ŷ

Amel El idrissi's Reviews > ترمي بشرر

ترمي بشرر by عبده خال
Rate this book
Clear rating

by
15035925
's review

liked it
bookshelves: الضاد-الروائية

إنها أولى قراءاتِي للكاتب " عبده خال " و التي جعلتني أتساءل : هل الكاتب يكون صاحب قضية أم أنه يبيع القضية تحت مُسمياتِ الحبكة و السرد ؟؟ .
الرواية بشكل عام هِي أقرب إلى اعترافاتٍ منسية لرجل شاذ ، كان عصا تأديبٍ لأحد الشيوخ الملكية فِي السعودية ، و التأديبُ هنا يعنِي أن يُطارح " طارق " كل من يستقدمه صاحب القصر من رجال خرجوا عن طاعتهِ أو زاحموه فِي صفقة مالية أو من يلهثون خلف شهوة لوطية تحتشدُ لها ثلة من وجهاءِ البلد ، لتتلذذ بمنظر المضاجعة الخارجة عن المألوف كنوع من تخدير الواقع ، أو كفتنةٍ جديدة ستخبو لتأتي أخرى تحصد أرواحًا و لهاثًا جديدا و مقنعًا .
إن أردنا أن نتحدث عن بناءِ السرد الروائي من منطق نقدِي فإنه كان يتضمن عثراتٍ عدة ، ف " عبده " كان متزاحمًا بكلماتٍ و عباراتٍ طويلة أراد لها أن تصل فورًا لقارئها ، و بالتالي لم يحترم حلزونية المشاهد و لا تداخلات الحوارات ، فتجد أن هناك عبثية و بعثرة في الوقائع بين الماضي و الأمس صيغت بشكل عشوائي و غير مهندم ، فالبطل " طارق " مرة يجر نجواه نحو الحي " النار " الذي انطلق منه صوب " الجنة / القصر " ، و مرة يُوضح الخلافات المستترة خلف حصن الحيطان المسورة بالجند و كلاب الحراسة ، و مرة يعود لنفسها النقطة مرارا فتكرارا إلى أن تقف مستغربًا إذا ما الشخصية أو كاتبها كان ثملا و هو يعج بهذه المسوغاتِ الأمسية !!
هناك من يعيبُ على الكاتبِ نهجه في الكلماتِ السوقية ، و لكن القارئ الجيد هو من سوف يتفهم هذا الوضع حين ينتهي من هذا الكتاب ، ليجد أن الشخصيات تكتظ بالقذارة الأخلاقية و الجسدية ، و أن البيئة حتمت تدميغ مثل هذه الحوارات السوقية ليظهر معدن القصة ككل ، فأبدا لا يمكن أن نتحدث بشكل مهذب عن موسم تكاثر الذبابِ على الأكل العفن ، لأنه بهكذا لغة سنكون أولا نغالط المشهد الحقيقي و نتبنى خيالًا كاذبًا يجعل قطيعة بينه و بين المتلقي الذي يتلمس أولى خطواتِ البهتانِ فتنفر نفسه عن استدراج التكملة لما لها من أهلية خداع .
لذلك فأنا مع الكاتب في مثل هذا التبني ، أصبغ اللوحة بالأسود إن أردت أن توضح للأعمى شكل السماء نهارًا و لا تستغفله بالمديح عن جمالية الشمس و غبارها .
لكن ما لا أتفق معه هو تلك المغالطات في بعض الحقائق ، ف " طارق " الأداة اللوطية للسيد كان في كل فصل لا ينفك يُعيد سيرة تمرغه في الوحل نتيجة عمته " خيرية " و لسانها الحاد ، و كأنه يُحاول أن يُوصل للقارئ فكرة التنشئة الأولى و آثارها على التكوين المستقبلي للإنسان ، ناسيًا أنه ليس عذرا أن تكون شيطانًا إن كنت من نسل الشر ، و لا كان الفقر مدعاة لأن يُصبح الجسد نسغًا مُباعًا و رخيصًا في سوق الدعارة و التكميم الجنسي ، كلها أسباب سخيفة جدا تُعالج كمشجب لتبرير كل تلك اللاأخلاقيات التي يغرق فيها الإنسانُ بغض النظر عن انتماءاتهِ الدينية و الاجتماعية و الفكرية .
تحدث الكاتب باستفاضة عن جرائمِ سيد القصر و عن الانتكاساتِ المالية في سوق البورصة ، و عن الأداة الذكية التي كانت تُعقد فخاخها إلى الفجر في قاعاتٍ فخمة و تحت أنين الطرب و تمايل الخمر و الأجساد ، لتغرق السوق في كسادٍ و تُفرغ جيوب العامة و تضع على ظهورهم ديونًا لا ينفكون يسددوها حتى و هم بالقبر ، سياسة الاستغباء السياسي / المالي السائدة في أغلب المجتمعاتِ العربية و حتى الغربية ، و أشار في آخر الرواية كفصل مستقل عن اللقيا التي جمعته بصاحبِ القصة الحقيقي ، و الذي نافحه عن رغبة جامحة فِي رواية أحداثِ سنواتٍ عدة مرت تحت الصمت ، و لم يجد حرجا و لا وجلا في همس أنه سيقتل ذاك الشيخ مهما طال الزمن .
السؤال هنا : إن كان " طارق " على مدى كل تلك السنواتِ التي حاصرته فيها قيود السيد كان رعديدًا ، و قام بعدة أدوار مستهجنة من تعذيبِ عمته و فصل لسانها عن محجره ، و تجويعها و تحويلها إلى عفريتٍ شيطاني متمرد ، و مضاجعتهِ لأختهِ من الأب دون أن يُدرك ذلك ، و رفضه التام زيارة أمهِ إلى أن وارتها الحجارة العالم الآخر ، و هروبه من دم " تهاني " حين استباح عذريتها فكانت جريمة الشرف هي آخر ما خطت قدماها صوب حبكتها ، و النميمة و فضح أسرار أصحابهِ ليموت من يموت منهم مجنونًا أو مداسًا ، " طارق " هذا أفقط واتته الجرأة أن يتقول ما قاله أول مرة صادف فيها كاتبًا سعوديا مشهورًا ، غير عابئ بأن يصل لمسامع سيده أنباء الرواية الفاضحة ، لتطاله يد التعذيب ؟؟ أو يُرمى تحت وابل أشرطة الفيديو المصورة التي تُجرمه !!
يبدو الأمر في رمته باهتًا و فيه نوع من الافتراء الغير مُبين ، و هو الشيء الذي غافله " الكاتب " أيضا و مرره سريعًا حتى لا ينتبه القارئ لهذه النقطة ، و ينظر إلى جهة المآسي التي تحتوي عليها دفتي هذه المحكية القذرة من قلبِ قاع البلاد العربية " الطاهرة " .
لذلك سآخذ ما استرعى انتباهي في هذا الكتاب ، الفساد .. هذا الغول الذي يُصبح مُستشري في فصائل المجتمع بشكل سرطاني غير قابل لا للاستئصال و لا للقتل ، فكل الروابط تُبايعه بدءً بالطبقة الكادحة غير انتهاءٍ بمُلاكي البلادِ و قوادها ، فرواية " ترمي بشرر " هي النزر القليل لما يحدث في عتمةِ الوطن من انتهاكاتٍ جنسية و أموال تُبيض و تروج و تجعل المواطن البائس يزداد فقرا ، و يترك مساحة شاسعة لأعيان الطبقة المخملية لأن تحرث الملايير و تبتلع الواجهات البحرية لتضمها لميراث أبنائها و حفدتها ، و يُصبح الوطن إجمالا صك جد لابنهِ ، و الآخرون المذلون يُمسون عبيدًا فبمكالمة واحدة يُمكن أن تضيع حيوات دون أن ينتبه إليها أحد ، كل شيء طاله الفساد القضاة / الأطباء / المهندسين / أكاديمية الدراسات العليا و البحوث / السياسة / وزارة السياحة و البناء / البنوك / العقارات إلخ ..
أنت هنا في بقعة غير طاهرة حتى و إن وضع الرب بيته هناك ، فليس هناك أمن و ليس هناك وازع أخلاقي و ليس هناك من يقوى الوقوف أمام الشيطان الأكبر و هم مشايخة الحكم و سلاطينه ، أولئك الذين ظنوا أنهم ورثوا الناس و لهم الحق في إتيان حرثهم أنى شاء بهم الكبت .
فالكاتب أو الراوي أتى على نقطة صادمة و حقيقية جدا ، فوالد سيد القصر هو أيضا كان يعشقُ مشاهدة الممارسات اللوطية ، و كان له جلاده الخاص و نساءه الداعرات ، و عصاه التي تصل إلى أبعد مما قد لا تتخيله المبادئ الإنسانية الحقة ، فذاك الغصن من تلك الشجرة ، و هذه الأخيرة فاسدة جذرا عن جذر و ليس هناك صيغة واحدة قابلة لأن تواطئ الحق بهيكله ، و بالتالي نحصل على الواجهة المزيفة ، نجد التدين و اللحى و التبرعات المادية و الخطب العملاقة و العبيد تسجد لواهبِ الثراء تبجيلا ، لكن في الخفاء � ليس خفاءً بمعنى الكلمة فالأقنعة سقطت مُذ زمن و لكن لا أحد يجرؤ على الإشارة بأصبعه نحو بشاعةِ الوجوه � تتكاثر طفيليات الشر و الحقد و التدليس و المضاربات بالعري و الفحشاء ، تتحول القصور و الفيلات الضخمة إلى واحة من رقص تدجيلي ، و لعمرك لن ترى وجها بشريا إلا و قد تضمخ بحلكة السوءاتِ و أمسى بعيدا جدا عن الرب و الكعبة .
" عبد الخال " وُفق في اختيار عنوانه ، و لكن الخارج من أحداث الرواية سيجد أنه حتى المفردتين المقتبستين من الآية القرآنية تقريعا و هولا ، لن تصفا البشاعة التي يحتويها المجتمع الإنساني المنقب بالتدين و العاري بماء العفن السفلي للجحيم .
و هنا أصل لسؤالي في مقدمة الحديث : هل " عبده خال " و هو يقص هذا الواقع سواءً كان من لدن لسان أراد الاعتراف أو من لدن محادثاتٍ جرت بين أناس عدة في مجمع ما أو بين حضن امرأة كانت تنتمي مرة إلى نساء القصر ، هل كان هذا الكاتب صاحب قضية أم كان صاحب شهرة !!

description
13 likes · flag

Sign into ŷ to see if any of your friends have read ترمي بشرر.
Sign In »

Reading Progress

December 2, 2012 – Shelved
October 31, 2014 – Started Reading
October 31, 2014 –
page 130
31.25%
November 4, 2014 –
page 233
56.01%
November 5, 2014 –
page 340
81.73%
November 7, 2014 –
page 416
100.0%
November 7, 2014 – Shelved as: الضاد-الروائية
November 7, 2014 – Finished Reading

Comments Showing 1-2 of 2 (2 new)

dateDown arrow    newest »

khadija j'attends ta chronique !


Amel El idrissi ها هو قد كُتب


back to top