ŷ

محمد حمدان's Reviews > شرح رواية أنتيخريستوس - التحليل والمصادر

شرح رواية أنتيخريستوس - التحليل والمصادر by أحمد خالد مصطفى
Rate this book
Clear rating

by
13060827
's review

liked it

شرح رواية أنتيخريستوس � أحمد خالد مصطفى

لقد تحدثتُ سابقاً كثيراً عن أن الشكل النهائي للرواية "أي رواية" يكون حسب مفهوم الكاتب للرواية بشكل عام. ومعظم الأخطاء الفنية في الروايات هو بسبب مفاهيم عامة خاطئة كونها الكاتب عن الرواية بشكل عام. وهنا، نجد أن الكاتب الشاب يعلنها صراحة: من الذي وضع قواعد فن الرواية ؟ لماذا يزعج الناس أنفسهم دائماً بتصنيف الشيء الذي يقرأونه.. هذه رواية وتلك مسرحية وهاته مجموعة قصصية ؟ ثم ما الذي يجبرنا على الإنقياد لهذه القواعد لما نكتب ؟ لماذا يضع لي شخص ما قواعد أكتب عليها ؟ لم أرتح لهذا أبداً.. لذا كل ما فعلته ببساطة هو أنني تحررت من هذه القواعد كلها.. اخترت أن أكتب بالقواعد التي أحددها أنا.. وبالطريقة التي أحددها أنا.. المهم في النهاية أن يستمتع القاريء.. ويفكر.. ويبحث.. وأوصل له الرسالة التي أريد أن أوصلها له. انتهى التصريح.

إن هذه الفقرة توضح تماماً ما رأيناه في الرواية وما تحدثت عنه في مراجعتي عن الرواية.. وما هذا الشرح الموجود في هذا الكتاب إلا ليؤكد أن الحبكة الضعيفة الموجودة في الرواية هي مجرد وسيلة لنقل هذه الآراء أو الرسالة التي يريد الكاتب الشاب أن يوصلها لنا.

بكل تأكيد، هناك فرق شاسع بين البحوث التاريخية.. والروايات.. فالبحث التاريخي الجاد يهتم بفحص الروايات التاريخية التي تسرد وقائع حدث تاريخي معين وترجح أحدها بالدليل.. وتلجأ إلى عرض مصادرها ومراجعها بكل وضوح وشفافية. بينما الرواية لا تحتاج إلى أي من ذلك.. فهي قد تبدأ من بذرة شخصية، كما يقول لنا ماريو بارغاس وهذه البذرة قد تكون حدثاً تاريخياً معيناً كما رأينا في الحرب والسلام مع تولستوي والحملة الفرنسية على روسيا.. بينما كان يسرد لنا تولستوي حكاية العائلات الروسية الخمس في هذه الرواية الفريدة. المشكلة هنا، هو أن الكاتب الشاب قد استخدم الرواية كأداة لعرض ما يراه "الحقيقة".

لنعد إلى الوراء قليلاً، مع يوسف زيدان وظل الأفعى. فقد قلت في مراجعتي لها أن الكاتب قد استغل الرواية في عرض بحث أكاديمي عن الآلهة الأنثى القديمة. وقد قلت وقتها أن ذلك ليس بالفكرة السيئة إطلاقاً. لكن المشكلة هو أن أسلوب العرض لم يجعل من النص رواية حقيقية. فما هو يفترض أن يكون رواية ليس إلا رسائل تجاوزت العشر من أم لابنتها تحدثها عن الآلهة الأنثى قديماً بحجم يساوي نصف حجم الرواية ككل ! بينما بقية النص مقسم لقسمين؛ الثاني منهما هو مشهد إباحي والأول هو الحكاية ! ولا ننسى أن هذه هي المحاولة الروائية الأولى لزيدان، ونجده في عزازيل يقدم لنا رواية كاملة الأركان مع تطور ملحوظ ولافت في البنية الروائية. فشتان بين عزازيل وظل الأفعى كبنية روائية.

بينما هنا، نشاهد كاتباً شاباً، قرر أن التصنيف في الأدب ليس بالأمر المهم وأن القواعد محض هراء.. وأنه سيكتب بقواعده الخاصة وحسب. ولنفترض بأنك لا تتقن الإنجليزية.. وقررت قراراً مماثلاً بأن القواعد لا تهم وأنك ستتحدث الإنجليزية على أي حال.. فماذا ستكون النتيجة ؟

أحب تلك المقولة المعبرة: إن الأدب يميل للفوضى، بينما وظيفة النقد هي التنظيم. لذا، فإن أهمية التصنيف تكمن في تنظيم الفوضى التي يميل إليها الأدب بطبيعته. وحتى في النظريات الأدبية التجريبية، فهي تتطلب من الكاتب أن يعرف ما هو موجود من قواعد أو أساسيات فعلاً ثم يستطيع أن يجرب ما يشاء من أساليب جديدة، وليس كل جديد هو أصيل. والأصالة من كل ما هو جديد هي هدف كل حركة تجريبية. وعليه، فإنه لا يخفى أن هذه الفقرة من الكاتب الشاب هي بحق مخيبة للآمال. فهي لا تدل فقط على رغبة بإصدار رواية، لا، بل هي رغبة في توظيف الجهل في التفريق بين الأنواع الأدبية بل وأبسط قواعد وأركان الرواية فيكتب رواية ! هل يبدو ذلك منطقياً ؟

على الجانب الآخر، نجد أن الكاتب الشاب يمتلك ما يؤهله لأن يصبح باحثاً أكثر من ممتاز.. لولا عدم إهتمامه في وضع هوامش أو لنقل تقديم كتابه هذا باحترافية الكاتب الجاد.. فلا يخفى على القاريء أن هذا الكتاب ليس سوى مجموعة من منشورات قام مسبقاً بنشرها على الفيسبوك كجواب على ما يصله من أسئلة بخصوص روايته.. وهي تخلو من الهوامش المهمة التي تدلل على مصدر ومرجع كل دليل باسم الكتاب والمؤلف ورقم الصفحة كما جرت العادة مع الكتب العلمية الرصينة. فالكاتب أراد أن يرد على الإنتقادات أكثر من أن يقدم بحثاً تاريخياً حقيقياً.

كنت في مراجعتي للرواية قد أشرت إلى مثال وجدت فيه مغالطة تاريخية بخصوص الحرب العالمية الأولى.. وللأسف لم يتطرق الكاتب إليها هنا.. وعلى أي حال.. لن أخوض كثيراً في تحقيق التاريخ خلف الكاتب لأن ذلك ليس وظيفة الأدب ولا الرواية. الرواية قد تقدم صورة معينة من التاريخ يريد لنا الكاتب رؤيتها.. ولكنني أود أن أعلق باقتباسين من قراءاتي الخاصة توافق رؤية الكاتب هنا:

يجتمع كل المصلحين المتحررين، والدستوريون، والفولتيريون، ومحبو الإنسانية، والماسونيون، وينضم إلى هؤلاء المستاؤون والمدينون والأريستوقراطيون الذين ألقي بهم في مركز ثانوي، وكذلك البورجوازيون المثقفون العاطلون عن العمل، والمحامون عديمو الزبائن، والكذابون والصحفيون. وهذه القوى المحمومة المتفجرة الحيوية هي التي ستؤلف بمجموعها فيما بعد فصائل الثورة الهجومية. وهكذا يتشكل جيش من أقوى الجيوش الفكرية، وبفضله تنتزع فرنسا حريتها. "ماري أنطوانيت" - ستيفان زفايغ.

ويقر مؤرخو الثورة الفرنسية أنه كان للماسونية دور في الإعداد للثورة. وكان واضحاً أن النشاط الماسوني في فرنسا في القرن الثامن عشر لم يكن مؤامرة شريرة إلا أنه كان حتماً بعيداً عن أن يكون نشاطاً إجتماعياً أو ترفيهياً أو تربوياً صرفاً. "تشريح الثورة" - كرين برينتن.

ما سبق يدعم نظرية الكاتب في "دور ما" لعبته الماسونية في الثورة الفرنسية. وحقيقة، أياً ما كان هذا الدور، كبيراً أم صغيراً، فإنه دون شك يشكل بذرة إغراء لموضوع رواية ما. وإن كنت لا أزال أرى أنها كان يتوجب أن تكون أكثر إتقاناً.

الجهل ليس بالشيء المعيب. كلنا بشكل أو بآخر جهلة في أمر واحد على الأقل.. وقد يكون الجهل مفيداً في أحايين كثيرة. كأن يملك طفل ما الجرأة للإقتراب من أفعى خطيرة.. والتي قد لا تلدغه -لسبب ما- لكن، إن لم يتعلم هذا الطفل خطورة الإقتراب من أفعى بهذه الطريقة مرة أخرى.. فلا ضمان بأن الأفعى لن تتورع عن لدغه لدغة قاتلة. وليس من المطلوب أن يكون الكاتب دارساً للأدب أو ناقداً عظيماً ملماً في كل فروع الأدب، لكن على أقل تقدير أن يميز ما يؤهل نصاً ما أن يكون رواية من مسرحية أو مجموعة قصصية.. فهذا لا يحتاج إلى دراسة والله.

الخلاصة، لا تعليق لدي على التحقيق التاريخي عدا أنه ليس إحترافياً رغم أنه من الممكن له أن يكون كذلك. وفي ذات الوقت، لا يمثل هذا الشرح تبريراً للحبكة الضعيفة للرواية.. إنما هو تدليل تاريخي على ما تم توظيفه في السرد كحكايات منفصلة. وهذا لا يفيد في جعل الرواية ككل أكثر إقناعاً وإن كان يجيب على تساؤلات الكثيرين ممن قرؤوها بالفعل.
10 likes · flag

Sign into ŷ to see if any of your friends have read شرح رواية أنتيخريستوس - التحليل والمصادر.
Sign In »

Reading Progress

January 31, 2017 – Started Reading
January 31, 2017 – Shelved
January 31, 2017 – Shelved as: to-read
January 31, 2017 –
page 46
24.86%
February 1, 2017 –
page 119
64.32%
February 1, 2017 –
page 167
90.27%
February 1, 2017 – Finished Reading

Comments Showing 1-1 of 1 (1 new)

dateDown arrow    newest »

محمد حمدان Salma wrote: ""

عفواً، ولكن، ما هذا من فضلك ؟


back to top