Rania Alhareef's Reviews > ساحر أو مجنون
ساحر أو مجنون
by
by

ساحرٌ أو مجنون
للكاتب : أيمن العتوم
عدد الصفحات : ٥٦٨
عن الكاتب : كما عهدتُ العتوم من قبل ،إختياراته للشخصيات الملهمة التي يكتبُ عنها موفقة دوماً ،وللحقيقة العتوم هو نفسه كاتبٌ ملهمٌ جدًا بالنسبة لي وأعتقد لكثيرٍ من القُراءِ أمثالي . أُحب ما يكتب وتستهويني مفرداته اللُغَوية المنتقاة بحرصٍ وعناية لتزيد من إبداعهِ وتثقل من سحر كلماته ،لن أطيل بمدحهِ أكثر من ذلك لأنه يعرف حق المعرفة بأنني لنْ أوفيه حقهُ ككاتبٍ روائي .
الرواية هي المخطوطة الثالثة من المخطوطات التي جمعها الكاتب عند سفرهِ من بلدٍ إلى آخر وكتب عن شخصياتها الملهمة من قبل ..!
الأولى كانت برواية أرضُ الله _ حكاية عمر بن سيد الفوتي
والثانية رواية مسغبة _ حكاية عبد اللطيف البغدادي
أما المخطوطة الثالثة فهي ؛ ساحرٌ أو مجنون _ حكاية الشاعر الثائر أحمد بن الحسين الجعفي ( الملقب بأبي الطيب المتنبي )
عن الرواية : بدايةً ..!!
الخَيْـلُ وَاللّيْـلُ وَالبَيْـداءُ تَعرِفُنـي
وَالسّيفُ وَالرّمحُ والقرْطاسُ وَالقَلَـمُ
#أبوالطيبالمتنبي
ساحرٌ أو مجنون ..
تحكي الرواية قصةُ حياة الشاعر أحمد بن الحسين منذ صغره إلى مماته ،بلسانه هو ولكن بقلمِ الكاتب وكأن روح المتنبي كانت بداخله تُستنزف .
هو أحمد بن الحسين أو ( بن محمد ) الملقب بالمتنبي ولد في الكوفة لوالدين مجهولين لم يعرفهما ،كبُرَ وترعرع عند جدتهِ فهي من حرصت على تربيتهِ وتعليمهِ على يد أفضل معلميين ،تمييز عن باقي أقرانه بعلمه و ذكاءه وحفظه السريع لما يُقرأ أمامه مباشرةً و إلقاءهِ للشعر العربي الفصيح وهو فتى لم يتجاوز العشر سنوات ،أصبح يشّك في نفسه هل هو جنيٌّ أم بشري !! أم جنيٌّ بهيئة بشريٍ صعلوك !! فقد كان جسدهُ شديد النحول من شدةِ الفقر والجوع الذي عاناه بصغرهِ ..!
كَفى بِجِسمي نُحولاً أَنَّني رَجُلٌ
لَولا مُخاطَبَتي إِيّاكَ لَم تَرَني
كما ظَلَ طيفُ أبيه يلاحقهُ في صحوتهِ ومنامهِ وحتى في خُلوتهِ مع نفسه ،حاول جاهداً معرفة ماذا حل به ولماذا جدتهُ تُصِّرُ عليه بأن يثأرَ له !!
دخل القرامطى إلى الكوفة و استولوا عليها و قتلوا الكثير من ناسها ،أصرت عليه جدتهُ بأن يهرب من بطشهم خوفاً على حفيدها ،من هنا قرر الترحال إلى بلاد الشام ،ضرب عرض الصحراء الخاوية بقدميه فقد صاحبَ القمر والنجوم السابحات في السموات فوق رأسه ،شهِدَ تبدُلَ الليل والنهار ،الظلام والنور ،وحتى اقتراب الوحوش المفترسة منه التي فغرت فاهها أمام وجهه ،جاع كثيراً و عَطِشَ أكثر من ذلك ولكن لذة الوصول والأمل الذي كان يعتمر داخل قلبه كانا أكبر من كل ما عايشه من مخاوف .
برحلته هذه وصل إلى مدنٍ عديدة منها ( سَلميّة ) جلس فيها وأسس حزب لنفسه ألتحق به عددٌ ليس بالقليل من الرجال والشباب والفتيان ،وهو فتى الخمسة عشرة عاماً قادهم جميهاً دَرَّبهُم على الفروسية والقتال وعندما وصلَ خبرهُ إلى والي بلاد الشام أمر أمير حِمص بأن يأتي به ويسجنه ..!! تحركَ جيشٌ كبير منهم إليه وخاضوا معركةً معه وجيشه الذي هرب معظمه ومات الكثير منه و لم يبقى إلا عددٌ قليلٌ جداً تحارب معه ،كان الموت حليفهم إلا أن سمعوا منادي ينادي بأنه يريده هو فقط ،يريد أحمد بن الحسين من بينهم جميعاً وكان لهم ما أتوا لأجله .
نُقل إلى مدينة حِمص و سُجِن هناك و اتُهِم بإدعائه للنبوة وبأنه رسول الله الذي ارسله هدايةً للناس و نصرةً للحق في زمانه هذا !! ولهذا لُقِبَ بالمتنبي .
بقيى في السجن مدة عامين ولم يخرج منه إلا عندما كَتَبَ قصيدةً لأمير حِمص .. بعض منها :
دَعَوتُكَ عِندَ اِنقِطاعِ الرَجاءِ
وَالمَوتُ مِنّي كَحَبلِ الوَريدِ
دَعَوتُكَ لَمّا بَراني البَلاءُ
وَأَوهَنَ رِجلَيَّ ثِقلُ الحَديدِ
خرج من السجن ومن حِمص بأكملها مطروداً منها .
رماهُ بالكفر كل ذي لسانٍ و نكرهُ كل أحدٍ ، تلفت يمينةً و يُسرى فلم يجد إلا الفراغ يحاصره من كل جانب ،كان وحيداً بلا رفيقٍ ولا معين ولا حتى حبيبةً تنتظره ليلاً بدارهِ ،وحدهُ كما جاء وكما سيموت . بعد كل هذه الوحدة أتاه خبرٌ من جدته أرادت له بأن يتزوج ويكون له ولدٌ صالحٌ يدعوا له امتثل لأمرها وتزوج وأصبحت زوجته شريكة الترحال من هنا لهناك ،بعد مدةٍ قصيرة وصله خبرُ وفاتها ومن ثم توفيت زوجته بعدما أنجبت لهُ ابنه الوحيد ( مُحسد ) أصابتها الحُمى ولم يقوى جسدها عليها فوافتها المنية ،فحزُنَ حزناً شديداً عليهما ،ولكن الحياة ستستمر أكمل ترحالهُ فكانت وجهته إلى حلب ،أقام عند سيف الدولة الذي أكرمه و خصهُ عن بقيى الشعراء الموجودين ،خاض معه عدة حروب مع الروم وكان يلازمه دوماً ليكتب له قصائدَ مدحٍ فيه ،ويصف الحروب التي خاضوها سوياً .
كان المتنبي يطمح في الولاية أن يكون له مدينةٌ أو حصنٌ و جنود !! ولكن كما نعلم بأن الملوك يجّودونَ في كل شيء عدا المُلك والسلطة .
أحب خولة أُخت سيف الدولة ولكن الحسد والبغض من المحيطين به كانا أقوى منه ومن حبهِ لها ،فحاولوا قتله والظفر به فشاءت أقداره بأن يولي ظهره لحلب و لسيف الدولة الذي خذله !!
يا أعدلَ الناسِ إلا في معامَلتي
فيكَ الخِصامُ وَأنتَ الخَصْمُ والحَكَمُ
لقد أحبه كثيراً و أحب سنواتهِ معه فقد وُجَدَ بحلب ما لم يجده ببلدِ أخر و لقيى من أميرها كل حُبٍ و عطاء و مودة .
مالي أكَتِّمُ حُبّاً قَد بَرى جَسَدي
وتَدَّعي حبَّ سيفِ الدَولَةِ الأمَمُ
ضربَ لجامَ فرسهِ إلى مِصر الذي دعاه إليه العبد الذي يُدعى كافور ، أمِلاً به بأن يحظى بولايةٍ عنده و صرّح بذلك في شعرهِ تصريحاً ؛
إِذا لَم تَنُط بي ضَيعَةً أَو وِلايَةً
فَجودُكَ يَكسوني وَشُغلُكَ يَسلُبُ
منعه كافور الخروج من مصر لكي لا يمدحَ ملكاً غيره .!
لكنه استطاع الهروب منه رغم الحصار الشديد عليه و ضبط أبواب الفسطاط فلما صار في طريق العراق قال ؛
وَبِتنا نُقَبِّلُ أَسيافَنا
وَنَمسَحُها مِن دِماءِ العِدا
لِتَعلَمَ مِصرُ وَمَن بِالعِراقِ
وَمَن بِالعَواصِمِ أَنّي الفَتى
اتجه إلى وطنه الذي تركه قبل ثلاثين عاماً للكوفة إلى بيتِ جدته وعادته ذكرياته معها ،للذكرى وقعٌ مؤلمٌ في دواخلنا فلم يألف المكان من بعدها فشد رحالهِ إلى بغداد فلم يلقى بها ضالته ومن هناك دُعيىَ إلى فارس و حَلَ عند عضد الدولة الذي كان ملك بني بويه في شيراز ،أراد من المتنبي مثل ما أراد أسلافه من الملوك بأن يُخلده بشعره ويكتب عنه وعن بطولاته ،لم يعجبه البقاء هنا وهو الذي أعتاد الرحيل والبحث عن نفسه ،لم يكن لهُ أحدٌ في هذه البلاد ولم يألفها فلم يكونوا يتكلمون اللغة العربية ووطن الشاعر لغته لهذا لم يبقى طويلاً في كنفه فتركه وترك ما أمناه عليه من أموال و ذهب ،ورحل دون أن يدري إلى أين !!
أرادوا أكثر الملوك قتله والتخلص منه وكان ما أرادوه فقد رويَّ بأنه وأثناء عودتهِ إلى بغداد هو وابنه مُحسد واثنين أخرين معه واجههم شخص يُدعى ( ضُبّة ) و عددٌ ليس بالقليل من اللصوص الذي يريدون سرقته وقتله واجههم كثيراً ولكن لم تمهله سيوفهم ولا رماحهم بأن يعيش أكثر من سنونه هذه .
كان المتنبي شُجاعاً مِقداماً ذو علمٍ وشأنٍ عظيمٍ وهمة ،لا يقبل بالذل والإهانة ،عاش حياته وفي داخله حلمٌ بأن يكون ملكاً لولاية ما ولكن حُلمه كان بعيدَ المُنال .
حرص المتنبي على أن تُخلد أشعاره وحياته فتكفل بهذا شخصٌ يدعى علي بن حمزة البصري فقد لزمه في أواخر حياته لربما عامين أو أكثر من ذلك ! كتب عنه أشعاره الذي أراد المتنبي بأن تبقى له في هذه الحياة الدنيا وأمَنَهُ عليها .
في الختام .!!
أنا الذي نظَر الأعمى إلى أدبي
وأسْمعَت كلماتي مَن بهِ صَمَمُ
ممتنة للعتوم على كل ما يكتب لولاه لما حظيت بمعرفة هكذا شخصية تستحق المعرفة والكتابة عنها ،كانت معرفتي به كشاعرٍ عادي مثلهُ مثل البقية ولكن اليوم هو بنظري شاعرٌ ليس كسائر الشعراء و يستحق بأن يُخلده التاريخ لقوة وجمال شعرهِ ،كما أنني أرى بأن الروائي والشاعر أيمن يسير على هذا النهج في حياته .
للكاتب : أيمن العتوم
عدد الصفحات : ٥٦٨
عن الكاتب : كما عهدتُ العتوم من قبل ،إختياراته للشخصيات الملهمة التي يكتبُ عنها موفقة دوماً ،وللحقيقة العتوم هو نفسه كاتبٌ ملهمٌ جدًا بالنسبة لي وأعتقد لكثيرٍ من القُراءِ أمثالي . أُحب ما يكتب وتستهويني مفرداته اللُغَوية المنتقاة بحرصٍ وعناية لتزيد من إبداعهِ وتثقل من سحر كلماته ،لن أطيل بمدحهِ أكثر من ذلك لأنه يعرف حق المعرفة بأنني لنْ أوفيه حقهُ ككاتبٍ روائي .
الرواية هي المخطوطة الثالثة من المخطوطات التي جمعها الكاتب عند سفرهِ من بلدٍ إلى آخر وكتب عن شخصياتها الملهمة من قبل ..!
الأولى كانت برواية أرضُ الله _ حكاية عمر بن سيد الفوتي
والثانية رواية مسغبة _ حكاية عبد اللطيف البغدادي
أما المخطوطة الثالثة فهي ؛ ساحرٌ أو مجنون _ حكاية الشاعر الثائر أحمد بن الحسين الجعفي ( الملقب بأبي الطيب المتنبي )
عن الرواية : بدايةً ..!!
الخَيْـلُ وَاللّيْـلُ وَالبَيْـداءُ تَعرِفُنـي
وَالسّيفُ وَالرّمحُ والقرْطاسُ وَالقَلَـمُ
#أبوالطيبالمتنبي
ساحرٌ أو مجنون ..
تحكي الرواية قصةُ حياة الشاعر أحمد بن الحسين منذ صغره إلى مماته ،بلسانه هو ولكن بقلمِ الكاتب وكأن روح المتنبي كانت بداخله تُستنزف .
هو أحمد بن الحسين أو ( بن محمد ) الملقب بالمتنبي ولد في الكوفة لوالدين مجهولين لم يعرفهما ،كبُرَ وترعرع عند جدتهِ فهي من حرصت على تربيتهِ وتعليمهِ على يد أفضل معلميين ،تمييز عن باقي أقرانه بعلمه و ذكاءه وحفظه السريع لما يُقرأ أمامه مباشرةً و إلقاءهِ للشعر العربي الفصيح وهو فتى لم يتجاوز العشر سنوات ،أصبح يشّك في نفسه هل هو جنيٌّ أم بشري !! أم جنيٌّ بهيئة بشريٍ صعلوك !! فقد كان جسدهُ شديد النحول من شدةِ الفقر والجوع الذي عاناه بصغرهِ ..!
كَفى بِجِسمي نُحولاً أَنَّني رَجُلٌ
لَولا مُخاطَبَتي إِيّاكَ لَم تَرَني
كما ظَلَ طيفُ أبيه يلاحقهُ في صحوتهِ ومنامهِ وحتى في خُلوتهِ مع نفسه ،حاول جاهداً معرفة ماذا حل به ولماذا جدتهُ تُصِّرُ عليه بأن يثأرَ له !!
دخل القرامطى إلى الكوفة و استولوا عليها و قتلوا الكثير من ناسها ،أصرت عليه جدتهُ بأن يهرب من بطشهم خوفاً على حفيدها ،من هنا قرر الترحال إلى بلاد الشام ،ضرب عرض الصحراء الخاوية بقدميه فقد صاحبَ القمر والنجوم السابحات في السموات فوق رأسه ،شهِدَ تبدُلَ الليل والنهار ،الظلام والنور ،وحتى اقتراب الوحوش المفترسة منه التي فغرت فاهها أمام وجهه ،جاع كثيراً و عَطِشَ أكثر من ذلك ولكن لذة الوصول والأمل الذي كان يعتمر داخل قلبه كانا أكبر من كل ما عايشه من مخاوف .
برحلته هذه وصل إلى مدنٍ عديدة منها ( سَلميّة ) جلس فيها وأسس حزب لنفسه ألتحق به عددٌ ليس بالقليل من الرجال والشباب والفتيان ،وهو فتى الخمسة عشرة عاماً قادهم جميهاً دَرَّبهُم على الفروسية والقتال وعندما وصلَ خبرهُ إلى والي بلاد الشام أمر أمير حِمص بأن يأتي به ويسجنه ..!! تحركَ جيشٌ كبير منهم إليه وخاضوا معركةً معه وجيشه الذي هرب معظمه ومات الكثير منه و لم يبقى إلا عددٌ قليلٌ جداً تحارب معه ،كان الموت حليفهم إلا أن سمعوا منادي ينادي بأنه يريده هو فقط ،يريد أحمد بن الحسين من بينهم جميعاً وكان لهم ما أتوا لأجله .
نُقل إلى مدينة حِمص و سُجِن هناك و اتُهِم بإدعائه للنبوة وبأنه رسول الله الذي ارسله هدايةً للناس و نصرةً للحق في زمانه هذا !! ولهذا لُقِبَ بالمتنبي .
بقيى في السجن مدة عامين ولم يخرج منه إلا عندما كَتَبَ قصيدةً لأمير حِمص .. بعض منها :
دَعَوتُكَ عِندَ اِنقِطاعِ الرَجاءِ
وَالمَوتُ مِنّي كَحَبلِ الوَريدِ
دَعَوتُكَ لَمّا بَراني البَلاءُ
وَأَوهَنَ رِجلَيَّ ثِقلُ الحَديدِ
خرج من السجن ومن حِمص بأكملها مطروداً منها .
رماهُ بالكفر كل ذي لسانٍ و نكرهُ كل أحدٍ ، تلفت يمينةً و يُسرى فلم يجد إلا الفراغ يحاصره من كل جانب ،كان وحيداً بلا رفيقٍ ولا معين ولا حتى حبيبةً تنتظره ليلاً بدارهِ ،وحدهُ كما جاء وكما سيموت . بعد كل هذه الوحدة أتاه خبرٌ من جدته أرادت له بأن يتزوج ويكون له ولدٌ صالحٌ يدعوا له امتثل لأمرها وتزوج وأصبحت زوجته شريكة الترحال من هنا لهناك ،بعد مدةٍ قصيرة وصله خبرُ وفاتها ومن ثم توفيت زوجته بعدما أنجبت لهُ ابنه الوحيد ( مُحسد ) أصابتها الحُمى ولم يقوى جسدها عليها فوافتها المنية ،فحزُنَ حزناً شديداً عليهما ،ولكن الحياة ستستمر أكمل ترحالهُ فكانت وجهته إلى حلب ،أقام عند سيف الدولة الذي أكرمه و خصهُ عن بقيى الشعراء الموجودين ،خاض معه عدة حروب مع الروم وكان يلازمه دوماً ليكتب له قصائدَ مدحٍ فيه ،ويصف الحروب التي خاضوها سوياً .
كان المتنبي يطمح في الولاية أن يكون له مدينةٌ أو حصنٌ و جنود !! ولكن كما نعلم بأن الملوك يجّودونَ في كل شيء عدا المُلك والسلطة .
أحب خولة أُخت سيف الدولة ولكن الحسد والبغض من المحيطين به كانا أقوى منه ومن حبهِ لها ،فحاولوا قتله والظفر به فشاءت أقداره بأن يولي ظهره لحلب و لسيف الدولة الذي خذله !!
يا أعدلَ الناسِ إلا في معامَلتي
فيكَ الخِصامُ وَأنتَ الخَصْمُ والحَكَمُ
لقد أحبه كثيراً و أحب سنواتهِ معه فقد وُجَدَ بحلب ما لم يجده ببلدِ أخر و لقيى من أميرها كل حُبٍ و عطاء و مودة .
مالي أكَتِّمُ حُبّاً قَد بَرى جَسَدي
وتَدَّعي حبَّ سيفِ الدَولَةِ الأمَمُ
ضربَ لجامَ فرسهِ إلى مِصر الذي دعاه إليه العبد الذي يُدعى كافور ، أمِلاً به بأن يحظى بولايةٍ عنده و صرّح بذلك في شعرهِ تصريحاً ؛
إِذا لَم تَنُط بي ضَيعَةً أَو وِلايَةً
فَجودُكَ يَكسوني وَشُغلُكَ يَسلُبُ
منعه كافور الخروج من مصر لكي لا يمدحَ ملكاً غيره .!
لكنه استطاع الهروب منه رغم الحصار الشديد عليه و ضبط أبواب الفسطاط فلما صار في طريق العراق قال ؛
وَبِتنا نُقَبِّلُ أَسيافَنا
وَنَمسَحُها مِن دِماءِ العِدا
لِتَعلَمَ مِصرُ وَمَن بِالعِراقِ
وَمَن بِالعَواصِمِ أَنّي الفَتى
اتجه إلى وطنه الذي تركه قبل ثلاثين عاماً للكوفة إلى بيتِ جدته وعادته ذكرياته معها ،للذكرى وقعٌ مؤلمٌ في دواخلنا فلم يألف المكان من بعدها فشد رحالهِ إلى بغداد فلم يلقى بها ضالته ومن هناك دُعيىَ إلى فارس و حَلَ عند عضد الدولة الذي كان ملك بني بويه في شيراز ،أراد من المتنبي مثل ما أراد أسلافه من الملوك بأن يُخلده بشعره ويكتب عنه وعن بطولاته ،لم يعجبه البقاء هنا وهو الذي أعتاد الرحيل والبحث عن نفسه ،لم يكن لهُ أحدٌ في هذه البلاد ولم يألفها فلم يكونوا يتكلمون اللغة العربية ووطن الشاعر لغته لهذا لم يبقى طويلاً في كنفه فتركه وترك ما أمناه عليه من أموال و ذهب ،ورحل دون أن يدري إلى أين !!
أرادوا أكثر الملوك قتله والتخلص منه وكان ما أرادوه فقد رويَّ بأنه وأثناء عودتهِ إلى بغداد هو وابنه مُحسد واثنين أخرين معه واجههم شخص يُدعى ( ضُبّة ) و عددٌ ليس بالقليل من اللصوص الذي يريدون سرقته وقتله واجههم كثيراً ولكن لم تمهله سيوفهم ولا رماحهم بأن يعيش أكثر من سنونه هذه .
كان المتنبي شُجاعاً مِقداماً ذو علمٍ وشأنٍ عظيمٍ وهمة ،لا يقبل بالذل والإهانة ،عاش حياته وفي داخله حلمٌ بأن يكون ملكاً لولاية ما ولكن حُلمه كان بعيدَ المُنال .
حرص المتنبي على أن تُخلد أشعاره وحياته فتكفل بهذا شخصٌ يدعى علي بن حمزة البصري فقد لزمه في أواخر حياته لربما عامين أو أكثر من ذلك ! كتب عنه أشعاره الذي أراد المتنبي بأن تبقى له في هذه الحياة الدنيا وأمَنَهُ عليها .
في الختام .!!
أنا الذي نظَر الأعمى إلى أدبي
وأسْمعَت كلماتي مَن بهِ صَمَمُ
ممتنة للعتوم على كل ما يكتب لولاه لما حظيت بمعرفة هكذا شخصية تستحق المعرفة والكتابة عنها ،كانت معرفتي به كشاعرٍ عادي مثلهُ مثل البقية ولكن اليوم هو بنظري شاعرٌ ليس كسائر الشعراء و يستحق بأن يُخلده التاريخ لقوة وجمال شعرهِ ،كما أنني أرى بأن الروائي والشاعر أيمن يسير على هذا النهج في حياته .
Sign into ŷ to see if any of your friends have read
ساحر أو مجنون.
Sign In »
Reading Progress
September 8, 2024
–
Started Reading
September 26, 2024
–
Finished Reading
September 27, 2024
– Shelved