جمانة حسن's Reviews > امرأة في برلين: ثمانية أسابيع في مدينة محتلة
امرأة في برلين: ثمانية أسابيع في مدينة محتلة
by
by

" امرأة في برلين "
مارتا هيلرز هي المجهولة التي وثقت بشكل موضوعي واقعي ثمانية أسابيع في برلين أثناء اجتياح السوفييت لها .
بدأت مارتا هيلرز بتسجيل مذكراتها بشكل سري من ٢٠ أبريل و حتى ٢٢ حزيران، تتصاعد المذكرات من بدء دخول السوفييت برلين و قصفهم للمدينة ، هروب الناس إلى الملاجئ و صراعهم من أجل البقاء ، مختصرين كل الغرائز الإنسانية في غريزة واحدة هي الجوع.
هيلرز كانت تعرف الروسية كونها سافرت قبل الحرب عدة دول من بينها روسيا، و تبدأ حكايتها حين تحاول إنقاذ بعض النساء من الروس الذين وجدوا بنساء الألمان غنائم حرب ، لتكون ضحية لاغتصاب جماعي لاثنين من الإيفان ( تسمية للروس تدل على التحقير ) ، و بعد أيام تقع ضحية اغتصاب ثاني.
تقرر هيلرز في هذه اللحظة أنها ستختار من يحصل عليها و تبحث عن ضابط روسي قد يحميها من الاغتصاب الجماعي إضافة إلى " النوم مقابل الطعام ".
" في الماضي الحرب و الموت كانا يصنعان أشياء خاصة ، من الآن فصاعداً أنا سأقرر من سيحصل علي "
و عندما يصبح التجول متاحاً في المدينة و تلتقي النساء كان السؤال هو " كم مرة ؟ " و المقصود به كم مرة تم الاغتصاب .
و عندما تقدم مذكراتها هذه لحبيبها التي انتظرته طويلاً ، يرفض تعرضها للاغتصاب و يتخلى عنها.
الكتاب واقعي جداً و صادق من غير أسلوب أدبي أو روائي ، حقيقي لدرجة كبيرة، كتب بشكل حيادي واضح ،كشفت فيه مارتا طبائع الألمان و السوفييت ، اختلافاتهم .. حياة النساء في تلك الفترة القاسية ، الصراع من أجل البقاء.
و يلاحظ في الصحفية أيضاً ترفعها عن وصف الانتهاك بشكل مفصل ، حيث تجد بكلمة اغتصاب جماعي أو اغتصاب لوحدها ما يكفي لتصوير البشاعة التي تعرضت لها مع النساء الأخريات ، أو ربما تجاهلت الوصف الكثير لعمليات الاغتصاب بسبب الخوف كنساء مما بعد الحرب .
" الاغتصاب في كل مكان و نحن نساء علينا أن نبقي أفواهنا مغلقة و إلا لن نجد من يلمسنا ثانية "
ثم أنها تجد في الاغتصاب الجمعي تبريراً منطقياً لتخفيف وقع الصدمة على النساء ككل، حيث يكون العلاج جمعي أيضاً بالحديث عن التجارب القاسية بين النساء .
(( مثل هذه القصص لا يمكن أن تتخيلها أو تبتكرها، إنها الوحشية الطاغية للحياة، فعل الغضب الأعمى للقدر. ))
مع كل التفاصيل المتعبة و المؤلمة لا تجد في الرواية أية كراهية من الصحفية تجاه السوفييت، كما لا يوجد لهجة انتقام أو عداء، ترى هيلرز كل ما حصل هو كنوع من العدالة بعد ما فعله الجنود الألمان في روسيا، أو ربما بسبب موت و انعدام الإحساس الذي خلفته الحرب بدأ شعور الكراهية يختفي.
رأي:
في هذا الكتاب تصور هذه المرأة موت الإنسانية حتماً، تعود الإنسان على رؤية فظائع الأمور دون أن يوخزه ضميره ، قدرة الناس على التأقلم مع كل الأفعال المنافية للذوق الإنساني.
يذكرني تسلسل الأحداث برواية "العمى " ل جوزيه ساراماغو بتلك المرأة المبصرة التي كانت ترى كل انتهاكات البشرية التي ارتكبها العميان بدون أية ضوابط فكان عذابها مضاعفاً، كانت مجهولة أيضاً.
ربما الحروب تكشف الوجه الحقيقي للإنسان أو تخلق له هذا الوجه الذي سيحارب به العالم ليبقى، أو أن سيكولوجيا البشر قريبة للميل نحو تسليط الغرائز و عدم الانضباط كلما أتيحت لها الفرصة ، تتوحش عندما يتاح لها فوراً ، و ربما السبب ما ختمت به مارتا مذكراتها القاسية.
" ما أعرفه كله أني أريد أن أظل على قيد الحياة ، ضد كل منطق و عقل، مجرد أن أعيش مثل حيوان "
الكثير من معاناة امرأة شابة لم تضعه أمامك ربما رغبة منها بالحفاظ على قوتها حتى النهاية ، حتى انتهاء الحرب .. المرأة المليئة بالصور التي كانت تضع رأسها على المخدة و تبكي و هي تسمع بيتهوفن .
التي عضت يديها و احتضنت الوسائد و تمنت الموت بعد لحظات من كونها جسد يغتصبه ويتناوب عليه جنود الحروب.
ملاحظة :
نشر الكتاب بالاسم الحقيقي للصحفية مارتا بعد وفاتها بعامين سنة ٢٠٠٣ ، و نشر أول مرة باسم مجهول عام ١٩٥٤ و اعتبره الألمان وقتها إهانة لشرف الألمانيات .
أظن أننا بحاجة لكثير من الوثائق الإنسانية لنضعها بوجه هذا العالم ،، الكثير الكثير من الأقلام التي تكتب بصدق معاناة الإنسان من الإنسان
مارتا هيلرز هي المجهولة التي وثقت بشكل موضوعي واقعي ثمانية أسابيع في برلين أثناء اجتياح السوفييت لها .
بدأت مارتا هيلرز بتسجيل مذكراتها بشكل سري من ٢٠ أبريل و حتى ٢٢ حزيران، تتصاعد المذكرات من بدء دخول السوفييت برلين و قصفهم للمدينة ، هروب الناس إلى الملاجئ و صراعهم من أجل البقاء ، مختصرين كل الغرائز الإنسانية في غريزة واحدة هي الجوع.
هيلرز كانت تعرف الروسية كونها سافرت قبل الحرب عدة دول من بينها روسيا، و تبدأ حكايتها حين تحاول إنقاذ بعض النساء من الروس الذين وجدوا بنساء الألمان غنائم حرب ، لتكون ضحية لاغتصاب جماعي لاثنين من الإيفان ( تسمية للروس تدل على التحقير ) ، و بعد أيام تقع ضحية اغتصاب ثاني.
تقرر هيلرز في هذه اللحظة أنها ستختار من يحصل عليها و تبحث عن ضابط روسي قد يحميها من الاغتصاب الجماعي إضافة إلى " النوم مقابل الطعام ".
" في الماضي الحرب و الموت كانا يصنعان أشياء خاصة ، من الآن فصاعداً أنا سأقرر من سيحصل علي "
و عندما يصبح التجول متاحاً في المدينة و تلتقي النساء كان السؤال هو " كم مرة ؟ " و المقصود به كم مرة تم الاغتصاب .
و عندما تقدم مذكراتها هذه لحبيبها التي انتظرته طويلاً ، يرفض تعرضها للاغتصاب و يتخلى عنها.
الكتاب واقعي جداً و صادق من غير أسلوب أدبي أو روائي ، حقيقي لدرجة كبيرة، كتب بشكل حيادي واضح ،كشفت فيه مارتا طبائع الألمان و السوفييت ، اختلافاتهم .. حياة النساء في تلك الفترة القاسية ، الصراع من أجل البقاء.
و يلاحظ في الصحفية أيضاً ترفعها عن وصف الانتهاك بشكل مفصل ، حيث تجد بكلمة اغتصاب جماعي أو اغتصاب لوحدها ما يكفي لتصوير البشاعة التي تعرضت لها مع النساء الأخريات ، أو ربما تجاهلت الوصف الكثير لعمليات الاغتصاب بسبب الخوف كنساء مما بعد الحرب .
" الاغتصاب في كل مكان و نحن نساء علينا أن نبقي أفواهنا مغلقة و إلا لن نجد من يلمسنا ثانية "
ثم أنها تجد في الاغتصاب الجمعي تبريراً منطقياً لتخفيف وقع الصدمة على النساء ككل، حيث يكون العلاج جمعي أيضاً بالحديث عن التجارب القاسية بين النساء .
(( مثل هذه القصص لا يمكن أن تتخيلها أو تبتكرها، إنها الوحشية الطاغية للحياة، فعل الغضب الأعمى للقدر. ))
مع كل التفاصيل المتعبة و المؤلمة لا تجد في الرواية أية كراهية من الصحفية تجاه السوفييت، كما لا يوجد لهجة انتقام أو عداء، ترى هيلرز كل ما حصل هو كنوع من العدالة بعد ما فعله الجنود الألمان في روسيا، أو ربما بسبب موت و انعدام الإحساس الذي خلفته الحرب بدأ شعور الكراهية يختفي.
رأي:
في هذا الكتاب تصور هذه المرأة موت الإنسانية حتماً، تعود الإنسان على رؤية فظائع الأمور دون أن يوخزه ضميره ، قدرة الناس على التأقلم مع كل الأفعال المنافية للذوق الإنساني.
يذكرني تسلسل الأحداث برواية "العمى " ل جوزيه ساراماغو بتلك المرأة المبصرة التي كانت ترى كل انتهاكات البشرية التي ارتكبها العميان بدون أية ضوابط فكان عذابها مضاعفاً، كانت مجهولة أيضاً.
ربما الحروب تكشف الوجه الحقيقي للإنسان أو تخلق له هذا الوجه الذي سيحارب به العالم ليبقى، أو أن سيكولوجيا البشر قريبة للميل نحو تسليط الغرائز و عدم الانضباط كلما أتيحت لها الفرصة ، تتوحش عندما يتاح لها فوراً ، و ربما السبب ما ختمت به مارتا مذكراتها القاسية.
" ما أعرفه كله أني أريد أن أظل على قيد الحياة ، ضد كل منطق و عقل، مجرد أن أعيش مثل حيوان "
الكثير من معاناة امرأة شابة لم تضعه أمامك ربما رغبة منها بالحفاظ على قوتها حتى النهاية ، حتى انتهاء الحرب .. المرأة المليئة بالصور التي كانت تضع رأسها على المخدة و تبكي و هي تسمع بيتهوفن .
التي عضت يديها و احتضنت الوسائد و تمنت الموت بعد لحظات من كونها جسد يغتصبه ويتناوب عليه جنود الحروب.
ملاحظة :
نشر الكتاب بالاسم الحقيقي للصحفية مارتا بعد وفاتها بعامين سنة ٢٠٠٣ ، و نشر أول مرة باسم مجهول عام ١٩٥٤ و اعتبره الألمان وقتها إهانة لشرف الألمانيات .
أظن أننا بحاجة لكثير من الوثائق الإنسانية لنضعها بوجه هذا العالم ،، الكثير الكثير من الأقلام التي تكتب بصدق معاناة الإنسان من الإنسان
Sign into ŷ to see if any of your friends have read
امرأة في برلين.
Sign In »
Reading Progress
Comments Showing 1-3 of 3 (3 new)
date
newest »

message 1:
by
Khloud
(new)
-
added it
Jun 29, 2017 11:51PM

reply
|
flag

الأمر المستغرب أن هذا الكتاب ليس مشهورًا بصورة كافية!