ŷ������

"جدير بالذكر أن هذا العمل كُتب ببطء ، ببطء رجل تحرر من ضيق الوقت ، إنه عمل مغرق في الفلسفة ، فلسفة مغايرة، تتسم بالزهد حيناً ، وباللهو حيناً ، شئ لا يبني ولا يهدم ، لا يبعث على السخط ولا الرضا وعلى الرغم من ذلك فهو أكثر من هواية وأقل من رسالة رسول "

حين يكتب شخص ميت عن حياته فهو ليس في حاجة للكذب والمداراة ولا يرغب منا في التصفيق له بل هو يعرض لنا كل شئ بعفوية وصدق وصراحة وسخرية أيضا ويشارك ويتحدث مع القارئ ويتوقع مشاعره ويخاف من شعوره بالملل او يبلغنا ان هذا الفصل كئيب فلن يكتبه او بعتذر عن كتابته بهذه الكآبة أو يبلغنا انه لن يكتب هذا الموقف او ذلك او لن يتعمق في الحديث عن موقف ما..

تبدا الرواية او مذكرات براس كوباس بهذا الإهداء المختلف :
" إلى أول دودة
تنهش لحم جثماني البارد
أهدي هذه المذكرات ،
التي أكتبها بعد الموت،
كالذكرى المفعمة بالحنين"

يتبعها مقدمة من الكاتب البرازيلي ماشادو دي أسيس يقدم لنا كاتب المذكرات ثم مقدمة كتبها براس كوباس بطل الرواية الميت وكاتب المذكرات ليخبرنا انه يدون هذه المذكرات من العالم الآخر..
يبدأ الجزء الاول من الرواية بشكل غريب يجعلني اتساءل عما سوف تحمله هذه الرواية ثم تأخذ الرواية شكل آخر حين يبدأ براس كوباس الحديث عن حياته منذ مولده بكل الاحداث التى مرت بها طفولته ومراهقته وحياته ومن مر بها من شخصيات واحداث حتى وفاته ..



قصة الرواية في حد ذاتها قد تكون عادية وليست مميزة لكن المميز حقاً كان أسلوب الكتابة ...فالكاتب يقدم لنا الكثير من التشبيهات الرائعة بأسلوب جميل غير متكلف مع إدخال بعض السخرية الخفيفة أحيانا،والفلسفية أحيانا التي زادت في الجزء الاخير وكانت ثقيلة على نفسي. بجانب كما ذكرت جزء الحديث مع القارئ وإشراكه في الرواية احيانا أخرى ..

"إن هذا الكتاب ينطوي على عيب خطير ، وصارخ. إن شر مواطن القصور في هذا الكتاب هو أنت ، أيها القارئ. لأنك تستعجل التقدم في العمر ، اما هذا الكتاب فيمضى ببطء . تحب السرد المباشر المتصل ، الأسلوب الاعتيادي الانسيابي ، اما هذا الكتاب ، وأسلوبي في الكتابة ، فهما كالمخمورين ، يترنحان يمنةً ويسرةً ، يسيران ، يتوقفان ، يغمغمان ، يصرخان ، يقهقهان ، يتوعدان السماء ، تزل أقدامهما ، ويسقطان ... ويسقطان !"



أسلوب الرواية جميل .. فرغم انى كنت اتساءل طوال قرائتي عن فائدة الرواية أو ما يرغب في قوله البطل والكاتب الا انى كنت مستمتعة بالأسلوب وطريقة السرد رغم انى كنت متخوفة منه ومن الجانب الساخر في الرواية لكن اكتشفت انها مكتوبة بأسلوب جذاب ومختلف فأعجبتني الرواية وأتمنى القراءة مرة أخرى للكاتب.
��
‏ورغ�� ان الرواية مكتوبة عام ١٨٨١ إلا انى لم اشعر ان الرواية قديمة بهذا الشكل فالأسلوب وطبيعة الرواية لا يوحي بأن الرواية قديمة .

وطبعا شكرا لمارك جمال على الترجمة الرائعة ��
وبكتب تحية برضه لمصمم الغلاف وخاصة اختيار اللون حبيته ��



قراءة مشتركة مع ابن اخي الحبيب احمد نور الدين ��.

١٨ / ٣ / ٢٠٢٣