ŷ������

"أعرف أن المرء حين ينظر إلى الأمور من بعيد، ولا يكون غارقاً فيها، يُصبح من اليسير عليه أن يقول ما هو الخطأ وما هو الصحيح. أما عندما يكون المرء غارقاً حتى أذنيه في المشكلة (وقد حدث لي ذلك مرات كثيرة)، فإن الأمر يختلف، والتوتر يختلف، وتبرز قناعات عميقة، وتضحيات لا مفر منها، وتنازلات قد تبدو غير مفهومة بالنسبة لمن يُراقب الموقف وحسب."

رُبما ذلك هو أقرب وصف للرواية على لسان ابن البطل، فأنا -وبكل صراحة- لم أجد في البداية ما يجذبني في الرواية أو تلك المُذكرات التي خطها بطلنا.. ولكنه ببطئ ولكن بثبات وضعني داخل حياته.. شعرت بتلك الأيام الأخيرة لموظف في الخمسين من عُمره.. ذلك الذي وجد نفسه يقع في الحُب.. لفتاة تبلغ نصف عمره فقط!
فكيف لقلبيهما أن يلتقيا؟ بكل بساطة تلاقت الأرواح أولاً.. فأصبح كُل شيء مُمكناً بعد ذلك.

فتحول ذلك الملل الذي رصدته في أول الرواية وحتى مُنتصفها إلى نوع من الألفة، من الحميمية، وكأن أحد أقاربك يحكي لك حكاياته.. نصف قرن قد عاشه، يتخلله الحب والزواج والأبناء والعمل الروتيني ويعصر كُل ذلك ويقدم لك عصير الحياة. ووجدت نفسي أقرأ أحد ألطف المشاعر على الإطلاق وأدقها.. لم أقرأ من قبل وصف دقيق لمشاعر بمثل هذه العذوبة والجمال.. كان يُحاول أن يصل إلى تلك الهُدنة.. مع نفسه.. مع روحه.. مع حبيبته.. مع أولاده.. مع عمله.. ومع ربه.. يُريد أن يرتاح فقد أنهكه الفقد، والموت.

ختاماً..
رواية لم أكن أتصور في بداياتها أن تعجبني حقاً، ولكن النصف الأخير كان بمثابة طوق النجاة لما فيه من جمال، وبالطبع النهاية السوداء كالحياة التي وضعها الكاتب.. فلو تمكنت من الصبر على أولها.. فبكل تأكيد ستحب الجزء الثاني ومُجملاً سيكون عملاً جيداً لتقرأه.