Shaimaa's Reviews > في غياب بلانكا
في غياب بلانكا
by
by

أتَت "في غياب بلانكا" بإلهامٍ شعريّ من هنري جيمس، والّذي كنتُ قد قرأتُ لهُ "دورةُ اللولَب" من قبل. يتبنّى أنطونيو مونيوث مولينا فكرة أنّ "كلّ الروايات، روايات أشباح"، وإن كان الشكل الذي تأتي به هذه الأشباح شبحيًّا وغامضًا. وبالمثل، "في غياب بلانكا"، حيثُ السرد مباشرٌ وواقعيّ، والشخصيّات "حيّة" في منطق الرواية؛ إلا أنّها هي الأخرى، روايةُ أشباح.
أحبّ الروايات "سهلة القراءة" الّتي تتركك تضيع في أحشاء "التأويل الصعب". فورَ قراءتي لمقدّمة الكاتب للترجمة العربيّة للرواية، وقعتُ في الفخّ، لأنّني شخصيًّا، أحبّ الكاتب الّذي يثق بقدرة القارئ على تصديق المُتَخيَّل، تشفير ما هو مباشر، وفكّ ما هو مُشفَّر، وبالمقام الأوّل، قدرته على تحمّل الاحتمالات، الفراغات، وحُفَر التأويل. إذن، هذه رواية ماكرة بمعنى أنّها تُقرأ بالشكل الّذي يرتضيهِ عقل القارئ وذوقه.
أنا أؤمّن على ما قاله مولينا، اقتباسًا عن الشاعر والناقد الكاتالوني كارلوس بوجول بأنّ هذه رواية أشباح، ويعجبُني أن أصدّق أنّ من هو غائبٌ في الحقيقة، ليسَ بلانكا، المعشوقة الحرّة البريّة الاهتمامات، الناشئة في طبقة بورجوازيّةٍ تتعفّف عن الاعتراف بانتمائها إليها، والمتحرّرة من قيود "المفروض علينا". بل هو ماريو، الموظّف البيروقراطيّ، الذي نشأ في طبقة الفلّاحين، المُرتاح في "أمانِ القيود"، والمتأرجِح في رياح نزوات بلانكا وأحلامها. يُسقِط ماريو أحلامه "المُفترضة" على بلانكا المتمرّدة على عالمِ الالتزامات و"الفروض".
لقد فهمت - ما استطعتُ - الرواية على أنّها محاولة لخلق مُفردات مألوفة بين عالمَي ماريو وبلانكا؛ مُعجَم مُشترك لقُطبَي عالمٍ تفصلُ بين خطوطه الثقافة والسنين والمجتمع والتجارب التي بسببها تنفُرُ الالكترونات إلى مدارها. ماريو، الكترونٌ يدورُ حول نواةٍ لن يصلها (بلانكا)؛ النواةُ الشَّبَح الحقيقيّ الأكثر حياةً منه. بلانكا - في غيابها - أكثرُ حضورًا منه، ويكسو عظامَها لحمٌ أكثر ملموسيّةً من عظامِ ماريو الشبح.
شبحٌ يطاردُ الحقيقة المستحيلة لتأمّلاتِ رجلٍ يخنقه عالمٌ رأسمالي، ويخنقه خوفُه من مغادرة أمان المكتب، وتخنُقُه الكلمات الغير مفهومة، الكبيرة عليه، الّتي تفرّق بين أنواع المعكرونة والنبيذ والموسيقى والفنّ الّذي يسوّغ لنفسِه فنيّته باختراع مصطلحات ومصطلحات ومصطلحات تخنُق كلّها ماريو الذي يفهمُ قلقَ أن لا تنام باكرًا ويفوتكَ شروق الشمس، وعرق العمل، وطمأنينة العودة إلى "منزل".
هذا الكتاب محاولة لفتحِ بابٍ في جدارٍ مشتركٍ لحُجرَتَين متلاصقتين؛ في حجرة بلانكا حيثُ الأدراج المقفلة والسريّة الجارحة للأدب، الانكفاء الفطريّ للفنّان والحريّة المُشتهاة للامبالاة، وترف الغياب عن الحياة "الواقعيّة". في حجرة ماريو؛ شبح ماريو؛ العجز عن اقتحامِ درجٍ صغير مقفَل؛ ثِقَل عدم القدرة على العُبور؛ والاختناق التامّ لأنّه لا يعرف أيّهما الشبح، وإن كان يخبرنا العكس.
نصٌّ فاتِن، لأنّه مثل دورة اللولَب لهنري جيمس، سوف يكتُبُ عنه الجميع، ولن يفهمهُ أحد.
أحبّ الروايات "سهلة القراءة" الّتي تتركك تضيع في أحشاء "التأويل الصعب". فورَ قراءتي لمقدّمة الكاتب للترجمة العربيّة للرواية، وقعتُ في الفخّ، لأنّني شخصيًّا، أحبّ الكاتب الّذي يثق بقدرة القارئ على تصديق المُتَخيَّل، تشفير ما هو مباشر، وفكّ ما هو مُشفَّر، وبالمقام الأوّل، قدرته على تحمّل الاحتمالات، الفراغات، وحُفَر التأويل. إذن، هذه رواية ماكرة بمعنى أنّها تُقرأ بالشكل الّذي يرتضيهِ عقل القارئ وذوقه.
أنا أؤمّن على ما قاله مولينا، اقتباسًا عن الشاعر والناقد الكاتالوني كارلوس بوجول بأنّ هذه رواية أشباح، ويعجبُني أن أصدّق أنّ من هو غائبٌ في الحقيقة، ليسَ بلانكا، المعشوقة الحرّة البريّة الاهتمامات، الناشئة في طبقة بورجوازيّةٍ تتعفّف عن الاعتراف بانتمائها إليها، والمتحرّرة من قيود "المفروض علينا". بل هو ماريو، الموظّف البيروقراطيّ، الذي نشأ في طبقة الفلّاحين، المُرتاح في "أمانِ القيود"، والمتأرجِح في رياح نزوات بلانكا وأحلامها. يُسقِط ماريو أحلامه "المُفترضة" على بلانكا المتمرّدة على عالمِ الالتزامات و"الفروض".
لقد فهمت - ما استطعتُ - الرواية على أنّها محاولة لخلق مُفردات مألوفة بين عالمَي ماريو وبلانكا؛ مُعجَم مُشترك لقُطبَي عالمٍ تفصلُ بين خطوطه الثقافة والسنين والمجتمع والتجارب التي بسببها تنفُرُ الالكترونات إلى مدارها. ماريو، الكترونٌ يدورُ حول نواةٍ لن يصلها (بلانكا)؛ النواةُ الشَّبَح الحقيقيّ الأكثر حياةً منه. بلانكا - في غيابها - أكثرُ حضورًا منه، ويكسو عظامَها لحمٌ أكثر ملموسيّةً من عظامِ ماريو الشبح.
شبحٌ يطاردُ الحقيقة المستحيلة لتأمّلاتِ رجلٍ يخنقه عالمٌ رأسمالي، ويخنقه خوفُه من مغادرة أمان المكتب، وتخنُقُه الكلمات الغير مفهومة، الكبيرة عليه، الّتي تفرّق بين أنواع المعكرونة والنبيذ والموسيقى والفنّ الّذي يسوّغ لنفسِه فنيّته باختراع مصطلحات ومصطلحات ومصطلحات تخنُق كلّها ماريو الذي يفهمُ قلقَ أن لا تنام باكرًا ويفوتكَ شروق الشمس، وعرق العمل، وطمأنينة العودة إلى "منزل".
هذا الكتاب محاولة لفتحِ بابٍ في جدارٍ مشتركٍ لحُجرَتَين متلاصقتين؛ في حجرة بلانكا حيثُ الأدراج المقفلة والسريّة الجارحة للأدب، الانكفاء الفطريّ للفنّان والحريّة المُشتهاة للامبالاة، وترف الغياب عن الحياة "الواقعيّة". في حجرة ماريو؛ شبح ماريو؛ العجز عن اقتحامِ درجٍ صغير مقفَل؛ ثِقَل عدم القدرة على العُبور؛ والاختناق التامّ لأنّه لا يعرف أيّهما الشبح، وإن كان يخبرنا العكس.
نصٌّ فاتِن، لأنّه مثل دورة اللولَب لهنري جيمس، سوف يكتُبُ عنه الجميع، ولن يفهمهُ أحد.
Sign into ŷ to see if any of your friends have read
في غياب بلانكا.
Sign In »
Reading Progress
July 20, 2023
– Shelved
July 20, 2023
– Shelved as:
to-read
August 3, 2023
–
Started Reading
August 4, 2023
–
43.75%
""يمنعه حذرٌ غريزيّ وعقدة نقص مُمزِّقة من التعبير عن آرائه: وما يحدث في كثير من الأحيان هو افتقاره التام إلى أيّ رأي، فيضطر إلى ارتجال رأي خوفاً من أن يروه تافهاً. يخاف الخطأ ويخاف الإساءة"
If this isn’t me, then who is 🥲💔"
page
42
If this isn’t me, then who is 🥲💔"
August 4, 2023
–
58.33%
"تنعم بموهبة نادرة للغاية، موهبة الاستحسان، تعرف كيف تشرح ما تستحسنه والأسباب التي دفعتها إلى استحسانه بقناعة جعلت حماسها معدياً. �"
page
56
August 4, 2023
–
Finished Reading
Comments Showing 1-4 of 4 (4 new)
date
newest »

message 1:
by
Heba
(new)
-
added it
Aug 07, 2023 03:03AM

reply
|
flag