Mohammed's Reviews > التخلف الاجتماعي: مدخل إلى سيكولوجية الإنسان المقهور
التخلف الاجتماعي: مدخل إلى سيكولوجية الإنسان المقهور
by
by

تسائل أحمد خالد توفيق في إحدى مقالاته عن مشكلتنا نحن العرب. أثناء تنقله بين قنوات التلفاز، وجد العالم يحتفل بإنجازات ومناسبات مختلفة، بينما كل جزء من عالمنا العربي يغرق في حرب أو كارثة ما. من الصواب أن نتسائل ونسأل، فإيجاد الحلول يبدأ بطرح الأسئلة. في هذا الكتاب يقدم لنا د.مصطفى حجازي مرئياته حول المسببات والأعراض النفسية للإنسان في دول العالم الثالث، حيث يعيش الإنسان المقهور والمتخلف. هي دراسة نفسية واجتماعية جادة وصريحة، لا يشوبها تحيز إيدولوجي من أي نوع.
قد نعترف جميًعا بأن ثمة مشكلة ما، ولكننا لا نستطيع وضع أيدينا على موضع الخلل. لا بد إذن من التقصي ومواجهة النفس بجرأة حتى نخرج ببعض الاستنتاجات. ومن الأفضل أن تكون مواجهة شاملة بدلًا من اختزال التهمة في الحكومات أو الدين أو الشعوب أو المستعمر...إلخ. قد ترى أن بعض النظريات لا تنطبق عليك، أو على طبقتك أو على بلدك، وقد ترى أن بعضها ينطبق على شعوب بعض البلدان المتقدمة، لا ضير في ذلك من وجهة نظري. المهم أن تُقبل على النص بذهن متفتح ونفسية متقبلة للاعتراف والاستفادة.
يرى د.حجازي أن العلاقات في العالم المتخلف جدلية، فكل جزئية تؤثر بالأخرى. هناك قهر يأتي من دول الاستعمار، وقهر يأتي من الحكومات الدكتاتورية، وهناك ردود أفعال بدائية من الشعوب المقهورة. وحتى هذه الأخيرة يمر قهرها بمراحل متعددة كالرضوخ والكبت والتمرد. لم يحمّل المؤلف طرفًا كل أسباب التخلف، بل سمى الأمور بمسمياتها، ودافع عن الشعوب بشكل خاص إزاء اتهامات بعض المستشرقين بأنها تعاني من تخلف عرقي متأصل.
يعاني الإنسان المتخلف من قهر مركّب، فهو يعاني من قلة الحيلة وانعدام الضمانات أمام الظروف، هذا بالإضافة إلى قهر المتسلط في الدولة والعمل. وبالتالي فهو يرضح للمستبد، إذ لم يترك له خيارًا آخر، ثم يصب قهره على من هم أقل منه سواء في المجال الوظيفي أو الأسري. يتولد لدينا مجتمع راضح مستبد يعاني من مشاكل عويصة في التواصل والعلاقات بشتى أنواعها.
يؤمن الإنسان في المجتمعات المتأخرة بالحلول السحرية السريعة، التي يطمح أن تغير حاله بغمضة عين. قد يتمثل ذلك الحل في العنف أو في شخص عظيم يظهر في مسرح الأحداث. دائمًا هو بانتظار المعجزة، وحبذا لو تحدث دون مجهود منه. لا يحب الصبر والسير بخطوات مدروسة لمدة زمنية منطقية، بل القفز للنهاية السعيدة. ينتج عن هذا التفكير التصاق شديد بشخصية الحاكم وتزيد سطوته، إذ أنه هو صاحب العصا السحرية، كما يدفع الحاكم للمزيد من الترويج للحلول السحرية التي لا يقتنع الفرد إلا بها. بشكل عام الكتاب زاخر بالعديد من الأفكار المثيرة عن العلاقة بين الحاكم والمحكوم في الدول النامية.
ينشأ المتخلف ومعه بذور رجعيته منذ نعومة إظفاره. ففي المدرسة يتلقى مواد لا علاقة لها بواقعه والفرص المتاحة له. كما يفرض عليه معلموه بيئة يُمنع فيها النقد والتغيير. أضف إلى ذلك أن والدته تزرع فيه الخوف من الخرافة والتعلق العاطفي الذي يؤثر سلبًا على استقلاله النفسي فيما بعد. لذا هو يكبر وتكبر فيه تلك العوامل وقد ينقلها إلى الجيل الذي يليه.
بما أن القهر متبادل من قمة الهرم إلى قاعدته، فلا بد إذن أن يقع على كاهل المرأة النصيب الأعظم من القهر، فهي مصب لكل فشل في المجتمع. هي تعويض لعقدة النص وعقدة العار وكذلك يتم استغلالها لتحقيق النزعة إلى الاستعراض. هذا إلى جانب أنها تخضع إلى مايسمى بالتشريط منذ ميلادها، فالمجتمع يغرس في لا وعيها أن لها دورًا محددًا في الحياة لا يمكن أن تحيد عنه، ويتم حرمانها من الكثير من الموارد مما قد يجعلها شخصًا إنفعاليًا تنقصه الكثير من الإمكانات ويعتمد في الوصول إلى أهدافه على وسائل غير منطقية. فالمجتمع الرجولي، إذن، يصنع من المرأة شخصًا ثم يسخر مما صنعته يداه. أسوأ أنواع القهر هو عندنا يتم تنشأة المرأة للتقبل هذا الوضع ولا ترى بديلا له بل وتعتز بهذا الدور.
ليس الكتاب ضخمًا من حيث الحجم ولكنه ثري بالمعلومات من جميع فروع المعرفة كعلم الاجتماع والاقتصاد والتعليم وغيره. مادته علمية صرفة لكنها مبسطة بشكل معقول، بحيث لا يكون النص خفيفًا بلا لُب، ولا معقدًا يزهق الروح. لا أتوقع أن يتفق القارئ مع كل ماورد في الكتاب لكنه حتمًا سيفكر كثيرً ويتأمل وهو يقلب صفحاته. أخيرًا، قد يرى القارئ أن الكتاب لا يطرح الكثير من الأفكار الجديدة، ربما كان هذا صحيحًا، ولكن أسلوب طرحه في ضوء علم النفس، بالإضافة إلى ربط الأسباب والأعراض والنتائج يغذي الفِكر ويساعد المتلقي على رفع وعيّه بهذه القضية المعقدة.
قد نعترف جميًعا بأن ثمة مشكلة ما، ولكننا لا نستطيع وضع أيدينا على موضع الخلل. لا بد إذن من التقصي ومواجهة النفس بجرأة حتى نخرج ببعض الاستنتاجات. ومن الأفضل أن تكون مواجهة شاملة بدلًا من اختزال التهمة في الحكومات أو الدين أو الشعوب أو المستعمر...إلخ. قد ترى أن بعض النظريات لا تنطبق عليك، أو على طبقتك أو على بلدك، وقد ترى أن بعضها ينطبق على شعوب بعض البلدان المتقدمة، لا ضير في ذلك من وجهة نظري. المهم أن تُقبل على النص بذهن متفتح ونفسية متقبلة للاعتراف والاستفادة.
يرى د.حجازي أن العلاقات في العالم المتخلف جدلية، فكل جزئية تؤثر بالأخرى. هناك قهر يأتي من دول الاستعمار، وقهر يأتي من الحكومات الدكتاتورية، وهناك ردود أفعال بدائية من الشعوب المقهورة. وحتى هذه الأخيرة يمر قهرها بمراحل متعددة كالرضوخ والكبت والتمرد. لم يحمّل المؤلف طرفًا كل أسباب التخلف، بل سمى الأمور بمسمياتها، ودافع عن الشعوب بشكل خاص إزاء اتهامات بعض المستشرقين بأنها تعاني من تخلف عرقي متأصل.
يعاني الإنسان المتخلف من قهر مركّب، فهو يعاني من قلة الحيلة وانعدام الضمانات أمام الظروف، هذا بالإضافة إلى قهر المتسلط في الدولة والعمل. وبالتالي فهو يرضح للمستبد، إذ لم يترك له خيارًا آخر، ثم يصب قهره على من هم أقل منه سواء في المجال الوظيفي أو الأسري. يتولد لدينا مجتمع راضح مستبد يعاني من مشاكل عويصة في التواصل والعلاقات بشتى أنواعها.
يؤمن الإنسان في المجتمعات المتأخرة بالحلول السحرية السريعة، التي يطمح أن تغير حاله بغمضة عين. قد يتمثل ذلك الحل في العنف أو في شخص عظيم يظهر في مسرح الأحداث. دائمًا هو بانتظار المعجزة، وحبذا لو تحدث دون مجهود منه. لا يحب الصبر والسير بخطوات مدروسة لمدة زمنية منطقية، بل القفز للنهاية السعيدة. ينتج عن هذا التفكير التصاق شديد بشخصية الحاكم وتزيد سطوته، إذ أنه هو صاحب العصا السحرية، كما يدفع الحاكم للمزيد من الترويج للحلول السحرية التي لا يقتنع الفرد إلا بها. بشكل عام الكتاب زاخر بالعديد من الأفكار المثيرة عن العلاقة بين الحاكم والمحكوم في الدول النامية.
ينشأ المتخلف ومعه بذور رجعيته منذ نعومة إظفاره. ففي المدرسة يتلقى مواد لا علاقة لها بواقعه والفرص المتاحة له. كما يفرض عليه معلموه بيئة يُمنع فيها النقد والتغيير. أضف إلى ذلك أن والدته تزرع فيه الخوف من الخرافة والتعلق العاطفي الذي يؤثر سلبًا على استقلاله النفسي فيما بعد. لذا هو يكبر وتكبر فيه تلك العوامل وقد ينقلها إلى الجيل الذي يليه.
بما أن القهر متبادل من قمة الهرم إلى قاعدته، فلا بد إذن أن يقع على كاهل المرأة النصيب الأعظم من القهر، فهي مصب لكل فشل في المجتمع. هي تعويض لعقدة النص وعقدة العار وكذلك يتم استغلالها لتحقيق النزعة إلى الاستعراض. هذا إلى جانب أنها تخضع إلى مايسمى بالتشريط منذ ميلادها، فالمجتمع يغرس في لا وعيها أن لها دورًا محددًا في الحياة لا يمكن أن تحيد عنه، ويتم حرمانها من الكثير من الموارد مما قد يجعلها شخصًا إنفعاليًا تنقصه الكثير من الإمكانات ويعتمد في الوصول إلى أهدافه على وسائل غير منطقية. فالمجتمع الرجولي، إذن، يصنع من المرأة شخصًا ثم يسخر مما صنعته يداه. أسوأ أنواع القهر هو عندنا يتم تنشأة المرأة للتقبل هذا الوضع ولا ترى بديلا له بل وتعتز بهذا الدور.
ليس الكتاب ضخمًا من حيث الحجم ولكنه ثري بالمعلومات من جميع فروع المعرفة كعلم الاجتماع والاقتصاد والتعليم وغيره. مادته علمية صرفة لكنها مبسطة بشكل معقول، بحيث لا يكون النص خفيفًا بلا لُب، ولا معقدًا يزهق الروح. لا أتوقع أن يتفق القارئ مع كل ماورد في الكتاب لكنه حتمًا سيفكر كثيرً ويتأمل وهو يقلب صفحاته. أخيرًا، قد يرى القارئ أن الكتاب لا يطرح الكثير من الأفكار الجديدة، ربما كان هذا صحيحًا، ولكن أسلوب طرحه في ضوء علم النفس، بالإضافة إلى ربط الأسباب والأعراض والنتائج يغذي الفِكر ويساعد المتلقي على رفع وعيّه بهذه القضية المعقدة.
Sign into ŷ to see if any of your friends have read
التخلف الاجتماعي.
Sign In »
Reading Progress
April 29, 2020
–
Started Reading
April 29, 2020
– Shelved
May 4, 2020
–
Finished Reading
Comments Showing 1-11 of 11 (11 new)
date
newest »


المراجعة ماتوفيه حقه. سعيد أنك قرأتيه مؤخرا.

لذلك صدقا شادة روحي بسيف كي لا اقرا مراجعتك
و ادخل للكتاب صفحة بيضاء.
لنا عودة ان شاء الله.
صديقي 🌸😊"
قراءة موفقة👍

كلنا مذنبون فعلا وعلى جميعنا الاعتراف بذلك والسعي إلى إصلاح ما أفسدناه

الكتاب رائع ومرورك رائع يانور.
لذلك صدقا شادة روحي بسيف كي لا اقرا مراجعتك
و ادخل للكتاب صفحة بيضاء.
لنا عودة ان شاء الله.
صديقي 🌸😊