عبدالل ناصر's Reviews > التائون
التائون
by
في التائون أستلهم فترة شبابي بتصرف شديد، فقد عشت تلك الفترة من شبابي مع أصدقاء يؤمنون بعالم أفضل. هكذا يقول أمين معلوف و قد كنت و مازلت مغرماً بالسير الذاتية و التخييلية على حدٍ سواء. لطالما كنت مؤيداً للرأي الذي يتبناه القصيبي إذ يعتقد أن في جعبة كل شخص حكاية واحدة على الأقل تستحق أن تُروى مشيراً إلى السيرة الذاتية. و لكن هذا الكتاب الذي يتألف من 555 صفحة ليس كما يبدو للوهلة الأولى. آدم الشخصية الرئيسية في العمل و الذي يحمل شيئاً من معلوف قد غادر إلى باريس في شبابه و اشتهر صيته كمؤرخ. و الاسم هنا يحمل أكثر من دلالة. في الصفحة الأولى تخبرنا مذكرات آدم أنه آخر السلالة و تقتضي مهمته المقيتة كما يقول بالتعرف على ملامح أحبته ثم الإيماء برأسه لرد الغطاء عنهم! هناك راوي و مذكرات آدم و آدم نفسه و مراسلاته مع الأصدقاء الذين تاهوا منذ زمن بعيد.
يتلقى آدم اتصالاً ليلياً متأخراً - الاتصالات المتأخرة و المبكرة تدعو للقلق - من تانيا تخبره أن صديقه المقرب مراد يعيش ساعاته الأخيرة. يركب الطائرة متردداً فقد انقطعت أخبارهما كما هو الحال بالنسبة للوطن الذي لا يفتقده على ما يبدو فلم يكن يفكر في العودة على الإطلاق. يفكر في الطائرة في معنى التوبة المتأخرة - بعد فوات الأوان فقد تلوثت يد مراد حتى بلغ منصباً كبيراً. في الوقت الذي كانت تطارده تهمة الهروب - و قد استفاض بكل روعة في الحديث عن المهجر -. يجتمع الأصدقاء بعد شتات كبير. كان قد رحل بلال و أحلامه الأدبية الكبيرة حين قرر أن يكتب على طريقة همنقواي و أورويل و مالرو بعد أن خاضوا الحرب و لكنه يسقط مع أول قذيفة. ألبير بدوره يفضل الانتحار و لكن الواقع أغرب من الخيال كما يقول المثل الفرنسي لأنه سيختطف قبل ذلك! نعيم العربي اليهودي يهاجر إلى البرازيل. سميراميس تجعل من بيتها فندقاً و هناك من يحقق ثروة هائلة في الخليج، هناك أيضاً من يعرض عن الدنيا ليجد راحته في دير مهجور. أمين لم يغفل شيئاً أبداً، تحدث عن المهجر و الغربة و الهوية و الانتماء و صراع الحضارت - و هذه مواضيع محببة للكاتب - و الدين و العرب و ماضيهم و حاضرهم كما تحدث أيضاً عن الطائفية و الحب كذلك ، كل هذا بغاية الفن و الروعة. الرواية عملاقة و تستحق القراءة بتروّي و تمعّن. ثمة أجوبة و نبؤات و حقائق و فن - الكثير من الفن.
by

في التائون أستلهم فترة شبابي بتصرف شديد، فقد عشت تلك الفترة من شبابي مع أصدقاء يؤمنون بعالم أفضل. هكذا يقول أمين معلوف و قد كنت و مازلت مغرماً بالسير الذاتية و التخييلية على حدٍ سواء. لطالما كنت مؤيداً للرأي الذي يتبناه القصيبي إذ يعتقد أن في جعبة كل شخص حكاية واحدة على الأقل تستحق أن تُروى مشيراً إلى السيرة الذاتية. و لكن هذا الكتاب الذي يتألف من 555 صفحة ليس كما يبدو للوهلة الأولى. آدم الشخصية الرئيسية في العمل و الذي يحمل شيئاً من معلوف قد غادر إلى باريس في شبابه و اشتهر صيته كمؤرخ. و الاسم هنا يحمل أكثر من دلالة. في الصفحة الأولى تخبرنا مذكرات آدم أنه آخر السلالة و تقتضي مهمته المقيتة كما يقول بالتعرف على ملامح أحبته ثم الإيماء برأسه لرد الغطاء عنهم! هناك راوي و مذكرات آدم و آدم نفسه و مراسلاته مع الأصدقاء الذين تاهوا منذ زمن بعيد.
يتلقى آدم اتصالاً ليلياً متأخراً - الاتصالات المتأخرة و المبكرة تدعو للقلق - من تانيا تخبره أن صديقه المقرب مراد يعيش ساعاته الأخيرة. يركب الطائرة متردداً فقد انقطعت أخبارهما كما هو الحال بالنسبة للوطن الذي لا يفتقده على ما يبدو فلم يكن يفكر في العودة على الإطلاق. يفكر في الطائرة في معنى التوبة المتأخرة - بعد فوات الأوان فقد تلوثت يد مراد حتى بلغ منصباً كبيراً. في الوقت الذي كانت تطارده تهمة الهروب - و قد استفاض بكل روعة في الحديث عن المهجر -. يجتمع الأصدقاء بعد شتات كبير. كان قد رحل بلال و أحلامه الأدبية الكبيرة حين قرر أن يكتب على طريقة همنقواي و أورويل و مالرو بعد أن خاضوا الحرب و لكنه يسقط مع أول قذيفة. ألبير بدوره يفضل الانتحار و لكن الواقع أغرب من الخيال كما يقول المثل الفرنسي لأنه سيختطف قبل ذلك! نعيم العربي اليهودي يهاجر إلى البرازيل. سميراميس تجعل من بيتها فندقاً و هناك من يحقق ثروة هائلة في الخليج، هناك أيضاً من يعرض عن الدنيا ليجد راحته في دير مهجور. أمين لم يغفل شيئاً أبداً، تحدث عن المهجر و الغربة و الهوية و الانتماء و صراع الحضارت - و هذه مواضيع محببة للكاتب - و الدين و العرب و ماضيهم و حاضرهم كما تحدث أيضاً عن الطائفية و الحب كذلك ، كل هذا بغاية الفن و الروعة. الرواية عملاقة و تستحق القراءة بتروّي و تمعّن. ثمة أجوبة و نبؤات و حقائق و فن - الكثير من الفن.
Sign into ŷ to see if any of your friends have read
التائون.
Sign In »
Reading Progress
Started Reading
January 1, 2013
–
Finished Reading
January 3, 2013
– Shelved
Comments Showing 1-19 of 19 (19 new)
date
newest »








في الحقيقة لست من عشاق معلوف و الكتب التاريخية إجمالاً لولا أن " التائون " أقرب إلى السيرة الذاتية - و هي كتب لا أقاوم فضولي نحوها - و لهذا وقع الكتاب في نفسي موقعاً حسناً و قد أجاب على بعض تساؤلاتي القديمة حول الوطن والهوية.
أعتذر على التأخير، لم أنتبه حتى الآن
وكيف تجدها