يعجبني غازي المنكمش، المشغول، الذي يكتب بنصف انتباه.
ألسنا متوحشين كقراء؟ نتوقع من الكاتب الأفضل في كل مرة ! وننسى أنه إنسان، له لحظات انتشاء، وله لحظات سقوط وتداعي، ننسى أنه كتب بعض كتبه في ثلاثيناته أو أربعيناته، بينما كتب أخرى وهو يرتجف من الشيخوخة، وله نصف ذهن، ونصف رغبة، ونصف حلم.
فلذا عندما وقفت في الأسبوع الماضي في مكتبة واسعة، تشبه محل الكترونيات أكثر مما تشبه مكتبة - أين رائحة الورق؟ أين الغبار؟ هل هناك مكتبة تحترم نفسها بلا غبار؟ -، وقع هذا الكتاب بين يدي.
كان أحد الكتب القليلة التي لم أقرأها لغازي، أحد كتب مرحلة ما بعد انبهاري منه، عندما دخل الذائقة آخرون، وصار الكرسي الوحيد مدرجا ً مكتظا ً بالكتاب.
في تلك اللحظة وأنا أقلب هذا الكتاب استعدت نفسي القديمة، استعدت غازي القديم، كانت لحظة حمق لا تفوت، لحظة نادرة يتغلب فيها الكائن العاطفي في داخلي، على الكائن النقدي الشرس الذي خلقته القراءات وجعلته نهما ً لا يرحم.
حصلت على الكتاب إذن، وقرأته صباح الخميس، في فراشي، على ضوء الشمس المتسلل من النافذة، أخذني غازي إلى ديانا، كانت رحلة ذكرتني بشخص ثالث تركت قراءته منذ زمن هو أيضا ً، تذكرت هذا الشخص لأن غازي - ولا أدري لماذا - بدأ وكأنه استعار شيئا ً من أسلوبه، كان ذلكم الشخص هو أنيس منصور.
هكذا إذن، صباح خميس هادئ، أنا وغازي وأنيس وديانا، هل الكتاب مهم بعد ذلك؟ هل تقييمي له ذو شأن؟ أم أن الذكريات تلاعبني؟
ما بعد: كتبت الكلمات السابقة قبل أن انتبه أن القارئ الذي يبحث عن مراجعات يهمه قراءة مراجعة عن الكتاب، لا ذكريات كاتب المراجعة، فلذا كدت أن أمسح السطور السابقة ولكني لم أقدر، فلذا سأضع سطور قليلة عن الكتاب كترضية.
هذا الكتاب عن لقاءات غازي القصيبي الأربعة مع الليدي ديانا، عنونه بالأسطورة، لأن الليدي ديانا بحياتها القصيرة، وشهرتها، وفضائحها ومن ثم موتها المفاجئ، صنعت لنفسها أسطورة، كما كانت قبلها مارلين مونرو، وغازي يستعيد كل هذه اللحظات، أو كل هذه الأساطير، أسطورة كنيدي، وقبلها أسطورة مونرو، وبعدهما أسطورة ديانا، وكلها كما نرى أساطير ترتبط بأشخاص عاشوا حياة جزء منها مكشوف للإعلام، وجزء منها تكشفه أو تخفيه الأقاويل التي ينسجها المحيطون بهم، ولكن ما يصنع الأسطورة حقا ً هو الموت المفاجئ المفجع، لأنه يأخذ الإنسان بعيدا ً، ويبقي لنا الحكاية فقط.
قرأت للدكتور غازي أول ما قرأت في الثانوية، وهذا يعني في أحسن الأحوال منذ ما يزيد على العشر سنوات، يومها كانت كتبه ممنوعة في السعودية، فلذا حصلت على روايته (العصفورية) من أحد أقربائي، والذي كان ذو يدين طويلتين تصلان إلى ما وراء الحدود.
تلك التجربة الأولى مع غازي جعلتني ببساطة أسير له، أبهرتني موسوعيته، طرافته، حسه النقدي العالي، صار الحصول على كتبه حلم، وأجمل ما في أحلام الكتب أنها سهلة التحقيق، فلذا قرأت لغازي كثيرا ً، قرأت شقة الحرية، ومضيت في طريقي لاقرأ حياته في الإدارة، وسبعة ومن بعدها رواياته الصغيرة والتي كانت خيبة كبيرة بالنسبة لي، لأني قرأت غازي المستفيض أولا ً في العصفورية وشقة الحرية وسبعة وحياة في الإدارة، فلذا لم يعجبني غازي المنكمش، المشغول، الذي يكتب بنصف انتباه.
ألسنا متوحشين كقراء؟ نتوقع من الكاتب الأفضل في كل مرة ! وننسى أنه إنسان، له لحظات انتشاء، وله لحظات سقوط وتداعي، ننسى أنه كتب بعض كتبه في ثلاثيناته أو أربعيناته، بينما كتب أخرى وهو يرتجف من الشيخوخة، وله نصف ذهن، ونصف رغبة، ونصف حلم.
فلذا عندما وقفت في الأسبوع الماضي في مكتبة واسعة، تشبه محل الكترونيات أكثر مما تشبه مكتبة - أين رائحة الورق؟ أين الغبار؟ هل هناك مكتبة تحترم نفسها بلا غبار؟ -، وقع هذا الكتاب بين يدي.
كان أحد الكتب القليلة التي لم أقرأها لغازي، أحد كتب مرحلة ما بعد انبهاري منه، عندما دخل الذائقة آخرون، وصار الكرسي الوحيد مدرجا ً مكتظا ً بالكتاب.
في تلك اللحظة وأنا أقلب هذا الكتاب استعدت نفسي القديمة، استعدت غازي القديم، كانت لحظة حمق لا تفوت، لحظة نادرة يتغلب فيها الكائن العاطفي في داخلي، على الكائن النقدي الشرس الذي خلقته القراءات وجعلته نهما ً لا يرحم.
حصلت على الكتاب إذن، وقرأته صباح الخميس، في فراشي، على ضوء الشمس المتسلل من النافذة، أخذني غازي إلى ديانا، كانت رحلة ذكرتني بشخص ثالث تركت قراءته منذ زمن هو أيضا ً، تذكرت هذا الشخص لأن غازي - ولا أدري لماذا - بدأ وكأنه استعار شيئا ً من أسلوبه، كان ذلكم الشخص هو أنيس منصور.
هكذا إذن، صباح خميس هادئ، أنا وغازي وأنيس وديانا، هل الكتاب مهم بعد ذلك؟ هل تقييمي له ذو شأن؟ أم أن الذكريات تلاعبني؟
ما بعد: كتبت الكلمات السابقة قبل أن انتبه أن القارئ الذي يبحث عن مراجعات يهمه قراءة مراجعة عن الكتاب، لا ذكريات كاتب المراجعة، فلذا كدت أن أمسح السطور السابقة ولكني لم أقدر، فلذا سأضع سطور قليلة عن الكتاب كترضية.
هذا الكتاب عن لقاءات غازي القصيبي الأربعة مع الليدي ديانا، عنونه بالأسطورة، لأن الليدي ديانا بحياتها القصيرة، وشهرتها، وفضائحها ومن ثم موتها المفاجئ، صنعت لنفسها أسطورة، كما كانت قبلها مارلين مونرو، وغازي يستعيد كل هذه اللحظات، أو كل هذه الأساطير، أسطورة كنيدي، وقبلها أسطورة مونرو، وبعدهما أسطورة ديانا، وكلها كما نرى أساطير ترتبط بأشخاص عاشوا حياة جزء منها مكشوف للإعلام، وجزء منها تكشفه أو تخفيه الأقاويل التي ينسجها المحيطون بهم، ولكن ما يصنع الأسطورة حقا ً هو الموت المفاجئ المفجع، لأنه يأخذ الإنسان بعيدا ً، ويبقي لنا الحكاية فقط.
Sign into ŷ to see if any of your friends have read
الأسطورة.
Sign In »
Reading Progress
July 5, 2011
– Shelved
July 7, 2011
–
Started Reading
July 8, 2011
–
Finished Reading
Comments Showing 1-12 of 12 (12 new)
date
newest »

"تلك اللحظة وأنا أقلب هذا الكتاب استعدت نفسي القديمة، استعدت غازي القديم، كانت لحظة حمق لا تفوت، لحظة نادرة يتغلب فيها الكائن العاطفي في داخلي، على الكائن النقدي الشرس الذي خلقته القراءات وجعلته نهما ً لا يرحم. "
برغم روعة ما نشعر به ونحن نتجاوز كتّابنا السابقين، بقدر ما تحرجني هذه اللحظة.
أفضل تجاهل بعض البدايات؛ فهي تشعرني بالتنكر للبعض، الذين اكتشفت أنهم لم يعودوا بمستوى معاييري!
برغم روعة ما نشعر به ونحن نتجاوز كتّابنا السابقين، بقدر ما تحرجني هذه اللحظة.
أفضل تجاهل بعض البدايات؛ فهي تشعرني بالتنكر للبعض، الذين اكتشفت أنهم لم يعودوا بمستوى معاييري!

أذكر أن الشيخ الطنطاوي في إحدى مقالاته التأملية والتي قرأتها أيضا ً في زمن بعيد، طرح فكرة تأثرت بها كثيرا ً، فكرة مفادها أننا نحن في هذه اللحظة الزمنية لسنا نحن في الماضي، كل شيء تغير فينا، أفكارنا، مشاعرنا، بل حتى خلايانا ماتت وتجددت، هذا لا يفتح الباب للتنكر لماضينا طبعا ً، ولكنه يفيدنا هنا بأن الكاتب الذي أعجبنا به كثيرا ً في فترة زمنية ماضية، كان جيدا ً في تلك اللحظة، كان مناسبا ً لمرحلتنا تلك، عقليتنا تلك، مشاعرنا تلك، عندما تغيرنا تغيرت نظرتنا له، الكتاب هو الكتاب لازال موجود بحروفه، لم تنقص، لم تزد، نحن من تغيرنا كثيرا ً، فلذا أنا حذر في العودة إلى الكتب القديمة، وخاصة التي أحببتها كثيرا ً، لأن هذا سيصنع ذكريات جديدة قد تفسد القديمة وتسلب منها جمالها.

/
/
/
أحب ما قبل الكتاب وما بعده وما خلاله...
متع!
لا تمسح سطراً,
بل أكتب سطور.
/