Tharwat's Reviews > أولاد حارتنا
أولاد حارتنا
by
سألني أحدهم مرة، هل قرأت شيئًا لنجيب محفوظ، أجبته وأنا مسرور بأني حقيقةً قرأت أغلب ما كتبه، كيف أخفي شيئًا كهذا، فباغتني بسؤاله:
- إذًا لعلك قرأت أولاد حارتنا؟
كيف لم أقرأ أولاد حارتنا حتى الآن، الحق أني قرأت أغلب روايات الرجل، متجنبًا تلك الرواية على وجه الخصوص، كنت أتحرج حتى من الكلام بشأنها، أغلب من تكلم فى الرجل كفروه بسبب تلك الرواية، العفاني ذاته أفرد فى كتابه الطيب "أعلام واقزام فى ميزان الإسلام" فصلاً كاملًا يشرح فيه رموز الرواية وما يريد محفوظ أن يقوله، وكانت فتنة فى منتصف القرن العشرين، منذ أن نشرها هيكل مسلسلة فى أهرامه، الحق أني معجب بمحفوظ وأسلوب قصّه، كيف أنكر أنني كنت مغرمًا بكل ما كتب، ألم أهم أيام فى حكايات حرافيش الجمالية، حتى أني أعتبر الحرافيش هي أجود ما كتب، أشبه بملحمة، ألم أكن أحب مراياه، وظللت سويعات ألهث وراء تلاحق الأحداث المتتابعة فى اللص والكلاب، ألم أكن دومًا أذهب وأجىء وتحت إبطي صباح الورد والجريمة، وتارة أحاديث الصباح والمساء، ألم أكن هائمًا فى قلب ليله حينذاك، الرجل لديه أسلوب حكي مميز كذلك، هائم بين أحلام السرد وأوهام بركات أوليائه، ذلك الجو المشبع بروحانية غريبة بمنطقة الحسين والجمالية، لا أتذكر أول ما قرأته له، لكن انتبهت لكتبه بعد أن قرأت خان الخليلي، كنت قبلها قد قرأت له بداية ونهاية، فى الحقيقة بداية ونهاية عندي أجود من ثلاثيته، كيف لم أهتم كل تلك المدة بالبحث عن روايته المثيرة للجدل، فى الحقيقة ربما حبي للرجل منعني من قراءتها أو الاهتمام بما فيها، كنت أسمع تحليلات من قرأ الرواية واصمًا الرجل بالكفر وأنا صامت حزين، الحب والكره له عامل أساسي أيضًا فى حكمك على الناس، أدرك جيدًا شهادة يحيى حقي بشأن الرواية، هو من أصدق النقاد الحقيقيين -رحمه الله- هو والأستاذ على أدهم، الرجل بلا شك أدرك رموز محفوظ وحذر منها أنها رموز قصد بها محفوظ المقدسات الدينية، يحيى حقي لم يكن من رموز التكفير كما سيجعجع العلمانيون ذوو الضحالة الفكرية، حينما قال لي من سألني ساخرًا مبتسمًا ابتسامة ماكرة:
- إذًا أنت لم تقرأ شيئًا لنجيب محفوظ.
أدركت حجم الورطة، أنا فعلاً رغم كل ما قيل بشأن الرواية لم أحاول حتّى أن أقرأها، ذهبت مفكرًا محتارًا لمنزلي، فتحت حاسوبي، بحثت فى كم الكتب الذي على جهازي، حينما تعبت من البحث، بحثت عبر شبكة الإنترنت، ووجدتها صوتية، يا للعجب، كتاب ناطق، مقسمة على ثلاث ملفات صوتية، مساحتها كبيرة لكن لا بأس، حينما انتهيت من تحميلها، جلست لأستمع بدون إهتمام حقيقي وأنا أواصل كتابتي فى موضوعاتي، يا للعجب، ما تلك المقدمة العجيبة، هو أسلوب محفوظ المميز فى الحكي والسرد، ولكن أية رموز شيطانية تلك!!، قالوا ساعتها مُقزمين من حجم الموضوع، أن الرموز عبارة عن مجلس قيادة الثورة ، عبد الناصر وبطانته، أي سخف لعين، الرموز لا تحتاج كبير تفسير أو تخمين، فالجبلاوي هو الله، جل وعلا، وتنزه وتقدس، وأدهم آدم، وأميمة حواء، وإبليس إدريس، وإخوة قاسم الملائكة، قاتل الله محفوظًا، حتى الأسماء فيها جناس، الجبلاوي جبار ظالم أفعاله لا تقبل العصيان أو حتى مجرد النقاش، اعتزل فى بيته الكبير؛ والذي يطرد منه بعد قليل إدريس ثم أدهم إلى الخلاء فى ظلم جلي(!!!) ليعمرا الربع، ويستعمراه، ليت شعري، أولاد أدهم همام وهو هابيل، وقدري وهو بالطبع قابيل، هل سيقتل قدري همام..أفّ حتى الصباح، صدق الظن، تبًا لكل هذا الهزل، وماذا أيضًا..ماذا أيضًا..تتوالى الرموز كصاعقة ذهنية .."جبل" موسى عليه السلام ، و"رفاعة" عيسى عليه السلام، و"قاسم" محمد عليه الصلاة والسلام، ما الذي أراده محفوظ من كل هذا، لم أقرأ شيئًا فعلاً كما قال السائل ذو البشرة الصهباء، كل صاحب قلم يعلم تمام الإدراك أنه لابد من أن يبتعد عن مباشرة تابوهات ثلاث، الدين والسياسة والجنس، لكن محفوظ بعد أن عاث بقلمه جنسًا وسياسة، كان لابد أن يبدأ بدأبه المعروف عنه كموظف نظامي فى التابو الثالث، ويا لضحالة ما أنتجه، هل لذلك أهدوه جائزة نوبل..والآن لا مناص..رحم الله محفوظًا، هَا أَنْتُمْ هَؤُلاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً.
by

سألني أحدهم مرة، هل قرأت شيئًا لنجيب محفوظ، أجبته وأنا مسرور بأني حقيقةً قرأت أغلب ما كتبه، كيف أخفي شيئًا كهذا، فباغتني بسؤاله:
- إذًا لعلك قرأت أولاد حارتنا؟
كيف لم أقرأ أولاد حارتنا حتى الآن، الحق أني قرأت أغلب روايات الرجل، متجنبًا تلك الرواية على وجه الخصوص، كنت أتحرج حتى من الكلام بشأنها، أغلب من تكلم فى الرجل كفروه بسبب تلك الرواية، العفاني ذاته أفرد فى كتابه الطيب "أعلام واقزام فى ميزان الإسلام" فصلاً كاملًا يشرح فيه رموز الرواية وما يريد محفوظ أن يقوله، وكانت فتنة فى منتصف القرن العشرين، منذ أن نشرها هيكل مسلسلة فى أهرامه، الحق أني معجب بمحفوظ وأسلوب قصّه، كيف أنكر أنني كنت مغرمًا بكل ما كتب، ألم أهم أيام فى حكايات حرافيش الجمالية، حتى أني أعتبر الحرافيش هي أجود ما كتب، أشبه بملحمة، ألم أكن أحب مراياه، وظللت سويعات ألهث وراء تلاحق الأحداث المتتابعة فى اللص والكلاب، ألم أكن دومًا أذهب وأجىء وتحت إبطي صباح الورد والجريمة، وتارة أحاديث الصباح والمساء، ألم أكن هائمًا فى قلب ليله حينذاك، الرجل لديه أسلوب حكي مميز كذلك، هائم بين أحلام السرد وأوهام بركات أوليائه، ذلك الجو المشبع بروحانية غريبة بمنطقة الحسين والجمالية، لا أتذكر أول ما قرأته له، لكن انتبهت لكتبه بعد أن قرأت خان الخليلي، كنت قبلها قد قرأت له بداية ونهاية، فى الحقيقة بداية ونهاية عندي أجود من ثلاثيته، كيف لم أهتم كل تلك المدة بالبحث عن روايته المثيرة للجدل، فى الحقيقة ربما حبي للرجل منعني من قراءتها أو الاهتمام بما فيها، كنت أسمع تحليلات من قرأ الرواية واصمًا الرجل بالكفر وأنا صامت حزين، الحب والكره له عامل أساسي أيضًا فى حكمك على الناس، أدرك جيدًا شهادة يحيى حقي بشأن الرواية، هو من أصدق النقاد الحقيقيين -رحمه الله- هو والأستاذ على أدهم، الرجل بلا شك أدرك رموز محفوظ وحذر منها أنها رموز قصد بها محفوظ المقدسات الدينية، يحيى حقي لم يكن من رموز التكفير كما سيجعجع العلمانيون ذوو الضحالة الفكرية، حينما قال لي من سألني ساخرًا مبتسمًا ابتسامة ماكرة:
- إذًا أنت لم تقرأ شيئًا لنجيب محفوظ.
أدركت حجم الورطة، أنا فعلاً رغم كل ما قيل بشأن الرواية لم أحاول حتّى أن أقرأها، ذهبت مفكرًا محتارًا لمنزلي، فتحت حاسوبي، بحثت فى كم الكتب الذي على جهازي، حينما تعبت من البحث، بحثت عبر شبكة الإنترنت، ووجدتها صوتية، يا للعجب، كتاب ناطق، مقسمة على ثلاث ملفات صوتية، مساحتها كبيرة لكن لا بأس، حينما انتهيت من تحميلها، جلست لأستمع بدون إهتمام حقيقي وأنا أواصل كتابتي فى موضوعاتي، يا للعجب، ما تلك المقدمة العجيبة، هو أسلوب محفوظ المميز فى الحكي والسرد، ولكن أية رموز شيطانية تلك!!، قالوا ساعتها مُقزمين من حجم الموضوع، أن الرموز عبارة عن مجلس قيادة الثورة ، عبد الناصر وبطانته، أي سخف لعين، الرموز لا تحتاج كبير تفسير أو تخمين، فالجبلاوي هو الله، جل وعلا، وتنزه وتقدس، وأدهم آدم، وأميمة حواء، وإبليس إدريس، وإخوة قاسم الملائكة، قاتل الله محفوظًا، حتى الأسماء فيها جناس، الجبلاوي جبار ظالم أفعاله لا تقبل العصيان أو حتى مجرد النقاش، اعتزل فى بيته الكبير؛ والذي يطرد منه بعد قليل إدريس ثم أدهم إلى الخلاء فى ظلم جلي(!!!) ليعمرا الربع، ويستعمراه، ليت شعري، أولاد أدهم همام وهو هابيل، وقدري وهو بالطبع قابيل، هل سيقتل قدري همام..أفّ حتى الصباح، صدق الظن، تبًا لكل هذا الهزل، وماذا أيضًا..ماذا أيضًا..تتوالى الرموز كصاعقة ذهنية .."جبل" موسى عليه السلام ، و"رفاعة" عيسى عليه السلام، و"قاسم" محمد عليه الصلاة والسلام، ما الذي أراده محفوظ من كل هذا، لم أقرأ شيئًا فعلاً كما قال السائل ذو البشرة الصهباء، كل صاحب قلم يعلم تمام الإدراك أنه لابد من أن يبتعد عن مباشرة تابوهات ثلاث، الدين والسياسة والجنس، لكن محفوظ بعد أن عاث بقلمه جنسًا وسياسة، كان لابد أن يبدأ بدأبه المعروف عنه كموظف نظامي فى التابو الثالث، ويا لضحالة ما أنتجه، هل لذلك أهدوه جائزة نوبل..والآن لا مناص..رحم الله محفوظًا، هَا أَنْتُمْ هَؤُلاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً.
Sign into ŷ to see if any of your friends have read
أولاد حارتنا.
Sign In »
Quotes Tharwat Liked

“انهم بهتفون للمنتصر أيا كان المنتصر ويهللون للقوى أيا كان القوى ويسجدون امام النبابيت، يداوون ذلك الرعب الكامن فى أعماقهم. غموس اللقمة فى حارتنا الهوان...”
― أولاد حارتنا
― أولاد حارتنا
Reading Progress
Finished Reading
January 18, 2012
– Shelved
Comments Showing 1-17 of 17 (17 new)
date
newest »

message 1:
by
Ѵßٲڲ
(new)
-
rated it 2 stars
Jan 24, 2012 03:41AM

reply
|
flag

الا ان من الظلم ان ننسي تاريخ الرجل الادبي العظيم من اجل عمل واحد
اعجبنى انصافك للاديب
واحزنني تكثيف الاخرون لموهبتى الادبية فى عمل واحد


وانصحك ايضا بقرائتها فالقراءة غير السمع كما تعلم
واشكرك على هذا النقد الجميل منصف




الجبلاوى ليس ظالم في اى جزء من الرواية بل هو قيم العدل و المعرفة الفوقية
لم يهين نبي من الأنبياء
المقصود من الرواية واضح
صراع بين الحق " الأنبياء" و بين السلطة و الحكم " القتوات " لا ينتهي
حتي مات الدين فينا بموت الجبلاوى واصبحنا ماديين دون قصد بأدعاء العلم " عرفة " الذي قتل كل ما هو جميل فينا بقصد التحررو التعلم
ادبياً الترميز واضح جميل محبوك و الاحداث مترابطة و الالفاظ نوعاً ما جميلة

ويبقى الاستاذ اللى خرج نجيب من الملة موافق على محاولة اغتياله لانه فى عرفه كافر..

