يجب أن أقول أن على من يريد قراءة الكتاب و فهم محتواه عدم قراءة هذه النسخة رديئة الترجمة، وقراءته من نسخة المنظمة العربية للترجمة، ترجمة عبد العزيز لبييجب أن أقول أن على من يريد قراءة الكتاب و فهم محتواه عدم قراءة هذه النسخة رديئة الترجمة، وقراءته من نسخة المنظمة العربية للترجمة، ترجمة عبد العزيز لبيب. ـ
يدعوا رسوسو في كتابه هذا الناس على اتخاذ عقد بينهم، و تسليم أنفسهم و هبتها لهذا العقد، بحيث يكون هو معتمدهم نحو تكوين المجتمع المسالم العادل الذي يحضا كل أفراده بالتساوي بينهم في كل الحقوق و الواجبات، و من أهمها الحقوق السياسية التي بها يكفل الناس تقدم مجتمعهم نحو ما يبغون من حضارة و ازدهار. ـ
بدايةً، لا أظن أن أحداً سيعارضني إن قلت أن أولى الناس بتبني فكرة ما أو بالإيمان بقضية ما هو صاحب الفكرة و القضية. روسو، قديس الثورة الفرنسية كما يسميه البعض، ينظِّر في كتابه (العقد الاجتماعي) محاولا إصلاح البشرية و قيادتها إلى خلاصها و سعادتها بفرض ضوابط و اتفاقيات بين الناس مع بعضهم البعض، و هو الذي رمى بأبنائه الأربعة الغير شرعيين في الملاجئ، أو ربما في الشوارع، و كرهه كل من تعرف عليه تقريباً لسوء طواياه! ـ
ولكن هل يهم هذا الذي قلنا مادام الحق موجود، و هو أولى و أحق أن يتبع من أي فم خرج!؟ نعم، لا يهم، ولكن لذلك أذيال. فقد يسأل أحدهم: كيف لي أن أتبنى شيئاً لم يتبناه موجِده و الداعي إليه؟ و هل لي أن أؤمن بشيء و أن أتبعه بإخلاص أكبر من صاحبه و مبتدعه، علاوةً على أن الأخير لم يتبعه وهو الأولى بذلك؟ في حقيقة الأمر ، لابد على من يحض الناس على إتباع فكر ما أو تبنيه أن يكون هو أول متبع لذلك الفكر و ذلك لسببين : أن يكتسب ثقة الناس وإيمانهم ، و أن يستطيع الدفاع عن ذلك الفكر بصدق. ـ
لا يهم هذا كله عند صرف النظر عن اكتساب المناصرين للفكرة، و التركيز على استحقاق فكر ما أو اعتقاد ما للاتباع. ففي النهاية لا يهم كم من الأنصار لدى فكرة معينة أو عقيدة ما، بل المهم هل تستحق هذه العقيدة أو هذه الفكرة الإتباع و الانصياع لتعاليمها. و ربما هذا وحده ما جعل كتاب روسو (العقد الاجتماعي) إنجيل الثورة الفرنسية. صراحةً، يحتوي هذا الكتاب مفاهيم لا يردها أي عاقل و لا يختلف عليها من يريد فعلا بناء مجتمع متحضر مزدهر يحمل في داخله ما يضمن العدل و السلام.. نوعاً ما، و في داخله فقط!ـ
الأمر المهم الأخر هو: هل نستطيع إقناع كل أو فلنقل جل المجتمع على أن هذا الحق أحق أن يتبع؟ في اعتقادي، هذا يعتمد على العديد من العوامل، أهمها قدرة هذا الشيء المدعو له على إقناع الناس أن باستطاعته تقديم ما يتطلعون إليه، والكثير من العوامل الأخرى.ـ
و لكن أهم العوائق التي تقف أمام هذا التوافق هي بعض التساؤلات أو المعارضات المنطقية التي قد تطرح. منها أن المجتمع قد يؤمن بوجود حلول أخرى غير هذا الذي يطرحه فلان من الناس، فقد لا توافق فئة من الناس على هذا الحل ليس لشيء إلا لتبنيها مفهوماً آخر أو طريق آخر للخلاص. و هذا في اعتقادي ما يجعل من الديموقراطية ديموقراطيات، و من الوطنية وطنيات، و من الخلاص تشتت و شقاق ، و من قارب النجاة أشلاء تضعف على حمل ممزقيها الغرقى. و مرد ذلك كله أن هذا الفكر فكر بشري، وكما لك فكر و تصور، أنا لي تصوري و فكري الخاص بي، و هو لا يقل، بل ربما يزيد قدسيةً على فكر و تصور الغير. وهذا ذاته ما استطاعت أوروبا تجاوزه بعد المعاناة الفكرية لفلاسفتها و الدماء التي قدمتها شعوبها و عبيدها. و هو ذاته الذي لم تعرف الشعوب العربية طريقاً لتجاوزه نحو مخرج الحضارة، و هي التي لم تقدم فكراً يحقن دماء المغفلين الذين زجت بهم المصالح. ـ
أيضاً، إن تعارض هذا المخرج أو هذا الاتجاه مع مصالح بعض الفئات المستفيدة من وجود بيئة معينة أو بقاء ظرف ما قد يعد من أهم العوائق نحو اتخاذ اتجاه محدد للخلاص. و الحل الوحيد ربما هو أن يكون التوجه ذا قوة تحميه و لا يعتمد فقط على كونه حقيقة فكرية تستأهل التبني و الإتباع. ـ
إن وجود مصالح و أهداف مشتركة يدعوا لبناء وطن وإقامة مجتمع متوافق، و هذا ما يدعوه روسو بالإرادة العامة. و لكن وجود هذه الإرادة و هذه المصالح لا يوجب أي شيء، بل يدعوا دعاء الهامسين، فقط! فلا وجه للإيجاب و الإرغام لأن الإرادة ليست هي وحدها ما يحسم إقامة شيء ما في المجتمعات، بل الاستطاعة، و هذه الأخيرة، للأسف، قد لا يملكها إلا أصحاب القوة الذين قد يكونون، لسوء حظ المجتمع، أصحاب مصالح خاصة. و على العكس تماماً، فوجود مصالح خاصة باستطاعتها إيقاف إقامة المجتمع المتقدم المتوافق. ـ
إن كتاب روسو لم يحمل أي حل نحو التصارع القائم بين الدول المتناحرة و التي أودت شراهة مصالحها بدماء الملايين و أعراضهم و ثرواتهم و أراضيهم. و هو نفسه أعترف بعجزه لإيجاد حل لهذه المشكلة الكبيرة ضمن فكرة العقد البسيطة! ـ
في نظري، إن المخرج الوحيد من كل هذه المآزق يكمن في معرفة هوية الإنسان الحقيقية معتمدين على العلم وحده لمعرفتها، و متخلين عن أي عصبية أو انتماء من شأنه أن يقض حرية و سلامة البحث. و من ثم تبني هذه الهوية و السير على ما تقتضيه بكل إخلاص. حينها فقط يستطيع أن يتعايش البشر سواءً كانوا أشخاصاً ضمن أسرة واحدة، أو مواطنين في مجتمع واحد، أو حتى أفراد متباعدين مختلفين ضمن عالم كبير واحد. ـ
خطر ببالي و أنا أقرأ الكتاب تلك النظرية القائلة: لقد اتخذ الغرب قوانين صارمة فرضوها على أنفسهم بها تقدموا و وصلوا لما وصلوا إليه من حضارة و ازدهار. كيف لهذه النظرية أن تكون صحيحة في ظل وجود مثل هذا العقد. في اعتقادي لم يستطع الغرب التقدم عند وجود قوانين صارمة فرضتها المَلكية الجائرة، بل تخلصوا من جور قوانين المَلكية و اتفقوا على ما هو عادل و ما من شأنه أن يضمن الحضارة و المساواة أولا، ومن ثم وضعوا قوانينهم التي يرون أنها عادلة بعد الاتفاق، و كثمرة لتحضرهم. و أنا أرى أن هذه القوانين بدأت تفقد سيطرتها في المجتمعات الغربية نتيجة قدم ما كان أساساً لها، و هو الاتفاق على الانصياع لما يضمن التقدم.ـ
أخيراً أود أن أقول، لقد تقدم الغرب بعد معاناة فكرية و عسكرية و بعد عصر طال من المخاض و الظلام، لكنهم استطاعوا أن يتبعوا باتفاقهم ما هو حق يقره العقل و المنطق لبناء حضارتهم. هذه هي سنة الكون الذي زرعها مكوِّنه فيه، فثمرة اتباع الحق واحدة، سواءً أخذ هذا الحق من كتاب العقد الاجتماعي و عقول الفلاسفة، أو من القرآن الكريم و سنة الرسول المبين، صلى الله عليه و سلم. لقد فعلت التعاليم الإلهية الإسلامية في المجتمع الجاهلي خلال ربع قرن ما لم تفعله أيةُ أفكار و فلسفات، و دون الحاجة لأي مدارس و لا جامعات، بل قفزاً من الجهل و الدمار إلى العلم و الحضارة، يحميها إلهها العظيم جل و علا. لكن مجتمعاتنا، للأسف، هوت من قفزتها بعدما تركت حبل نجاتها، و تبرمت لسماء تقدمها.ـ
إقتباسات:
ذلك لأن صولة الشهوة وحدها هي العبودية، ولأن إطاعة القانون الذي نُلْزِمُ به أنفسنا هي الحرية.ـ
التشريع أمر فوق طاقة البشر.ـ
كل عدل يأتي من الله، والله وحده هو مصدره، ولكننا لو كنا نعرف أن نتلقَّاه من هذا المقام الأعلى لم نحتج إلى حكومة، ولا إلى قوانينَ.ـ
إن الناس إذ يمكن أن يتفاوتوا قوة وذكاءً فإنهم يتساوون عهدًا وحقٍّا.ـ
في البداية، ربما علي أن أذكر أن النسخة "التراثية" المستعارة من "متحف آل الغرياني" -على حد تعبير "الزوار"- كانت سبب في زيادة أهمية قراءتي لهذا الكتاب، في البداية، ربما علي أن أذكر أن النسخة "التراثية" المستعارة من "متحف آل الغرياني" -على حد تعبير "الزوار"- كانت سبب في زيادة أهمية قراءتي لهذا الكتاب، وسبب في إضفاء المزيد من الطابع التراثي عليه. ـ
السبيل الوحيد ربما لإنصاف هذا الكتاب و كاتبه هو الرجوع لعصر كتابة الكتاب، و تصور المستوى الفكري و المخزون العلمي المتوفر حينها. فقط عند تصور كل ذلك يدرك من يقرأ هذه المقتطفات من مقدمة ابن خلدون أن الرجل لا يتحدث بلسان عصره، بل يبني بلسانه عصراً جديداً، يؤسس لعلم جديد، علم عالمي الحدود، إنساني الطابع؛ علم الاجتماع. ـ
لكني أريد أن أغض الطرف عن هذا، مع أنه الأهم في ما كتبه ابن خلدون، لأشير لعدة نقاط منها غزارة علم الرجل و سعة أطلاعه التي سمحت له، و هو السياسي المحنك، أن يضع قواعد و يستنبط قوانين لنواحي كثيرة اجتماعية و سياسية و ثقافية. صراحةً، لا أدري أين اختفى أمثال ابن خلدون من المستنبطين و المتأملين مع الحفاظ على الأصول الثقافية و الهوية الإسلامية العربية، و التزام الحيادية عند التحدث عن الأعاجم و العلماء الغربيين.ـ
أريد أن أشير أيضاً لأمر أعجبني و زاد من احترامي لابن خلدون كإنسان. إن ابن خلدون رغم كل الظروف السياسية و الاجتماعية السيئة استطاع أن يجد لنفسه منفذا يصل من خلاله للأجيال اللاحقة، بل يبني من رماده علماً يقدمه للبشرية أجمع. وهذا ما يشكل صفعة على وجه كل من يتعذر و يتخاذل عن الوفاء بمسؤولياته وهو المدرك لها، و القادر على المشاركة في محيطه و التأثير فيه قدر المستطاع.ـ ...more
إن القراءة عن الكون عمل مثير للخيال العلمي و المشاعر العاطفية في آن واحد، ذلكن لأننا نحب كوننا، وننبهر بمدى حجمه و اتساعه و تنوعه، ومدى صغرنا و ضآلتن إن القراءة عن الكون عمل مثير للخيال العلمي و المشاعر العاطفية في آن واحد، ذلكن لأننا نحب كوننا، وننبهر بمدى حجمه و اتساعه و تنوعه، ومدى صغرنا و ضآلتنا و ضعفنا بالنسبة له. الكتاب جميل جداً في الكثير من فصوله، البحثية تحديداً والتي يتكلم فيها الكاتب عن المعاناة و السعي في البحث عن الحقيقة، عن العلم.ـ
أما ما أثار تحفظي و استهجاني تلك المغازلة الممجوجة ،والرخيصة أحيانا، للمادة! والذي يحاول الكاتب المعترف بجهلنا النسبي عن أصل وجودنا، أن يصورنا كمجرد فتات كوني أدرك فجأة أنه ملم بالحقيقة! لا أدري أي معنى يبقى لإثارة المشاعر و الأحاسيس اتجاه هذا الفناء و اللاشيء إذا! ـ من المفارقة أن صورة غلاف إحدى نسخ الكتاب مكتوب عليها "منتدى الملحدين العرب"، في حين أن الكتاب لا يزيد المؤمن إلا إيماناً و تفكرا بعظيم خلق الله..لذا أشكرهم حقيقةً لاهتمامهم بنشره.ـ
استمتعت كثيراً صراحة في الكثير مما أورده المؤلف، و عشت تفاصيل ما كتب عنه من رحلات و تطلعات نحو الآفاق البعيدة.ـ