Mohammed's Reviews > ممتلئ بالفراغ
ممتلئ بالفراغ
by
by

ممتلئ بالفراغ
عماد رشاد عثمان
أعرف أنك ستقول بأنك لست مدمناً على أي شيء، فهذا أول ما يقوله المدمن. الإنكار هو إحدى حيل الإدمان الكثيرة، منها أن يقنعك بأن تعود لمعاقرة عادتك الذميمة مع بعض الـ"كنترول"، أو أن تضع نفسك أمام ما تدمن عليه فقط لمجرد التحدي وإثبات قوة عزيمتك، أو لتشكر الله على التوبة...إلخ. أحذر ولا تأمن هذا المسخ الماكر.
تعددت الأسماء والإدمان واحد
الشراهة، التدخين، المُسكرات، الإباحيات، التسوق... يمكن للإنسان أن يدمن على شيء ما. بل ربما يكون الإدمان بالإفراط عن الامتناع المفرط عن نشاط معين. يذكر الكتاب أنواعاً مختلفة من السلوكيات الإدمانية، لدرجة أنه ذكر مصطلحاً فريداً وهو "تعاطي التدين". من مميزات الكتاب أنه يناقش السلوكيات القهرية بصفة عامة دون الاقتصار على صنف معين. لا أنكر أنه ركز في الأمثلة على أنماط معينة دون أخرى، لكن قد يكون ذلك بسبب شيوع تلك الأنواع أو درجة خطورتها.
نص رصين
لا أخفي عليك � عزيزي- بأنني ترددت ملياً قبل اقتناء هذا الكتاب، ثم ترددت مجدداً في قراءته بعد شراءه. كان أخشى ما أخشاه هو أن أجد نصاً زاخراً بأبجديات التنمية البشرية والميل نحو تسطيح الأمور. على العكس تماماً، يتكئ الكتاب برزانة على علم النفس، الاجتماع ولمحة طفيفة من الفلسفة. أول ما يقول له لنا الكتاب هو: ليس الإدمان بمشكلة متعلقة بضعف الإرادة أو الانحراف الخُلقي أو لمجرد الرغبة في اللذة. وبعد ذلك لا يترك الكتاب سبباً أو عرضاً أو حلاً إلا ويطرحه بلغة ليست بسيطة حد السطحية ولا عصية حد الاستغلاق على الفهم.
أشمل مما تتوقع
في سعيه لنبش جذور الإدمان ومآلاته، يعرج عماد رشاد على مسائل نفسية واجتماعية متعلقة بالإدمان. فمثلاً يحدثنا عن الإدمان كهروب من الواقع، كمخرج للفشل في العلاقات، وكعلاج لعدم القدرة على التعبير عن المشاعر. ومن ناحية أخرى، يكشف لنا الكتاب ملفات ليست بالضرورة مقتصرة على آفة الإدمان. خذ مثلا النمو العاطفي لدى الإنسان من مرحلة الأنانية المحضة إلى الاعتدال الطبيعي. في بعض الحالات � للأسف- قد يحصل اضطراب في ذلك النمو ليبقى الشخص في مرحلة الأنانية أو إلى نقيضها بالمسمى اللاذاتية، حيث يذيب المرء نفسه في شخص آخر أو أن يعلق في مرحلة انتقالية حيث يصب عواطفه على شيء أو نشاط ما بدلاً من الآخرين. هناك أيضاً الحديث عن رفاق المدمنين، وهم الأشخاص المرتبطين عاطفياً بالمدمنين (أو المُعنِّفين) وهم -على النقيض من الاعتقاد السائد � يساهمون في تدهور رفاقهم المدمنين لا في تعافيهم، وذلك عن طريق تماهيهم مع أخطاء الآخر وتقديم أنفسهم كضحايا. بل ربما يصبحون مهووسين بممارسات المدمن فإذا هم سواء في السلوك القهري. النص يتعامل إذن مع مسائل نفسيه مهمة مثل التربية والعلاقات والكبت وقيمة الذات.
حان وقت التعافي
لا بد أن يبرز سؤال منطقي: إذا تصدى نص للحديث عن أسباب الإدمان وأعراضه ومخاطره، ماذا عن الحلول؟ يتفرد هذا النص بوضع إشارات للتعافي، وهي ليست بالضرورة نصائح مباشرة بل قد تكون تلميحات، شهادات من الناجين، خواطر إيجابية وكذلك خطوات عملية. أشيد مرة أخرى بواقعية النص إذ لا يسعى إلى إقناع القارئ بأن التعافي هو محض قوة إرادة أو إجراء يمكنك تنفيذه بضغطة زر. يمد لنا الكاتب يد العون من أجل التعافي عن طريق تجنب خطوات الانتكاس، التركيز على النجاة ليوم واحد في كل مرة، إعادة تعزيز العلاقة مع اللذة الطبيعية، تصحيح مسار علاقتنا مع الآخر، وغير ذلك.
سعيد باقتناء هذا الكتاب وقراءته لمحتواه الغزير وخطابه الراقي. أعتقد بأنه كان من الممكن ترتيب عناوينه وفصوله بشكل أفضل. وعليه فإن تقييمه العام أربع نجوم ونصف.
عماد رشاد عثمان
أعرف أنك ستقول بأنك لست مدمناً على أي شيء، فهذا أول ما يقوله المدمن. الإنكار هو إحدى حيل الإدمان الكثيرة، منها أن يقنعك بأن تعود لمعاقرة عادتك الذميمة مع بعض الـ"كنترول"، أو أن تضع نفسك أمام ما تدمن عليه فقط لمجرد التحدي وإثبات قوة عزيمتك، أو لتشكر الله على التوبة...إلخ. أحذر ولا تأمن هذا المسخ الماكر.
تعددت الأسماء والإدمان واحد
الشراهة، التدخين، المُسكرات، الإباحيات، التسوق... يمكن للإنسان أن يدمن على شيء ما. بل ربما يكون الإدمان بالإفراط عن الامتناع المفرط عن نشاط معين. يذكر الكتاب أنواعاً مختلفة من السلوكيات الإدمانية، لدرجة أنه ذكر مصطلحاً فريداً وهو "تعاطي التدين". من مميزات الكتاب أنه يناقش السلوكيات القهرية بصفة عامة دون الاقتصار على صنف معين. لا أنكر أنه ركز في الأمثلة على أنماط معينة دون أخرى، لكن قد يكون ذلك بسبب شيوع تلك الأنواع أو درجة خطورتها.
نص رصين
لا أخفي عليك � عزيزي- بأنني ترددت ملياً قبل اقتناء هذا الكتاب، ثم ترددت مجدداً في قراءته بعد شراءه. كان أخشى ما أخشاه هو أن أجد نصاً زاخراً بأبجديات التنمية البشرية والميل نحو تسطيح الأمور. على العكس تماماً، يتكئ الكتاب برزانة على علم النفس، الاجتماع ولمحة طفيفة من الفلسفة. أول ما يقول له لنا الكتاب هو: ليس الإدمان بمشكلة متعلقة بضعف الإرادة أو الانحراف الخُلقي أو لمجرد الرغبة في اللذة. وبعد ذلك لا يترك الكتاب سبباً أو عرضاً أو حلاً إلا ويطرحه بلغة ليست بسيطة حد السطحية ولا عصية حد الاستغلاق على الفهم.
أشمل مما تتوقع
في سعيه لنبش جذور الإدمان ومآلاته، يعرج عماد رشاد على مسائل نفسية واجتماعية متعلقة بالإدمان. فمثلاً يحدثنا عن الإدمان كهروب من الواقع، كمخرج للفشل في العلاقات، وكعلاج لعدم القدرة على التعبير عن المشاعر. ومن ناحية أخرى، يكشف لنا الكتاب ملفات ليست بالضرورة مقتصرة على آفة الإدمان. خذ مثلا النمو العاطفي لدى الإنسان من مرحلة الأنانية المحضة إلى الاعتدال الطبيعي. في بعض الحالات � للأسف- قد يحصل اضطراب في ذلك النمو ليبقى الشخص في مرحلة الأنانية أو إلى نقيضها بالمسمى اللاذاتية، حيث يذيب المرء نفسه في شخص آخر أو أن يعلق في مرحلة انتقالية حيث يصب عواطفه على شيء أو نشاط ما بدلاً من الآخرين. هناك أيضاً الحديث عن رفاق المدمنين، وهم الأشخاص المرتبطين عاطفياً بالمدمنين (أو المُعنِّفين) وهم -على النقيض من الاعتقاد السائد � يساهمون في تدهور رفاقهم المدمنين لا في تعافيهم، وذلك عن طريق تماهيهم مع أخطاء الآخر وتقديم أنفسهم كضحايا. بل ربما يصبحون مهووسين بممارسات المدمن فإذا هم سواء في السلوك القهري. النص يتعامل إذن مع مسائل نفسيه مهمة مثل التربية والعلاقات والكبت وقيمة الذات.
حان وقت التعافي
لا بد أن يبرز سؤال منطقي: إذا تصدى نص للحديث عن أسباب الإدمان وأعراضه ومخاطره، ماذا عن الحلول؟ يتفرد هذا النص بوضع إشارات للتعافي، وهي ليست بالضرورة نصائح مباشرة بل قد تكون تلميحات، شهادات من الناجين، خواطر إيجابية وكذلك خطوات عملية. أشيد مرة أخرى بواقعية النص إذ لا يسعى إلى إقناع القارئ بأن التعافي هو محض قوة إرادة أو إجراء يمكنك تنفيذه بضغطة زر. يمد لنا الكاتب يد العون من أجل التعافي عن طريق تجنب خطوات الانتكاس، التركيز على النجاة ليوم واحد في كل مرة، إعادة تعزيز العلاقة مع اللذة الطبيعية، تصحيح مسار علاقتنا مع الآخر، وغير ذلك.
سعيد باقتناء هذا الكتاب وقراءته لمحتواه الغزير وخطابه الراقي. أعتقد بأنه كان من الممكن ترتيب عناوينه وفصوله بشكل أفضل. وعليه فإن تقييمه العام أربع نجوم ونصف.
Sign into ŷ to see if any of your friends have read
ممتلئ بالفراغ.
Sign In »
Reading Progress
July 30, 2023
–
Started Reading
July 30, 2023
– Shelved
July 31, 2023
–
32.5%
"إن من يرفض السير في طريق ما، فقط لأن أحدهم قد أشار عليه به هو أسير لرغبة الآخر بالقدر نفسه لذاك الذي يسير في الطريق فقط لأن الآخر قد وجهه نحوه"
page
130
August 21, 2023
–
Finished Reading
Comments Showing 1-7 of 7 (7 new)
date
newest »

message 1:
by
ولاء
(new)
-
rated it 5 stars
Aug 21, 2023 05:16AM

reply
|
flag

تسلمي يا ولاء على تعليقاتك الإيجابية وكلامك المشجع

تسلمي يا داليا
الكتاب ثري وصعب جدا أنك ماتوقفيش عند بعض النقاط وتفكري فيها


أهلا يزن. في الحقيقة الموقع لا يعكس الواقع. أنا لا أقرأ هذا الكم الذي تتخيله، ولا حتى أتمنى ذلك فهناك - بالنسبة لي - متع وتجارب أخرى في الحياة غير القراءة.
أقرأ كثيراً مقارنة بمن لا يقرأ، غير أنني أقرأ قليلاً مقارنة بأصدقاءنا في الموقع.
معدل قرائي هو كتابين في الشهر لا أكثر. أما المراجعات فتكتب وتنشر دون ترتيب ولا تدل على زمن أو كمية القراءة.