ŷ

Mona's Reviews > وعاظ السلاطين

وعاظ السلاطين by علي الوردي Ali Al-Wardi
Rate this book
Clear rating

by
11212358
's review

really liked it


" فتنة طهر الله منها سيوفنا و أيدينا فلا نخوض منها بألسنتنا "


لعل هذه الفتوة هي أول ما افتى بها وعاظ السلطان , انها دعوة لكم الأفواه و اغضاء الطرف و اهمال العقل و المرور بالقضايا الحساسة و نحن " ماشيين الحيط الحيط " فلا عجب إذاً أنها ظهرت مع بداية ظهور أول ملك يحكم باسم الله .

كتاب أحدث في عقلي ما يشبه اعصاراً صغيراً اختلطت بعده كل الأوراق و تم ترتيبها من جديد , فأنت حين تتابع أحداث التاريخ من منظور علي الوردي , يكون له وقع أخر .
الاختيار الموفق لاسم الكتاب " وعاظ السلاطين " يخبرك أن الكاتب حين ينقد الوعاظ و الدين الذي يمثلونه فهو انما ينقد الدين المستأجر الذي يستخدمه الطغاة , لا الدين الذي أتى به نبينا المنذر . لذا قبل الخوض في هذه النوعية من الكتب عليك أن تحدد ثوابتك , من هو المطلق و من هو المتغير بالنسبة لك . اعرف الحق تعرف اهله , و اعرف الباطل تعرف اهله . حين تضع هذه الحقيقة في رأسك ستتمكن من قراءة الكتاب بموضوعية دون أن يثير فيك نفوراً أو استهجاناً .

بأسلوب سلس و ممتع و جريء و ثري و مثير للإنتباه يحلل الكاتب الوقائع التاريخية بمنظور عقلاني و يقيسها بمنطق واقعي لا يعبر إلا عن وجهة نظر الكاتب و قد يحتمل الصواب و الخطأ . إلا أن الكتاب يتيح لك مساحة من التفكير و التأمل . فالكاتب يبدأ أولاً بطرح البديهيات ثم ينتقل لطرح الأحداث التاريخية الشائكة و طرقها من زاويتين مختلفتين و يقدم وجهتي النظر المتضادتين و كأنه يستدرجك بلطف لاستخلاص رأيك الخاص بعد التفكير . يدفعك للتأمل في تاريخنا الذي اعتدنا أن نقرأ عن أمجاده و انتصاراته . نحن لم نبحث يوماً عن الناحية الاجتماعية الملاصقة للتطورات السياسية , لذا جاء فهمنا منقوصاً مبتوراً لم يمكنا من استخلاص العبر و تعلم الدروس . تاريخنا المشرف انتهى بانتهاء الخلافة الراشدة , و ما اتى بعده لم يكن الا امبراطوريات و دول استغلت الاسلام و المسلمين باسم الله , الا ما ندر . فالدول التي ستقام باسم الاسلام ستقام على اساس انه دين ورسالة ومبدأ لعمارة الأرض و تحقيق العدل لا لإنشاء كسراويات غنية و قوية تستبيح الأخضر و اليابس .

فاذا سلمنا بأن التاريخ يستنسخ نفسه , و اذا سلمنا بأننا كمجتمع مسلم لم نرتقي درجة واحدة أو نتقدم خطوة واحدة بعد كل الفتن التي مررنا بها . و إذا سلمنا بأن الاستبداد السياسي , مع تغير الأشخاص و الأسماء , لا يزال مرتبط بالدين . و لا يزال وعاظ السلاطين يغضون الطرف عما يقوم به هؤلاء من ظلم ونهب وترف , و لا يصبون اللعنات الا على الشعب الفقير المعتر . و إذا سلمنا بأننا نقرأ التاريخ بحيث يكون الحق جلي واضح , و الشر جلي واضح لا لبس بينهما . اذا سلمنا بكل ما سبق نستنتج أن قرأتنا للتاريخ ينقصها العمق و الفهم ربما كون التاريخ لا يكتبه إلا المنتصرون فهو يصلنا مبتوراً ناقصاً . فإذا لم نقرأ التاريخ بعيون جديدة تهدم أوثان كل عظماء التاريخ التليد , و إذا لم نخلع النظارة التي ألبسوها لنا , فإننا لن نسير إلا في نفس الطريق الذي ساروا فيه . لن نستخلص من التاريخ عبراً لفهم واقعنا المعاصر ثم المضي قدماً للمستقبل المشرف .
أتفق مع الكاتب في كثير من النقاط و أختلف معه في كثير . في الحقيقة اذا اتبعت نظرية علي الوردي التي يطرحها في كتابه على كتابه ستستنتج أنه ليس المطلوب منك الموافقة على كل ما كتب ، بل ابحث و ناقش و تأمل ثم توصل لنظريتك الخاصة المستندة الى الادلة التي ترتاح لها .

مآخذي على الكتاب :

- الحيادية التي توخاها الكاتب نالت في بعض الأحيان من عصمة نبينا محمد. و بما أنني مسلمة عن اعتناق لا بالوراثة فالمطلق الذي يحد تفكيري هو الله و قرأنه و نبيه و سنته الصحيحة .
- استشهاد الكاتب بأحاديث موضوعة أو ضعيفة , و بروايات تاريخية لم تثبت صحتها لتدعيم فرضياته في النفس البشرية , يدل على جهل أو تجاهل بعلم الحديث وعلم الرجال اللذين بهما تًعرَف أحداث التاريخ ويحدد صحيحها من مكذوبها . ما أفقد الكاتب بعض المصداقية .
- استشهد الكاتب بمصادر مشكوك بمصداقيتها , بالنسبة لي على الأقل , كطه حسين و جرجي زيدان و محمد عبده . والاستدلال بالضعيف من القول لبناء نظرية ما يفقد الكاتب العمق وتوخي الحقيقة .
- استخدم الكاتب ألفاظ غير لائقة و لا تتناسب مع الكتاب باعتباره بحثاً علمياً , كوصفه السلطان العثماني بالحمار بن الحمار !


#تحديث2019#
قرأت هذا الكتاب في 2012 وأجزم أنه كان أول كتاب هز الكثير من ما كنت اعتبره ثوابت ، وما أصبحت عليه الآن بدأ معه (بطريقة او بأخرى )
الان تغير لدي مفهوم "السنة الصحيحة" بالكلية، وأصبح محمد عبده شخصا عظيما وأصبح طه حسين كاتبا أحتاج أن أقرأ له مرة أخرى ولا يزال جرحي زيدان كاتبا غير موثوق!

كنت جريئة كفاية لأكتب عبارة"جهل او تجاهل" في تقييمي لكتاب لعلي الوردي!

وتمر الأعوام على الكتب!

21 likes · flag

Sign into ŷ to see if any of your friends have read وعاظ السلاطين.
Sign In »

Reading Progress

October 29, 2012 – Shelved
Started Reading
October 30, 2012 – Finished Reading

Comments Showing 1-6 of 6 (6 new)

dateDown arrow    newest »

 Paradise ~ Musk جميل ما كتبتِ ، تقريبا ما وددتُ قوله ذكرتهِ أنتِ :)


Mona Paradise ~ Musk wrote: "جميل ما كتبتِ ، تقريبا ما وددتُ قوله ذكرتهِ أنتِ :)"

شكراً لمرورك :)


message 3: by Amal (new) - added it

Amal حمستيني اقرأه ، ماقرأت من قبل هالنوعية من الكتب وشكرا لتحليلك بستفيد من ارائك بالكتب :)


Mona Amal wrote: "حمستيني اقرأه ، ماقرأت من قبل هالنوعية من الكتب وشكرا لتحليلك بستفيد من ارائك بالكتب :)"


شكراً أمل :)
الكتاب كتير مفيد و ممتع , انا استفدت منه كتير


message 5: by Alijwad (new) - added it

Alijwad مادامت لك ثوابت وخطوط حمر وحواجز فكرية وتابوات فلا اعتقد ان هذا النوع من الكتب ستناسبك لأن علي الوردي يكتب لمن يتجرأ على هدم اسوار الماضي واختراق الخطوط الحمراء .


Mona عذرا اخ جواد ..وهل يوجد على البسيطة انسان ذو عقل لا يملك ثوابت ؟
او هل يمكن لانسان أن يكون حيادي ومتجرد تماما من كل منظومته الفكرية ؟
اتمنى ان تراجع كتاب مهزلة العقل البشري لعلي الوردي لتفهم مقصدي بشكل أوضح .


back to top