Mohammed Ali's Reviews > رحلة ابن بطوطة: تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار
رحلة ابن بطوطة: تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار
by
by

رحلة ابن بطوطة .. تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار
مقدمة :
و منذ وجد الإنسان وجد في نفسه الرغبة الملّحة في التنقل والإرتحال، لأنّه مفطور على حب الإستطلاع والتشوف والتشوق إلى معرفة كنه المجهول، والبحث وراء الخفيات، للتعرف على أسرارها، والإحاطة بشأنها، والإفادة مما يكتسب من المعرفة .
من هو ؟ :
من أشهر الشخصيات في تاريخنا الإسلامي .. الكل سمع عنه وعن رحلاته و تجواله .. لقب بأمير الرحالة المسلمين
ابن بطوطة :
هو محمد بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن يوسف اللواتي ( نسبة إلى لواتة إحدى قبائل
البربر )
ولد بطنجة ودرس العلوم الشرعية فيها..
رحلته :
بدأ ابن بطوطة رحلته يوم الخميس الثاني من رجب عام 725 هجري .. وانتهت بوصوله إلى فاس .. في أواخر ذي الحجة عام
754 هجري ..
( ملاحظة :
تحية حارة إلى كل مسلمي المناطق التي سيتم ذكرها و التي عبرها ابن بطوطة في رحلته العجيبة .
زار في هذه الرحلة معظم العالم الذي كان معروفا في ذلك الوقت .. رحلة عبر القارات الثلاث المعروفة في ذلك الزمان وهي إفريقيا أوروبا و آسيا .. حيث بدأ رحلته من المغرب الأقصى مرورا بالجزائر التي دخلها من بوابة مدينة تلمسان ثم تونس ثم ليبيا وزار مصر بدء من الإسكندرية، مرورا بشمال الدلتا ووسطها حتى الوصول إلى القاهرة، وزار صعيد مصر ووصل إلى البحر الأحمر منتهيا إلى ميناء عيذاب، و عاد أدراجه إلى القاهرة واتجه منها إلى صحراء مصر الشرقية، فسيناء ودخل فلسطين وزار أهم مدنها وزار بيروت وسهل البقاع وطرابلس وجبل لبنان، وبعلبك، وزار مدينة دمشق، وحمص ، وحماة ، ومعرة النعمان، وحلب، كما زار الساحل السوري ومدنه وحصون الإسماعيلية، ومن دمشق اتجه إلى الحجاز مارا بالأردن وأدى فريضة الحج الأولى له .
وغادر الحجاز إلى العراق حيث زار مدائنها الهامة مثل الكوفة والبصرة وبغداد وتكريت والموصل وخرج إلى الحجاز مرة ثانية وأدى فريضة االحج للمرة الثانية .وجاور بمكة ليحج مرة ثالثة ورابعة .. ثم خرج من مكة إلى بلاد اليمن، ومن جدة أبحر في البحر الأحمر مارا بشواطئ السودان وزار اليمن ثم انطلق منها لزيارة بلدان شرق إفريقيا، فزار الصومال وكينيا و تنزانيا، وعاد أدراجه إلى الجزيرة العربية، فزار ظفار في الجنوب اليمني، ومدن عمان، ومن سلطنة عمان توجه إلى إيران، ثم عبر الخليج وزار البحرين والقطيف، والحسا، واليمامة بالمملكة العربية السعودية، وتوجه إلى مكة للحج مرة خامسة .
ثم ركب البحر من جدة إلى عيذاب متوجها إلى القاهرة ثم بلاد الشام، فزار غزة والخليل، وبيت المقدس، والرملة، وعكا، وطرابلس و جبلة واللاذقية ثم يمم شطر آسيا الصغرى وزار معظم المدن التركية بل طاف معظم أنحائها، زوار بعد ذلك مدينة القرم ( جنوبي روسيا )، كما زار مدينة السرا عاصمة ملك محمد أوزبك على نهر الفولغا، وزار مدينة بلغار و حاول زيارة أرض الظلمة ( مناطق من صحراء سيبيريا المتجمدة ) و لكن لم تتيسر له الظروف لذلك عاد إلى بلغار ، ثم زار مدينة الحاج ترخان، ثم رحل إلى القسطنطينية فزارها ثم عاد إلى جبال القوقاز، و منها يمم شطر آسيا الوسطى، فزار خوارزم، بخارى، سمرقند، نسف , ترمذ، و من ترمذ توجه إلى زيارة مدن خراسان . فزار بلخ، هراة، الجام، طوس، سرخس، نيسابور، و بسطام، ثم توجه إلى كابل وغزنة، ثم إلى بلاد الهند حيث أقام بها تسعة سنين .
أرسله ملك الهند سفيرا عنه لتبليغ رسالة إلى ملك الصين، فزار في طريقه من دلهي عاصمة مملكة الهند زار كلا من كايور، ثم زار مدينة دولة آباد، ومدن ساحل المليبار مثل هنور وأبو سرور، وفاكنور، ومنجرور، وجورفتن، وده فتن، وبدفتن، قالقوط، ثم أبحر إلى جزائر ذيبة المهل ( جزر المالديف حاليا ) و أقام فيها و تزوج ثم رحل إلى جزيرة سرنديب فزارها ثم زار سواحل المعبر بالهند، و عاد إلى سواحل المليبار فزارها ثانية ثم عاد إلى جزائر ذيبة المهل ومنها رحل إلى بنجالة ( بنجلادش ) وجبال كامرو، ثم بلاد البرهنكار ( بورما حاليا ثم توجه إلى بلاد الجاوة ( أندونيسيا حاليا )، ثم اتجه إلى مل جاوة ( ماليزيا حاليا ) ثم رحل إلى الصين فزار في جنوبها مدن الزيتون وصين كلان، وقنجنفو والخنسا ومنها توجه إلى بلاد الخطا ( شمال الصين ) فوصل العاصمة خانق بالق ( بكين )، لكنه لم يستطع إيصال رسالة ملك الهند فعاد أدراجه إلى سومطرة، ثم مدينة كولم بساحل المليبار، ثم مدينة قالقوط . ليقرر العودة إلى بلاد المغرب .
فسافر إلى ظفار، ثم اتجه إلى مسقط والقريات في سلطنة عمان، منها إلى هرمز بإيران، ومنها إلى البصرة والكوفة فالحلة، ثم بغداد، والأنبار قاصدا بلاد الشام مارا بهيت، والحديثة، وعانة، والرحبة، والسخنة، وتدمر، ووصل إلى دمشق بعد عشرين سنة كاملة ومن دمشق توجه إلى حمص فحماة، فمعرة النعمان، فحلب، ثم عاد ثانية إلى حمص فدمشق ثم زار عجلون ( الأردن )، فبيت المقدس، فالخليل، فغزة، ومن غزة سافر بالبر إلى دمياط، ثم فارسكور، فسمنود، فأبي صير، فالمحلة الكبرى، وإبيار، ودمنهور، ووصل الإسكندرية . ثم عاد إلى القاهرة و اجتاز مدن الصعيد حتى وصل عيذاب، فاجتاز البحر الأحمر حتى وصل منها إلى جدة، وذهب منها إلى مكة المكرمة فحج للمرة السادسة والأخيرة . ومن مكة توجه إلى مدينة الرسول صلى الله عليه و سلم فزارها ثم غادر إلى تبوك، فبيت المقدس، فالخليل، فغزة، ومن غزة اجتاز سيناء و صحراء مصر الشرقية إلى القاهرة .
و من القاهرة زار الإسكندرية وغادرها بحرا ووصل جربة و منها إلى قابس فصفاقس فبليانة، ثم سافر برا إلى تونس وأبحر منها إلى جزيرة سردينيا ومنها توجه إلى تنس فمازونة، فمستغانم، فوهران، فتلمسان، فتازي ووصل إلى فاس .
و من فاس توجه إلى طنجة مسقط رأسه و مها إلى سبتة، ثم عبر بحر العدوة، وزار جبل الفتح ( جبل طارق ) ورندة، ومربلة، وسهيل، ومالقة، وبلش، ثم غرناطة وارتحل من الأندلس عائدا إلى المغرب فوصل سبتة، فسلا، فمدينة مراكش، ووصل إلى فاس، ثم انطلق منها لزيارة بلاد السودان ( مالي، النيجر والتشاد و موريطانيا وليست بلاد السودان التي نعرفها حاليا ) فانطلق من فاس ووصل إلى سلجاسمة، ومنها إلى تغازي ( في جموهرية مالي )، ثم إيوالاتن ( في موريطانيا )، ثم مدينة مالي التي أقام بها حواي سنة كاملة، ثم غادرها قاصدا ميمة، فتنبتكو، فكوكو، ومن كوكو إلى مدينة تكدا ( في النيجر )، ومنها إلى قبيلة بردامة البربرية، واتجه إلى سجلماسة، ثم بلاد الهكار ( وهم من البربر أي الطوارق حاليا ) ثم عاد إلى سجلماسة، ثم رحل إلى مدينة فاس واستقر بها نهائيا .
رحلة طويلة جدا .. تشعر بالتعب من جراء قراءة قائمة الأماكن التي زارها فما بالك بالرحلة نفسها وعلى ظهر الأحصنة والجمال والبغال في بعض المناطق و الفيلة في مناطق أخرى وعلى القدمين .. وركوب البحر لمدة تفوق الثلاثة أشهر .
شخصيته :
كان ابن بطوطة شخصا ملولا .. شغوفا بالترحال و التجوال .. محبا لمعرفة تاريخ الشعوب الأخرى ، دقيق الملاحظة، بارع الوصف، ذكيا، وذو ذاكرة حادة قوية .كان قاضيا مالكيا صوفيا .. وهذا الأمر جعله يعمل قاضيا عند ملك الهند و كذلك في جزائر ذيبه المهل .
ملاحظات عامة :
- اهتم ابن بطوطة خلال رحلته هذه بتتبع الملوك وأخبارهم والقضاة والفقهاء، ولم يهتم كثيرا بالشعوب و العلوم
- وصف الملوك وطرقهم ومواكبهم وكيفية السلام عليهم وعطاءاتهم للآخرين وحروبهم وصفا جميلا .
- كان ابن بطوطة موفور الحظ كثيره ، ففي رحلته هذه نجا من الكثير من الأخطار .. فمن قطاع الطرق إلى العواصف في
البحر إلى الفتن والحروب .
- لقي ابن بطوطة اهتماما كبيرا بسبب كونه قاضيا فقيها في أمور الدين
- كان مسرفا وهذا اعترافه هو .. فهو دائما ما بذل العطايا والأموال باسراف شديد .
- القارئ لرحلة ابن بطوطة يلاحظ أمرين في غاية الأهمية
أولا : انتشار الزوايا التي تخدم عابر السبيل، فتطعمه و تسقيه وتوفر له مكانا للنوم الراحة وهذا دون أجر بل في سبيل الله . كما أن هذه الزوايا كانت بمثابة فخر لأصحابها فتراهم يتنافسون فيما بينهم على بذل الجهد الوفير من أجل راحة عبير السبيل و المسافر .
ثانيا : الأوقاف التي كانت بمثابة العمود الفقري الذي ترتكز عليه الدولة وترتكز عليه الزوايا ، كما كانت الأوقاف مصدر رزق للفقراء والمساكين .
مغالطات :
عرفت رحلة ابن بطوطة الكثير من النقد و التفنيد وهذا لإتيانه بأمور غير منطقية وحديثه عن غرائب لا يستصيغها العقل، كما
كانت المغالاة الصوفية الشديدة في بعض الأحيان لها أثر شديد وواضح خلال هذه الرحلة، كما أن النسخ العديد لهذه الرحلة أدخل أمورا كثيرة وحذف أخرى ، و نسب أمورا إلى ابن بطوطة لم يقلها و لم يفعلها . و هذا ما ذكره ابن جزي ( و هو من كتب هذه الرحلة نقلا عن ابن بطوطة ) :( ونقلت معاني كلام الشيخ أبي عبدالله بألفاظ موفية للمقاصد التي قصدها، موضحة للمعاني التي اعتمدها)!!!
و نذكر من هذه المغالطات :
1- حديثه عن ابن تيمية رحمه الله وهو حديث فارغ غير صحيح ( حسب العديد من المراجع ) والسبب هو أن ابن بطوطة لم يسمع من ابن تيمية ولم يجتمع به، إذا كان وصوله إلى دمشق يوم الخميس التاسع من شهر رمضان المبارك عام ست وعشرين وسبعمائة هجرية، وكان سجن ابن تيمية في قلعة دمشق أوائل شعبان من ذلك العام، إلى أن توفاه الله تعالى ليلة الأثنين لعشرين من ذي القعدة عام ثمان وعشرين وسبعمائة هجرية!!
2- ذكره الطريقة القلندرية ( و هؤلاء هم من يحلقون رؤوسهم و حواجبهم ) مُقرّاً لها لا منكراً عليها!
3- ذكره للرخ الذي يحسبه الناظر جبلا
4- ذكره للنساء ذوات الثدي الواحد
5- ذكره لبعض الكرامات الخارقة
6- اختلاط الأمور عليه في بعض الأحيان وخاصة التواريخ والأسماء .
على العموم :
رحلة ابن بطوطة هي الشافي الكافي لمعرفة أحوال الأمة الإسلامية وغيرها في ذلك العصر من الزمان، كما أنّها تروي ظمأ عشاق الرحلات بغريبها وعجيبها و محبي السفر كما قال الشافعي رحمه الله
سافر تجد عوضاً عمّن تفارقه **** وانْصبْ فإنّ لذيذَ العيشِ في النَّصبِ
إني رأيت وقوف الماء يفسده **** إن ساح طاب وإن لم يجر لم يطب
والأُسدُ لولا فراق الأرض ما افترست **** والسهم لولا فراق القوس لم يصب
والشمس لو وقفت في الفلك دائمة **** لملّها الناس من عجم ومن عرب
*
*
وصف أعجبني لبعض المدن :
دمشق :
ودمشق هي التي تفضل جميع البلاد حسناً وتتقدَّمها جمالاً، وكلُّ وصف، وإن طال، فهو قاصر عن محاسنها، ولا أبدع مما قاله أبو الحسين بن جبير، رحمه الله تعالى، في ذكرها قال: وأما دمشق، فهي جنَّةُ المشرق ومطلعُ نورها المشرق، وخاتمة بلاد الإسلام التي استقريناها، وعروسُ المدن التي اجتليناها. قد تحلت بأزاهير الرياحين. وتجلت في حلل سندسية من البساتين. وحلت موضع الحسن بالمكان المكين. وتزينت في منصتها أجمل تزيين. وتشرفت بأن أوى المسيح، عليه السلام، وأمه منها إلى ربوة ذات قرار معين. ظل ظليل. وماءٌ سلسبيل. تنساب مذانبه انسياب الأراقم بكل سبيل. ورياض يحيي النفوس نسيمُها العليل. تتبرجُ لناظريها بمجتلىً صقيل وتناديهم هلمّوا إلى معرَّس للحسن ومقيل. وقد سئمت أرضها كثرَةَ الماء. حتى اشتاقت إلى الظماء. فتكاد تناديك بها الصم الصلاب: اركض برجلك، هذا مغتسل بارد وشراب. وقد أحدقت البساتين بها إحداق الهالة بالقمر. والأكمام بالثمر.وامتدت بشرقيها غوطتها الخضراء امتداد البصر. وكل موضع لحظت بجهاتها الأربع نضرته اليانعة قيد البصر. لله صدق القائلين
عنها: إن كانت الجنة في الأرض فدمشق لا شك فيها. وإن كانت في السماء فهي تُساميها وتُحاذيها.
قال ابن جُزي: وقد نظم بعض شعرائها في هذا المعنى فقال:
إن تَكُنْ جَنَّةُ الخُلودِ بأرضٍ **** فَدِمشْقُ، وَلا تَكونُ سواها
أوْ تَكُنْ في السَّماء فَهٍيَ عَليَهْا **** يَدْ أبَدَّتْ هَواءها وَهَواه
القاهرة :
ثم وصلت إلى مدينة مصر هي أم البلاد، وقرارة فرعون ذي الأوتاد، ذات الأقاليم العريضة، والبلاد الأريضة، المتناهية في كثرة العمارة، المتناهية بالحسن والنضارة، مجمع الوارد والصادر، ومحط رحل الضعيف والقادر. وبها ما شئت من عالم وجاهل وجاد وهازل، وحليم وسفيه، ووضيع ونبيه، وشريف ومشروف، ومنكر ومعروف. تموج موج البحر بسكانها، وتكاد تضيق بهم، على سعة مكانها وإمكانها، شبابها يجد على طول العهد، وكوكب تعديلها لا يبرح منزل السعد، قهرت قاهرتها الأمم، وتملكت ملوكها نواصي العرب والعجم، ولها خصوصية النيل التي جل خطرها، وأغناها عن أن يستمد القَطر قُطرها، وأرضها مسيرة شهر لمجد السير، كريمة التربة، مؤنسة لذوي الغربة.
قال ابن جزي : وفيها يقول الشاعر :
لعمرك ما مصرٌ بمصرٍ وإنما **** هي الجنة الدنيا لمن يتبصر
فأولادها الولدان والحور عينها **** وروضتها الفردوس، والنيل كوثر
وفيها يقول ناصر الدين بن ناهض :
شاطئ مصرٍ جنة **** ما مثلها من بلد
وأهل مصر ذوو طرب وسرور ولهو، شاهدت بها مرة فرجة بسبب بُرء الملك الناصر من كسر أصاب يده فزين كل أهل سوق سوقهم وعلقوا بحوانيتهم الحلل والحلي وثياب الحرير وبقوا على ذلك أياما
مكة :
و هي مدينة كبيرة متصلة البنيان مستطيلة، في بطن واد تحف به الجبال، فلا يراها قاصدها حتى يصل إليها، و تلك الجبال المطلة عليها ليست بمفرطة الشموخ، و الأخشبان من جبالها هما جبل أبي قبيس، و هو في جهة الجنوب و الشرق منها، و جبل قعيقعان .. فكل طرفة تجلب إليها و كل ثمرة تجبى إليها .و من عجائب صنع الله أنه طبع القلوب على النزوع إلى هذه المشاهد المنيفة , و الشوق إلى المثول بمعاهدها الشريفة، و جعل حبها متمكنا في القلوب ، فلا يحلها أحد إلا أخذت بمجاميع قلبه، و لات يفارقها إلا أسفا لفراقها، متولها لبعاده عنها، شديد الحنان إليها، ناويا لتكرار الوفادة عليها، فأرضها المباركة نصب الأعين، و محبتها حشو القلوب، حكمة من الله بالغة، و تصديقا لدعوة خليله عليه السلام .
الإسكندرية :
إسكندرية حرسها الله و هي الثغر المحروس و القطر المأنوس، العجيبة الشأن الأصيلة البنيان، بها ما شئت من تحسين و تحصين، و مآثر دنيا و دين، كرمت مغانيها، و لطفت معانيها، و جمعت ما بين الضخامة و الإحكام مبانيها، فهي الفريدة في تجلي سناها، و الفريدة تجلى بين حلاها، الزاهية بجمالها المغرب، و الجامعة لمفترق المحاسن، لتوسطها بين المشرق و المغرب، فكل بديعة بها اختلاؤها، و كل طرفة إليها إنتهاؤها . و قد وصفها الناس فأطنبوا، و صنفوا في عجائبها فأغربوا .
ĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶ
تمت
السلام عليكم و رحمة الله
مقدمة :
و منذ وجد الإنسان وجد في نفسه الرغبة الملّحة في التنقل والإرتحال، لأنّه مفطور على حب الإستطلاع والتشوف والتشوق إلى معرفة كنه المجهول، والبحث وراء الخفيات، للتعرف على أسرارها، والإحاطة بشأنها، والإفادة مما يكتسب من المعرفة .
من هو ؟ :
من أشهر الشخصيات في تاريخنا الإسلامي .. الكل سمع عنه وعن رحلاته و تجواله .. لقب بأمير الرحالة المسلمين
ابن بطوطة :
هو محمد بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن يوسف اللواتي ( نسبة إلى لواتة إحدى قبائل
البربر )
ولد بطنجة ودرس العلوم الشرعية فيها..
رحلته :
بدأ ابن بطوطة رحلته يوم الخميس الثاني من رجب عام 725 هجري .. وانتهت بوصوله إلى فاس .. في أواخر ذي الحجة عام
754 هجري ..
( ملاحظة :
تحية حارة إلى كل مسلمي المناطق التي سيتم ذكرها و التي عبرها ابن بطوطة في رحلته العجيبة .
زار في هذه الرحلة معظم العالم الذي كان معروفا في ذلك الوقت .. رحلة عبر القارات الثلاث المعروفة في ذلك الزمان وهي إفريقيا أوروبا و آسيا .. حيث بدأ رحلته من المغرب الأقصى مرورا بالجزائر التي دخلها من بوابة مدينة تلمسان ثم تونس ثم ليبيا وزار مصر بدء من الإسكندرية، مرورا بشمال الدلتا ووسطها حتى الوصول إلى القاهرة، وزار صعيد مصر ووصل إلى البحر الأحمر منتهيا إلى ميناء عيذاب، و عاد أدراجه إلى القاهرة واتجه منها إلى صحراء مصر الشرقية، فسيناء ودخل فلسطين وزار أهم مدنها وزار بيروت وسهل البقاع وطرابلس وجبل لبنان، وبعلبك، وزار مدينة دمشق، وحمص ، وحماة ، ومعرة النعمان، وحلب، كما زار الساحل السوري ومدنه وحصون الإسماعيلية، ومن دمشق اتجه إلى الحجاز مارا بالأردن وأدى فريضة الحج الأولى له .
وغادر الحجاز إلى العراق حيث زار مدائنها الهامة مثل الكوفة والبصرة وبغداد وتكريت والموصل وخرج إلى الحجاز مرة ثانية وأدى فريضة االحج للمرة الثانية .وجاور بمكة ليحج مرة ثالثة ورابعة .. ثم خرج من مكة إلى بلاد اليمن، ومن جدة أبحر في البحر الأحمر مارا بشواطئ السودان وزار اليمن ثم انطلق منها لزيارة بلدان شرق إفريقيا، فزار الصومال وكينيا و تنزانيا، وعاد أدراجه إلى الجزيرة العربية، فزار ظفار في الجنوب اليمني، ومدن عمان، ومن سلطنة عمان توجه إلى إيران، ثم عبر الخليج وزار البحرين والقطيف، والحسا، واليمامة بالمملكة العربية السعودية، وتوجه إلى مكة للحج مرة خامسة .
ثم ركب البحر من جدة إلى عيذاب متوجها إلى القاهرة ثم بلاد الشام، فزار غزة والخليل، وبيت المقدس، والرملة، وعكا، وطرابلس و جبلة واللاذقية ثم يمم شطر آسيا الصغرى وزار معظم المدن التركية بل طاف معظم أنحائها، زوار بعد ذلك مدينة القرم ( جنوبي روسيا )، كما زار مدينة السرا عاصمة ملك محمد أوزبك على نهر الفولغا، وزار مدينة بلغار و حاول زيارة أرض الظلمة ( مناطق من صحراء سيبيريا المتجمدة ) و لكن لم تتيسر له الظروف لذلك عاد إلى بلغار ، ثم زار مدينة الحاج ترخان، ثم رحل إلى القسطنطينية فزارها ثم عاد إلى جبال القوقاز، و منها يمم شطر آسيا الوسطى، فزار خوارزم، بخارى، سمرقند، نسف , ترمذ، و من ترمذ توجه إلى زيارة مدن خراسان . فزار بلخ، هراة، الجام، طوس، سرخس، نيسابور، و بسطام، ثم توجه إلى كابل وغزنة، ثم إلى بلاد الهند حيث أقام بها تسعة سنين .
أرسله ملك الهند سفيرا عنه لتبليغ رسالة إلى ملك الصين، فزار في طريقه من دلهي عاصمة مملكة الهند زار كلا من كايور، ثم زار مدينة دولة آباد، ومدن ساحل المليبار مثل هنور وأبو سرور، وفاكنور، ومنجرور، وجورفتن، وده فتن، وبدفتن، قالقوط، ثم أبحر إلى جزائر ذيبة المهل ( جزر المالديف حاليا ) و أقام فيها و تزوج ثم رحل إلى جزيرة سرنديب فزارها ثم زار سواحل المعبر بالهند، و عاد إلى سواحل المليبار فزارها ثانية ثم عاد إلى جزائر ذيبة المهل ومنها رحل إلى بنجالة ( بنجلادش ) وجبال كامرو، ثم بلاد البرهنكار ( بورما حاليا ثم توجه إلى بلاد الجاوة ( أندونيسيا حاليا )، ثم اتجه إلى مل جاوة ( ماليزيا حاليا ) ثم رحل إلى الصين فزار في جنوبها مدن الزيتون وصين كلان، وقنجنفو والخنسا ومنها توجه إلى بلاد الخطا ( شمال الصين ) فوصل العاصمة خانق بالق ( بكين )، لكنه لم يستطع إيصال رسالة ملك الهند فعاد أدراجه إلى سومطرة، ثم مدينة كولم بساحل المليبار، ثم مدينة قالقوط . ليقرر العودة إلى بلاد المغرب .
فسافر إلى ظفار، ثم اتجه إلى مسقط والقريات في سلطنة عمان، منها إلى هرمز بإيران، ومنها إلى البصرة والكوفة فالحلة، ثم بغداد، والأنبار قاصدا بلاد الشام مارا بهيت، والحديثة، وعانة، والرحبة، والسخنة، وتدمر، ووصل إلى دمشق بعد عشرين سنة كاملة ومن دمشق توجه إلى حمص فحماة، فمعرة النعمان، فحلب، ثم عاد ثانية إلى حمص فدمشق ثم زار عجلون ( الأردن )، فبيت المقدس، فالخليل، فغزة، ومن غزة سافر بالبر إلى دمياط، ثم فارسكور، فسمنود، فأبي صير، فالمحلة الكبرى، وإبيار، ودمنهور، ووصل الإسكندرية . ثم عاد إلى القاهرة و اجتاز مدن الصعيد حتى وصل عيذاب، فاجتاز البحر الأحمر حتى وصل منها إلى جدة، وذهب منها إلى مكة المكرمة فحج للمرة السادسة والأخيرة . ومن مكة توجه إلى مدينة الرسول صلى الله عليه و سلم فزارها ثم غادر إلى تبوك، فبيت المقدس، فالخليل، فغزة، ومن غزة اجتاز سيناء و صحراء مصر الشرقية إلى القاهرة .
و من القاهرة زار الإسكندرية وغادرها بحرا ووصل جربة و منها إلى قابس فصفاقس فبليانة، ثم سافر برا إلى تونس وأبحر منها إلى جزيرة سردينيا ومنها توجه إلى تنس فمازونة، فمستغانم، فوهران، فتلمسان، فتازي ووصل إلى فاس .
و من فاس توجه إلى طنجة مسقط رأسه و مها إلى سبتة، ثم عبر بحر العدوة، وزار جبل الفتح ( جبل طارق ) ورندة، ومربلة، وسهيل، ومالقة، وبلش، ثم غرناطة وارتحل من الأندلس عائدا إلى المغرب فوصل سبتة، فسلا، فمدينة مراكش، ووصل إلى فاس، ثم انطلق منها لزيارة بلاد السودان ( مالي، النيجر والتشاد و موريطانيا وليست بلاد السودان التي نعرفها حاليا ) فانطلق من فاس ووصل إلى سلجاسمة، ومنها إلى تغازي ( في جموهرية مالي )، ثم إيوالاتن ( في موريطانيا )، ثم مدينة مالي التي أقام بها حواي سنة كاملة، ثم غادرها قاصدا ميمة، فتنبتكو، فكوكو، ومن كوكو إلى مدينة تكدا ( في النيجر )، ومنها إلى قبيلة بردامة البربرية، واتجه إلى سجلماسة، ثم بلاد الهكار ( وهم من البربر أي الطوارق حاليا ) ثم عاد إلى سجلماسة، ثم رحل إلى مدينة فاس واستقر بها نهائيا .
رحلة طويلة جدا .. تشعر بالتعب من جراء قراءة قائمة الأماكن التي زارها فما بالك بالرحلة نفسها وعلى ظهر الأحصنة والجمال والبغال في بعض المناطق و الفيلة في مناطق أخرى وعلى القدمين .. وركوب البحر لمدة تفوق الثلاثة أشهر .
شخصيته :
كان ابن بطوطة شخصا ملولا .. شغوفا بالترحال و التجوال .. محبا لمعرفة تاريخ الشعوب الأخرى ، دقيق الملاحظة، بارع الوصف، ذكيا، وذو ذاكرة حادة قوية .كان قاضيا مالكيا صوفيا .. وهذا الأمر جعله يعمل قاضيا عند ملك الهند و كذلك في جزائر ذيبه المهل .
ملاحظات عامة :
- اهتم ابن بطوطة خلال رحلته هذه بتتبع الملوك وأخبارهم والقضاة والفقهاء، ولم يهتم كثيرا بالشعوب و العلوم
- وصف الملوك وطرقهم ومواكبهم وكيفية السلام عليهم وعطاءاتهم للآخرين وحروبهم وصفا جميلا .
- كان ابن بطوطة موفور الحظ كثيره ، ففي رحلته هذه نجا من الكثير من الأخطار .. فمن قطاع الطرق إلى العواصف في
البحر إلى الفتن والحروب .
- لقي ابن بطوطة اهتماما كبيرا بسبب كونه قاضيا فقيها في أمور الدين
- كان مسرفا وهذا اعترافه هو .. فهو دائما ما بذل العطايا والأموال باسراف شديد .
- القارئ لرحلة ابن بطوطة يلاحظ أمرين في غاية الأهمية
أولا : انتشار الزوايا التي تخدم عابر السبيل، فتطعمه و تسقيه وتوفر له مكانا للنوم الراحة وهذا دون أجر بل في سبيل الله . كما أن هذه الزوايا كانت بمثابة فخر لأصحابها فتراهم يتنافسون فيما بينهم على بذل الجهد الوفير من أجل راحة عبير السبيل و المسافر .
ثانيا : الأوقاف التي كانت بمثابة العمود الفقري الذي ترتكز عليه الدولة وترتكز عليه الزوايا ، كما كانت الأوقاف مصدر رزق للفقراء والمساكين .
مغالطات :
عرفت رحلة ابن بطوطة الكثير من النقد و التفنيد وهذا لإتيانه بأمور غير منطقية وحديثه عن غرائب لا يستصيغها العقل، كما
كانت المغالاة الصوفية الشديدة في بعض الأحيان لها أثر شديد وواضح خلال هذه الرحلة، كما أن النسخ العديد لهذه الرحلة أدخل أمورا كثيرة وحذف أخرى ، و نسب أمورا إلى ابن بطوطة لم يقلها و لم يفعلها . و هذا ما ذكره ابن جزي ( و هو من كتب هذه الرحلة نقلا عن ابن بطوطة ) :( ونقلت معاني كلام الشيخ أبي عبدالله بألفاظ موفية للمقاصد التي قصدها، موضحة للمعاني التي اعتمدها)!!!
و نذكر من هذه المغالطات :
1- حديثه عن ابن تيمية رحمه الله وهو حديث فارغ غير صحيح ( حسب العديد من المراجع ) والسبب هو أن ابن بطوطة لم يسمع من ابن تيمية ولم يجتمع به، إذا كان وصوله إلى دمشق يوم الخميس التاسع من شهر رمضان المبارك عام ست وعشرين وسبعمائة هجرية، وكان سجن ابن تيمية في قلعة دمشق أوائل شعبان من ذلك العام، إلى أن توفاه الله تعالى ليلة الأثنين لعشرين من ذي القعدة عام ثمان وعشرين وسبعمائة هجرية!!
2- ذكره الطريقة القلندرية ( و هؤلاء هم من يحلقون رؤوسهم و حواجبهم ) مُقرّاً لها لا منكراً عليها!
3- ذكره للرخ الذي يحسبه الناظر جبلا
4- ذكره للنساء ذوات الثدي الواحد
5- ذكره لبعض الكرامات الخارقة
6- اختلاط الأمور عليه في بعض الأحيان وخاصة التواريخ والأسماء .
على العموم :
رحلة ابن بطوطة هي الشافي الكافي لمعرفة أحوال الأمة الإسلامية وغيرها في ذلك العصر من الزمان، كما أنّها تروي ظمأ عشاق الرحلات بغريبها وعجيبها و محبي السفر كما قال الشافعي رحمه الله
سافر تجد عوضاً عمّن تفارقه **** وانْصبْ فإنّ لذيذَ العيشِ في النَّصبِ
إني رأيت وقوف الماء يفسده **** إن ساح طاب وإن لم يجر لم يطب
والأُسدُ لولا فراق الأرض ما افترست **** والسهم لولا فراق القوس لم يصب
والشمس لو وقفت في الفلك دائمة **** لملّها الناس من عجم ومن عرب
*
*
وصف أعجبني لبعض المدن :
دمشق :
ودمشق هي التي تفضل جميع البلاد حسناً وتتقدَّمها جمالاً، وكلُّ وصف، وإن طال، فهو قاصر عن محاسنها، ولا أبدع مما قاله أبو الحسين بن جبير، رحمه الله تعالى، في ذكرها قال: وأما دمشق، فهي جنَّةُ المشرق ومطلعُ نورها المشرق، وخاتمة بلاد الإسلام التي استقريناها، وعروسُ المدن التي اجتليناها. قد تحلت بأزاهير الرياحين. وتجلت في حلل سندسية من البساتين. وحلت موضع الحسن بالمكان المكين. وتزينت في منصتها أجمل تزيين. وتشرفت بأن أوى المسيح، عليه السلام، وأمه منها إلى ربوة ذات قرار معين. ظل ظليل. وماءٌ سلسبيل. تنساب مذانبه انسياب الأراقم بكل سبيل. ورياض يحيي النفوس نسيمُها العليل. تتبرجُ لناظريها بمجتلىً صقيل وتناديهم هلمّوا إلى معرَّس للحسن ومقيل. وقد سئمت أرضها كثرَةَ الماء. حتى اشتاقت إلى الظماء. فتكاد تناديك بها الصم الصلاب: اركض برجلك، هذا مغتسل بارد وشراب. وقد أحدقت البساتين بها إحداق الهالة بالقمر. والأكمام بالثمر.وامتدت بشرقيها غوطتها الخضراء امتداد البصر. وكل موضع لحظت بجهاتها الأربع نضرته اليانعة قيد البصر. لله صدق القائلين
عنها: إن كانت الجنة في الأرض فدمشق لا شك فيها. وإن كانت في السماء فهي تُساميها وتُحاذيها.
قال ابن جُزي: وقد نظم بعض شعرائها في هذا المعنى فقال:
إن تَكُنْ جَنَّةُ الخُلودِ بأرضٍ **** فَدِمشْقُ، وَلا تَكونُ سواها
أوْ تَكُنْ في السَّماء فَهٍيَ عَليَهْا **** يَدْ أبَدَّتْ هَواءها وَهَواه
القاهرة :
ثم وصلت إلى مدينة مصر هي أم البلاد، وقرارة فرعون ذي الأوتاد، ذات الأقاليم العريضة، والبلاد الأريضة، المتناهية في كثرة العمارة، المتناهية بالحسن والنضارة، مجمع الوارد والصادر، ومحط رحل الضعيف والقادر. وبها ما شئت من عالم وجاهل وجاد وهازل، وحليم وسفيه، ووضيع ونبيه، وشريف ومشروف، ومنكر ومعروف. تموج موج البحر بسكانها، وتكاد تضيق بهم، على سعة مكانها وإمكانها، شبابها يجد على طول العهد، وكوكب تعديلها لا يبرح منزل السعد، قهرت قاهرتها الأمم، وتملكت ملوكها نواصي العرب والعجم، ولها خصوصية النيل التي جل خطرها، وأغناها عن أن يستمد القَطر قُطرها، وأرضها مسيرة شهر لمجد السير، كريمة التربة، مؤنسة لذوي الغربة.
قال ابن جزي : وفيها يقول الشاعر :
لعمرك ما مصرٌ بمصرٍ وإنما **** هي الجنة الدنيا لمن يتبصر
فأولادها الولدان والحور عينها **** وروضتها الفردوس، والنيل كوثر
وفيها يقول ناصر الدين بن ناهض :
شاطئ مصرٍ جنة **** ما مثلها من بلد
وأهل مصر ذوو طرب وسرور ولهو، شاهدت بها مرة فرجة بسبب بُرء الملك الناصر من كسر أصاب يده فزين كل أهل سوق سوقهم وعلقوا بحوانيتهم الحلل والحلي وثياب الحرير وبقوا على ذلك أياما
مكة :
و هي مدينة كبيرة متصلة البنيان مستطيلة، في بطن واد تحف به الجبال، فلا يراها قاصدها حتى يصل إليها، و تلك الجبال المطلة عليها ليست بمفرطة الشموخ، و الأخشبان من جبالها هما جبل أبي قبيس، و هو في جهة الجنوب و الشرق منها، و جبل قعيقعان .. فكل طرفة تجلب إليها و كل ثمرة تجبى إليها .و من عجائب صنع الله أنه طبع القلوب على النزوع إلى هذه المشاهد المنيفة , و الشوق إلى المثول بمعاهدها الشريفة، و جعل حبها متمكنا في القلوب ، فلا يحلها أحد إلا أخذت بمجاميع قلبه، و لات يفارقها إلا أسفا لفراقها، متولها لبعاده عنها، شديد الحنان إليها، ناويا لتكرار الوفادة عليها، فأرضها المباركة نصب الأعين، و محبتها حشو القلوب، حكمة من الله بالغة، و تصديقا لدعوة خليله عليه السلام .
الإسكندرية :
إسكندرية حرسها الله و هي الثغر المحروس و القطر المأنوس، العجيبة الشأن الأصيلة البنيان، بها ما شئت من تحسين و تحصين، و مآثر دنيا و دين، كرمت مغانيها، و لطفت معانيها، و جمعت ما بين الضخامة و الإحكام مبانيها، فهي الفريدة في تجلي سناها، و الفريدة تجلى بين حلاها، الزاهية بجمالها المغرب، و الجامعة لمفترق المحاسن، لتوسطها بين المشرق و المغرب، فكل بديعة بها اختلاؤها، و كل طرفة إليها إنتهاؤها . و قد وصفها الناس فأطنبوا، و صنفوا في عجائبها فأغربوا .
ĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶĶ
تمت
السلام عليكم و رحمة الله
Sign into ŷ to see if any of your friends have read
رحلة ابن بطوطة.
Sign In »
Reading Progress
December 3, 2016
–
Started Reading
December 3, 2016
– Shelved
December 3, 2016
–
26.7%
"أنا الآن في العراق بصحبة رفيقي الرحالة إبن بطوطة فهل من مضيف هههههه ؟"
page
200
January 27, 2017
–
86.78%
"مدينة الخنساء , واسمها على نحو إسم الخنساء الشاعرة , و لا أدري أعربي هو أم وافق العربي ؟ , و هذه المدينة أكبر مدينة رأيتها على وجه الأرض , طولها مسيرة ثلاثة أيام يرحل فيها المسافر و ينزل .
مدينة الخنساء أكبر المدن الصينية..و تسمى مدينة المدن الستة ."
page
650
مدينة الخنساء أكبر المدن الصينية..و تسمى مدينة المدن الستة ."
January 28, 2017
–
88.79%
"..و زرت بالبصرة القبور الكريمة التي بها , و هي قبر الزبير بن العوام , و طلحة بي عبيد الله , و حليمة السعدية , و أبي بكرة , و أنس بن مالك , و الحسن البصري , و ثابت البناني , و محمد بن سيرين , و مالك بن دينار , و محمد بن واسع , و حبيب العجمي , و سهل بن عبد الله التستري , رضي الله تعالى عنهم أجمعين ."
page
665
January 28, 2017
–
95.33%
"..و ههنا انتهت الرحلة المسماة " تحفة النظار في غرائب الأمصار و عجائب الأسفار . و كان الفراغ من تقييدها في ثال ذي الحجة عام ستة و خمسين و سبعمئة .
و الحمد لله و سلام على عباده الذين اصطفى ."
page
714
و الحمد لله و سلام على عباده الذين اصطفى ."
March 6, 2017
–
Finished Reading
Comments Showing 1-40 of 40 (40 new)
date
newest »

message 1:
by
Naila
(new)
Jan 01, 2017 10:04AM

reply
|
flag

أما يخصوص التحدي..فالحقيقة إنني متردد بعض الشيئ .
بارك الله فيك أختي..لقد أسعدني تعليقك :)

بارك الله فيك و جزاك الله كل خير على كلماتك الجميلة :)

المراجعة أسطورية ^^ جزاك الله كل خير"
شكراااااااااااااااا .. أختي شهد بنت مدينة الرسول صلى الله عليه و سلم ..
بارك الله فيك أختي والمراجعة ليست أسطورية على قدر الكتاب الذي يستحق المطالعة و القراءة .. شكرا جزيلا أختي :)

على كذا نعذر التأخير :)"
ههههههه .. كنت أريد الكتابة أكثر حول هذا الكتاب و لكن للأسف لست كاتبا و لا أحب الكتابة .. لذلك مللت بسرعة .. ههههه .. و لكن كتاب يستحق كل جهد أختي هناء .
بارك الله فيك و جزاك كل خير و شكرا على التفهم :))

ما هذا الجمال..
مراجعة مرصعة بالزمرد والياقوت والألماس..
روعة والله، جزاك الله عنا خير الجزاء، وشكرا على مجهودك الرائع
عقبى لك تقرأ لنا رحلة ابن جبير أيضا ^^

ههههه .. شكرا جزيلا على كلامك الحلو أختي سمسمة .. و لكن الكتاب رائع جدا و فيه من العجائب و لغرائب و الأخبار و التواريخ و الأسماء و المدن و الأوصاف و غيرها من الأشياء الكثير و الكثير جدا .
بارك الله فيك أختي و شكرا على مرورك الكريم هذا :)

ما هذا الجمال..
مراجعة مرصعة بالزمرد والياقوت والألماس..
روعة والله، جزاك الله عنا خير الجزاء، وشكرا على مجهودك الرائع
عقبى لك تقرأ لنا رحلة ابن جبير أيضا ^^"
و الله صدقني يا أستاذي و أخي محمد أن كلامك هذا يعجز لساني على الرد .. و بما أننا في حالة الرد بالكتابة فهو يعجز يدي عن كتابة أي شيئ .
كلامك و تعليقاتك دائما ما تكون مصدر فخر لي و دائما ما تجعلني أحاول بذل المزيد و المزيد من الجهد .. جزاك الله كل خير و نفعك و نفع بك إن شاء الله :)
نعم .. رحلة ابن جبير على القائمة و لكن قبلها هناك رحلة مشهورة وجبت قراءتها و هي رحلة " ماركو بولو " فقد سمعت عنها الكثير .

و نعم المدن هي دمشق و نعم الأهل هم أهلها .. فابن بطوطة عشق هذه المدينة و وصفها بأوصاف متعددة و في كل مرة فهو زارها عدة مرات لأنها كما قال تسلب الألباب و العقول .
تحية منا إلى أهل الشام و أهل دمشق :)

بارك الله فيك و جزاك كل خير على هذه المراجعة الرائعة .. كفيت و وفيت
أعجبني وصف دمشق و الإسكندرية

بارك الله فيك و جزاك كل خير على هذه المراجعة الرائعة .. كفيت و وفيت
أعجبني وصف دمشق و الإسكندرية"
نعم بالفعل كان ابن بطوطة شخصا دقيق الملاحظة مما ساعده على الوصف الجميل للأماكن المختلفة التي زارها .. و ما ذكرته في المراجعة هو جزء بسيط جدا .. فهناك مدن و موانئ و قصور أبدع في وصفها .
شكرا أختي فاطمة .. تعلقاتك دائما ما تدخل البهجة و السرور .. جزاك الله كل خير :)
تحية حارة إلى إخوتنا في تلمسان .. المدينة العريقة .. الضربة جذورها في عمق التاريخ .. شكرا جزيلا :))


براحة علينا شوية ..والله هلكتني وأمتعتني ..أنا أبحرت في المراجعة والله
معكم من القاهرة ومن مصر التي حظيت بالنصيب الأكبر في الوصف
ويا عمي والله مراجعتك فوق الوصف ما شاء الله ^^ :D <3

براحة علينا شوية ..والله هلكتني وأمتعتني ..أنا أبحرت في المراجعة والله
معكم من القاهرة ومن مصر التي حظيت بالنصيب الأكبر في الوصف
ويا عمي والله مراجعتك فوق الوصف ..."
صراحة دائما ما تبهجني و تحزنني في نفس الوقت بتعليقاتك هذه أخي عبد الرحمان .. تبهجني هذا أمر واضح لاداعي للشرح و تحزنني لأنني لا أجد الكلمات المعبرة التي أستطيع الرد بها على تعليقاتك هذه :))
عذرا .. المراجعة طويلة جدا .. و أظن أنها متعبة و لكنني حاولت ذكر الأماكن التي سافر إليها فمعظم القراء يعرفون هذه الرحلة و لكن لا يغرفون الأماكن التي زارها ابن بطوطة .
قاهرة المعز أعزها الله و حفظها و كل بلاد مصر .. هذه البلاد التي زارها ابن بطوطة أكثر من مرة و أعجب بجمالها و جمال أهلها و سعة علمهم .
بارك الله فيك أخي عبد الرحمان و جزاك كل خير إن شاء الله :)

بارك الله فيك أختي :)

تحياتي"
الله يسلمك .. بالفعل حاولت قدر الإمكان التعريف بهذا الكتاب الرائع .. جزاك الله كل خير :)

ههههه كيف وصف تونس؟ لابد أن تقرئي الكتاب :)

ليس لي النية لقرائته لا احب ادب الرحلة ههه"
هههههه أصف الرحلة كاملة::
أنا من الذين يحبون أدب الرحلات كثيرا :)

جميل فانا اكتشف كتب معك.ربما يوما اتشجع و اقرأ حبا في تونس.و دمشق
اشكرك لك لطفك جاري المحترم.


على ما اعتقد هي مشكلة تقنية في الموقع، أحيانا تظهر لي مراجعات بحروف متفرقة وخاصة المراجعات الطويلة.