ŷ

عماد رشاد عثمان's Reviews > ممتلئ بالفراغ

ممتلئ بالفراغ by عماد رشاد عثمان
Rate this book
Clear rating

by
18512958
's review

(Review from the author)

هو الكتاب الذي اقترض مني عنوة زمنًا، فكُتِب على مدار أربعة أعوام أو أكثر، كان أخيرها هو الأكثر تركيزًا وإرهاقًا

كثيرًا ما كرهته، وكرهت قرار كتابته، وكثيرًا ما شعرت بالتورط، وكأنني محاصرٌ في مستنقع ذلك لا أملك قوة أو اتجاهًا للخروج!
وفي النهاية أحببته كما لم أحب شيئًا كتبته قط، ففي عادتي أني لا أقرأ شيئًا كتبته، ولا أراجعه، ولا أنقحه، فقط أدفعه إلى صديق وأنفذ مقترحاته بكامل التفتح الذهني لئلا أخوض تجربة قراءته مرة أخرى، إلا في تجربتي مع هذا الكتاب، ربما أكون قد قرأته وراجعته ونقحته كاملًا أربع أو خمس مرات، وفي كل مرة منها كان يخرج ككتاب مختلف كليًّا عما كان عليه قبل القراءة!

أخبرني صديقي أنني مع عملية كتابة هذا الكتاب بالذات وبعيدًا عن محتواه كنت وسواسيًّا، مهووسًا، كريهًا، متفحصًا بافراط، مصابًا بملاحقة كمالية، حتى أنه قذفني بعبارة لعلها من أكثر ما ساعدني على إنهائه بعد تأخير لشهور طويلة حين قال: " أخشى أن تفسده وتشوهه من حيث أردت اصلاحه"

بقيت أِشباح الخوف والتردد تطاردني، وأصنام المثاليات تنهشني طويلًا، لم يراودني معشارها مع أي شيء كتبته قبلًا؛ المنشور منه والمؤجل محنطًا على رفوف الكف والمكابح والظروف.
أتذكر جيدًا زفرة أطلقتها في النهاية؛ تنهيدة، نفخة من صعداء سيزيف الذي قرر أن يترك صخرته لتسقط كيفما اتفق!
ولكن تلك الزفرة أورثتني محبة عجيبة له، محبة معروفة بين الأدباء والكتاب، نبوءة ملعونة أخشاها بشدة: "لا يمكنك أن تحظى بكتاب رائجٍ ثانٍ" ورغم أنني قد كسرت تلك النبوءة في علاقة سابقيه، إلا أنني هذه المرة أخشى أن تصدق، فهناك جزءٌ خفيٌ من تلك النبوءة يقول: "أن تلك الأعمال والمنجزات التي ننفق عليها الجهد والوقت، ونعاقر فيها سهاد البحث والتحبير، في الأغلب تعاملها دنيانا بالتجاهل"
ولكن العجيب أن ذلك لا يؤرقني اليوم، لست منشغلًا بقبوله ورواجه ومردوده واستجابة القاريء له مثلما انشغلت فيما سبقه

فهذا الكتاب كان بوابة، أغلق بها مشروع التعافي وأدلف بها لمشروع جديد؛ بلورة أخيرة لتلك الثلاثية (ذات الألوان المشتركة عمدًا على الأغلفة) تزيح الستار عن الهوس، والسلوك القهري، والإدمان الذي أراه - وربما تلك بعض مبالغاتي المعتادة كمتمسح بالأدب- بات يصبغ مساحة واسعة من حياة الإنسان الحالي، الحياة السرية والمزدوجة والممزقة والمشظاة!

يخبرني صديق آخر: "هل تظن أنك قد جازفت اليوم بكتابِ حول هذا الموضوع، ألا ترى الموضوع خصوصيًّا قد لا ينجذب له عموم القراء؟"
ربما يكون لتساؤله وجاهة ما، وقد أكون مقامرًا بطرحٍ نخبوي، ولكن حدسًا عميقًا غير مبرر داخلي يخبرني : لا بل ذاك ميقاته، وما نظنه خصوصيًّا إنما هي خصوصية زائفة، وما نراه نخبويًا لا يتصل بالجميع إنما هي نخبوية كاذبة، فكثيرٌ منا يعاني في صمت مع هوسٍ من نوع، أسر لسلوك ما، شعور بأنه ممسوك من جهة ما، لا يملك منها فكاكًا، وهذا الكتاب في تناوله الخارج عن المألوف والدارج لظاهرة (الأسر السلوكي) و(التورط الإدماني) لعله يساعد أولئك الذين يعانون في صمت أن يفهموا أنه لا علاقة للأمر بالسلوك الذي يأسرنا، أو الهوس الذي استحوذ علينا، بل كل الأمر يتعلق ببنائنا النفسي السابق عليه، والذي نهرب منه عبر الارتماء في هذا السلوك، ولعل هذا الكتاب يقدم خارطة تفحصية لهذه البنية السابقة والمركبة، وعل تلك الخارطة تساعدنا في الفرار.

الساعات بطيئة والدقائق مشلولة والثواني تتثاقل في غنجٍ وتشفٍ أمامي قبيل أن أراه هناك على أرفف المكتبات، يخاطب مسافة من نفوسنا، تدرك جيدًا ذلك الوصف المتناقض (ممتلئ بالفراغ) مساحة يحتشد فيها الخواء، فنحن بين ازدحام وفضاء قارص، قد يجد صدى له في هذا العنوان والغلاف الملقى هناك في استفزاز لتلك المساحة، وغايتي ليست تصفيقًا وحفاوة تلك المرة، قدر ابتغائي أن أجد روحًا وحيدة شعرت ببعض امتلاء، أو ربما خفوت شاحب لإلحاحات الخواء داخلها.

والسلام
107 likes · flag

Sign into ŷ to see if any of your friends have read ممتلئ بالفراغ.
Sign In »

Reading Progress

Finished Reading
January 20, 2023 – Shelved

Comments Showing 1-4 of 4 (4 new)

dateDown arrow    newest »

message 1: by Rania (new) - added it

Rania Youssef متشوقة جدا لقرائته و إن شاء الله يكون لمحة جديدة من إبداعاتك


message 2: by Zakeya (new)

Zakeya As-safwani لم اقرأ أيا من كتبك.. ليس بعد، على الأقل! لكن أريد القول: بارك الله فيك، وكثّر من أمثالك

سئمنا أسطورة: "نحن بخير!" التي تتغنى بها الأجيال الأكبر سنا، وفي نفس الوقت نرى أفرادها يتنافضون كطيور مذبوحة، ولا حل لهم إلا تحطيم ذواتهم أو تحطيم شخص آخر عل ألمهم يخفت قليلا!

على الأقل، فلنهرب نحن من هذه المسرحية التافهة ونعش حياة أفضل وأكثر وعيا وإدراكا!


أميرة بوسجيرة بانتظار كتاب الثلاثية الأخير بشوق على أمل أن يصل إليّ قريبًا..
كتب الله أجرك دكتور عماد.. ومُبارك لك نهاية رحلة أربع سنوات
نفع الله بك


Redali كتاب شيق جداً وملئ بالمعلومات لاأمل من قرائته بشكل متقطع


back to top