ŷ������

كرة القدم بين الشمس والظل
إدواردو غاليانو

ذلك الشعور الذي يدغدغك بعد فوز فريقك بمباراة مهمة...وتلك المرارة التي تجتاحك بعد أن يمنى بخسارة مذلة.
هناك لياقة وطاقة لا تنتهي....وهناك إصابات تنهي مسيرات مشرقة.
لاعبون يحققون إنجازات ملهمة...وآخرون يحصدون غضب الصحافة وعنف الجمهور.
مشجع يطرد الملل ويغرد بالأهازيج إلى جانب مشجع يرتفع ضغطه ويضيق تنفسه، يطلق اللعنات ويحطم الأكواب.
هذه هي كرة القدم: متعة وحرقة، رقي وانحدار، شمس وظل.

شغف أبدي
يقول غاليانو أنه كان لاعب كرة محترف وعال المهارة، فقط عندما ينام ويحلم. أما على الأرض الملعب فهو أخرق تماماً. لذا �� حد تعبيره- فهذا الكتاب عبارة عن تكفير عن الذنب. نلمس من النص شغف غاليانو بالساحرة المستديرة، إعجابه باللاعبين، بالقصص الملهمة، بالبطولات العظيمة وبالصدف العجيبة. هذا النوع من الهوس مع هذه البراعة في الكتابة ستصيب القارئ بعدوى حميدة.

لا مناص من التاريخ
بصفته مؤرخاً لا يشق له غبار، سنجد المؤلف في هذا الكتاب يتتبع الترتيب التاريخي للعبة منذ نشأتها وحتى آخر كأس للعالم إبان صدور الطبعة الأخيرة. بالإضافة إلى ذلك، فهو عندما يروي وقائع كأس عالم لسنة معينة، فهو يسردها مشفوعة بالظروف السياسية مثل الحروب الكبرى والانقلابات والثورات وغير ذلك. غاليانو يعرف كيف يكون مسلياً دون أن ينسى التاريخ وجدّيته.

نزعة إنسانية
يتعاطف غاليانو مع الإنسان دون تردد مهما كان السياق. في معرض الحديث عن اللعبة الأكثر شعبية في العالم، نجده ينظر للاعب كإنسان أكثر من شيء آخر. يشفق عليه من اللعب في قيظ الظهيرة من أجل أن يناسب توقيت المباراة المشاهد الأوربي، يعطف عليه عندما يتعرض لكبوة في مسيرته، عندما يموت فقيراً أو منتحراً أو يتعرض لإصابة تضع حداً لتألقه. وليس ذلك فقط بل أن المؤرخ الأورغواني يعبر في كل مناسبة عن قرفه من تحول الرياضة إلى ماكينة أموال، يغلب عليها التسويق والاعتبارات الربحية. كما لا يحترم الكاتب أسلوب اللعب الملتزم الذي يحرم اللاعب من حريته في الإبداع على أرض الملعب.

قصص ووصف
قصدت هذا الكتاب بحثاً عن القصص الممتعة التي تدهشك أو تصدمك في عالم كرة القدم. أول تلك القصص التي سمعتها صغيراً، على سبيل المثال، هي اغتيال اللاعب الكولومبي أندريس اسكوبار جراء تسببه في هدف ضد منتخبه في كأس العالم عام 94. يزخر هذا الكتاب بالعديد من تلك القصص، لكن الكتاب أيضاً استغرق في وصف العديد من المباريات والأهداف؛ الأمر الذي لم أحبذه. نحن في زمن اليوتيوب، ومهما كانت براعة وصف الكاتب لتلك المجريات، فالأحرى بالراغب أن يشاهد الهدف، الموقف أو المباراة رأي العين بدلاً من قراءة وصفها بالكلمات. ومع ذلك لا أنكر بأن العديد من الأحداث المروية لم أكن لأعرف عنها لولا غاليانو وكتابه الجميل.

المؤرخ الساحر يروي لنا قصصاً عن الرياضة الساحرة، النتيجة نص متميز بالهوس المعتدل والشغف الشديد.